رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«وجع الإبعاد» يُلاحق ٧٠ من الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم


2-2-2025 | 15:38

وجع الإبعاد يُلاحق ٧٠ من الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم

طباعة
بقلـم: نجوان عبداللطيف

استقبلت مصر سبعين فلسطينيًا من الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم والمبعدين فى الأسبوع الثانى لتنفيذ صفقة تبادل الأسرى، بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، والتى تم فيها تسليم 4 مجندات إسرائيليات من المحتجزين مقابل الإفراج عن 200 أسير فلسطينى من بينهم 121 محكوما عليهم بالمؤبد و79 لديهم أحكام عالية، هذه الصفقة تمت بعد ماراثون من المفاوضات الشاقة، شاركت فيها مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، الاتفاق يتم عبر ثلاث مراحل، كل منها مدتها 42 يومًا، المرحلة الأولى التى نحن بصددها الآن، تنص على أن تقوم حماس بتسليم 33 أسيرا من الإسرائيليين المحتجزين منذ السابع من أكتوبر، إثر عملية طوفان الأقصى، مقابل الإفراج عن حوالى 1700 أسير فلسطينى من سجون الاحتلال.

يتم التبادل وفق آلية تم التوصل إليها.. مقابل كل أسير مدنى إسرائيلى ستفرج إسرائيل عن 30 أسيرًا فلسطينيًا، بينما يرتفع عدد المفرج عنهم من الأسرى الفلسطينيين إلى 50 أسيرا فلسطينيًا، 30 منهم من ذوى أحكام المؤبد، و20 من ذوى الأحكام العالية.

 

رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين قدورة فارس أكد رفض إسرائيل إطلاق سراح بعض القيادات مثل مروان البرغوثى القائد الفتحاوى وحسن سلام وعباس السيد وعبدالله البرغوثى وهم من قادة حماس.

 

وصل الفلسطينيون المحررون المبعدون إلى مصر عبر حافلتين مرورا من معبر كرم أبو سالم حتى معبر رفح، أحد المفرج عنهم يقول لم أشعر بالارتياح إلا عندما رأيت العلم المصرى، نعم نحن فى مصر، من بين المبعدين 13 مقدسيًا حيث لم يعد من المقدسيين المفرج عنهم إلى منازلهم سوى 5 فقط.

 

وفور استقبال المفرج عنهم المبعدين فى رفح المصرية، تم إرسالهم إلى المستشفيات لإجراء الفحص الطبى اللازم، وأشارت تقارير إعلامية إلى أن الحالات التى تستدعى علاجًا طبيًا ستظل فى مصر حتى تستقر حالتها، والحالات الخفيفة ستأخذ الرعاية اللازمة وتكمل علاجها فى البلاد التى ستتوجه إليها، مصادر من السلطة الفلسطينية أشارت إلى احتمال استقبال المبعدين فى تركيا وتونس والجزائر.

 

وإمعانا فى القسوة وإفساد فرحة المفرج عنهم وأهاليهم، رفضت إسرائيل السماح لثلاث أسر فلسطينية بالسفر من الضفة الغربية إلى مصر للقاء ذويهم من الأسرى المبعدين.

 

من بين المبعدين عميد الأسرى محمد الطوس الذى قضى 39 عاما فى السجن، ولم يشفع له هذا العمر الطويل، دخل شابا وخرج عمره يقترب من الستين، ولكنهم استكتروا عليه فرحة لقاء الأهل وأبعدوه بينما أهله فى فلسطين.. أسيران أردنيان ضمن قائمة الأسرى ثائر اللوزى وعمار الحويطات، السلطات الإسرائيلية أبلغتهما بالإفراج ولكن مع الإبعاد إلى الضفة الغربية أو غزة وعدم تسليمهما للأردن، وهو ما رفضه عمار وأصر على أن يخرج من السجن إلى الأردن، ومن ثم ظل حبيسا وتم استبداله بأسير آخر، بينما خرج ثائر مبعدًا إلى غزة.

 

ويقول قدورة فارس إن قرار إسرائيل إبعاد بعض المفرج عنهم هو عقوبة إضافية لهم ولأسرهم ومخالف للقانون الدولى، ولكن الظروف السيئة داخل السجون الإسرائيلية تجعل الخلاص من الأسر هدفًا مهما كان الثمن.

 

الإبعاد.. كلمة يعرف وجعها الفلسطينيون، الذين عانوا من الإبعاد طوال 77 عامًا منذ حرب 1948، عندما قامت إسرائيل من خلال العصابات الصهيونية بطرد 750 ألف فلسطينى من مدنهم وقراهم، باستخدام القوة الغاشمة من مذابح، وتدمير لقرى بأكملها وبأهلها، وبعد طردهم من مدنهم وقراهم وبيوتهم، أصبح الفلسطينيون لاجئين فى مخيمات بعضها فى الضفة الغربية وقطاع غزة والبعض الآخر فى دول الجوار، وعرف الفلسطينيون الشتات فى بلاد الله من شرقها إلى غربها، وكانت الجولة الثانية من الطرد عام 1967 بعد استيلاء إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وتم نزوحهم مكرهين إلى خارج وطنهم فلسطين، إلى مخيمات اللاجئين فى الدول المجاورة فى الأردن ولبنان وسوريا والشتات.

 

يقول الباحث د. كمال إبراهيم علاونة فى ورقته البحثية «أهداف سياسة إسرائيل من الإبعاد والتطهير العرقى»:

 

«عمدت قوات الاحتلال الصهيونى إلى اتباع سياسة القبضة الحديدية، والترهيب والترغيب، عبر إبعاد مئات القياديين الفلسطينيين، فرادى وجماعات، وذلك لإخضاع أبناء الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام 1967، حتى الآن للضغوط السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والنفسية والإعلامية، وفق سياسة (التهويد والصهينة والأسرلة والعبرنة). فتارة مارست سياسة الترحيل والطرد الجماعى، وتارة لجأت لسياسة الإبعاد الانتقائية لنخبة من القيادات الميدانية السياسية والاقتصادية والدينية والإعلامية والشبابية من الفلسطينيين، مستهدفة تخويف الفلسطينيين من عاقبة مقاومة الاحتلال».

 

وعدّ قانون روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية الإبعاد جريمة حرب، وعرف الإبعاد القسرى بأنه: تهجير قسرى للأشخاص المعنيين عن طريق الطرد، أو غيره من أفعال الإكراه؛ كما اعتبر إبعاد جزء من سكان الأراضى المحتلة أو جميعهم، سواء داخل أراضيهم أو خارجها، على أيدى قوة الاحتلال، جريمة حرب، واعتبرها جريمة ضد الإنسانية.

 

وقد بلغ عدد المبعدين فى عام واحد من 1967 حتى 1968 أكثر من 400 ألف أغلبهم من الضفة الغربية وحوالى 50 ألفاً من غزة.

 

ولم تتوقف إسرائيل عن سياسة الإبعاد ولكنها تعلمت الدرس بأن الإبعاد يكون فرديا لا جمعا، ومعظم عمليات الإبعاد كانت تتم من الضفة الغربية إلى غزة.

 

وبالنسبة للمفرج عنهم تلك ليست المرة الأولى التى يتم فيها الإفراج مع الإبعاد، حيث قامت السلطات الإسرائيلية بإبعاد عدد من المفرج عنهم فى صفقة جلعاد شاليط المجند الإسرائيلى الذى اختطفته حماس لأربع سنوات، وأفرجت عن أكثر من ألف أسير فلسطينى مقابل تسليمه فى عام 2011.

 

الإبعاد يأتى تطبيقًا للفكرة الصهيونية والتى تبنتها منذ نشأتها (تطهير الأرض) وما تقوم به إسرائيل من حرب الإبادة فى غزة، وتدمير كل مقومات الحياة، هو من أجل إجبار الفلسطينيين على النزوح، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أدان الإبعاد وما ردده نتنياهو ووزراء حكومته عن ترحيل أهل غزة إلى الدول المجاورة، ومصر والأردن أعلنتا رفضهما بشدة، والمؤسف حقيقة أن الرئيس الأمريكى ترامب قال قبل يومين إن الحل للفوضى التى عليها قطاع غزة الآن أن تقوم كل من مصر والأردن بإيواء أعداد كبيرة من الفلسطينيين. وهو ما أعلنت مصر مرارا وتكرارا رفضها لهذا المشروع جملة وتفصيلا، المسؤولون فى السلطة الفلسطينية وجميع الفصائل الفلسطينية وأهالى غزة يرفضون محاولة نزعهم من أرضهم وتشريدهم.. هم دفعوا دماء ما يقرب من 50 ألف شهيد ومستعدون لدفع المزيد.