كنت، وما زلت، من قُراء مجلة المصور العريقة والتى تأسست منذ أكثر من مائة عام، حيث صدر العدد الأول منها فى أكتوبر عام 1924 عن مؤسسة دار الهلال، وخلال هذه الفترة كانت المجلة، وما زالت، لسان حال الشعب المصرى، وتنقل نبض الشارع المصرى ورؤية المفكرين والمختصين، حول العديد من القضايا والموضوعات التى تهم الناس، وأيضا تحليل الرؤى السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
واللافت للنظر أن مجلة المصوّر تصدّت للعديد من القضايا الشائكة، وتنبأ الكثير من كُتابها بالعديد من التحديات التى قد تواجه مصر، لا سيما فى موضوعات شائكة، مثل ضرورة تنمية سيناء والحفاظ عليها، وضرورة التوسع فى الزراعة واستصلاح الأراضى لمواجهة الزيادة السكانية، وغيرها من الموضوعات المهمة، بالإضافة إلى الاهتمام بالصورة مع الكلمة لتكتمل الرؤية.
فمجلة المصوّر منذ يومها الأول وهى تحمل شعلة التنوير، وإلقاء الضوء على القضايا المصرية والعربية والعالمية، والتحليل للقضايا وطرح رؤى الحل، وتتميز المجلة بتغطيتها الشاملة لمختلف القضايا السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، مما أكسبها شعبية واسعة بين القُراء.
تواصل المجلة الصدور أسبوعيًا حتى اليوم، وتستمر فى تقديم محتوى مميز، يغطى الأحداث الجارية والموضوعات المتنوعة التى تهم القُراء والمتابعين لها.
ورغم التحول الكبير نحو الصحافة الرقمية والديجيتال ووسائل التواصل الاجتماعى، فإن مجلة المصور لا تزال تحتفظ بمكانة مميزة بين المجلات المصرية والعربية، يمكن تفسير أهميتها واستمرارها فى المشهد الإعلامى نتيجة:
1. الإرث التاريخى والمصداقية
• حيث تعتبر المصوّر جزءًا من التراث الصحفى المصري، بفضل تاريخها الطويل الممتد لأكثر من مائة عام.
• بنَت المجلة مصداقية قوية عبر أجيال من الكُتّاب المميزين والمحتوى الهادف.
2. التخصص والجودة:
• حيث تُركز المجلة على التحليل العميق للقضايا السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، مما يمنحها ميزة عن الصحافة الرقمية التى تميل أحيانًا للسرعة على حساب العمق.
3. جمهورها المخلص:
• فما زالت تحتفظ المجلة بجمهور تقليدى يفضّل القراءة المطبوعة، خاصة من الفئات الأكبر سنًا والنخبة المثقفة.
• وكذلك بعض القُراء يعتبرون المجلة وسيلة للاحتفاظ بالأحداث كأرشيف ثقافى وتاريخي.
4. أيضا تكيّفها مع العصر الرقمى:
• حيث بدأت المجلة مواكبة التحول الرقمى من خلال وجودها على الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعى.
• وتستفيد من المنصات الرقمية لجذب جيل جديد من القُراء الذين يفضلون القراءة عبر الأجهزة الذكية.
5. أهمية الإعلام المطبوع:
• فالصحافة المطبوعة ما زالت تحتفظ بجاذبية لدى البعض بفضل شعورهم بأنها أكثر موثوقية وثباتًا مقارنة بالمحتوى الرقمى المتغير والسريع.
• كما أن النسخ المطبوعة تظل وسيلة مثالية للإعلانات الموجهة إلى شريحة واسعة من القراء.
دورها المستقبلي:
• وأعتقد أن مجلة المصوّر العريقة ستستطيع الموازنة بين جودة المحتوى التقليدى والابتكار الرقمى، وسوف تستمر فى لعب دور مهم فى الصحافة المصرية.
• من خلال التركيز على محتوى تحليلى متعمق، وإصدارات رقمية تفاعلية، ودمج الوسائط المتعددة، يمكن أن يساعدها فى الحفاظ على مكانتها.
ولا شك كان من سعادتى الانضمام لفريق كُتاب مجلة المصوّر العريقة، ورغم سعادتى وفرحتى من وجودى ضمن باقة من الكُتاب المتميزين، فإننى كنت قلقًا، لأن قارئ مجلة المصور ليس بالقارئ العادى بل صاحب رؤية وفكر ووجهة نظر تستوجب الوقوف احتراما لها، ولكن كانت فرصة كبيرة شرفت بها لكتابة رؤيتى التحليلية لنشر الوعى وتحليل القضايا الاقتصادية بشكل مبسّط يصل للجمهور.
ومع كل مقال أسبوعى ينتابنى شعور القلق والتخوف، وتدور الأسئلة التقليدية الدائمة مع كل مقال ماذا أكتب؟ وكيف أكتب؟
وأبدأ فى التشاور مع الأصدقاء، وعلى رأسهم الصديق والأخ الأستاذ عبداللطيف حامد رئيس التحرير لترشيح الموضوعات المهمة.
ولا شك أننى كنت، وما زلت، سعيدا بوجود مقالاتى وتحليلاتى الاقتصادية فى هذا المنبر الإعلامى العريق، وزادت سعادتى بتواجد مقال وتحليل لى عن رحلة الاقتصاد المصرى خلال مائة عام، أكثر من 3000 كلمة فى عدد الاحتفالية المئوية لمجلة المصور العريقة والذى صدر فى أكتوبر 2024.
فتواجدى فى هذا المنبر وحرصى على سماع ردود الأفعال من القراء ومن القائمين على هذا المنبر الإعلامى الذى بدأ يتطور بشكل كبير خلال الفترة الماضية لمواكبة التطور فى قطاع الصحافة المطبوعة والرقمية، لأن مجلة المصور ليست مجرد مجلة، بل رمز ثقافى يعكس تاريخ الإعلام المصرى، وقدرتها على التكيف ستحدد مكانتها فى عصر الصحافة الرقمية.