رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

بين وهج الذكريات والأشكال الحديثة.. هاتوا الفوانيس يا ولاد


8-3-2025 | 01:52

بين وهج الذكريات والأشكال الحديثة.. هاتوا الفوانيس يا ولاد

طباعة
تقرير: راندا طارق - عدسة: مصطفى سمك

وسط زحام شوارع السيدة زينب، تتلألأ الفوانيس فى كل زاوية كنجوم صغيرة تضيء ليالى رمضان، تصيبك بهجة وأنت تسمع الشوادر تتسابق على تشغيل باقات أغانى رمضان «هاتوا الفوانيس يا ولاد.. هاتوا الفوانيس» تملأ الأرجاء، بينما تتعالى ضحكات الأطفال، ويتراقص نور الفوانيس بين أيديهم البريئة.

 

هناك أب يحمل ابنته الصغيرة على كتفيه، تضحك بسعادة وهى تشير إلى فانوس خشبى مزخرف، فتتعلق عيناها بوهجه كأنها تمسك بقطعة من السماء، وبجوارهم ام تسابق خطواتها إلى أحد الباعة، تحمل فى عينيها فرحة طفولية وهى تختار فانوسا تقليديا يشبه ذاك الذى كان يرافقها فى طفولتها.

 

الأجواء هنا ليست مجرد سوق للفوانيس، بل كرنفال من الذكريات والحنين، تشعر وأن الكبار يشترون جزءا من ماضيهم، بينما يخط الصغار أولى صفحات ذكرياتهم الرمضانية.

 

الأسواق والشوارع المصرية مزينة بألوان زاهية وأنوار الفوانيس تبعث البهجة فى قلوب الصغار والكبار، ورغم التطورات الحديثة فى تصميم الفوانيس، لا تزال الفوانيس التقليدية المصنوعة من الصاج والنحاس والخشب تحظى بمكانة خاصة لدى المصريين.

 

«المصور» رصدت أسعار الأسواق وأنواع الموديلات التى جمعت بين الطابع التراثى والأشكال الحديثة، ورغم الأزمة الاقتصادية، لم يفقد السوق بريقه، وإن كان الباعة يشتكون من ارتفاع التكاليف حيث تتراوح أسعار الفوانيس الصغيرة الجيدة من 150 جنيها وحتى 300 جنيه، فى حين تصل أسعار الفوانيس النحاسية الكبيرة إلى 900 جنيه والفوانيس الإلكترونية من 250 حسب الحجم والجودة، ومع ذلك لا تزال توجد فوانيس للبسطاء وتبدأ من 50 جنيهًا.

 

ففى حى السيدة زينب، أحد أشهر أسواق بيع الفوانيس، يقف محمود رجب، وسط متجره المليء بمختلف الأشكال والأحجام، ويقول: «كل سنة الناس تتوافد على السوق فى رمضان، والطلب يتزايد على الفوانيس الخشبية والمعدنية لأنها بتعيش لفترة طويلة، رغم أن الأسعار زادت هذا العام إلا أن الإقبال متزايد على الفانوس الخشبى بالتصميم الهلالى ويبدأ سعره من 290، والفانوس الخشبى بإضاءة ويبدأ من 180 جنيها.

 

أما محسن رضا، العشرينى الذى يعمل فى محال عائلته، فيشير إلى أن الفوانيس البلاستيكية والفوانيس التى تحمل شخصيات كرتونية لا تزال الخيار الأول للأطفال قائلا: «الأهالى بيحبوا يشتروا الفوانيس اللى بتنور وتغنى للأطفال، خصوصا شخصيات زى بكار وبسنت وفنانيس، لأنها ممتعة ومش بتتكسر بسرعة»، ويضيف وهو يجهز مجموعة من الفوانيس لزبون كان ينتظر، أن الفوانيس اليدوية ما زالت تحافظ على مكانتها، ويبدأ سعرها من 180 وحتى 250 جنيها.

 

يجلس حسن أحمد، صانع الفوانيس الخشبية، فى ورشته الصغيرة، منهمكا فى تشكيل قطعة جديدة «الحرفة دى ورثتها عن أبويا وجدي، ورغم إن السوق بقى مليان فوانيس مستوردة، إلا أن الزبون المصرى بيحب الحاجة اللى فيها شغل يدوى وأصالة»، ويقول وهو يضيف الألوان إلى أحد تصميماته: «ما زالت الفوانيس النحاسية والصاج مطلوبة بشدة، خاصة من قبل أصحاب المحلات الذين يستخدمونها فى تزيين واجهاتهم، الفانوس النحاس أو الصاج مش بس للزينة ده تحفة فنية، فيه ناس بتاخده هدية أو بيحتفظوا بيه سنة بعد سنة»، ويضيف وهو يشير إلى مجموعة فوانيس مزخرفة بزجاج ملون، أن التكنولوجيا اقتحمت عالم الفوانيس فلم تتوقف صناعة الفوانيس عند الأشكال التقليدية، بل دخلت التكنولوجيا بقوة لتقديم تصاميم جديدة.

 

ويعلق: «الفوانيس اللى بتشتغل بالإضاءة الليد والأغانى الرمضانية بقت مطلوبة جدا، وده لأن الأطفال بيتعلقوا بيها بسرعة».

 

وفى أحد الأزقة الضيقة بمنطقة السيدة زينب، يجلس حسين إبراهيم بائع فوانيس منذ أكثر من 30 عاما بيديه المجعدتين يلمس الفانوس المعدنى أمامه قائلا: «كل سنة الناس بتستنى الجديد، لكن الفانوس النحاس أبو شمعة عمره ما بيبطل، موضة.. فيه ريحة رمضان الحقيقية» وسعره متفاوت الفانوس الفورجى المعدنى والذى يعمل بالشموع يبدأ من 250 جنيها، والفانوس المعدنى الصغير ويعمل بالشموع أيضا من 120 جنيها.

 

ويوضح أنه بالرغم من أن “الأطفال دلوقتى بيحبوا الفوانيس اللى بتغنى وبتنور.. بس برضه ناس كتير بتفضل الخشب والخيامية والمعدن لأنها جزء من تراثنا»، لافتا إلى أن أسعار فوانيس الأطفال البلاستيكية بالتصميم العصرى تبدأ من 200 إلى 380 جنيها، بينما يصل فانوس شخصيات فنانيس وبكار بإضاءة وصوت من 250 إلى 350 جنيها، وهناك أيضًا فوانيس تبدأ من 50 جنيهًا فالخامات متنوعة والسوق يغطى جميع فئات المجتمع.

 

رغم الغلاء لا يزال الإقبال كبيرا، فكما تقول «أم مصطفى»، وهى أم لثلاثة أطفال جاءت لشراء فوانيس لهم «مستحيل رمضان يعدى من غير ما أجيب لكل واحد فانوس، حتى لو صغير.. الفرحة فى عيونهم بالدنيا أجواء رمضان لا تكتمل دون الفانوس».

 

ويوضح ماجد جلال، صاحب محل فوانيس فى شارع فيصل، أن هناك إقبالا متزايدا على الفوانيس المصنوعة من الأكريليك، نظرا لخفتها وتصميماتها الحديثة موضحًا أنه رغم اختلاف الأذواق والأسعار، يظل الفانوس رمزا أساسيا من احتفالات رمضان، ويحرص الجميع على اقتنائه أو إهدائه للأقارب والأصدقاء. وأضاف:«مهما تغيرت الأشكال، الفانوس عمره ما يختفى من رمضان، لأنه مش مجرد زينة، ده جزء من تراثنا وذكرياتنا، ويختم حديثه بابتسامة، بينما يناول أحد الزبائن فانوسا معدنيا مزخرفا بنقوش إسلامية: «الشهر دا إحنا بنعيش عليه طول السنة ولو على ارتفاع الأسعار ففيه أسعار أقل وبخامات أقل فى الجودة وتبدأ من 45 جنيها»، وبفخر ينهى حديثه قائلا إن مهنة الفوانيس مهنة أجدادى ونفتخر بها نحن لسنا مجرد بائعين بل حراس لتراث ممتد عبر الأجيال.

 

فى نهاية الجولة لاحظت "المصور" انتشار الفوانيس محلية الصنع، مع وجود بعض الفوانيس المستوردة، وما زالت الفوانيس المصنوعة من المعدن وخشب الأركيت والخيامية تلقى إقبالا كبيرا من الزبائن، سواء لتزيين المنازل أو المحال التجارية.

 

ورغم التحديات التى تواجه صناعة الفوانيس فى مصر، يظل الحرفيون المصريون متمسكين بإبداعهم، مقدمين تصاميم تجمع بين التراث والحداثة، لتستمر الفوانيس فى إضاءة ليالى رمضان وإدخال البهجة إلى قلوب المصريين، وأسواق العرض متعددة، وإن كان أشهرها سوق السيدة زينب فيضم شوادر متعددة وتشكيلات متنوعة بأسعار تنافسية، وكذلك حارة المزين بالموسكى فهى واحدة من أكبر أسواق الجملة المتخصصة فى بيع الفوانيس، وكذلك شارع الخيامية بالأزهر، والذى يشتهر تحديدا بالفوانيس الي

دوية ذات التصاميم التراثية.