رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

د. نظير محمد عياد.. مفتى الجمهورية: ختم قراءة القرآن فى رمضان أجمل أيامى


14-3-2025 | 05:22

.

طباعة
حوار: أميرة صلاح

«رمضان عبر السنوات كان مليئًا بالمواقف والذكريات العظيمة، فكنا فى المسجد نتسابق على ختم قراءة القرآن الكريم أكثر من ختمة طوال الشهر المبارك؛ ولذا كان أجمل يوم عندما كنت أنتهى من ختم قراءة القرآن الكريم، فله وقع خاص فى قلبى، وكذلك حين كنت أعاود بداية ختمة جديدة كنت أشعر حينها بسعادة غامرة لا توصف، وإحساس عميق بقرب أكبر من الله سبحانه وتعالى».

 

يفتح لنا الدكتور نظير محمد عياد، مفتى الجمهورية، نافذة على ذكرياته الرمضانية، مستعيدًا أجمل أيام عاشها فى رحاب هذا الشهر الفضيل، يوم أتم ختم القرآن الكريم، حيث كان للختام طعم لا يشبه غيره، وللبداية الجديدة شعور يملأ النفس بالطمأنينة والرضا.

«رمضان عبر السنوات كان مليئًا بالمواقف والذكريات العظيمة، فكنا فى المسجد نتسابق على ختم قراءة القرآن الكريم أكثر من ختمة طوال الشهر المبارك؛ ولذا كان أجمل يوم عندما كنت أنتهى من ختم قراءة القرآن الكريم، فله وقع خاص فى قلبى، وكذلك حين كنت أعاود بداية ختمة جديدة كنت أشعر حينها بسعادة غامرة لا توصف، وإحساس عميق بقرب أكبر من الله سبحانه وتعالى».

 

يفتح لنا الدكتور نظير محمد عياد، مفتى الجمهورية، نافذة على ذكرياته الرمضانية، مستعيدًا أجمل أيام عاشها فى رحاب هذا الشهر الفضيل، يوم أتم ختم القرآن الكريم، حيث كان للختام طعم لا يشبه غيره، وللبداية الجديدة شعور يملأ النفس بالطمأنينة والرضا.

 

حوار: أميرة صلاح

 

ماذا عن ذكريات فضيلتكم مع شهر رمضان؟

 

شهر رمضان له مكانة خاصة فى قلب كل مسلم، فهو شهر الروحانية والتقرب إلى الله، وهو فرصة عظيمة لمراجعة النفس وتقويمها، وتجديد العهد مع الله سبحانه وتعالى من خلال العبادة والطاعة. وبالنسبة لى، فإن لرمضان ذكريات عميقة منذ الصغر، تحمل الكثير من المعانى والقيم التى شكلت وجدانى وأثرت فى مسيرتى العلمية والدعوية.

 

وأتذكر رمضان فى الطفولة كيف كان مختلفًا، حيث كانت له فرحة خاصة تبدأ مع رؤية الهلال، وكان الجميع ينتظر الإعلان عن قدومه بلهفة وشوق. كانت البيوت تتهيأ لهذا الشهر الكريم، وتجهز موائد الإفطار والسحور بروح من البهجة والتعاون. وكنا نشعر بجو خاص من الألفة بين الجيران، حيث تبادل الأطعمة بين البيوت كان عادة محببة تُعزز معانى التكافل والتراحم بين الناس.

 

أما الجانب الروحى، فكان له التأثير الأكبر، فكنا نحرص على صلاة التراويح جماعة، وكان للمساجد فى رمضان رونق خاص، حيث تكتظ بالمصلين الذين يتسابقون فى الطاعات. كانت هذه المشاهد تملأ القلب خشوعًا وإجلالًا لهذا الشهر الكريم، وتزرع فينا حب العبادة والارتباط بالقرآن.

 

اذكر لنا يومًا لا تنساه ذاكرتك خاصًا بحدث مهم فى رمضان؟

 

رمضان عبر السنوات كان مليئًا بالمواقف والذكريات العظيمة، فكنا فى المسجد نتسابق على ختم قراءة القرآن الكريم أكثر من ختمة طوال الشهر المبارك، ولذا كان أجمل يوم عندما كنت أنتهى من ختم قراءة القرآن الكريم، فله وقع خاص فى قلبى، وكذلك حين كنت أعاود بداية ختمة جديدة كنت أشعر حينها بسعادة غامرة لا توصف، وإحساس عميق بقرب أكبر من الله سبحانه وتعالى. وأتذكر أننى كنت قد وضعت هذا الهدف لنفسى فى بداية رمضان، وكنت أحرص على تلاوة القرآن يوميًا بعد كل صلاة.

 

وهل يمكن أن توضح لنا كيف نستفيد من شهر رمضان؟

 

شهر رمضان ليس مجرد موسم للصيام والعبادة، بل هو فرصة عظيمة لإعادة ترتيب الأولويات فى حياتنا، والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وتنمية القيم الروحية والأخلاقية والاجتماعية. إنه مدرسة متكاملة تهذب النفوس، وتعلم الصبر، وتقوى الإرادة، وترسخ فينا معانى الرحمة والتكافل.

 

ومن أبرز ما يمكن تحقيقه خلال هذا الشهر الكريم هو تقوية العلاقة بالله عز وجل، من خلال المحافظة على الصلوات فى أوقاتها، والحرص على أداء صلاة التراويح وقيام الليل، إلى جانب الإكثار من تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه. فرمضان هو شهر القرآن، وفرصة عظيمة للتزود من نوره والاستفادة من هداياته، إذ إنه ليس مجرد كلمات تُقرأ، بل منهج حياة يُطبّق فى سلوكنا وأخلاقنا. كما أن رمضان يعلمنا التحكم فى النفس، ويجعلنا أكثر صبرًا وحكمة فى التعامل مع الآخرين. فالصائم يضبط رغباته وشهواته، ويكبح جماح غضبه، ويتدرب على ضبط سلوكياته وأقواله، استجابة لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يومُ صومِ أحدِكم فلا يرفثْ ولا يصخبْ، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله فليقلْ: إنى صائم». فهذه التوجيهات النبوية تربى فينا روح التسامح وضبط النفس، وتساعدنا على التعامل مع المواقف الحياتية بحكمة واتزان.

 

وعلى المستوى الاجتماعى، يمثل رمضان فرصة لتعزيز صلة الرحم، وتقوية الروابط الأسرية، وبث روح المودة بين أفراد المجتمع. فهو شهر التكافل والتراحم، الذى يدفعنا إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين، سواء بإخراج الزكاة والصدقات، أو بالمشاركة فى إفطار الصائمين، أو بمبادرات خيرية تسهم فى تخفيف معاناة الآخرين. فشعور الإنسان بالجوع والعطش فى نهار رمضان يجعله أكثر إحساسًا بحال المحتاجين، ويدفعه إلى الإحسان إليهم بكرم وسخاء.

 

كما أن هذا الشهر يعد فرصة مثالية لمراجعة العادات اليومية، والتخلص من السلوكيات السلبية، واستبدالها بعادات إيجابية تعود بالنفع على الفرد والمجتمع. فرمضان يعلمنا القناعة، ويحثنا على ترك الإسراف والتبذير، ويوجهنا إلى تنظيم أوقاتنا واستثمارها فى كل ما هو نافع. فبدلًا من إضاعة الوقت فيما لا يفيد، يمكن استغلاله فى قراءة الكتب المفيدة، أو حضور الدروس والمحاضرات الدينية، أو ممارسة الأعمال التطوعية التى تعود بالنفع على المجتمع.

 

وما أبرز الفعاليات التى تقوم بها «الإفتاء» خلال رمضان.. وما الرسالة التى تريدون إيصالها للناس؟

 

دار الإفتاء المصرية أعدَّت خطة شاملة خلال شهر رمضان المبارك لهذا العام، تركزت على تكثيف الأنشطة الإفتائية والعلمية والدعوية والإعلامية لخدمة المسلمين فى مصر وخارجها. وشملت تقديم الفتاوى والإرشادات الدينية عبر قنوات متعددة، سواء من خلال اللقاءات الإعلامية، أو عبر الوسائل الرقمية، أو من خلال الفتاوى المباشرة عبر الهاتف والموقع الإلكتروني. وتم إطلاق بوابة إلكترونية خاصة بشهر رمضان، توفر محتوى دينيًّا شاملًا حول أحكام الصيام، وأفضل الأعمال فى هذا الشهر المبارك.

 

وكيف لنا أن نخرج من رمضان بأعظم الفوائد؟

 

للخروج من شهر رمضان بأعظم الفوائد، يجب أن يكون هذا الشهر محطةً إيمانيةً تُحدث تغييرًا حقيقيًّا فى حياة المسلم، بحيث لا تنتهى آثاره بمجرد انتهاء أيامه، بل تمتد إلى ما بعده، فتُثمر فى القلب والجوارح سلوكًا مستمرًّا من الطاعات والقربات.

 

وإن أول ما ينبغى الحرص عليه هو إخلاص النية لله تعالى، فالصيام والقيام وسائر العبادات فى رمضان ليست مجرد طقوسٍ موسمية، بل هى وسيلةٌ للتقرب إلى الله وتحقيق التقوى التى جعلها الله الغاية العظمى من الصيام. وإذا كان الصائم قد درَّب نفسه خلال هذا الشهر على الإخلاص والطاعة، فإن عليه أن يواصل هذا النهج بعد رمضان، فيجعل عباداته كلها خالصةً لوجه الله، دون رياءٍ أو تقليد.

 

ومن أهم الدروس التى ينبغى أن يستفيدها المسلم من رمضان هى المداومة على الطاعات والاستمرار فيها بعد انتهاء الشهر الفضيل. فرمضان ليس نهاية المطاف، بل هو بدايةٌ لطريقٍ طويلٍ من الطاعة، فكما كان المرء حريصًا على الصلاة فى أوقاتها، وقراءة القرآن، وصيام النهار، وقيام الليل، فلا ينبغى أن يهجر هذه العبادات بمجرد انقضاء الشهر. ومن كمال الإيمان أن يجعل المسلم من رمضان نقطة انطلاقٍ نحو الثبات والاستمرارية، فيحرص على صيام النوافل، مثل صيام الست من شوال، والاثنين والخميس، ويجعل لنفسه وردًا من القرآن يتلوه ويتدبر معانيه، حتى يظل قلبه متعلقًا بكلام الله.

 

ولا يقتصر أثر رمضان على العبادات الفردية، بل يمتد إلى الجانب الأخلاقى والسلوكى، إذ أن الصيام لا يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب، بل هو تهذيبٌ للنفس، وتدريبٌ لها على ضبط اللسان والجوارح، والبعد عن الغيبة والنميمة وسوء الخلق. ومن علامات قبول الصيام أن يستمر أثره فى سلوك المسلم بعد رمضان، فيكون أكثر صبرًا، وألين قولًا، وأحسن معاملةً للناس. ومما يُعين على الثبات بعد رمضان الحرص على قيام الليل ولو بركعتين خفيفتين، فإن فى ذلك سرًّا عظيمًا فى تقوية الإيمان، خاصةً لمن ذاق حلاوة القيام فى ليالى رمضان، وعرف أثره فى صفاء القلب وطمأنينة النفس. كما أن الصدقة التى اعتاد عليها المسلم فى هذا الشهر ينبغى ألا تكون مؤقتة، بل تستمر ولو بالقليل، فالله يحب العبد الذى يتقرب إليه بعملٍ صالحٍ دائم، ولو كان يسيرًا.

 

هل توضح لنا خطة دار الإفتاء فى تجديد الخطاب الدينى؟

 

تعمل دار الإفتاء المصرية على تجديد الخطاب الدينى من خلال رؤية متكاملة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، حيث تستند إلى فهمٍ عميقٍ للتراث الإسلامى مع مراعاة المستجدات والتطورات التى يشهدها العصر. ويأتى ذلك فى إطار دورها الرائد فى نشر الفكر الوسطى والتصدى للفكر المتطرف وتصحيح المفاهيم المغلوطة التى قد تؤدى إلى التشدد أو الانحراف عن روح الشريعة الإسلامية. وتركز دار الإفتاء فى خطتها على عدة محاور رئيسية، أولها تطوير منظومة الإفتاء من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة فى نشر الفتاوى وتقديمها بوسائل متعددة تناسب مختلف الفئات، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعى أو من خلال التطبيقات الإلكترونية والمواقع الرسمية. ويشمل ذلك إنتاج محتوى رقمى مبسط، مثل الفيديوهات القصيرة والإنفوجراف، التى تساهم فى إيصال الرسائل الدينية بشكل جذاب وسهل الفهم.

 

كما تحرص الدار على تأهيل وإعداد المفتين عبر برامج تدريبية متخصصة، سواء داخل مصر أو من خلال التعاون مع المؤسسات الدينية فى العالم الإسلامى، وذلك لضمان أن يكون المفتى على دراية شاملة بالقضايا المعاصرة، بما فى ذلك القضايا الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية التى تؤثر على حياة الناس. وتهدف هذه الدورات إلى تزويد المفتين بأدوات التحليل الفقهى المستنير، الذى يأخذ فى الاعتبار المقاصد الشرعية وظروف الواقع.

 

ومن بين المحاور المهمة، تعزيز التواصل مع الشباب بلغتهم وأدواتهم، من خلال منصات التواصل الحديثة والأنشطة التوعوية التى تجذب اهتمامهم، وتقدم لهم الفهم الصحيح للقيم الدينية بعيدًا عن الغلو والتطرف. وفى إطار دورها فى مواجهة الفكر المتشدد، تقوم دار الإفتاء برصد وتفنيد الفتاوى المتطرفة والرد عليها بأسلوب علمى مدعوم بالأدلة الشرعية، مع توضيح المفاهيم الصحيحة التى تساعد على بناء وعى دينى سليم لدى المجتمع.

 

وتؤمن دار الإفتاء بأن تجديد الخطاب الدينى لا يعنى التخلى عن الثوابت، بل هو عملية مستمرة تستهدف تفعيل الاجتهاد الفقهى فى القضايا المعاصرة، بما يحقق التوازن بين الحفاظ على هوية الأمة الإسلامية والاستجابة لمتطلبات العصر بروح منفتحة ومتجددة.

 

وما أكثر الفتاوى طلبا فى شهر رمضان؟

 

من بين أكثر الفتاوى طلبًا خلال الشهر الفضيل، تأتى الأسئلة المتعلقة بأحكام الصيام، مثل مبطلات الصوم، وحكم تناول الأدوية أو أخذ الإبر أثناء النهار، وحكم القيء أو الاحتلام، وغيرها من المسائل التى ترتبط بحالات الإفطار بعذر شرعى، كالمريض والمسافر والمرأة الحامل أو المرضع. كما يكثر السؤال عن قضاء الصيام والكفارات الواجبة على من أفطر بعذر أو دون عذر. كما تتكرر الأسئلة حول مواعيد الإمساك والإفطار، خاصة فى البلدان التى تطول فيها ساعات الصيام أو التى يصعب فيها تحديد وقت الفجر والمغرب. وتحرص دار الإفتاء على توضيح الأحكام الشرعية وفق ما يتناسب مع كل بيئة جغرافية، مع الالتزام بالمقاييس الفلكية المعتمدة.

 

وتشهد الدار أيضًا طلبات كثيرة متعلقة بأحكام صلاة التراويح والقيام، مثل حكم أدائها فى المنزل، وحكم ختم القرآن فى الصلاة، وعدد الركعات المستحب أداؤها. كما ترد استفسارات حول الاعتكاف فى العشر الأواخر من رمضان، خاصة فى ظل الظروف الاستثنائية التى قد تفرضها بعض الدول.

 

أما زكاة الفطر، فهى من أكثر الموضوعات التى تشغل المسلمين فى نهاية الشهر الكريم، حيث يتساءلون عن قيمتها، ومن يجب عليه إخراجها، وهل يجوز إخراجها نقدًا بدلًا من الطعام، ومتى يكون أفضل وقت لإخراجها لضمان وصولها إلى مستحقيها؟

 

ولا تخلو الأسئلة أيضًا من الجوانب الاجتماعية والأسرية، مثل حكم الإفطار للمرأة الحامل أو المرضع، وحكم تأخير قضاء الصيام لغير عذر، وكذلك بعض المسائل المتعلقة بالعلاقات الزوجية فى رمضان، خاصة فيما يتعلق بحدود المباح والمحظور أثناء فترة الصيام وبعد الإفطار.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة