رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

وراء كل سيدة حكاية بطولية سُطّرت بتضحيات العمر الأمهات المثاليات.. قصص كفاح تستحق أن تُروى


20-3-2025 | 22:03

دكتور مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي

طباعة
تقرير: محمود أيوب

الأم ليست مجرد كلمة، بل هى روح نابضة بالحب، والتضحية، والقوة التى لا تنكسر، فى كل عام تتجسد أروع قصص الكفاح والتفانى فى سيدات قدمن للحياة نماذج ملهمة من العطاء والصبر، ليصبحن رموزًا للإرادة الصلبة التى لا تعرف المستحيل.. لذلك تحرص وزارة التضامن الاجتماعى على إطلاق مسابقة الأم المثالية سنويًا لتكريم هذه النماذج المشرفة وقصص الكفاح الفريدة، والاحتفاء بحكاياتهن الملهمة التى تعكس جوهر الأمومة بكل معانيها السامية.

استقبلت مسابقة الأم المثالية هذا العام 2025 نحو 755 طلبًا، خضعت جميعها لمعايير دقيقة من قبل اللجنة المركزية لاختيار الأمهات المثاليات، حيث تم تصعيد 85 أمًّا ممن تنطبق عليهن الشروط للتصفية النهائية، وتصدرت محافظة بنى سويف قائمة المتقدمات، تلتها القليوبية ثم الشرقية، وصولًا إلى باقى المحافظات، وأسفرت التصفيات عن اختيار 27 أمًّا مثالية على مستوى المحافظات، وأم واحدة من كل فئة، إلى جانب تكريم أم شهيد من القوات المسلحة وأم شهيد من الشرطة، ليصل العدد الإجمالى للمكرمات إلى 31 أمًّا، سيتم الاحتفاء بهن فى الاحتفال المركزى الذى يُقام فى شهر مارس.

وكانت د.مايا مرسى، وزيرة التضامن، قد أعلنت عن فتح باب التقدم للمسابقة فى 17 ديسمبر 2024 ولمدة شهر، حيث تضمنت الفئات المكرمة: الأم المثالية على مستوى المحافظات، و أماً بديلة «واحدة» قامت برعاية ابن من الأبناء كريمى النسب داخل أسرتها، أو أماً بديلة آنسة «كفالة بدون زواج»، فضلا عن أم مثالية «واحدة» لابن أو أكثر من الأشخاص ذوى الإعاقة حاصل أحد أبنائها على بطولة دولية ومتفوق فى إحدى المجالات «الرياضية- العلمية- الفنية»، بالإضافة إلى أم لشهيد من القوات المسلحة يتم ترشيحها من وزارة الدفاع، وأم لشهيد من الشرطة، يتم ترشيحها من وزارة الداخلية.

أكدت وزارة التضامن أن شروط ومعايير الاختيار بالنسبة للأم الطبيعية أو لابن من الأشخاص ذوى الإعاقة، أن يكون لها قصة عطاء متفردة، فضلًا عن الإلمام بالقراءة والكتابة على الأقل، وألا يزيد عدد الأبناء على ثلاثة أبناء، ويُستثنى من هذا الشرط المحافظات الحدودية، وهي»شمال سيناء، وجنوب سيناء، والوادى الجديد، ومرسى مطروح، والبحر الأحمر وأسوان»، وأن يكون جميع الأبناء والبنات حاصلين على مؤهل عالٍ أو فى الفرق النهائية بالكليات، ويُستثنى الابن ذو الإعاقة ذهنيا وغير القابل للتعليم.

وأن يكون أحد الأبناء للأم ابناً من ذوى الإعاقة متميزاً فى أحد المجالات «الرياضية- العلمية - الفنية»، وأهمية تقدير التعليم للأبناء، حيث سيتم تفضيل الأعلى درجة فى التعليم، وكذلك تفضيل الأم العاملة، مرض الزوج، الأرملة، المطلقة، وكذلك أهمية تشجيع الأبناء على العمل الخاص أو إدارة وتنفيذ المشروعات الصغيرة، والمشاركة المجتمعية والتطوعية والنشاط البارز فى خدمة المجتمع والبيئة، ودمج أحد الأبناء فى المجتمع، خاصة إذا كان من الأبناء من ذوى الإعاقة.

أما بالنسبة للأم لأسرة بديلة كافلة، فهى الأم للأسرة الكافلة من الأطفال «كريمى النسب» فى منزلها مع أطفالها البيولوجيين، أو الأم التى لم يسبق لها الزواج «الآنسة» أو زوجة الأب التى قامت برعاية أبناء الزوج، أو الخالة، أو العمة، أو الجدة، فيستلزم أن يكون الابن البديل قد حصل على مؤهل جامعى، والمساواة بين جميع الأبناء داخل الأسرة بالتعليم والصحة والمعاملة، وإعطائهم من الاهتمام والحب والحنان القدر المناسب الذى أتاح لهم حياة نفسية واجتماعية سليمة، وأن تكون فترة الرعاية الأطول للابن البديل، وأن يكون لدى الأسرة الكافلة للابن البديل أطفال بيولوجيون، وفى حالة زوجة الأب يوجد بالأسرة أبناء إلى جانب أبناء الزوج، وتفضل الأسرة التى وصل الابن البديل أو ابن الزوج إلى الدرجة الأعلى فى المراتب العلمية.

خلال المؤتمر الصحفى الذى عُقد أمس بوزارة التضامن الاجتماعى، أكدت د.مايا مرسى وزيرة التضامن الاجتماعى أن لكل سيدة قصة ملهمة، مؤكدة حرص الوزارة على تكريم الأمهات المثاليات على مستوى الجمهورية، وقدمت التهانى للأمهات الفائزات ولكل الأمهات المصريات.

وأعلنت د.مايا مرسى أسماء الأمهات المثاليات الفائزات على مستوى الجمهورية، وفازت بالمركز الأول على مستوى الجمهورية السيدة إلهام إبراهيم نور محافظة البحر الأحمر، وجاءت فى المركز الثانى منى نجار سليمان من محافظة أسوان، وفى المركز الثالث على مستوى الجمهورية جاءت شربات فهمى عمار من محافظة أسيوط.

كما أعلنت وزيرة التضامن أسماء الأمهات المثاليات على مستوى المحافظات، حيث جاءت هانم مصطفى عبدالفتاح الأم المثالية لمحافظة دمياط، حنان محمد عبدالحليم لمحافظة القاهرة، منى الشحات إبراهيم لمحافظة البحيرة، هناء مكرم رمضان لمحافظة الغربية، رندة سمير مسعد لمحافظة بورسعيد، سامية طاهر على لمحافظة الإسكندرية، رجاء عدلى فتح الله لمحافظة قنا، ليلى عبدالعاطى عبدالحميد لمحافظة الإسماعيلية، زينب عبدالمطلب أحمد لمحافظة جنوب سيناء، منال بكرى أبو الليل لمحافظة بنى سويف، علية معوض أحمد لمحافظة القليوبية، أحلام صابر عبدالحليم لمحافظة سوهاج، مريم محمد على لمحافظة الأقصر، إفراج مصطفى محمود لمحافظة شمال سيناء، منال عبدالحميد أحمد لمحافظة الوادى الجديد، إلهام سمير بسام لمحافظة الشرقية، آمال عبدالرحيم مصلحى لمحافظة المنوفية، سحر حسنى منصور لمحافظة كفر الشيخ، إيمان أحمد رشوان لمحافظة الفيوم، هانم فتحى أحمد لمحافظة الدقهلية، مريم أحمد محمود لمحافظة السويس، سناء فؤاد إلياس لمحافظة المنيا، وفاء عبدالقادر حسن لمحافظة مرسى مطروح، ماجدة ناصف محمد لمحافظة الجيزة.

وفازت الأم لابن من ذوى الإعاقة سميرة شعبان حسن من محافظة شمال سيناء، وفازت فوزية طه على كأم بديلة كافلة من محافظة دمياط، وسناء بشارى محمد أم شهيد شرطة، وفريال عبدالرحمن الغرابلى أم شهيد قوات مسلحة.

قصص ملهمة تستحق أن تُروى

وراء كل اسم من هؤلاء الأمهات، تقف حكاية بطولية سُطّرت بتضحيات لا تُحصى، وكفاح ممتد لم يعرف المستحيل، فى السطور القادمة، نستعرض قصص خمس أمهات استثنائيات، تحدين الواقع وصنعن من الألم قوة ومن التحديات انتصارات، ليقدمن للعالم نموذجًا فريدًا للأمومة التى تستحق كل التقدير والتكريم.

«إلهام إبراهيم».. الأم المثالية الأولى

وسط ضربات الحياة القاسية، هناك من ينهار، وهناك من ينهض أقوى.. إلهام إبراهيم نور من محافظة البحر الأحمر اختارت الطريق الصعب، أن تكون أمًّا عظيمة رغم كل الألم، الأم التى تحدّت المستحيل لتصبح اليوم «الأم المثالية الأولى على مستوى الجمهورية»، لم تكن حياتها سهلة منذ البداية، فقد تزوجت عام 1983 وهى لا تزال طالبة بالصف الثانى الثانوى التجارى، لكنها لم تتوقف عن الدراسة رغم الزواج والحمل المبكر، بل أصرت على استكمال تعليمها حتى حصلت على الدبلوم، أنجبت طفلتها الأولى عام 1983، ثم رزقت بابنها الثانى عام 1985، ورغم مسؤولياتها كأم، لم تتوقف عن السعى، فالتحقت بإحدى الهيئات الحكومية بشهادة الدبلوم لمساندة زوجها فى مصاريف الحياة، لكن القدر كان يخفى لها اختبارًا قاسيًا.

ففى عام 1997 تعرضت الأسرة لحادث مأساوى كاد أن يدمر حياتها بالكامل، حيث أصيب زوجها بشلل كلى نتيجة كسر فى العمود الفقرى، كما تعرض ابنها الثانى لكسر بالفقرات القطنية، بينما عانت ابنتها الثالثة من إصابة خطيرة فى الرأس ونزيف داخلى أدى إلى دخولها فى غيبوبة طويلة، لم يكن الأمر سهلًا، فإلى جانب آلام الإصابات، وجدت الأم نفسها المسئولة الوحيدة عن رعاية زوجها وأبنائها الأربعة فى ظل ظروف صحية حرجة.

بعد عام واحد فقط رحل الزوج تاركًا وراءه زوجة فى الثامنة والثلاثين من عمرها وأربعة أبناء أكبرهم لم يتجاوز 15 عامًا، لم يكن أمامها سوى مواجهة الحياة بقلب أم لا تعرف الاستسلام، كانت هناك ديون طائلة للمستشفى وتكاليف علاج طبيعى لابنها المصاب، وكفاح يومى لتأمين قوت يومهم، تتذكر إلهام أيامًا مرت عليهم لم يجدوا فيها طعامًا، حتى فكر ابنها الأكبر فى ترك المدرسة للعمل، لكنها رفضت بشدة مصرةً على استكمال تعليمهم مهما كلفها الأمر.

اليوم بعد أكثر من 25 عامًا من الكفاح تقف إلهام فخورة بأبنائها، فقد أصبحت ابنتها الكبرى حاصلة على ماجستير فى الحقوق، وابنها الثانى مهندسًا، والابنة الثالثة محامية، والابن الأصغر متخصصًا فى نظم المعلومات، قصتها ليست مجرد قصة نجاح، بل ملحمة إنسانية عنوانها الصبر والإصرار والأمومة فى أبهى صورها.

«فوزية النمس»..الأم البديلة

الأمومة ليست مجرد صلة دم.. إنها عطاء بلا مقابل، وفوزية طه النمس من محافظة دمياط خير تجسيد لهذه الحقيقة، بعد أن فقدت زوجها عام 2005، كانت لديها مسئولية ثقيلة، فهى أم لثلاثة أبناء، أكبرهم كان يستعد للثانوية العامة، وأصغرهم لم يتجاوز الابتدائية، ورغم الألم لم تتوقف عن النضال، الأم التى لم تكتفِ بتربية أبنائها الثلاثة، بل فتحت قلبها وبيتها لأبناء شقيقها بعد رحيله، لتصبح أمًا لخمسة أبناء، تمنحهم الحب والرعاية دون تفرقة.

تزوجت فوزية عام 1980 من مهندس زراعي، ورزقت بثلاثة أبناء، لكن زوجها أصيب بمرض مزمن عام 1984، واضطرت للعمل كمعلمة علم نفس بعد حصولها على دبلوم عام فى التربية عام 1987، كانت الحياة تسير بصعوبة لكنها ازدادت قسوة بعد وفاة شقيقها وزوجته عام 2002، تاركين طفلين فى عمر المراهقة، رغم معاناتها مع مرض زوجها، لم تتردد لحظة فى استقبال أبناء شقيقها وتربيتهم كأنهم أبناؤها، وبعد سنوات من النضال، ازدادت مسؤولياتها بعد وفاة زوجها عام 2005 حيث وجدت نفسها وحيدة مسئولة عن خمسة أبناء، لم تكن المهمة سهلة، لكنها نجحت فيها بكل جدارة، لتصبح أمًّا لخمسة أبناء، تربيهم جميعًا كما لو كانوا من رحمها، لم تفرق بينهم، لم تشتكِ، بل كرّست حياتها لهم حتى تخرجوا جميعًا فى أرقى الجامعات، لترى ثمار كفاحها، فأصبح ابنها طبيبًا، وابنتاها طبيبتين، بينما التحق ابن شقيقها بأكاديمية الشرطة وأصبح ضابطًا يخدم على حدود الوطن، فى حين أصبح الابن الثانى مهندسًا حاصلًا على الماجستير من الخارج.

«سميرة شعبان».. صانعة المبدعين

فى محافظة شمال سيناء، حيث التحديات لا تنتهي، تعيش سميرة شعبان حسن المرسى، الأم التى تحولت حياتها إلى سلسلة من الاختبارات الصعبة، لكنها واجهتها بقوة لا تقهر، فى لحظة انقلبت حياتها رأسًا على عقب.. كانت سميرة شعبان تعيش حياة هادئة حتى وقع الحادث الذى غيّر كل شيء، بدأت معاناتها عام 2009 عندما تعرضت لحادث سير مروع فقدت فيه زوجها وابنها الصغير، بينما أصيبت هى بإصابات خطيرة استدعت 13 عملية جراحية، وأصيب ابنها الأكبر بشلل تام نتيجة إصابة فى الحبل الشوكي، لم يكن من السهل تقبل الواقع، لكن الأم لم تفكر فى نفسها لحظة، بل كرست حياتها لرعاية ابنها وإعادته إلى الحياة من جديد.

تكفلت وحدها برعايته، تحملت رحلة علاج ابنها بشجاعة، تنقله على كرسيه المتحرك يوميًا من المدرسة إلى الجامعة، تدعمه نفسيًا، وتساعده على تحقيق حلمه حتى حصل على منحة دراسية بكلية الإعلام، ليصبح اليوم صانع أفلام ناجحًا، لم تنسَ أيضًا ابنتيها، فإحداهما معيدة بكلية الهندسة، والأخرى معيدة بكلية طب الأسنان.

لم يكن الطريق سهلًا، لكنه كان طريق الأمل.. سميرة شعبان اليوم مثال حى للصبر والإرادة التى لا تعرف المستحيل، وأم لا تُقهر أمام الألم.

«فريال الغرابلى»..والدة شهيد الوطن

حين يُذكر الوفاء للوطن، يُذكر اسم العقيد محمد سمير حسن فتحي، رئيس العمليات الحربية لقوات حرس الحدود، الذى استشهد أثناء مناورة عسكرية عام 2014 بمنطقة سيوة، تاركًا خلفه أمًّا عظيمة، فريال عبدالرحمن الغرابلي، التى لم تبكِ ابنها ضعفًا، بل فخرًا، فمحمد كان بطلًا بكل معنى الكلمة، كان مقاتلًا شرسًا فى حب الوطن، ضحى بحياته ليحيا الآخرون بأمان، واليوم تظل والدته تحمل رايته، تروى بطولته وقصته لتبقى ذكراه حيّة فى وجدان الوطن

«ثناء بشارى».. والدة البطل

ليس هناك ألم يفوق ألم فقدان الابن، لكنه حين يكون شهيدًا، يصبح الفقد مزيجًا من الفخر والحزن.. فى محافظة قنا، تحمل ثناء بشارى محمد لقبًا لا تحمله سوى الأمهات العظيمات.. أم الشهيد، والدة الشهيد المقدم أحمد عبدالفتاح جمعة، قائد كتيبة الدعم بالأمن المركزى بمحافظة قنا، الذى استشهد عام 2017 وهو يدافع عن وطنه، لكنها لا تبكيه إلا بفخر.

أحمد لم يكن مجرد ضابط، بل كان أسطورة بين زملائه، لقّب بـ «الشهيد الساجد»، بعدما رفض ترك سلاحه حتى لحظة استشهاده، وسجد عليه فى رمقه الأخير، حتى سُمّى القطاع الذى خدم به باسمه تخليدًا لبطولته.

رغم الألم، تقف ثناء اليوم بكل فخر، تحمل ذكرى ابنها كوسام شرف على صدرها، وتروى قصته لتُبقيه حيًا فى قلوب الجميع، وتؤكد أن «ابنى لم يمت، ابنى حى فى كل شبر من هذه الأرض».

 

 

 

 

 

 

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة