رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

حكايات من دفتر «الحب والفقد».. ذكريات خالدة فى عيد الأم


20-3-2025 | 22:04

السفيرة سها جندي

طباعة
تقرير: أحمد جمعة

لا شيء يشبه تلك اللحظة التى تستعيد فيها الذاكرة دفء يدٍ امتدت لتربت على كتفك، أو صوتًا خافتًا دعاك باسمك فى طفولتك، أو نظرة تمتلئ بالفخر والحب فى أولى خطواتك نحو الحياة، يبقى كل ذلك حاضرًا مهما مرّت السنوات، فالأم ليست كلمة فى قواميس العاطفة، أو صفحة من كتاب العُمر، لكنها كل ما فى هذه الحياة.

فى عيدها، تنقّب القلوب عن ذكرياتها المدفونة تحت ركام المشاغل، فتزهر الحكايات من جديد، وتصبح الكلمات رسائل امتنان متأخرة، لكنها دافئة.

فى هذا اليوم، يتجرد الجميع من ألقابهم، فلا وزير ولا سفير، لا رياضى يكدّ خلف مجده، ولا سياسى يتصارع مع تحدياته، بل ابن يقف أمام صورتها القديمة، يتذكر كيف كان حضنها «حصنه» الأول من كل خوف، وكيف كان وجهها أول وجهٍ يضيء صباحاته.

الكثير من الحكايات لشخصيات طافت بهم الحياة فى أروقة السياسة والسلك الدبلوماسى والرياضة، تحدثوا عن أمهاتهم.. عن حكايات صغيرة صنعت رجالًا كبارًا، وعن تفاصيل لم تبهت رغم تبدل الأزمان.. كيف احتفلن بهم أمهاتهم فى طفولتهم، كيف ودّعوهم فى رحيلهن، وأى درس بقى خالدًا فى أرواحهم رغم مرور العمر.

رسالة حب لا تنطفئ

بكلمات يغمرها الحنين، استحضرت السفيرة سها جندي، وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج السابقة، ذكرى والدتها، التى وصفتها بأنها كانت «إنسانة بدرجة امتياز» وسيدة استثنائية فى كل تفاصيل حياتها، مؤكدة أن علاقتها بها لم تكن مجرد رابطة قوية، بل كانت علاقة «فريدة» مع سيدة عظيمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

فقدت السفيرة سها جندى والدتها فى عمر 17 سنة فقط، لكن ذكراها لا تزال حاضرة فى كل لحظة، روحها لم تغب، وكلماتها ما زالت تتردد فى الأذهان، أما نصائحها الخالدة، فستبقى حيّة تتوارثها الأجيال داخل أسرتها الصغيرة، جيلًا بعد جيل.

تقول السفيرة سها جندي: «والدتى كانت سيدة فاضلة وشخصية شديدة الجاذبية، إنسانة بدرجة امتياز، ومتميزة فى كل شيء، فلم تكن مجرد أم، بل كانت قدوة ونموذجًا للحب والعطاء».

والدة «السفيرة سها» خريجة كلية الفنون التطبيقية، وحصلت على الدكتوراه فى فن النحت من أكاديمية الفن فى فينيسيا مع والدها، ورغم إنجازاتها الأكاديمية، لم تتوقف عند مجالها الفني، بل كانت وكيلة لإحدى المدارس الثانوية الشهيرة بمدينة نصر، وعلى الرغم من حصولها على درجة الدكتوراه، إلا أن إيمانها بأهمية العمل مع النشء، خصوصًا فى المرحلة الثانوية، كان راسخًا، فكانت تؤمن بأن هذه المرحلة هى الأكثر تأثيرًا فى تشكيل شخصية الإنسان، وكانت لديها قدرة استثنائية على العطاء، ليس فقط لنا نحن أبناءها، بل لكل من حولها، وفق قولها.

تضيف: «نحن بنتان وولد، لكنها لم تكن أمًّا لنا فقط، بل كانت معطاءة على مستوى الجيران والمنطقة وكل الدوائر، سواء العلمية أو الاجتماعية، كان الجميع يلجأ إليها، لأنها كانت دائمًا ما تتمتع بالحكمة واللطف فى التعامل مع الآخرين، كانت نموذجًا يحتذى به أمام عيني، ولا أتصور أننى قد أبلغ يومًا مستواها فى العطاء والحنان».

وتتابع حديثها عن تفاصيل حياتها قائلة: «كانت والدتى تتمتع بقدرة كبيرة على العطاء فى المنزل أيضًا، تفعل كل شيء بيديها، ولديها إبداع استثنائى فى تحويل المكان الذى نتواجد فيه إلى جنة، حيث كانت تقوم بأعمال فنية رائعة، وأعتبرها دائمًا الأم المثالية التى تستحق التكريم كل يوم وكل ساعة، فهى لم تكن فقط متميزة فى إعداد الطعام أو العلاقات الإنسانية، بل كانت أمًّا بدرجة امتياز، تهتم بنا وبأدق تفاصيل حياتنا، تتحدث معنا عن القضايا الاجتماعية، تساعدنا فى المذاكرة، وتتفاعل مع أنشطتنا المختلفة، وكانت بحرًا من العطاء، وأفتقدها إلى الآن وأتذكرها دومًا كملاك وإنسانة عظيمة».

لم يكن عطاء والدة السفيرة سها جندى فى محيطها فقط، بل تركت إرثًا من المبادئ الراسخة التى لا تزال السفيرة سها جندى متمسكة بها.. حملت صفة من اسمها «فريدة نعمة الله»، فكانت فريدة فى كل حياتها.. تقول: «أعطتنا والدتى الكثير والكثير من الأفكار والقناعات التى لا تزال متأصلة فينا حتى اليوم، كانت دائمًا توصينا بعضنا البعض، وكانت تقول لي: «أخوكِ وأختكِ أهم أشخاص فى حياتكِ، لأنكِ تشاركين والدكِ ووالدتكِ فى جزء من دمكِ، لكنكِ تشاركين أشقاءكِ المشاركة الكاملة فى دمكِ»، كانت دائمًا تحثنا على أن نكون سندًا لبعضنا البعض، وألا نسمح للخلافات بأن تدوم، مؤكدة أنه لا يجوز أن نبيت ونحن غاضبون من بعضنا البعض».

تواصل: «كانت تقول لنا دائمًا: «أى نوع من أنواع الخلافات بين الأشقاء لا يجب أن تستمر حتى نهاية اليوم، فلا تناموا وأنتم زعلانين، لأن طول الغضب يولد الجفاء»، وكانت ترى أن العطاء الإنسانى هو أهم ما يمكن أن نقدمه فى الحياة، وأن خدمة مجتمعنا وجيراننا ومن حولنا هى واجب علينا جميعًا، لأن المحبة دائرة مكتملة؛ عندما تعطى اليوم، ستأخذ غدًا، وعندما تمنح، يجب أن يكون العطاء من القلب وبحب، دون التفكير فى المقابل، لأن عطايا الله واسعة ولا حصر لها».

وتضيف: «كانت تؤكد لنا أهمية أن نساعد بعضنا البعض، وأن نسهل الأمور على الآخرين، وأن نحاول قدر الإمكان أن نجعل منازلنا ومحيطنا مجتمعًا متكاملًا.. وكانت تقول دائمًا: الحب مُعدٍ، والفرحة مُعدية، فلا تفكروا فى الأمور السلبية أو النصف الفارغ من الكوب، بل ركزوا على الإيجابيات، لأن العطاء والفرح حينما نقدمه للآخرين يعود إلينا مضاعفًا، حتى الابتسامة عندما تمنحها لشخص ما، تؤثر عليك أنت أولًا، وتشعر جسدك بالسعادة».

الاحتفال بعيد الأم بالنسبة للسفيرة سها جندى له وقع خاص، تتذكر سنوات ما قبل رحيل والدتها، وعلاقتها بها منذ ذاك الحين: «والدتى توفيت وأنا فى السابعة عشرة من عمري، ومنذ ذلك الحين أصبح عيد الأم يحمل شجنًا وإحساسًا كبيرًا بالفقد.. فى طفولتي، كنا نحرص على مفاجأتها حتى بأبسط الأشياء، والدى كان دائمًا يشترى لنا هدية لنقدمها لها، لكننا كنا نفضل أن نصنع لها بطاقات ملونة بأيدينا، أو ننفذ لها شيئًا كانت تطلبه منا منذ فترة، لنفاجئها به فى عيد الأم.. كنا نحتفل بها بطريقتنا الخاصة، ونحرص على تلبية كل ما تطلبه فى هذا اليوم، وحتى المشاغبات المعتادة كنا نتجنبها لنكون أبناءً مطيعين لرغباتها».

وتكمل حديثها بتأثر قائلة: «اليوم، لم يعد عيد الأم يومًا للاحتفال فقط، بل هو مناسبة نستعيد فيها ذكراها العطرة، نجتمع لنتذكر محبتها التى كانت تملأ حياتنا، ونترحم عليها، داعين الله ألا يحرم أحدًا من والدته».

رسالة عيد الأم من السفيرة سها جندى لوالدتها عبرت بها عن سنوات الحياة معها، وأيام الفقد الصعبة التى لا تزال تمثل غُصّة فى القلب.. تقول لها: «عشتِ ملاكًا بيننا، ولا تزال ذكراكِ حية فى قلوبنا، رغم مرور العقود، إلا أن أثركِ لا يزال حاضرًا فينا، وأحفادك الذين لم يروكِ يتذكرون «تيتة فريدة»، لأنكِ كنتِ أجمل امرأة عرفتها فى حياتي، وأعظم من قدم لنا الحب بلا شروط.. فضلكِ علينا كان عظيمًا، ومحبتكِ التى منحتِها لنا من قلبكِ ما زالت تؤثر فينا حتى اليوم.. ندعو لكِ دائمًا، ونذكركِ بكل الخير، فكونى معنا دومًا».

وصايا أم لا تُنسى

لا يزال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، يتذكر نصائح والدته «الذهبية» التى تعد «نبراسًا» لحياته إلى الآن، يفتقد حكمتها، ودورها فى العائلة أجمع.. شخصيتها الاجتماعية وحكمتها فى التعامل مع الناس، والتى طالما نصحته دائمًا بعدم فرض آرائه بطريقة تُغضب أحدًا، قائلًا: «كانت نصيحتها الدائمة: متقولش الحق بطريقة لا تستفز مَن يسمعها، لأن هناك ناس يقلقها سماع الحق... واعمل الصح ومحدش يقدر يعملك حاجة.. ولا تهتم بالمضايقات وخليك جيد فى عملك طوال الوقت«.

السفير رخا يتذكر الدعوة الثابتة من والدته له منذ صباه «ربنا يحبب فيك خلقه»، ولهذا سر كبير فى حياته، فمحبة الناس لا تأتى بين يوم وليلة، بل تُبنى على ما يقدمه الإنسان لهم من خير، وهذا جعل علاقتى مع الناس يسودها المحبة والود.

روى السفير رخا موقفًا مؤثرًا فى مسيرته التعليمية والمهنية، حيث كان يرغب فى الالتحاق بكلية الشرطة، إلا أن والدته نصحته بعدم ذلك، قائلة: «هتفضل عايش طول عمرك وسط خارجين على القانون، وهذه ليست شخصيتك»، وبالفعل تقدم لاختبارات كلية الشرطة ونجح فى المراحل الأولى، لكن وكيل الكلية تعجب من تقديمه رغم حصوله على مجموع كبير يؤهله لدخول كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وهو ما جعله يعيد التفكير فى مساره، متوافقًا مع رؤية والدته، التى كان رأيها سابقًا لقراره، ومن هنا بدأ مشواره فى العمل السياسى والدبلوماسي.

وفاة والدته كانت صدمة لا تُنسى، فيقول إنه رغم اعتياده العيش بعيدًا عن دمياط سواء فى القاهرة أو خارج مصر، إلا أن الارتباط العاطفى ظل مستمرًا، فالأم تظل دائمًا مصدر الأمان والحنان، وفقدانها يعنى فقدان جزء كبير من الشعور بالدفء والاستقرار.

وأوضح «رخا» أن عيد الأم يعد من أهم الأعياد عالميًا وليس فى مصر فقط، فالأم تمثل العمود الفقرى للأسرة والمجتمع، بل فى بعض الدول – مثل تشيلى التى عاش فيها لسنوات – تشكل النساء قرابة 60فى المائة من المجتمع، مضيفًا: دور الأم لا يقتصر على الإنجاب ورعاية الأطفال فى سنواتهم الأولى، بل يمتد ليشمل مختلف مراحل حياتهم، إذ تظل تنظر إلى أبنائها باعتبارهم بحاجة إلى رعايتها مهما بلغوا من العمر.

وتذكر فى هذا الصدد موقفًا شخصيًا عندما التحق بوزارة الخارجية وسافر للعمل بالخارج، حيث ظلت والدته تشعر بنفس القلق الذى كانت تشعر به عندما كان يسافر من دمياط إلى جامعة القاهرة، وكأنه لم يصبح مسئولاً عن نفسه وعن العديد من الأشخاص من حوله.

وأشار السفير رخا إلى أن الأم تسعى دائمًا لأن يكون أبناؤها فى أفضل حال، وترى فى نجاحاتهم امتدادًا لحياتها، كما أن بعض الأمهات يتحملن مسئولية إعالة الأسرة بالكامل، وهو أمر فى غاية الصعوبة.

«أمى سر وجودى ونجاحى»

من إيطاليا، تحدثت الدكتورة رانيا يحيى، مديرة الأكاديمية المصرية للفنون بروما، عن علاقتها بوالدتها وذكرياتها فى عيد الأم، مؤكدة أن علاقتها بوالدتها تتجاوز حدود الأمومة التقليدية، فهى صديقة وشقيقة قبل أن تكون أمًا: «أمى ليست مجرد أم، بل هى رفيقة دربي، نبع الحنان والدعم، وقلب ينبض بالحب والمساندة، جئت إلى الدنيا بعد انتظار دام أربع سنوات، فكنت فرحتها الكبرى، ما جعلنى مدللة بين أحضانها وأحضان والدي».

«يحيى» أضافت أن والدتها كانت دائمًا درع الأمان والسند الحقيقى فى حياتها، مشيرة إلى أنها صاحبة الفضل الأول فى نجاحها المهنى والأكاديمي، إذ كانت أول من اكتشف موهبتها فى الموسيقى، وسارعت إلى توفير البيئة الداعمة لها منذ الطفولة: «هى من شجعتنى على دراسة الحقوق إلى جانب الكونسرفتوار، وكانت تدفعنى دومًا للتحدى والتفوق، مؤكدة أن التميز يصنعه المجهود والالتزام».

وعن دور والدتها بعد الزواج، قالت د. رانيا: «لم يتغير دورها أبدًا، بل ازداد عمقًا، فهى الداعم الأول لى فى مسيرتى المهنية ورعاية أبنائي، خاصة بعد انتقالى إلى روما، حيث تحرص على متابعة تفاصيل حياتهم وتعويض غيابى بحنانها ورعايتها».

وفى حديثها عن عيد الأم، وصفته بأنه يوم الوفاء والتقدير، مشيرة إلى أن كل أم تستحق الاحتفاء بها يوميًا وليس فى مناسبة واحدة فقط: «أمى كرّست حياتها لنا، ولم تتخلّ عن دورها فى أى مرحلة، متذكرة الكثير من الذكريات التى لا تزال خالدة وخاصة أيام الامتحانات العصيبة التى تمر بها الأسر فى مصر: «لا أنسى حرصها الدائم على حالتنا النفسية، كانت تبعد عنّا القلق والتوتر بمواقفها الحانية وكلماتها الدافئة».

وعن وصية والدتها التى لا تزال تتبعها، قالت: «دائمًا كانت تقول لي: كونى قوية، استمرى مهما واجهتِ من صعوبات، واجعلى ضميرك مرتاحًا دائمًا.. وهذا ما أسير عليه حتى اليوم».

أما عن إحساسها كأم، فأكدت أن عيدها الحقيقى هو رؤية أبنائها بخير وسعادة، قائلة: «شرفتُ بالحصول على لقب الأم المثالية من دار الأوبرا عام 2023، وهو نفس العام الذى نلت فيه جائزة الدولة للتفوق فى الفنون، لكن فرحتى الكبرى تكمن فى سعادة أولادي، لأن كل يوم يكونون فيه بخير هو عيد بالنسبة لي».

رسالة عيد الأم من الدكتورة رانيا يحيى إلى والدتها تلخص عقودًا من الصداقة والمحبة، قائلة: «أنتِ أعظم ما خلق الله فى الدنيا.. سر وجودى فى الحياة، ولكِ الفضل، بعد الله، فى كل نجاح حققته. أنتِ الدافع الذى يجعلنى أواصل الطريق رغم كل التحديات، لأننى أعلم أن نجاحى هو امتداد لنجاحك وسعادتك.. أمى هى أعظم أم».

رجاء الجداوى.. وعيد الأم الذى لا ينتهى

استحضرت أميرة حسن مختار، ابنة الفنانة القديرة الراحلة رجاء الجداوى، ذكرياتها مع والدتها، مؤكدة أن عيد الأم لم يعد كما كان بعد رحيلها، لكنه لا يقتصر على يوم 21 مارس، فذكراها لا تفارقها، وحبها وحنانها وأمانها ترافقها فى كل لحظة من حياتها.

تقول «أميرة»: «لم أكن بحاجة إلى يوم محدد لأتذكر عيد الأم، فوالدتى منحتنى من الحب والدفء ما يكفى لأن يظل حضورها حيًا فى روحي، وأحاول كل يوم أن أسير على خطاها وأتعلم منها، ولو كان بإمكانى أن أكرمها فى كل لحظة لفعلت ذلك، لأنها كانت مختلفة فى كل شيء».

تحكى «أميرة» عن ذكرياتها مع والدتها قائلة: «من أجمل الذكريات التى لا أنساها، أنه قبل عيد الأم، حين كنت صغيرة، كانت تزيد مصروفى دون أن تخبرنى أن السبب هو شراء هدية لها، كانت تمنحنى الحرية والمساحة لاختيار ما أهديه لها، وكان اهتمامها ليس فقط بالهدية، بل أيضًا بإحساسى بالسعادة وأنا أختارها».

وعن الهدية التى قدمتها لوالدتها ولا تزال فى ذاكرتها، تقول: «أتذكر أننى جمعت المال لشراء لوحة من السيراميك لفنان شهير، كانت معروضة فى جاليرى المشربية للفنون، وقد أعجبتها بشدة لأنها كانت مكتوبة بالخط الكوفى وتحمل آيات المعوذات، ولا تزال هذه اللوحة موجودة فى منزلنا بفايد، وهى من الهدايا العزيزة على قلبها».

لم تكن رجاء الجداوى تمنح ابنتها الحب فقط، بل كانت تقدم لها نصائح حياتية ثمينة، لكن أميرة تعترف بأنها لم تدرك قيمتها كاملة إلا بعد رحيل والدتها: «كنت أسمع نصائحها كثيرًا، لكننى لم أكن أطبقها كما ينبغي، أما الآن، فأحاول تنفيذها بدقة، وكأننى أستكمل ما كانت تحلم بتحقيقه، لقد تغيّرت شخصيتى تمامًا وأصبحت أطبق أسلوب تفكيرها فى حياتي».

وتتابع: «كانت تقول لى دائمًا: «حبى نفسك أولًا، ثم أحبى الآخرين، لا تكونى أنانية لكن امنحى نفسك الحنان»، كما كانت تحذرنى قائلة: «خلى بالك من ده» وتشير إلى لسانها، فى إشارة إلى أن الكلام هو المسئول عن معظم الأخطاء».

عن طقوس الاحتفال بعيد الأم، تروى أميرة: «اعتدنا فى هذا اليوم زيارة ماما تحية (خالة رجاء الجداوي)، وأيضا كان والدى يحرص دائمًا على إهداء والدتى باقة ورد فى عيد الأم».. لكن ذكرى عيد الأم الذى مثل علامة فارقة كان فى العام 2016.. وتقول أميرة مختار: «كنت أبحث فى مكتبتنا القديمة فوجدت غلافًا لمجلة «حواء» يعود إلى عام 1974، يحمل صورتى وأنا بعمر عام ونصف العام بجوار والدتي، وعنوانه «عيد سعيد يا أمي»، فقررت أن أقدمه لها مع هدية عيد الأم، لكن والدى طلب أن يريها الغلاف بنفسه فى يوم عيد الأم، وقال لي: «نفسى أشوف فرحتها»، وطلب أن يؤجل ذلك ليوم 21 مارس، لكنه لم يفعل ذلك.. المفاجأة أنه تُوفى يوم 5 مارس قبل أن يحين عيد الأم، لكننى كنت ممتنة أنه أُريها الغلاف وأرى ضحكتها قبل أن يرحل».

 

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة