رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

تستهدف ٢٠ سلعة أساسية والتخفيضات تصل إلى ٥٠ فى المائة منافذ السلع.. «الشراء» فى متناول الجميع


23-3-2025 | 16:53

.

طباعة
تحقيق: منار عصام

«إصلاحات اقتصادية.. حماية اجتماعية»، تحدٍّ استطاعت الدولة المصرية أن تحسمه فى صالحها طوال السنوات الماضية، فتزامنًا مع إطلاق برنامج «الإصلاح الاقتصادى» لإنقاذ الاقتصاد المصرى، والإجراءات القاسية التى تطلّبالوضع اللجوء إليها، لم يكن المواطن خارج الحسابات، وهو ما ظهر جليًا فى العديد من المبادرات والحزم الاجتماعية التى أطلقتها الدولة لـ«الحماية»، وكانت «منافذ السلع» والمبادرات التى أُطلقت لـ«توفير السلع الغذائية» واحدة من الأدوات التى لجأت إليها الحكومة لحماية محدودى الدخل من الآثار السلبية لـ«الإصلاحات الاقتصادية»، وتجلّت جهود الدولة فى تخفيف الأعباء عبر منافذ مثل «كلنا واحد»، و«أهلًا رمضان»، ومنافذ القوات المسلحة، ووزارة الزراعة، والتى تُقدّم سلعًا أساسية بأسعار تُقلل الفجوة بين دخول المواطنين وأسعار السوق، ومع توجه الحكومة نحو تسهيل الإجراءات وتمويل هذه المنافذ، أصبح لها تأثير مباشر ليس فقط فى تحسين مستويات المعيشة بزيادة توفر السلع، بل أيضًا فى تعزيز المنافسة بين التجار مما يؤدى إلى تحسين جودة الخدمات والأسعار.

ويبلغ عدد أماكن مبادرة كلنا واحد 2024 فى جميع المحافظات نحو 2148 معرضًا منها 6 معارض رئيسية، و67 شادرًا، و44 معرضًا فرعيًا، و2031 منفذًا، بالإضافة إلى 1026 منفذ «أمان» ثابتًا ومتحركًا، إذ تفتح أبوابها أمام المواطنين حتى آخر أيام شهر رمضان المبارك، وهذه المنافذ، التى أطلقتها الحكومة عام 2022، توفر 20 سلعة أساسية، وتستهدف بشكلٍ خاص الأسر الأولى بالرعاية، وتعد هذه المنافذ حلقة وصل مهمة بين المنتج والمستهلك، حيث تلعب دورًا حيويًا فى ضبط الأسعار وتقليل الفجوة بين دخل المواطنين وتكاليف الحياة، مما يعزز من الاستقرار الاجتماعى والاقتصادي.

وفى شوارع الجيزة، يرتفع صوت بائع الخضار، مرددًا: «الليمون بـ80 جنيهًا»، بينما تقف سيدة فى الخمسين تتأمل سعر كيلو اللحم الأحمر الذى تجاوز 400 جنيه، تهز رأسها وتتمتم: «أولادى عايزين أكل، إحنا مش عارفين نعيش إزاي»، المشهد ليس استثنائيًا، بل هو جزء من يوميات ملايين المصريين الذين تواجههم عاصفة ارتفاع الأسعار، لكن وسط هذا الغلاء، تبرز منافذ بيع تقدم سلعًا أساسية بأسعار مخفضة، كشريان حياة للفئات الأكثر احتياجًا من خلال جولة ميدانية فى عدة مناطق بالقاهرة والجيزة، نستكشف كيف تُخفف منافذ «كلنا واحد»، و«أهلًا رمضان»، ومنافذ القوات المسلحة، ووزارة الزراعة، من معاناة المواطنين. 

أما فى منطقة الدقى، فيشهد منفذ «كلنا واحد» توافد أعداد كبيرة من المواطنين للحصول على احتياجاتهم الأساسية بأسعار جيدة إذا ما قورنت بالأسعار فى الأسواق، وداخل أروقة المنفذ تعلو صيحات المواطنين: «روحوا على الأرز.. سعره 24جنيه بدل 33»، بينما توزع العاملات أكياس السكر المدعوم، وتروى منى أحمد (ربة منزل) قصتها: «بشترى من هنا أرز وسكر وزيت لشهر كامل، لأن الأسعار فى السوق خيالية». 

ويشهد المنفذ انخفاض أسعار السلع بالإضافة إلى جودتها، وسجل سعر السكر (27 جنيهًا للكيلو)، والزيت«62.5جنيه/ للزجاجة700مللى» يقول محمد عبد الله، مدير المنفذ: «نستقبل يوميًا 500 مواطن، ومتوسط التخفيض 30 فى المائة عن السوق، لكن بعض الزبائن يشكون من نقص الكميات، أحيانًا الموجود دائمًا أرز وسكر، لكن الزيت بيخلص بسرعة» -كما تقول سيدة فى الستين- بينما يقول ياسر (سائق ميكروباص): «الفرق بين سعر الأرز هنا وفى السوق بيكفى أجيب بيه دواء لأولادي».

تتميز منافذ البيع بتقديمها للمنتجات بأسعار تنافسية، حيث تعتمد على شراء السلع بكميات كبيرة مما يمكنها من تقليل التكاليف وزيادة الهامش الربحي، وهذا الأمر يسهل عليها تقديم تخفيضات وعروض مميزة للمستهلكين، كما أنها توفر خيارات متنوعة للمنتجات، مما يتيح للمواطنين اختيار ما يناسب ميزانياتهم.

بينما برز اسم معارض «أهلا رمضان» بداية من العام الماضى، وعلى الرغم من أن اسم الحملة يرتبط بشهر رمضان، فإن منافذها تعمل طوال العام فى بعض المحافظات، وفى القاهرة، تحول منفذ «أهلًا رمضان» بمنطقة مدينة نصر إلى سوق شعبى مصغر، تنتظم فيه طوابير أمام قسم اللحوم (المباع بـ290 جنيها للكيلو)، بينما تعلن لافتة: «علبة الزبادى بـ5 جنيهات فقط».

يقول حسام توفيق، أحد المسؤولين فى المعرض: «قمنا بتوفير سلع رمضان الأساسية مثل المكسرات والتمور بأسعار أقل 25 فى المائة». 

ولا تقتصر المعركة على المنافذ المدنية، فمنافذ القوات المسلحة أصبحت وجهةً للطبقة المتوسطة أيضًا، وفى منفذ بمدينة نصر، تُباع اللحوم المجمدة بـ270 جنيهًا للكيلو، بينما يرتفع سعرها فى محال اللحوم إلى 350 جنيها، ويقول الحاج علي، أحد الزبائن: منفذ «كلنا واحد» بيخلى المواطن يحس أن فيه جهة بتحميه من نار الغلاء». 

«اللحمة القطع هنا بـ286 جنيهًا والطازة بـ340 دى نعمة ربنا.. برا بـ400 جنيه»، بهذه الجملة تستقبلنا أم علي، وهى تنتظر دورها أمام منفذ تابع للقوات المسلحة فى مدينة نصر، فمنافذ «كلنا واحد» التى انتشرت فى السنوات الأخيرة، تبيع منتجات متنوعة من لحوم ودواجن وأسماك وحتى أجهزة كهربائية بأسعار تقل 40 فى المائة عن السوق، بينما تقول أم محمد: «منافذ الجيش والشرطة هى اللى بتعيشني»، موضحة أنها تقوم بشراء كافة احتياجات أسرتها من منافذ القوات المسلحة والشرطة والتى يتوفر بها كافة السلع واللحوم والدواجن.

وتنتشر أيضا مجموعة من السيارات المتنقلة التابعة لمنافذ القوات المسلحة وتقدم منتجاتها بأسعار مخفضة، حيث تبيع كيلو اللحم القطع 200 جنيه والفراخ بـ130 جنيها، وسعر نصف كيلو اللحم المفروم بـ100 جنيه، وسعر كيلو البفتيك بـ230 جنيها.

وفى خطوة للحدّ من استغلال التجار، تقدّم منافذ وزارة الزراعة خضراوات وفاكهة طازجة بأسعار مُخفّضة، حيث تُباع الطماطم بـ4 جنيهات للكيلو، والبطاطس بـ5 جنيهات، بينما تصل أسعارها فى الأسواق إلى الضعف، وتُعلق سيدة فى الخمسين: «جودة المنتج هنا أحسن، ومش محتاجة أدفع فلوس زيادة علشان أرباح السماسرة». 

فى منفذ وزارة الزراعة بشارع نادى الصيد بالدقى، تُعلن لافتة: «خضار وفاكهة طازجة من المزارع بدون وسطاء»، هنا، تُباع الطماطم بـ4 جنيهات للكيلو، بينما سعرها فى السوق المجاورو 5 جنيهات، تقول فاطمة، بائعة فى المنفذ: «بنستلم المحصول من الفلاحين مباشرةً، علشان كده الأسعار أقل».

وأضافت أنه عندما كانت الطماطم تباع فى الأسواق بـ25 جنيها كنا نبيعها فى المنفذ بـ5 جنيهات فقط، فيما قالت نادية (طالبة جامعية): «بشترى من منافذ الزراعة خضار وكيلو بطاطس بـ6 جنيهات.. وده أرخص بكتير من الأسعار فى السوق العادى».

علاوة على ذلك، تقوم بعض المنافذ الحكومية والخاصة بتنظيم حملات لبيع السلع الأساسية بأسعار مخفضة، مما يسهم فى دعم الفئات الأكثر احتياجًا، ففى الأوقات التى ترتفع فيها الأسعار بسبب الأزمات الاقتصادية أو جائحة مثل «COVID-19»، ساهمت هذه المنافذ فى تزويد السوق بالسلع الضرورية بأسعار ثابتة ومستقرة.

الوزارة تدير أيضًا شاحنات متنقلة تصل إلى الأحياء الشعبية، وتُعرف باسم «منافذ الجملة»، يقول عمر غالى -مهندس زراعى- يشرف على إحداها: «نخفّض السعر 50 فى المائة بتجاوزنا تلاعب التجار»، لكن المشكلة تكمن فى عدم انتظام وصول الشاحنات: «مافيش جدول ثابت.. بنسمع عنها بالصدفة»، كما تشكو أحلام من المطرية. 

وفى السياق ذاته، أكد هشام الدجوى، رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية بالجيزة وعضو الاتحاد العام للمواد الغذائية، أن أهم ما تحققه منافذ البيع التابعة للوزارات والجهات المختلفة داخل الدولة هو «الكم والكيف»، لا سيما المنافذ الخاصة بالشركة القابضة التى تعتبر «ضلع الأمان للشعب المصرى»، وذلك بامتلاكها مخزونا استراتيجيا من السلع الأساسية وأيضا لتبعيتها المباشرة إلى وزارة التموين، مؤكدا أن توسع الدولة المصرية فى بناء وتشييد الصوامع أدى إلى المساهمة فى إتاحة وتوفير السلع أمام المواطنين فى الأسواق بوجه عام، والحفاظ على المخزون بوجه خاص من التلف، الذى كان يؤدى إلى إحداث نسب تلف تصل إلى 30 فى المائة.

وأشار «الدجوى» إلى أن إدارة المخزون الاستراتيجى بشكل جيد أتاحت الفرصة إلى توفير معروض بصورة وفيرة بالأسواق، وهو الأمر الذى انعكس على تحقيق الأمن الغذائى للمواطنين بالتعاون مع مختلف الجهات مثل وزارة الزراعة والقوات المسلحة ممثلة فى جهاز مشروعات الخدمة الوطنية وكذا وزارة الداخلية ممثلة فى منافذ أمان، الأمر الذى خلق روحًا تنافسية بين مختلف الجهات السابقة من أجل توفير كافة احتياجات المواطنين بجودة عالية وأسعار مناسبة فى ظل مبدأ العرض والطلب، مضيفًا أن تلك الجهود قطعت كافة السبل أمام التجار الساعين إلى احتكار منتج بعينه ورفع سعره على المواطن.

ويرى رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية بالجيزة، أن انتشار تلك المنافذ وتعددها بالمحافظات المصرية كاملة أمر يجب الإشادة به، حيث تمكنت الدولة من خلال هذا التنوع فى الجهات الصادر عنها المنافذ من تغطية كافة ربوع الجمهورية وتوفير السلع الأساسية لهم طيلة أيام العام بأسعار مخفضة عن الأسواق، لافتًا إلى أن «معارض اليوم الواحد» التى كانت تُقام فى مناطق بعينها متنوعة داخل المحافظات ساهمت فى رفع عبء ارتفاع الأسعار عن كاهل المواطنين، ولاقت إقبالا جماهيريا كبيرا، وضمت محافظة الجيزة -على سبيل المثال- 28 معرضا من معارض اليوم الواحد، وكذلك المعارض الثابتة مثل معرض أهلا رمضان ومعرض أهلا مدارس، والمنتشرة أيضا من الواحات وحتى الصف وأطفيح.

وسلط «الدجوى» الضوء على أن هناك بعض السلع التى تشهد مستويات من التخفيضات الكبيرة تصل إلى 50 فى المائة فى بعض الأحوال، فيما تعتبر نسبة الخصم السائدة بين المنتجات لا تقل عن 20 فى المائة، وعلى سبيل المثال نجد عبوة الزيت 800 جم تُباع بـ52 جنيها داخل المعارض فى الوقت الذى يصل سعرها بالسوق المحلى إلى 65 جنيها، والدقيق يُباع بـ18 جنيها مقابل 22 جنيها بالأسواق، وكذلك شهدت أسعار الياميش الرمضانى تخفيضات بنسبة 40 فى المائة هذا العام، وأيضًا نجد أن الفلفل الأسود يُباع بـ300 جنيه للكيلو بدلا من 500 خارجه، موضحا أن المعارض توفر للعارضين إمكانية عرض منتجاتهم بالمجان دون تحميل سعر المنتج تكاليف التشغيل من مرافق وإيجارات الأمر الذى يساهم فى خفض سعر المنتج، مشيدًا بالإجراءات والتدابير التى اتخذتها الدولة منذ رمضان الماضى إلى الآن، والتى ساهمت فى تثبيت الأسعار بشكل كبير دون ارتفاعها أمام المواطن فى ظل التحديات التى تشهدها المنطقة، وهو الأمر الذى يعد إنجازًا يُحسب للحكومة.

أخبار الساعة