رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

حرائق وأعاصير وزلازل...التغير المناخى يبتلع الأرض


2-4-2025 | 16:13

التغير المناخي يبتلع الأرض

طباعة
تقرير: سلمى أمجد

من الحرائق المميتة وثوران البراكين إلى العواصف والأعاصير المدمرة، كان تأثير التغيرات المناخية متجليًا فى تفاقم الكوارث الطبيعية خلال الربع الأول من 2025. وعلى الرغم من جهود دول العالم للتقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة والتوجه إلى الطاقة المتجددة، فإن الظواهر المناخية شديدة التطرف التى شهدناها مؤخرًا تنذر بأن الخطر الحقيقى يقترب، ما يعكس الحاجة الملحة لتعزيز الجهود الدولية لمكافحة التغيرات المناخية.

خلص تقرير حالة المناخ العالمي، الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إلى أن عام 2024 كان على الأرجح أول عام تتجاوز فيه درجة حرارة سطح الأرض 1.5 درجة مئوية عن معدل ما قبل الصناعة، مما يجعله العام الأكثر دفئًا. ذلك بجانب بلوغ تركيز ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى أعلى مستوياته فى الـ800 ألف عام الماضية، وتضاعف معدل ارتفاع مستوى البحر. ويبدو أن عام 2025 فى الطريق هو الآخر ليصبح عامًا قياسيًا. خلال الربع الأول، شهدت العديد من دول العالم تغيرات مناخية مفاجئة للغاية، إذ تعرضت بعض البلاد لحرائق وزلازل وبراكين وأمطار غزيرة وفيضانات وأعاصير شديدة وموجات برد قاسية خلفت وراءها خسائر بشرية ومادية جسيمة.

شهدت إندونيسيا وإيطاليا والإكوادور والأرجنتين سلسلة من الكوارث الطبيعية، حيث تسببت الأمطار الغزيرة فى نشوب فيضانات وانهيارات أرضية ألحقت أضرارًا بعدة مناطق. بينما اجتاحت العاصفة «جانا» عدة مدن إسبانية، متسببة فى فيضانات وانهيارات أرضية. وكان تدفق الحمم البركانية شاهدًا على ثوران براكين فى إيطاليا وجواتيمالا وهاواي. بينما ضرب التنين الصينى زلزال فى منطقة التبت بجبال الهيمالايا جنوب غرب البلاد فى أول أسبوع من العام الجاري، وهزّ زلزال آخر بقوة 4 درجات نيودلهي، عاصمة الهند. ولم تسلم القارة السمراء من تداعيات التغيرات المناخية؛ فقد ضرب إعصار «جود» الاستوائى موزمبيق، متسببًا فى فيضانات وأضرار واسعة النطاق أودت بحياة العشرات وخلّفت دمارًا كبيرًا للبنية التحتية.

من جانبها، واجهت كندا سلسلة من العواصف الشتوية منذ فبراير الماضي، مما تسبب فى رياح عاتية وتساقط ثلوج كثيفة، خاصة فى تورنتو، المدينة الأكثر كثافة سكانية فى البلاد، وفى مونتريـال. وفى الشهر نفسه، عاصرت محافظة إيواتى شمال شرق اليابان أسوأ حريق غابات منذ 50 عامًا، حيث دمرت النيران نحو 2900 هكتار.

كما تجددت المخاوف بشأن ذوبان الصفائح الجليدية، حيث دقّ العلماء ناقوس الخطر، وأصدرت العديد من الدراسات التى توضح مدى خطورة هذا الذوبان. ووفقًا لصحيفة «لا تيرسيرا» الإسبانية، فإن الصفائح الجليدية الذائبة تتسبب فى تباطؤ التيار المحيطى القطبى الجنوبى (ACC)، وهو الأقوى فى العالم، وهو ما قد يكون له تأثيرات كبيرة على ارتفاع مستوى سطح البحر، واحترار مياه البحر، والنظم البيئية. دراسة أخرى جديدة لفتت الانتباه إلى أن تغير المناخ لا يؤثر فقط على البيئة، بل يمتد تأثيره إلى الصحة النفسية للمراهقين، لا سيما فى المناطق الأكثر تضررًا من الاحتباس الحراري، مثل مدغشقر. وأظهرت الأبحاث أن الشباب فى المناطق الريفية يعانون من مستويات مرتفعة من القلق والاكتئاب بسبب المخاوف المرتبطة بالمناخ، نتيجة الجفاف والعواصف الرملية المتكررة التى ألحقت أضرارًا جسيمة بالمحاصيل وأدت إلى تفاقم أزمة ندرة المياه، مما يعكس أبعادًا نفسية خطيرة للأزمة البيئية.

ولا ننسى حرائق الغابات فى لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا بأمريكا، التى قضت على الأخضر واليابس، متسببة فى نزوح الآلاف من البشر وتكبد خسائر بمليارات الدولارات، وكانت حديث الصحف العالمية لفترة طويلة. وتوالت المصائب على واشنطن، حيث اجتاحت عاصفة غبارية قوية عددًا من الولايات، منها ولاية نيو مكسيكو وولاية ميسوري، التى كانت الأكثر تضررًا من الأعاصير، حيث لقى العشرات حتفهم فى تلك الولاية. كما أثارت الرياح القوية فى ولايتى تكساس وكانساس عواصف رملية أدت إلى تصادم مركبات وخسائر فى الأرواح. فضلًا عن اندلاع ما يقرب من 150 حريق غابات مميتا فى ولاية أوكلاهوما. وعلى الرغم من عدم ثوران البركان العملاق «يلوستون»، المعروف بمناظره الطبيعية الخلابة، كثرت التساؤلات مع الطقس المتطرف عما إذا كان يستعد لانفجار آخر.

وعن سبل مواجهة التغيرات المناخية وآثارها، أوضح الدكتور علاء سرحان، أستاذ الاقتصاد البيئى بجامعة عين شمس، لـ«المصور»، أن الدول تبذل قصارى جهدها للمساهمة فى حل هذه الأزمة العالمية، باعتمادها على برامج مواجهة التغيرات المناخية، التى بدورها تنقسم إلى نوعين رئيسيين: التخفيف، وهو أن تقوم الدولة بخفض النسبة الكربونية الخاصة بها أو كمية انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وعلى رأسها الكربون والميثان، والتحول إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، وفى الوقت نفسه رفع كفاءة استخدام الطاقة. على سبيل المثال، إنتاج الكهرباء بدلًا من حرق الوقود الأحفورى مثل الفحم والغاز الطبيعى ومشتقات البترول، نلجأ إلى طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية أو الهيدروجين الأخضر، إلى آخره. النقطة الأخرى هى التكيف والتصدى والصمود، والتى تتضمن كيفية التعامل والتعايش مع تداعيات التغيرات المناخية، التى من المتوقع أن تزداد حدة وضراوة سنة تلو الأخرى، بأقل الخسائر الممكنة. ويتم اتخاذ إجراءات حمائية استباقية من أجل التقليل من تأثيرها على حياتنا. وقد شهدنا بالفعل عددًا من الظواهر المناخية الخطيرة، مثل التغيرات الجوية المتطرفة، من حرارة شديدة إلى برودة شديدة، ومن جفاف شديد إلى سيول وأمطار غزيرة، لها تأثير كبير على صحة الإنسان والنبات، والأمن الغذائي، وكمية المياه المتوفرة.

وعن جهود مصر فى مكافحة التغيرات المناخية، أكد «سرحان» أن مصر بالفعل تحولت منذ عدة سنوات إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، وكذلك إلى الاقتصاد الأخضر منخفض الكربون، وفقًا لوثيقة المساهمات المحددة وطنيًا التى تراعى البنود المنصوص عليها فى اتفاقية باريس للمناخ 2015. أما الإجراءات الحمائية، فعلى سبيل المثال، طبقًا للسيناريوهات المختلفة الموضوعة من قِبل الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، فإنه إذا ارتفع مستوى سطح البحر الأبيض المتوسط، ستجتاح المياه أجزاء من الدلتا المصرية. وبناءً على ذلك، بدأت وزارة الرى والموارد المائية منذ عدة سنوات إقامة مصدّات وحواجز لهذه المياه، حتى لا تخترق الداخل وتؤثر على المنشآت والبنية الأساسية والزراعات، إلى آخره. كذلك بدأت مصر تستنبط سلالات جديدة قادرة على تحمل تبعات التغيرات المناخية، من الصمود فى ملوحة أعلى، وفى الوقت نفسه تحمل الجفاف، وتحمل شدة المياه فى حالة وجود سيول. ومصر لا تزيد انبعاثاتها فى كل الأحوال على 0.7 فى المائة، وهى نسبة قليلة مقارنةً بالنسبة الكلية لانبعاثات الدول الأخرى، خاصة الصناعية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة