رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الاستثمار العقاري..بين حصار «الفائدة» وتأخر «التمويل»


19-4-2025 | 22:00

السوق العقاري المصرى

طباعة
تقرير: راندا طارق

يواجه السوق العقارى المصرى ضغوطًا متزايدة فى ظل ارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف البناء، ما انعكس سلبًا على قدرة الشركات العقارية على التوسع وتنفيذ مشروعاتها ضمن الجداول الزمنية المحددة، ورغم ما يتمتع به القطاع العقارى من أهمية كركيزة أساسية للنمو الاقتصادى، لدوره فى توفير فرص عمل وتحريك قطاعات إنتاجية وتجارية متعددة، فإن محدودية خيارات التمويل المتاحة لا تزال تقيّد انطلاقته، وتبطئ من وتيرة نموه بالشكل الذى يتوافق مع طموحات السوق.

 

تلك التحديات كانت محور النسخة الثانية من مؤتمر «The Investor.. Real Estate»، الذى ناقش أبرز العقبات التى تواجه السوق، وطرح عددًا من المبادرات والحلول التمويلية الممكنة

وعن تلك العقبات، قال المهندس خالد صديق، رئيس صندوق التنمية الحضرية، خلال كلمته بالمؤتمر: إن الصندوق أصبح أكبر مطور عقارى فى المحافظات، حيث نجح فى تنفيذ 100 ألف وحدة سكنية داخل المدن، ويستهدف الوصول إلى 500 ألف وحدة.. فى حين أوضح أن أبرز التحديات الراهنة تتمثل فى ارتفاع أسعار الأراضى والخامات، بالإضافة إلى طبيعة التمويل العقارى فى مصر، والذى يتم غالبا بعد تنفيذ المشروع، خلافا لما هو متبع عالميا حيث يبدأ التمويل قبل بدء التنفيذ.

 

أما المهندس عبدالله سلام، الرئيس التنفيذى لشركة مدينة مصر للإسكان والتعمير، فأشار إلى أن المطورين باتوا يتحملون دور البنوك فى تمويل العملاء، وهو ما يشكل عبئا كبيرا ويجعلهم أكثر عرضة للمخاطر، مطالبا البنوك بأداء دورها التمويلى، بما يُمكن المطورين من التركيز على مهامهم الأساسية فى البناء والتنمية، ويساعد فى تحقيق رؤية الدولة فى مضاعفة الرقعة العمرانية من 7 فى المائة إلى 14 فى المائة.

حملت الجلسة الأولى من المؤتمر عنوان «التمويل البنكى.. عقبة أمام انطلاق العقار المصرى»، حيث ناقشت عددًا من المحاور الرئيسية التى تمس واقع القطاع العقاري، أبرزها تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على السوق، والعقبات التى تواجه تمويل الوحدات قيد الإنشاء، بالإضافة إلى سبل تعظيم الاستفادة من أدوات التمويل العقارى فى دعم حركة السوق والمشروعات القومية.

 

وشارك فى الجلسة مجموعة من أبرز قيادات القطاع المصرفى والعقارى، من بينهم محمد الإتربى الرئيس التنفيذى للبنك الأهلى المصرى، وأحمد عيسى نائب رئيس بنك مصر، وعاكف المغربى الرئيس التنفيذى لبنك قناة السويس، والمهندس أحمد العدوى الرئيس التنفيذى لشركة إنرشيا.

 

وفى هذا السياق، أوضح الدكتور إسلام عزام، نائب رئيس هيئة الرقابة المالية، أن القطاع العقارى يسهم بنسبة 20 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالي، ويوفر نحو 14 فى المائة من حجم العمالة فى مصر، مما يجعله من أكثر القطاعات أهمية.

 

مؤكدا أن الهيئة توفر آليات تمويل متعددة، مثل التأجير التمويلى الذى بلغ حجمه 120 مليار جنيه، بجانب شركات التخصيم والتوريق التى تسهم فى دعم السيولة للمطورين.

 

كما أشار إلى أن الهيئة وضعت ضوابط جديدة تسمح لشركات التمويل العقارى بشراء المحافظ بشكل جزئى ما يوفر سيولة كبيرة، موضحا أن حجم الصكوك والتوريق فى السوق بلغ نحو 55 مليار جنيه.

 

ومن جهته، أكد المهندس هشام شكرى، رئيس المجلس التصديرى للعقار، ضرورة حصر وتسجيل الثروة العقارية فى مصر ضمن منظومة موحدة، لضمان التقييم الدقيق وإمكانية التسويق داخليا وخارجيا.

 

وأضاف أن تراجع الفائدة يمكن أن يكون محفزًا كبيرًا للسوق، مشددا على أهمية التحول إلى نماذج تمويل عالمية مثل «التمويل قبل البيع»، لتقليل الضغوط على المطورين وضمان استمرارية المشروعات.

 

كما شدد على ضرورة وجود جهة رقابية تنظم العلاقة بين الدولة والمطوّر والعميل والمسوّق، خاصة فى ظل وجود استثمارات خليجية ضخمة دخلت السوق مؤخرا، ما يستدعى بنية تنظيمية قوية تضمن استدامة النجاح.

 

وبعنوان «فجوة كبيرة بين القدرات والأسعار»، أوضح المهندس أحمد صبور، أمين عام مؤتمرات «The Investor»، أن التمويل العقارى لا يتجاوز 2 فى المائة من حجم المعاملات فى مصر، مقارنة بـ99 فى المائة فى أوروبا.

 

ولفت إلى أن الفجوة بين أسعار الوحدات وقدرات العملاء تتسع فى ظل التضخم وارتفاع الفوائد، ما يجعل التمويل العقارى عنصرًا حاسمًا فى تحريك السوق.

 

ورغم الطلب السنوى الذى يقترب من مليون وحدة، والعجز المتراكم الذى يصل إلى 4 ملايين وحدة، فإن صعوبة الوصول إلى الائتمان تقيّد توسع الشركات وتحدّ من قدرتها على دعم خطط الدولة التنموية.

 

وبعد يوم حافل بالنقاشات والجلسات المتخصصة، اختتم المؤتمر أعماله بعدد من التوصيات الجوهرية التى رآها المشاركون ضرورية لإنقاذ السوق العقارى ودفعه نحو مسار أكثر استقرارا واستدامة؛ منها: تعديل قانون التمويل العقارى الصادر منذ 25 عامًا، لمواكبة التغيرات التى شهدها السوق، وخفض سعر الفائدة البنكية، وتيسير إجراءات الحصول على الائتمان العقارى، إضافة إلى تقديم حزم مالية وضريبية لتيسير أعمال المطورين ودعم السوق، وتذليل عقبات تنفيذ الرقم القومى للعقار وتسهيل إجراءات التسجيل العقارى، وأيضا التعاقد مع «بروكرز» ومحامين دوليين لدعم تصدير العقار المصرى، على غرار التجربة التركية، وإزالة العقبات الضريبية أمام الصناديق العقارية لتسهيل تدفق الاستثمارات، إضافة إلى الاعتماد على نموذج «Project Finance» للحدّ من مخاطر ارتفاع التكلفة، تقديم حوافز حكومية للمشروعات الخضراء والمستدامة لتواكب التحول العالمى فى نمط الطلب، وتوفير قواعد بيانات واضحة للمستثمرين الأجانب حول فرص الاستثمار العقارى فى مصر، وتفعيل البورصة العقارية وإنشاء دوائر قضائية متخصصة للمنازعات العقارية، وإنشاء منصات إلكترونية متعددة اللغات لتسويق مصر سياحيا وعقاريا عالميا، وأخيرا استحداث جهة منظمة لأطراف السوق العقارى، مطورين، ومسوقين، وعملاء، لضبط العلاقات وتحقيق الشفافية.

أخبار الساعة