رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

فكر جديد


24-4-2025 | 17:11

.

طباعة
بقلم : الدكتور صلاح سلام

 

عندما تولى د. كمال الجنزورى -رحمه الله- رئاسة الوزراء عام 1996 أطلق ما يسمى المشروع القومى لتنمية سيناء، وكان محوره الرئيسى زراعة أكثر من مليون فدان على ترعة السلام التى كان مخططًا لها أن تصل إلى منطقة السر والقوارير شرق العريش، وبالتالى جذب 5 ملايين نسمة خلال 17 عاما، وهو المدى الزمنى للمشروع، وذهبت حكومة الجنزورى الناجحة فى أوج تألقها، ولم نعرف السبب، وتاه المشروع القومى فى أزقة الحكومات المتعاقبة.

سيناء أصبحت فى ذيل الاهتمامات خلال العقود الماضية، وكانت النتيجة المتوقعة أن ترعرعت فيها جماعات تعشق ثقافة الموت وتكفّر وتقتل وتعيث فى الأرض فسادا، ووجدت المجال الأكثر خصوبة عندما اندلعت ثورة يناير حيث السيولة الأمنية، وشد أزرها النظام الإخوانى الذى سيطر على مقدّرات الحكم، فاجتمعت كل قوى الشر من كل حدب وصوب فى الأرض المقدسة، وحملوا السلاح ضد الدولة، وعندما استعاد الشعب دولته فى 30 يونيو 2013 وتكرار الأحداث، وراح ضحية العمليات الإرهابية الآلاف من خيرة شباب الوطن من الأهالى والشرطة والجيش وبعد عشرية سوداء من السنين، شاء رب العزة أن تتطهر سيناء من دنس تلك الفئة المارقة، ومَن كان يدعمها ويواليها، ويستقبل مطار العريش الذى كان فى مرمى صواريخ الكورنيت التى حاولت اغتيال اثنين من الوزراء من قبل باستهداف طائرتهما... ها هو رئيس أكبر دولة أوروبية على أرضه تسبقه طائرة رئيس الجمهورية ليكون فى استقباله ويصطف آلاف الجماهير من كل أنحاء مصر من المطار حتى وسط مدينة العريش... ولن أحصى كمّ الرسائل التى حققتها الزيارة، ولكن ما أودّ أن أقوله إن زرع سيناء بالبشر يجب أن يكون هو المشروع القومى لمصر كلها، حكومة وشعبًا، ويجب تغيير المفاهيم والقوانين واللوائح التى تعوق ذلك، لأنها طالما ظلت صحراء فستبقى الأطماع الخارجية لتحقيق مخطط برنارد لويس وإيجورا أيلاند لخلق وطن بديل للفلسطينيين، ولكى نحبط كل المخططات يجب علينا استنفار كل القوى الوطنية والرأسمالية لضخّ الاستثمارات وبناء المصانع وتشييد المدن، فالكثافة السكانية أكبر حائط صد ضد أى طامع، فكل الترسانة الإسرائيلية التى تدعمها أكبر دولة فى العالم عجزت أن تحقق نصرًا كاملًا فى غزة نظرا للكثافة السكانية وليس فقط لوجود مقاومة... والآن وبعد فتح شرايين الحياة بالأنفاق تحت قناة السويس والتى تعد أكبر إنجاز تحقق فى السنوات العشر الماضية بفكر خارج الصندوق يستحق الإشادة فقد أصبح الوصول إلى سيناء أقرب من حبل الوريد، وعندما أتحدث عن سيناء يجب أن نعرف أن هناك مساحة 61 ألف كم2، وليس شرم الشيخ ولا المنشآت السياحية... نعم هناك جهد من القوات المسلحة فى إنشاء 17 تجمعا سكانيا عمرانيا زراعيا، بدأت الحياة تدبّ فى أركانها، ولكنى كلى أمل وبعد مرور أكثر من أربعة عقود ونيف على تحرير سيناء أن تكون مقصدا لكل سكان الدلتا التى اكتظت بأهلها، ولعل مَن يرى قطعان الماشية والمساحات الخضراء بعد أن يعبر القناة والتى كانت نتاج أيدى السمر الشداد الذين وفدوا من كل محافظات مصر، فصنعوا ملحمة على جانبى ترعة السلام -لهو دليل على أن هذه الأرض تعطى لمَن يهبها عرقه وجهده. الآن هناك بنية تحتية وشبكة طرق شيّدتها أيدى الرجال وحكمة القيادة برغم سنوات الإرهاب السوداء، فقد كانت هناك يد تبنى ويد تحمل السلاح. علينا الآن -وليس غدا- قرع أجراس الخطر الداهم لإحباط كل الأوهام والأحلام، ليس بالشعارات فقط ولكن بالعمل الجاد، أدعو كل غيور على وطنه وأرضه وعرضه أن يضع سيناء فى القلب والعقل.. مزيد من التسهيلات والإعفاءات الضريبية لمَن يبنى مصنعا بل واستيراد معداته بلا جمارك ومنح أراضى المناطق الصناعية مجانا.. أثق تماما فى فكر الرئيس وحكمته وصبره وقوته فى نفس الوقت، ولكن الفكر يريد أدوات تنفيذ، وجموعا تبنى، وآلية لتحقيق ذلك الفكر، وجعله واقعا على الأرض.. أتمنى أن تكون هناك وزارة لتنمية سيناء وليس هيئة ولا جهازا.. أريدها حاضرة على طاولة مجلس الوزراء كل أربعاء، تقدم ما تحقق، وتذلل العقبات لما تريد إنجازه وتضع خطة خمسية حتى 2030 تكون قد حققت فيها بعضا من أحلامنا، وأحبطت فيها كل مخططات الطامعين، وإلى ذلك الحين سلام لكم وعليكم من الأرض المقدسة التى تجلّى عليها رب العزة دون بقاع الأرض

أخبار الساعة