رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

شبح الحرب الأهلية يظهر فى إسرائيل رئيس الشاباك ونتنياهو أمام المحكمة العليا


4-5-2025 | 14:31

.

طباعة
تقرير: دعاء رفعت

فيما تتجه أنظار الإسرائيليين إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية فى حسم الصراع الدستورى بين رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، ورئيس جهاز الشاباك رونين بار، يتكهن البعض بتعقيد الوضع المتفجر بالفعل، وفى أعقاب إفادته أمام المحكمة وتأكيده بأن قرار فصله من جهاز الأمن العام كان لأسباب شخصية تتعلق بمستقبل نتنياهو، فيما يبدو وكأنه صراع دستورى عميق قد يهدد إسرائيل بشبح الحرب الأهلية.

بدأت الأزمة الدستورية فى 21 مارس، حين صوتت حكومة نتنياهو، على قرار إقالة بار، فى خطوة هى الأولى من نوعها، فلم يسبق فى تاريخ إسرائيل وتمت إقالة جهاز الأمن العام، ولهذا انتفضت المعارضة وقدمت عدة التماسات إلى المحكمة العليا الإسرائيلية التى أصدرت أمرًا مؤقتًا بتجميد قرار الإقالة، وفيما قدمت الحكومة الإسرائيلية ردها للمحكمة العليا، رافضة الالتماسات ضد قرار الإقالة. وأكدت أن القرار قانونى واتخذ بالإجماع خلال جلسة رسمية للحكومة، مشيرة إلى أن الشاباك يقع ضمن المسئولية الأمنية المباشرة للحكومة، رفضت المحكمة العليا طلب نتنياهو بإلغاء تجميد الإقالة، لكنها سمحت له بإجراء مقابلات مع مرشحين جدد لمنصب رئيس الشاباك. وفى الثامن من أبريل الجاري، عقدت المحكمة العليا جلسة للنظر فى الالتماسات ضد قرار الإقالة. الجلسة شهدت توترًا وفوضى، وقدم خلالها بار، وثائق وأدلة على نية نتنياهو، فى إقالته لأسباب شخصية. وبينما تسببت القضية فى العديد من التظاهرات المناهضة للحكومة والداعمة لرئيس الشاباك، سيصعب على المحكمة تجنب البت فى المسائل الجوهرية للقضية، مما قد يُدخل الحكومة والقضاء فى صراع مباشر.

فى تعليقه على القضية لـ«المصور»، أوضح الدكتور خليل أبوكرش، الباحث الفلسطينى والمختص بالشأن الإسرائيلي، أنه بموجب القانون الإسرائيلى يتسنى للحكومة تعيين أو إقالة رئيس الشاباك، إلا أن تلك الأزمة تتمحور حول أزمة الثقة بين الحكومة والجهاز الذى عارض الإصلاحات القضائية لنتنياهو، قبل أحداث السابع من أكتوبر، وفيما يحاول نتنياهو، تقويض الأجهزة الأمنية لفرض روايته الأمنية لما حدث فى السابع من أكتوبر، تمتد أزمة الثقة إلى الآن، إذ يدعم الشاباك بقيادة بار، إبرام صفقة لوقف إطلاق النار واستعادة الرهائن، بينما تصطدم تلك الصفقة مع الحسابات السياسية لرئيس الحكومة. وأضاف أبو كرش: «هذا الخلاف يدور حول من يروى أحداث السابع من أكتوبر بطريقة يخلدها التاريخ وما يريده نتنياهو، هو إقصاء أى جهة لا تتوافق مع روايته لكى لا يتحمل المسئولية»، مشيرًا إلى أن القضية الأخرى فى أزمة الثقة هى تورط مساعدى نتنياهو، فى قضية «قطر جيت» وهى قضية حساسة وتشكل خلافًا جوهريًا بين اليمين بقيادة نتنياهو، الذى يرى أن تلك التحقيقات سياسية، بينما يراها الشاباك بأنها تحقيقات مهنية، وهو ما يأخذنا إلى نقطة الخلاف الثالثة، وهى انتماء الشاباك إلى الدولة العميقة والتى تواجه اليمين المتطرف وأيديولوجية الدولة الدينية.

وفى إشارة إلى عمق الأزمة الدستورية التى تقع بها إسرائيل، كشف أبو كرش، أن الإفادة التى قدمها بار، وهى شهادة مكتوبة فيما يقرب من ثمانى صفحات، تؤكد تكليف الشاباك – بشكل غير قانونى – لمراقبة أشخاص يتزعمون المظاهرات ضد نتنياهو، فى الشارع الإسرائيلي، هذا إلى جانب تحريض نتنياهو لجهاز الأمن العام بالوقوف مع الحكومة ضد المحكمة فى حال وقعت أزمة دستورية.

علاوة على ذلك يحاول نتنياهو، جاهدًا تحميل الأجهزة الأمنية مسئولية أحداث السابع من أكتوبر، ومنع الشاباك من ملاحقة المستوطنين المتطرفين بسبب أعمالهم التخريبية فى الضفة الغربية، وجميعها أزمات تعمق الخلاف بين المؤسسة الحكومية والأجهزة الأمنية، مما يشعل الرأى العام الإسرائيلى ويقوض ديمقراطية إسرائيل وهو ما يضع نتنياهو وحكومته أمام غضب شعبى قد يتطور إلى حرب أهلية.

وفى حديثه لـ«لمصور»، أكد الدكتور يحيى عبد الله أستاذ الدراسات الإسرائيلية بآداب المنصورة، بأن تلك القضية خطيرة واصفًا إياها بالقشة التى تقسم ظهر نتنياهو، مشيرًا إلى أن الخلاف توسع حينما كشف بار، عن قضية «قطر جيت» بشكل علنى والمتهمين بها أقرب مستشارى رئيس الحكومة، وهو الأمر الذى فجر الأزمة بين الحكومة وبين جهاز الأمن العام؛ ليخرج نتنياهو، ويعلن فقدان الثقة فى رئيس الجهاز الذى امتدحه على مدار 18 شهرًا. فيما أشار إلى أن القضية الأخرى التى أزعجت نتنياهو، بشكل كبير، هو مطالبة بار، بتشكيل لجنة تحقيق رسمية فى أحداث السابع من أكتوبر، وهو ما يرفضه رئيس الوزراء ويتهرب منه مرارًا وتكرارًا. وأضاف عبد الله قائلًا: «بالرغم من تصريح بار، بأنه سيقدم استقالته فى حال أثبتت التحقيقات تقصير جهاز الشاباك فى أحداث السابع من أكتوبر، إلا أنه أدان المستوى السياسى فى إسرائيل، مصرحًا بأن نتنياهو دعم حماس ضد السلطة الفلسطينية، وأن جهاز الأمن العام حذر كثيرًا من احتمالية هجوم حماس على إسرائيل وهو ما قُوبل من قبل نتنياهو بالتجاهل».

وحول إفادة بار، السرية خلال جلسة الاستماع والتى تم الكشف عنها من خلال سرد المحللين السياسيين لما يحدث داخل أروقة المحكمة الإسرائيلية، يصفها عبد الله، بأنها قد تكون سرديات أكثر خطورة مما تم الإعلان عنه، وهى عبارة عن إفادة مكونة مما يقرب من ثلاثين صفحة وحوالى ثلاثة ملاحق معززة بوثائق وأدلة دامغة ضد رئيس الحكومة الذى يرغب فى قص أجنحة الأجهزة والمؤسسات، فيما يُعرف باحتواء الدولة العميقة أو سياسة تقويض «حراس العتبة» وهم الهيئة القضائية والمحكمة العليا والمستشار القضائى للحكومة والنيابة العامة – وفى إسرائيل – جهاز الشاباك وكل من له تأثير خارج الحكومة، والخلاف بين بار، ورئيس الحكومة ما هو إلا وجه واحد من حركة واسعة النطاق لتغير الاستراتيجية السياسية فى إسرائيل التى تشهد تصاعدا كبيرا لليمين فى مقابل المعارضة الهشة. ويبقى السؤال هنا، ماذا ستقرر المحكمة العليا؟ وما إذا كانت ستُبقى على بار، فى منصبه بقرار قضائى وهو ما سيقابله نتنياهو، بإصرار على الإقالة، وهنا ستدخل إسرائيل فى أزمة دستورية كبيرة، أم ستأخذ بإفادة رئيس جهاز الأمن العام، وتدخل فى صراع مباشر مع الحكومة، أم ستتبنى حلا وسطا لتفادى الدخول فى صراع قد يشعل الداخل الإسرائيلى ويجر إسرائيل إلى حرب أهلية كبرى.