رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

فلاحو القليوبية: «بنحصد دهب»


23-5-2025 | 16:45

موسم الحصاد في القليوبية

طباعة
تقرير: محمد زيدان

فى الثامنة والنصف صباحاً، من واقع أحد الأيام التى تغمرها شمس مايو، كان موعدى مع المهندس محمد أمين، وكيل وزارة الزراعة بمحافظة القليوبية، للوقوف على تفاصيل موسم حصاد القمح، ذلك المحصول الاستراتيجى، الذى يلامس قضية الأمن الغذائى فى مصر

ونحن نتجه إلى حقول القمح بمركز كفر شكر برفقة المهندسين الزراعيين قال المهندس محمد أمين وكيل وزارة الزراعة، ان محافظة القليوبية تشهد موسماً متميزًا لمحصول القمح هذا العام (2024-2025)، حيث بذلت مديرية الزراعة جهودًا كبيرة لدعم المزارعين وزيادة الإنتاجية، خاصة أنه أحد المحاصيل الاستراتيجية التى تعتمد عليها الدولة لتأمين الغذاء، المساحة المنزرعة بمحافظة القليوبية (38455 فدانا )، حيث تم التواصل مع المزارعين على مدار الموسم لتقديم كافة أنواع الدعم لهم وذلك للوصول إلى أعلى إنتاجية من محصول القمح.

وأضاف «أمين» أن مديرية زراعة القليوبية وفرت التقاوى المعتمدة للمزارعين عبر الجمعيات الزراعية المنتشرة بجميع مراكز المحافظة، مع التوصية بالالتزام بالسياسة الصنفية التى تتناسب مع طبيعة التربة والمناخ المحلى فى زراعة أصناف (جيزة 171- مصر 3 - مصر 4 - سخا 95 - سدس 14 سدس 15)، الذى يمتاز بالإنتاجية العالية والمناسبة لأجواء المحافظة.. وفى إطار مشروع ترشيد استخدام المياه، تم توفير الستارات الزراعية لزراعة القمح على مصاطب، وهى طريقة حديثة أثبتت قدرتها على تقليل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 30 فى المائة، وتم تقديمها للمزارعين بأسعار رمزية، كما تم استخدام تقنية التسوية بالليزر للأراضى، حيث جرى تسوية 400 فدان ضمن مشروع ترشيد استخدام المياه، مما ساعد فى تحسين توزيع المياه وزيادة كفاءة استخدام الأسمدة.

 

ولفت وكيل وزارة الزراعة أنه تم إتاحة الأسمدة المدعمة للمزارعين من خلال الجمعيات الزراعية، إلى جانب مبيدات الحشائش العريضة والرفيعة لمكافحة الآفات التى تهدد المحصول.

 

وعن كمية الحصاد حتى الآن، أجاب «أمين»، أنه تم حصاد 36,500 فدان من إجمالى المساحة المنزرعة، وبلغت الكمية الموردة من القمح إلى الصوامع والشون نحو 548,930,975 طنا، ما يعكس نجاح الجهود المبذولة فى تحقيق إنتاج وفير من هذا المحصول الاستراتيجي.

سألته عن سعر توريد القمح، فقال إن الحكومة حددت سعراً عادلًا لتوريد القمح هذا الموسم، حيث تم اعتماد 2200 جنيه للأردب زنة 150 كيلو بدرجة نظافة 23.5 قيراط، و2150 جنيهاً لدرجة نظافة 23 قيراطا، و2100 جنيه لدرجة نظافة 22.5 قيراط، وذلك فى إطار حرص الدولة على دعم الفلاح وتحقيق التوازن بين تكلفة الإنتاج والعائد، حيث يتم صرف مستحقات الفلاحين خلال 48 ساعة فقط من التوريد إلى الصوامع والشون، ما يمنح المزارع سيولة مالية سريعة لاستكمال أنشطته الزراعية.

 

وعند حافة حقل واسع فى أقصى مدينة كفر شكر بالقليوبية، وسنابل القمح الذهبية تمتلئ فى جميع أرجاء المنطقة ألتقينا «أحمد جودة « رجل فى نهاية العقد السادس من عمره، يمسك سنبلة قمح بيده المليئة بتشققات الزمن، يقف وسط أرضه بثوب مترب ونظرة فخر فى عينيه، قائلا «أهلًا وسهلاً بكم فى أرضكم».. وبسؤاله عن أنواع زراعة القمح، قال «أنا دايماً بختار الأصناف اللى بتناسب مع أرضى ومناخ بلدى»، زى جيزة 171 التى أمامكم الآن، لأنها تتحمل الحرارة والرطوبة وتأتى بإنتاجية عالية، مؤكداً أنه يستشير المهندسين الزراعيين حتى لا يخطئ فى الاختيار، معلقاً: (التربة هنا تنجب الذهب) - بحسب تعبيره البسيط.

وأضاف «أحمد جودة» أن الفلاح الشاطر يزرع فى الميعاد السليم (من 10 نوفمبر لـ20 نوفمبر)، ويحافظ على رى المحاياة (الرى الأول بعد 21 يوما من الزراعة)، ويتجنب الإفراط فى السقى حتى لا يضعف الجذور، يوجد بعض المزارعين يتأخرون فى زراعة القمح إلى منتصف شهر ديسمبر، وذلك بسبب زراعة محصول «الجزر»، فيقوم بزراعة أصناف «السخا»، لأنها مبكرة فى النضج عن أصناف جيزة 171.

 

وأشار «عم جودة»- وهو يقلب بيده سنبلة ناضجة من القمح، الفلاح الشاطر بيقضى على الحشائش من بدرى، ويستخدم المبيدات الموصى بيها من مركز البحوث الزراعية، وأنا دائم الحضور فى الندوات الإرشادية التى توفرها الوزارة باستمرار، حتى أكون على علم بكل جديد فى الزراعة، «ما فيش فلاح دلوقتى بيشترى تقاوى مش معتمدة، دى مخاطرة كبيرة، أنا دايماً باخد التقاوى من الجمعيات الزراعية أو من أماكن موثوقة، وبفحصها كويس قبل الزراعة، عشان أتأكد إنها خالية من الأمراض»، حسبما علق.

وفى قلب الحقل، التقيت «أسامة محمد»، عامل موسمى يبلغ من العمر 36 عاماً، كان يحمل شوالًا صغيراً من القمح، وعرق التعب واضح على جبينه.. وهنا قال بصوت هادئ رغم صخب الآلات: «إحنا بنشتغل من الفجر، الشغل صعب بس لازم نكافح، بس ده موسم خير، وبنستنى السنة كلها عشان نشتغل فيه، نفسى الدولة تهتم بينا أكتر، خصوصاً فى التأمين الصحى والعمل الموسمى».

 

مشيراً إلى أن الفلاح والتربة والقمح «كنز» يحتاج من يحافظ عليه.

 

ومع بداية غروب الشمس خلف سنابل القمح فى حقول مدينة كفر شكر بالقليوبية، كان صوت الآلات يخفت تدريجياً، بينما العمال ينهون يومهم الطويل بين التعب والرضا، وجوههم سمراء، أياديهم مشققة، لكن أعينهم تلمع بأمل موسمى متجدد، فى تلك اللحظة، بدا واضحاً أن قصة القمح فى مصر لا تروى فقط بالأرقام والإنتاجية، بل تكتب بالعرق، وبالصبر، وبحب الأرض.. وفى ظل جهود الدولة ومحافظة القليوبية، لتحسين منظومة الزراعة، يبقى الفلاح فى قلب المعادلة، يزرع الأمل سنبلة سنبلة،

ويحصد خيرا للوطن.

 

 

أخبار الساعة