رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«جائزة الدولة للمبدع الصغير».. مشروع ثقافى رائد فى الجمهورية الجديدة.. " أطفال مصر يُبدعون"


24-5-2025 | 01:48

.

طباعة
تقرير: أشرف التعلبى

اهتمام كبير تُوليه الدولة المصرية ببناء الإنسان منذ الصغر، باعتبار الطفل هو النواة الأولى للمستقبل، ومن بين أبرز هذه المبادرات والأنشطة، تأتى «جائزة الدولة للمبدع الصغير»، التى تمنح تحت رعاية السيدة الفاضلة انتصار السيسى، حرم رئيس الجمهورية، والتى تنظمها وزارة الثقافة، وهى خطوة غير مسبوقة فى منطقة الشرق الأوسط لتكريم إبداعات الأطفال فى مجالات الأدب والفنون والعلوم.

هذه الجائزة، التى انطلقت فى دورتها الأولى منذ خمس سنوات، لم تكن مجرد مسابقة عابرة، بل أصبحت منصةً حقيقيةً لاكتشاف المواهب الواعدة، ورعاية جيل جديد من المفكرين والمبدعين، ومع الإعلان عن أسماء الفائزين فى دورتها الخامسة، يتأكد مرة أخرى أن مصر تمتلك ثروةً بشريةً هائلةً من الأطفال الموهوبين الذين يستحقون الدعم والتقدير، وأن الاستثمار فى إبداع الطفل هو استثمار فى مستقبل الوطن بأسره.

 

الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، أكد على أن الجائزة هى واحدة من أبرز المبادرات الثقافية التى تُجسد رؤية الجمهورية الجديدة فى تمكين الأطفال والنشء وتكريس مفهوم العدالة الثقافية.

موضحًا أن الإقبال الكبير من الأطفال على الترشح يعكس وعيًا متزايدًا لدى الأسر المصرية بأهمية دعم الإبداع فى مراحل عمرية مبكرة.. وبلغ إجمالى عدد المتقدمين للجائزة هذا العام 6570 مشاركًا، من بينهم 4262 من الإناث و2308 من الذكور، يمثلون مختلف محافظات الجمهورية، بالإضافة إلى مشاركات من 9 دول عربية وأجنبية، أبرزها السعودية، الكويت، كندا، والولايات المتحدة الأمريكية.

وتصدرت محافظة أسيوط عدد المتقدمين بإجمالى 1116 مشاركًا، تلتها القاهرة بـ779، ثم الإسكندرية بـ487، ما يعكس امتداد أثر الجائزة ونجاحها فى الوصول إلى الفئات المستهدفة فى الحضر والريف على حد سواء.

وشهدت الدورة الخامسة مشاركة واسعة فى فروع الجائزة المختلفة، حيث جاء فرع الرسم فى مقدمة التخصصات بـ3438 مشاركة، تلاه فرع القصة بـ751 مشاركة، ثم الشعر بـ428، والغناء بـ604، والابتكارات العلمية بـ500، والتطبيقات والمواقع الإلكترونية بـ566، ما يعكس تنوع اهتمامات الأطفال وتفوقهم فى مجالات الإبداع المختلفة.

فاز فى فرع القصة الطفل عبدالرحمن يوسف من الغربية، وليزا شريف من الجيزة، وأبانوب جورج من الدقهلية، ويوستينا بشاى من أسيوط.. وفى فرع الشعر فاز كلٌ من همسة أيمن بدوى من دمياط، وأحمد رمضان من الدقهلية، وعبدالرحمن مصطفى من الإسكندرية، وهاجر أشرف من دمياط. كما فاز فى فرع التأليف المسرحى جنا الدكتور خلف الله عبدالحميد من سوهاج، وعمر وائل مصباح الدقهلية، وآية وليد عرفان من دمياط، ولمى أحمد كمال من القليوبية.

أما فى فرع الرسم فقد فازت آية محسن من أسوان، وخالد حسن شحات من الدقهلية، ومريم خالد حسن من القاهرة، ورودينة ممدوح.. وفى فرع العزف فازت لارا محمد عبدالجيد من القاهرة، ومصطفى محمد من الجيزة، ومالك محمد شحاتة، ويوسف أشرف من الجيزة.

وفى فرع الغناء فاز كلٌ من فريدة إسلام سيد من القاهرة، وفياض أحمد فياض من الجيزة، وعائشة محمد إبراهيم من الشرقية، وفاروق محمد فاروق من الجيزة.

بينها فاز فى فرع التطبيقات والمواقع الإلكترونية كلا من حمزة محمدالسيد من البحيرة، ورامى فادى صبرى من الدقهلية، وإسراء بدوى من القاهرة، ومارك ألبير بطرس من القاهرة. 

أما فى الابتكارات العلمية فقد فاز بها أنطونى مينا ينى عطا من سوهاج، ومريم أحمد سيد من الأقصر، ويوسف محمد على من الدقهلية، وملك أمين عادل من المنوفية، وهناء خالد حسن من المنوفية.

عن أهمية الجائزة وتأثيرها يقول الكاتب محمد عبدالحافظ ناصف، نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، وأحد المنظمين للجائزة، إن الطفل المصرى يشهد اهتمامًا غير مسبوق فى ظل الجمهورية الجديدة، حيث تُبذل جهود ملموسة فى مجالات التعليم، والصحة، والثقافة، والرياضة، بهدف إعداد جيل قادر على الابتكار ومواكبة تطورات العصر.

وتأتى «جائزة الدولة للمبدع الصغير» كأحد أعظم إنجازات الدولة المصرية، إذ تُعد سابقة فريدة فى المنطقة، فلم تطلق أى دولة فى الوطن العربى أو منطقة الشرق الأوسط جائزة دولة بهذا المستوى مخصصة للأطفال، فغالبًا ما تقتصر جوائز الدولة على كبار المبدعين، أما أن تُخصص جائزة بحجم وقيمة كهذه للأطفال، فهذا يعكس مدى اهتمام القيادة السياسية ببناء مستقبل حقيقى من خلال رعاية الطفولة.

وأثمرت هذه الجائزة، خلال السنوات الخمس الماضية، عن بروز ما يقرب من 150 موهبة واعدة فى مجالات الشعر، والقصة، والموسيقى، والابتكار. هؤلاء الفائزون، إلى جانب مَن وصلوا إلى القوائم القصيرة، يشكلون نواةً لجيل جديد من كبار المبدعين فى المستقبل، ومن الأمثلة البارزة على ذلك، الطفل عبدالرحمن محمد، الذى يتوقع له أن يكون من كبار كتاب المسرح مستقبلاً، نظرًا لما يقدمه من كتابات رغم صغر سنه، وينطبق هذا النموذج على الكثير من الأطفال فى القصة والرسم الابتكار.

ويتمنى نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، الإسراع بإطلاق قناة تلفزيونية مخصصة للأطفال، إلى جانب إنشاء شركة إنتاج تهتم بثقافة وفنون الطفل، بما يسهم فى تنشئة جيل متكامل ثقافيًا وفنيًا، ويكتمل مشروع بناء الطفل المصرى بشكل شامل.

واتفق معه فى الراى الكاتب أحمد عبدالعليم، رئيس المركز القومى لثقافة الطفل، على أن هناك اهتمامًا كبيرًا من جانب وزارة الثقافة بأدب وثقافة الطفل، خاصة منذ إطلاق مبادرة التنمية البشرية «بداية» برئاسة نائب رئيس الوزراء الدكتور خالد عبدالغفار، حيث أصبح الطفل المصرى محورًا أساسيًا فى عملية بناء الإنسان، وتلعب وزارة الثقافة دوراً فاعلاً فى هذه المبادرة بالتعاون مع وزارات أخرى مثل الشباب والرياضة والتضامن الاجتماعى.

ويرى «عبدالعليم» أن اهتمام وزارة الثقافة بأدب الطفل ينقسم لجانبين متكاملين، أولهما العمل على أن يتلقى الطفل إنتاجًا أدبيًا جيدًا، وذلك من خلال تشجيع كبار المبدعين على الاستمرار فى الكتابة للأطفال، عبر تنظيم مسابقات مهمة مثل مسابقة رواية اليافعين، ومسابقة التأليف المسرحى، وكذلك من خلال لجنة فنون الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة التى أطلقت مسابقة لقصة الأطفال، أما الجانب الثانى، فهو تشجيع الأطفال أنفسهم على الإبداع الأدبى، وهذا ما يتحقق من خلال العديد من المسابقات، وعلى رأسها «جائزة الدولة للمبدع الصغير».

ولضمان استمرارية وفاعلية هذه الجائزة، تعمل الوزارة على تقديم رعاية متكاملة للمواهب قبل وبعد المشاركة، فقبل الجائزة، تنظم دورات وورش تدريبية متنوعة فى مجالات مثل الشعر، القصة، المسرح وغيرها، من خلال المركز القومى لثقافة الطفل وهيئة قصور الثقافة، أما بعد الجائزة فالرعاية لا تقتصر على الفائزين فقط، بل تشمل أيضًا الأطفال الذين وصلوا إلى القوائم القصيرة، وعددهم عشرة فى كل مجال، حيث يشاركون فى الأنشطة الثقافية التى تنظمها الوزارة بشكل منتظم.

ويوضح «عبدالعليم» أن القيمة المعنوية والمادية الكبيرة للجائزة ساهم فى زيادة وعى الأسر وأولياء الأمور، مما شجعهم على الاهتمام بتنمية قدرات أبنائهم فى مجالات الكتابة والرسم والموسيقى منذ الصغر، وأصبحت المشاركة فى الجائزة تمثل حلمًا حقيقيًا للأطفال، باعتبارها جائزة دولة رفيعة المستوى، ولا توجد جائزة مماثلة لها على مستوى الشرق الأوسط فى مجال ثقافة الطفل.

ومن اللافت أن محافظة أسيوط تتصدر دائمًا مرتبةً متقدمةً فى عدد المتقدمين للجائزة، ربما يرجع ذلك كما يرى «عبدالعليم» إلى وجود فرع إقليمى للثقافة فى محافظة أسيوط، إلى جانب قصور الثقافة ومكتبة مصر العامة، وهو ما يخلق بيئة محفزة للمشاركة، كما أن هناك توجهًا واضحًا لدعم بقية المحافظات لتحقيق نفس مستوى الإقبال والحماس الذى نشهده فى أسيوط.

كما تنفذ وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة التضامن مبادرة مهمة بعنوان «أنا موهوب»، يتم من خلالها زيارة أندية الطفل التابعة للتضامن، والعمل على تدريب الأطفال باستخدام منهج علمى لاكتشاف قدراتهم ومواهبهم من خلال اختبارات الذكاءات المتعددة، وبعد تحديد اهتماماتهم وميولهم، يتم توفير متخصصين وخبراء لتدريبهم وتنمية هذه القدرات، وقد بدأ تنفيذ هذه المبادرة فى محافظتى القاهرة والغربية، ومن المقرر التوسع بها إلى جميع المحافظات خلال الصيف المقبل، فى إطار خطة لاكتشاف ورعاية المواهب فى مختلف أنحاء الجمهورية.

وفى ذات السياق يقول الكاتب عبده الزراع، رئيس شعبة أدب الطفل باتحاد الكتاب، إن نجاح جائزة المبدع الصغير يكمن فى اكتشاف المواهب، لأنها جائزة مستحدثة من جوائز الدولة، مثلها مثل جائزة الدولة التشجيعية، وتحت رعاية السيدة انتصار السيسى حرم رئيس الجمهورية، ولأنها تعتبر أكبر جائزة مادية تُقدم للأطفال أنفسهم، فيتقدم لها عدد كبير من الأطفال على مستوى الجمهورية، فى شتى مجالات الإبداع المختلفة، فى الشعر، والقصة، والمسرح، والموسيقى، والرسم، والبرمجيات.. رغبةً فى الفوز بالجائزة، ولأنى أحد محكمى الجائزة منذ دورتها الأولى، لاحظت تزايد الأقبال على التقديم فى الجائزة، ويتم الفرز المبدئى للمتقدمين، ثم تحكيم المرحلة الأولى، ثم المرحلة الثانية التى يتم فيها مقابلة الأطفال الفائزين المتقدمين للجائزة، لمناقشتهم فى أعمالهم، ومَن ثَم، لا يفوز إلا مَن يستحق بالفعل، فالجائزة تساهم بشكل كبير فى تقديم الأطفال الموهوبين والمتميزين، وسوف يكونون هم مبدعو مصر الحقيقيين.

ويؤكد أن وجود أسيوط دائمًا فى مرتبة أولى فى الجائزة، يرجع إلى أن أسيوط هى قلب صعيد مصر، وبها زخم تاريخى وإبداعى، ويلعب قصر ثقافة أسيوط دورًا حيويًا ومهمًا على تنمية مواهب الأطفال الإبداعية والفنية، من خلال ورش الرسم، والحكى والكتابة، وفرق كورال الأطفال، والمسرح مزدهر جدًا فى أسيوط، وخاصة مسرح الطفل، سواء الشرائح أو نوادى مسرح الطفل، حيث يكون الطفل مشاركًا بنفسه فى التمثيل والغناء، وأحيانًا فى الديكور، والأزياء، والموسيقى خاصة فى نوادى المسرح، لضعف ميزانياته، وأيضًا لأن فكرة النوادى قائمة على أن يكون الطفل مشاركًا بنفسه فى العملية المسرحية، والمسرح هو الفن الأكثر تأثيرًا فى عقل ومخيلة الطفل، بالإضافة إلى الوعى المجتمعى فى محافظة أسيوط، واهتمام الأسر بأولادها، والحرص على تطوير مواهبها والدفع بهم إلى الأمام، فأسيوط قدمت للحياة الأدبية العديد من الوجوه النيرة من كبار الشعراء والمبدعين، منهم: صلاح عبدالصبور، ومحمود حسن إسماعيل، ودرويش الأسيوطى، وغيرهم 

ويضيف «عبده الزراع» أن أهمية الجائزة تكمن فى احتضان المواهب واستمرار دعمهم.. فالاطفال الذين فازوا فى الدورات السابقة أصبح معظمهم الآن يمشون على الطريق الصحيح للإبداع، بعد أن منحتهم الجائزة ثقة بالنفس وثقة فى موهبتهم، وقطاعات وزارة الثقافة تعتنى بهم، وتشاركهم فى أنشطتها المختلفة، خاصة المركز القومى لثقافة الطفل الذى يطبع للفائزين الأوائل كتبهم، ويناقشها لهم كبار الكتاب والشعراء، ويقيم لهم حفلات توقيع لها، بل ويضمهم فى فرق الكورال، وورش الكتابة المسرحية والقصصية، وقد قدمت عددًا منهم فى ليلة من ليالى «صالون الطفل المصرى» الذى أديره فى هيئة قصور الثقافة، وتحدثوا عن تجاربهم الإبداعية، عن من ساعدهم فى تنمية موهبتهم، وكيف يرون غدهم، وطموحاتهم فى المستقبل، وكانت ليلة رائعة، بل هم من يقدمون الصالون كل شهر.. إذن وزارة الثقافة تتبناهم فى كل قطاعاتهم المختلفة، وتوفر لهم سبل التميز لتكملة مسيرتهم الإبداعية والفنية، ولكن يغيب الدور الإعلامى فى إلقاء الضوء عليهم وعلى إبداعاتهم لاعتبار أنهم رجال المستقبل القريب.

ويختم حديثه أن جائزة الدولة للمبدع الصغير ستفرز مبدعين كبارًا فى الشعر والقصة والمسرح خلال السنوات العشر القادمة، كل ما أخشاه فقط، أن بعض هؤلاء الأطفال الفائزين بالجائزة تضخمت ذواتهم، وتخيل أنه أصبح مبدعًا كبيرًا، فالغرور قد يتسبب فى قتل هذه المواهب، وتعطيل قدراتهم على العطاء، الموضوع يحتاج وعيًا من قِبل الأسر التى لديها أطفال حصلوا على الجائزة أن توجههم دائمًا، حتى لا يحيدوا عن الطريق.

أخبار الساعة