الجمعة 3 مايو 2024

العقول في أجازة

مقالات20-11-2021 | 14:31

كثيرا ما نرى أناسا كثيرة في الأماكن العامة في غياب تام عن الوعي وفقدان التركيز كلا منشغل بهاتفه الجوال عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة التي باتت قرينا لكل إنسان بمختلف أعمارهم وحلت محل الكثير والكثير في حياة العديد من الأشخاص مما تمثل خطر جسيم في عقيدة وأذهان وفكر كل شاب وشابة وإنسان يستخدمها ويتحول من عقل ناضج إلي عقول فارغة منشغلة بأمور لا تغني ولا تثمن شيئا من حياتهم؛ بل أصبحت شغلهم الشاغل ليل نهار، إلا هناك علي النقيض فئة من الناس تنشغل بالفكر والثقافة وقراءة الكتب وصناعة الوعي.

 

فعندما تسير في الطرقات والشوارع وتأخذ وسيلة مواصلات أو المترو تري الكل ينصاع لهاتفه الجوال ويضيعون الساعات والساعات في المراسلات والتعليقات والتجول من برنامج لآخر وإهدار الوقت ونشر السلبيات أكثر من الإيجابيات وقضاء أغلب الوقت في صراع وجدال بين الأشخاص وبعضهم البعض ومهاترات كثيرة بل امتدت إلي داخل كل أسرة وبيت فالأب في وادي والزوجة في وادي والأولاد في عالم آخر وانقطع شمل الأسرة المصرية واندثرت القيم والعادات والتقاليد وتحولت لشبه عقول فارغة يحكمها آلة تتحكم في حياة وعقول الناس بمختلف أعمارهم.

 

ربما يكون مصطلح "التلاعب بالعقول" مألوفا بالنسبة لك، في سياق العلاقات الثنائية بين الناس. إلا أننا في عصر التقدم التكنولوجي والرقمي الذي يسكن عقول الكثير من الناس صنع حالة من الفراغ الذهني في نقل المعلومة بدون الرجوع إلي مصدرها أو مدي مصداقيتها من عدمه مما أدى إلى خلق حالة من التأخر الثقافي والفكري بين الكثير من شبابنا والطبقة المثقفة.

 

المهمة الصعبة لبرمجة عامة الناس كانت هي البرمجة العقلية، حيث يتوجب على المبرمج أن يختار بمهارة بالغة ما يريد إدخاله في العقول. لابد أن يصطنع المبرمج للناس خلطة فطرية مقنعة لا تشعرهم صورياً بانفصاله عنهم مهما كان منفصلاً عنهم في الواقع المعيشي، وأن تقنعهم بأنهم في كل الأحوال أفضل من الآخرين وأن عليهم أن يكونوا مستعدين للدخول في صراع حياة أو موت مع من يحاول تعريض البرامج لمنطق العقل.

 

تزداد الخطورة كلما زاد انتشار البرامج العقلية، فيما يشبه ما يحصل في قرصنة البرامج المعلوماتية الإلكترونية. المبرمج الأول ينتج عشرة أتباع قادرين على البرمجة مثله، وهؤلاء يبرمجون مائة، ثم تنتشر رويدا رويدا من مكان لمكان ومن إنسان لإنسان.

 

خلاصة القول:

تنتشر اليوم سرقة الأفكار والأقوال في وسائط التواصل الاجتماعي، لاعتقاد اللصوص أنه يصعب العثور عليهم متلبسين، فيعتقدون أنهم مفكرون مع أن كثيراً منهم شبه أمي.

 

وهناك مثل يقال «عندما لا تدفع ثمن البضاعة فاعلم أنك أنت البضاعة»، وهو يطلق على بيع السلع والمنتجات بمواقع التواصل، لكنه اليوم يتعدى حدود السلع والبضائع، فبعد نجاح فكرة تحويل المستهلك إلى سلعة، بدأت المرحلة الثانية ببيع تلك السلعة لمن يريد شراءها، وظهر ذلك بوضوح في عمليات بيع معلومات المستخدمين لمواقع التواصل إلى شركات تجارية، ثم إلى منظمات ودول ظلامية تريد تحويل الرأي العام نحو قضية معينة.

 

ويتضح ذلك كله في حقيقة واحدة ألا وهي (لم تعد السيطرة على الشعوب أو الأوطان تحتاج إلى أن يكون المسيطر موجوداً ويعيش بين أبنائها، ولم تعد الرصاصات قاتلة وفتاكة أكثر من هاتف نقال يستطيع أن يحصد ضحايا بالملايين جراء التضليل ونشر المعلومة الكاذبة والمفبركة، وتوجيه المجتمعات لتبني قضايا وسياسات تمثل تدميراً ذاتياً لها دون عناء).

 

ففي كل يوم تعلمنا الحياة درساً جديدا ندرك من خلال تعاملنا مع تفاصيله بأن الأقوال التي تمر بنا ونقرأها على أنها خلاصة تجارب الأخرين !! ماهي إلا مفاتيح تفتح الأذهان نحو الحقيقة بل ومنبهات تجعلنا نستيقظ قبل أن تحين ساعة الصفر ، حيث العلاقات الإنسانية المعدومة والعبارات غير الأخلاقية المنقولة ومحاولات تشويه الصورة والهرطقات التي يدعي أصحابها بأنها حقائق مستورة !! بحجة كشف الأقنعة وتصحيح الأوضاع المغلوطة!! بل والحرص كل الحرص بأن يأخذ كل ذي حق حقه !!

Dr.Randa
Dr.Radwa