الخميس 26 سبتمبر 2024

يقول إن قانون الرقابة عقيم جداً.. وتصريح الموافقة والرفض حبر على ورق! .. د. خالد عبدالجليل.. رئيس الرقابة: أوافق على سحب صلاحياتى

12-6-2017 | 16:26

حوار : محمد جمال كساب

اثنان وأربعون عملاً درامياً تعج بها الفضائيات خلال شهر رمضان، فضلاً عن البرامج والإعلانات، وهو ما قد يمثل خطراً على الذوق العام والأخلاق فى حال تجاوزت تلك الأعمال ما يتماشى مع الأخلاق والآداب العامة فى المجتمع المصرى وهو ما حدث فى مواسم سابقة، فكانت بمثابة ناقوس خطر يؤكد ضرورة تصدى جهاز الرقابة لأية أعمال تحوى إسفافًا أو بذاءات، لكن الجديد أن لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب أصدرت قرارات ملزمة للمجلس الوطنى للإعلام، برئاسة الأستاذ مكرم محمد أحمد، لمراقبة الفضائيات والإذاعات ومعاقبة المخالفين ببث أعمال تمثل خطراً على تقاليد المجتمع ومنع عرضها فوراً، ومن هنا كان لقاؤنا مع الدكتور خالد عبدالجليل.. رئيس الرقابة لمناقشته فى كل القضايا المطروحة على الساحة الفنية وهل سيحل المجلس الوطنى للإعلام محل الرقابة وما الحلول الحقيقية من وجهة نظره لتلك لمشاكل.

ما السبب فى تكرار أزمة الرقابة مع المسلسلات والبرامج والإعلانات التى تعرض خاصة فى شهر رمضان كل عام؟

الإشكالية ليست مرتبطة بالرقابة فقط، بل إن هناك مثلثاً من ثلاثة أضلاع يحكم هذه المنظومة الأول "المنطقة الإعلامية الحرة"، التى تعطى التصاريح لبث القنوات الفضائية وهى ملزمة بحكم القانون بعدم عرض أى أعمال إلا بعد الحصول على تصاريح الموافقة من الرقابة.

الثانى «القناة الفضائية»، التى يمنعها القانون من بث أى أعمال فنية وبرامجية إلا بعد الحصول على إذن الرقابة، وإلا تعرضت للعقوبات بالإنذار والغرامة والوقف عن العمل، لكن كثيرًا من القنوات لا تلتزم به وتضرب بالقانون عرض الحائط.

أما الطرف الثالث والأضعف فهو «الرقابة على المصنفات الفنية»، التى تقوم بمراقبة المواد الدرامية التى تأتى إليها فقط من شركة الإنتاج وليست القناة الفضائية أو الإذاعية، لذلك ومن هنا فنحن نخاطب ونناشد المنتجين وأصحاب القنوات دائماً وأبداً ضرورة التزامهم بتقديم أعمالهم قبل عرضها بوقت كافٍ إلى الرقابة للحصول على تصاريح الموافقة، لكنهم للأسف لايهتمون بكلامنا ولا يحترمون طلباتنا ويكون التزامهم شكلياً فقط، بمعنى أنهم يلتزمون بتقديم الأعمال إلينا، لكنهم يقدمونها قبل عرضها على الشاشات بوقت قصير، وغير كافٍ لمراجعتها وتقييمها، وهذا ما حدث هذا العام، فلدينا 42 مسلسلاً تعرض حالياً فى شهر رمضان وجاء معظمها إلينا متأخرًا أو جاء بعضها غير كامل الحلقات، وبالتالى فموظفو الرقابة لا يستطيعون مشاهدة هذا الكم الكبيرمن المسلسلات فى أسبوع واحد قبل عرضها، مما يضعنا فى موقف حرج ونضطر للموافقة على إعطائها تصاريح العرض.

حتى لو عرضت علينا قبلها بوقت طويل، فهناك الكثير من المسلسلات والبرامج التى تبث بالفضائيات دون الحصول على تصاريح الرقابة ولا أحد يستطيع منعها وبالتالى أصبح تصريح الرقابة بالموافقة أو الرفض للأعمال الفنية مجرد حبر على ورق!

هل يمكن التغلب على مشكلة تأخير إرسال الحلقات المصورة للرقابة بإرسال السيناريو فور الانتهاء من كتابته؟

الأمر يختلف اختلافاً كبيرًا جداً بين تقييم العمل المكتوب، وتقييم العمل بعد تنفيذه فى شكله النهائي، فالسيناريو الذى يرسل للرقابة يختلف جذريًا عما سيظهر على الشاشة لأن الخيوط الدرامية تتغير، وهناك مراحل للتصوير والإخراج والمونتاج، يتدخل فيها كثير من العناصر التى يضيف كل منها أو يحذف، وحسب قوانين السوق فقد أصبح الفنان النجم هو المتحكم فى كل شيء، لذلك فالتعاقد يتم من خلال اسمه مع المنتج الذى يقوم ببيع عمله إلى القناة الفضائية التى تسوَّقه للوكالة الإعلانية، أما السيناريو فهو آخر شىء يفكرون فيه.

ولماذا لا يطبق قانون الرقابة على المخالفين بدءًا من الإنذار إلى الغرامة ثم وقف بث العمل الفنى ورفع قضية على القناة؟

للأسف الشديد، قانون الرقابة المعمول به منذ عام 1955، وهو قانون عقيم جداً ولا توجد به آلية لتنفيذ قراراته ومعاقبة المخالفين، والأنكى أنه لم يشهد أى تغيير فى مواده منذ إصداره، فلا علاقة له بعصر التكنولوجيا والبث الفضائى والإنترنت الذى نعيشه، فهو باختصار يحتاج إلى النسف وإحلال قانون جديد مكانه. وفى عام 2014 عندما أصدر د. جابر عصفور وزير الثقافة وقتها قرارًا بمراقبة المسلسلات والبرامج والإعلانات استبشرنا خيرًا لكن تبقى المعضلة كما هى، فلا توجد آلية لتنفيذه وليس به عقوبات للمخالفين وهو ما حدا بالمنتجين وأصحاب القنوات لرفع شعار: «من أمن العقوبة أساء الأدب».

وما سبب اتخاذكم القرار الأخير بوضع تصنيف عمرى عند مشاهدة الأعمال الفنية عبر الفضائيات؟

كل القنوات الفضائية فى العالم بها تصنيف عمرى لمشاهدة الأطفال الأعمال الفنية والبرامجية من سن 12 و16 و18 سنة لحمايتهم من أى أفكار تؤثر سلبًا على أخلاقهم ونفسياتهم، والقنوات الفضائية مجبرة على إذاعة أعمال التصنيف العمرى بعيداً عن أوقات الذروة، لكن القنوات لا تلتزم به خوفًا من عدم مشاهدة الأعمال الدرامية لو وُضعت.

هل سيحل المجلس الوطنى للإعلام محل الرقابة بعدما أصدرت لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان قراراً ملزماً له بمراقبة مسلسلات وبرامج رمضان الحالى وإصدار أوامر بوقف القنوات المخالفة التى تشكل خطرًا على تقاليد المجتمع؟

كلنا فى الأول والآخر مؤسسات دولة، نتعاون معًا من أجل الصالح العام، فالمجلس الوطنى للإعلام والهيئة الوطنية للإعلام هدفهما ضبط الفوضى فى المشهد الإعلامى.

وفى حالة قيامهما بدورهما فليس لدينا مشكلة.. أهلاً وسهلاً لأن دور الرقابة مراقبة الشارع ودور السينما والمسارح الموجودة على الأرض، وليست بالفضاء والقنوات التى تبث الأفلام والمسلسلات والبرامج وهذا ما ينظمه القانون الحالى.

هل تعدد أوجه الرقابة من وسائل الإعلام والسوشيال ميديا والرأى العام كفيل بتحجيم المنتجين وعدم بث أعمال هدامة تؤثر سلبًا على تقاليد المجتمع؟

الرأى العام مسألة نسبية، فليس لدينا قياس علمى حقيقى له، فهل يمثل الرأى العام بعض الأشخاص حتى وإن كانوا متخصصين ممن يظهرون فى برامج التوك شو من صحفيين وفنانين وإعلاميين أم أن الرأى العام يتمثل فى العدد الكبير من الجمهور، فهناك بعض الأعمال من مسلسلات وأفلام حققت نسب مشاهدة عالية جدًا رغم اعتراض بعض الأقلام وأصحاب الرأى عليها، فمثلاً مسلسل «الأسطورة» الذى عرض فى شهر رمضان الماضى كان سببًا لهجوم كبير تعرضت له الرقابة لأنها منحت تصاريح الموافقة بعرضه، وذلك لضمه مشاهد عنف وقتل وألفاظ بذيئة، ومع ذلك فالمسلسل حقق نسبة مشاهدة عالية جداً.

كذلك فيلم «مولانا» قد يرى بعض الناس أنه ضد مصالح الدولة، وآخرون يرون عكس ذلك.. هذه المساحة تتوقف على براعة رئيس الرقابة وحسه السياسى فى عرضه أو منعه.

كذلك الحال فى فيلم «اشتباك»، عندما وافقت الرقابة على عرضه تم تقديم طب إحاطة فى البرلمان بمنعه ولو كنت عملت بكلامهم ونفذت هذا المنع، كنت سأجد جبهة أخرى تعترض تحت شعار "حرية الإبداع" ولم يكن ليتمكن من المشاركة بمهرجان «كان» العالمى، فالمسألة نسبية ومحيرة جداً ولا نعرف من يملك الحقيقة!

فأنا محتار.. هل أفتح الشباك أم أغلقه؟ فنحن لدينا حالة تناقض شديدة ومصطلحات فضفاضة منها "حرية الإبداع" و"الرأى العام" و"حماية النظام العام" و"مصالح الدولة" وغيرها.

وقانون الرقابة يعطى مفهوماً واسعاً لهذه المصطلحات ومنصب رئيس الرقابة سياسى وليس إدارياً من أجل إعطاء فرصة لتحمل المسئولية واتخاذ القرار.

ما الحل إذن من وجهة نظرك لمواجهة هذه الأزمة الكبيرة المستمرة كل عام؟

يجب أن يعرف كل طرف من أطراف المنظومة حقوقه وواجباته سواء "المنطقة الحرة" أو"القنوات الفضائية" أو"الرقابة" وأن تفرض الدولة القانون على الجميع بكل حزم إذا كانت تملك الرغبة فى إصلاح الوضع وتفعيل دور الرقابة، وقبل ذلك تعديل التشريعات الرقابية البالية التى لا تناسب عصرنا الحالى.