الإثنين 6 مايو 2024

كيف كفل الدين والقانون حقوق الوالدين؟.. الآباء بين إحسان وعقوق الأبناء

عقوق الوالدين

تحقيقات28-11-2021 | 23:19

آية يوسف

وسط حالة من الذهول والاستياء تردد اسم الفنان القدير رشوان توفيق، إثر نشر مقطع فيديو له في إحدى البرامج التلفزيونية وهو يحكي عن حزنه وصدمته الشديدة نتيجة رفع دعوى حجر عليه من ابنته، الأمر الذي صدم الجميع أيضا.

 ولم يكن الفنان القدير أول الأشخاص الذين تعرضوا لمثل هذا النوع من القضايا فأيضا الفنانة الراحلة ماجدة تعرض لهذا الموقف من أبنتها، والفنان سعيد صالح و سعاد نصر وغيرهم من الأشخاص العاديين من غير المشاهير.

حث عليهم الدين وكفله القانون

وحثت جميع الأديان السماوية على البر والإحسان بالوالدين فطاعتهم وإحسانهم شرط من شروط دخول الجنة، فضاعف وعظم الله عقاب عقوقهم ونكران حقوقهم فمن يجحد بهم يعاقب في الدنيا والآخرة، فكيف لمن سهروا الليالي وعلموا وتعبوا وبذلوا كل الجهد من أجل أبنائهم أن يأتي يوم وبدلا من سماع كلمة الشكرا لا يرون غير كل نكران وجحود، وقال الله تعالى "ولخفض لهما جناح الذل من الرحمة".

وقد كفل القانون داخل ضوابطه الخاصة بإحكام قضايا الحجر على الحالات التي يحجر فيها، أنه يحكم بالحجر على البالغ للجنون أو العته أو لسفه أو لغفلة ولا يرفع الحجر الا بحكم وتقيم المحكمة على من يحجر عليه قيما لإدارة أمواله، وذلك حفاظا على أمواله وعلى سلامته أيضا.

قضايا الحجر تنال من المشاهير

ورغم تجديد فتح ملف قضايا الحجر من جديد على يد الفنان رشوان توفيق مؤخرا إلا أنه لم يكن أول من طاله الأمر، فمشاهير عدة نالوا حظهم من قضايا الحجر وهذا ان دل على شئ فيدل على أن الأمر لا يندرج تحت بند الأشخاص العادين فقط أو أي فئة معينة 

فقد لجأت ابنة الفنان الكوميدي سعيد صالح لرفع دعوى قضائية قبل وفاة والدها للحجر على ما يملك، وذلك لتحافظ على ثروته من زوجته، وهي الدعوى التي ظلت بالمحاكم حتى رحيله، وتم الحكم فيها لصالح الابنة.

 وتعرض الفنان سيد زيان في حالته الصحية الحرجة لنفس الأمر، حيث قامت بناته بالحجر ضده، وذلك بسبب تبديد شقيقهم الوحيد للأموال في لوقت الذي انشغلن فيه برعاية الفنان الكوميدي الكبير، ولإصابة زيان بالشلل لم يكن هناك أي رد فعل من طرفه لصالح أحد الطرفين المتنازعين.

والفنانة غادة نافع ابنة الفنانة ماجدة والفنان إيهاب نافع لجأت أيضا للحجر على ثروة والدتها خوفا من النصب باسمها من قبل أشخاص ادعوا أنهم أولادا لها، ولأن حالتها الصحية لا تسمح بالذهاب للمحاكم قررت غادة رفع الدعوى، وتقيم حاليا الفنانة الكبيرة ماجدة لدى ابنتها غادة، ما يدل على عدم وجود أي اعتراض منها على الأمر، وغيره كثير جدا من الحالات مع اختلاف السباب والدوافع.

شروط  قضايا الحجر في القانون

وفي هذا الصدد، قال الدكتور عادل عامر، الخبير القانوني، إن قضايا الحجر تختلف طبقا للحالة المقدمة فهناك حجر على شخص كبير وشخص صغير لمصلحتة، وفي حالة الشخص الكبير البالغ يحجر عليه في حالة إذا تم إثبات أنه ليس في كامل قواه العقلية مثل أن يكون مريض بمرض الزهايمر أو الجنون أو غيره ما يثبت عدم قدرته على التصرف في ممتلكاته.

وأوضح عامر، في تصريحات لبوابة "دار الهلال"، كما أن الأحكام في مثل هذه القضايا لا يتم إلا بعد ثبوت الطب الشرعي على عدم قدرة المدعى علية التصرف في ماله أو أنه ليس بكامل قواه العقلية مما يمنعه من التصرف في حياته أو أخذ قرار فيها، كما أن المادة رقم 119 لعام 1952 من القانون نصت، على أنه يمكن الحجر على البالغ لحالات الجنون أو العته أو السفه.

وأكمل: ولا يرفع الحجر إلا بحكم وتقيم المحكمة على من يحجر عليه قيما لإدارة أمواله والتي تعتبر هي المفوض الأساسي لكافة قضايا حجر الأبناء على والديهم، كما تنص المادة 68 منه على أن تكون القوامة الابن البالغ ثم للأب ثم للجد ثم لمن تختاره المحكمة ومن ثم يحق للطالب أن يكون قيما على المقيم ضده، كذلك يقوم الشخص مقدم الطلب بالاستشهاد بالعديد من أهل الخبرة بإثبات عدم أهلية الشخص بناءً على الطرق القانونية المسموح بها.

وأضاف أن ما يجعل القانون في جميع الأحوال يعطى الحق لهم في التصرف بممتلكات الآباء وهم على قيد الحياة، ويجب أن تتوافر في الشخص الذي سيتولى إدارة الأموال عده شروط منها، ألا قد يكون حكم عليه من قبل ولا يكون سيئ السمعة، وألا يكون بينه وبين المحجور عليه عداء قضائي أو نزاع شخصي.

يعاقب في الدنيا والآخرة

ومن جانبها، قالت الدكتورة سهير طلب، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، إن جميع النصوص القرآنية تنص على بر الوالدين وقوة العلاقة بين الآب والآبن فقال تعالى " وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيراً"، فكل الآيات القرآنية تحس على الأخذ بيد الآباء ورعايتهم أقوم بإداء دورى تجاههم كما قاموا بإداء دورهم نحوى عندما كنت صغيرا.

وأوضحت طلب، في تصريحات لبوابة "دار الهلال"، فلا يجوز عقوقهم من خلال أي تصرف سواء بالقول السيء أو الفعل عن طريق  رفع قضايا حجر وغيرها، وللأسف هذه أصبحت ظاهرة منتشرة وهذا لأنهم ليس لديهم قدر كافئ من الوعي الديني لتراعى آبائهم وتتقي الله فيهم، فكل ما يتحكم فيها حينئذ هو طمعهم وركضهم خلف الدنيا، لا أن يبر بوالده بعد أن طال به العمر بل كل ما يريده هو أمواله، وكثير ما نرى قضايا بهذا الشكل.

وأضافت أن هذا دليل على أن هؤلاء الأبناء لم يتم نشأتهم على التربية الدينية الفاضلة، أو قد يكون الآب تربية فاضلة ولكن هناك اعوجاج، وعلى سبيل المثال سيدنا نوح رغم النشيئة والبيئة الدينية الفاضلة لأبنه إلا أنه عصاه ولم يؤمن بدعوه آبية، فتربية الأب أو الأم ليس عامل أساسي قد يكونوا قاموا بواجب التربية على أكمل وجه ولكن هناك اعوجاج مما جعلهم يتصرفون هذه التصرفات.

وأشارت إلى أن الله نهى وحذر من عقوق الوالدين لأن عقوبتهم تكون عقوبة دنياوية وعقوبة في الأخرة، وهذا عقاب مضعف لعدم البر بالوالدين فقد أوصى الله بهم وبمعاملتهم، فالأيام دول بين الناس يداولها الله سبحانه وتعالي.

Dr.Randa
Egypt Air