الأربعاء 15 مايو 2024

الروائي محمد العون في حوار مع «الهلال اليوم» عن القراءة والثقافة والكتابة

25-6-2017 | 15:38

كتب: أحمد فيصل

الروائي محمد العون يعد واحدا من الكتّاب الذين تركوا بصمة في الحياة الثقافية والأدبيّة المصرية في فترة لا تُعد طويلة، فهو صاحب رواية "مولانا" الفائزة بجائزة الدولة التشجيعية عام 2013، ورواية "سجن الطاووس" الفائزة بجائزة اتحاد كُتّاب مصر عام 2014. أفصح "العون" في حوار لـ"الهلال اليوم" عن شغفه بالقراءة منذ سنوات شبابه الأولى، ودور المفكّر الراحل الدكتور زكى نجيب محمود في تشكيل عقليته وطريقة تفكيره.. وإليكم الحوار:

حدّثنا عن قراءاتك المبكرة التي شكّلت وعيك الأدبي قبل الخوض في عالم الكتابة؟

لم أبدأ بقراءة الأدب وحده، وإنما كنت أقرأ التاريخ، والفلسفة، وعلم النفس، ومجالات أخرى. في فترة دراستي الجامعة قرأت نجيب محفوظ ويوسف إدريس، فمن يريد أن يصبح كاتبا، سواء في مجال الرواية، أو القصّة، عليه أن يقرأهما جيدا، وبجانبهما قرأت طه حسين، الذي يُعد واحدا ممّن أرسوا مبدأ البحث العلمي في الجامعة المصرية، أمّا عن أكثر من تأثّرت به في فترة تشكّل وعيى، فكان المفكّر الدكتور زكى نجيب محمود، الذي كنت أقرأ مقالاته بالأهرام في فترة الثمانينات، وجذبني جدا فكره العقلاني آنذاك.

هل تنطلق في كتاباتك من تجاربك الشخصية الذاتية أم من الموضوعات والأشياء الخارجية؟
غالبا لا انطلق من تجارب شخصية، فرواية "مولانا"، مثلا، تعكس حياة الملك فاروق والفترة المَلَكيّة، ورواية "مراكب الليل" تتحدّث عن الشُبّان الذين يهاجرون هجرة غير شرعية، وقد جمعت قبل كتابتها أغلب التحقيقات الصحفية التي نُشرت عن تلك القضيّة، قبل أن أُعد ملفّا عنها، ورواية "سجن الطاووس"، كان مبعثها في ذهنى تلك القصور الضخمة التى كنت أراها في الأرياف من آن لآخر، قصور قديمة كانت في حوزة بهوات أو بشوات قدامى. تستطيع أن تقول إنّى انطلق من المكان والزمان، وليس من تجربتى الشخصية

لماذا اخترت طريق الرواية بالذات؟
لم أختر الرواية بقدر ما فرضت الرواية نفسها عليّ، فقصصي التي نشرتها في مجموعتي "الملك ينزل المدينة"، و"خيانة الجسد"، كانت قصصا طويلة، قصة "الملك ينزل المدينة" نفسها تقع في حوالى 30 أو 35 صفحة، فهي بذلك أقرب إلى رواية قصيرة، وغيرها كذلك، وحين عرضت على الأستاذ الراحل جمال الغيطانى بعض قصصي بغرض نشرها، قال لي نصّا : أنت صاحب نفس روائى. ولم أكن شرعت آنذاك في كتابة أي رواية، وقد وجدت حظى في الرواية فيما بَعد

ما هو عملك المفضّل لديك؟
كلهم بلا استثناء. فالكتب بالنسبة للكاتب كأطفاله، لا يستطيع أن يفضّل أحدهم على آخر. وكل عمل يحمل بَصمة لي، وشهادة حاولت أن أوفيها حقّها في القول.

هل تشعر بفراغ نفسي بعد الانتهاء من كتابة أي عمل؟ وهل يصيبك القلق حين تتوقّف عن الكتابة؟
لست أشعر بالفراغ، وإنما هو ألم الفقدان. فشخصياتي جزء منّى، وطيلة مدّة الكتابة أعايشها وأتقمّص حالاتها الوجدانية كما لو أننى أحياها بنفسي، فأحس مع النهاية بانفلات كل شيء من يدى، وحينئذ تستولى علىّ بعض الحسرة نتيجة إدراكهم خط النهاية. أمّا بالنسبة للقلق، فأنا لا أقلق على موضوعاتي الجديدة، لأنها تفرض نفسها عليّ أولا بأول، دون أي محاولة للاستدعاء أو الاختلاق من جانبي.

أحد الكتّاب قال "أكتب كي لا أموت"، فهل يمكن أن نصف الكتابة بأنها ثورة ضد الموت؟
الأمر في النهاية خاضع لرؤية شخصية تختلف باختلاف كل كاتب، ولكن بالنسبة لي، الكتابة هي طاقة تلح عليّ طوال الوقت، ولا استطيع استنفاد تلك الطاقة إلّا حين أكتب.

من هو كاتبك المفضّل عالميا؟
لا استطيع أن أقول إنني أفضّل كاتب معيّن، ولكن العمل المفضّل لي هو رواية "الحرب والسلام" لتولستوى، إنها أعظم رواية في تاريخ الأدب الحديث بلا شك، فهي تصوّر كل طبقات المجتمع الروسى إبان عصر القياصرة دون أن يفلت منها شيئا، ودون أن تشعر بأنه قد فرض أي شخصية على العمل. إنها الحياة بتفاصيلها، وهي عمل فذ وغير عادي بلا شك

ما هي طقوسك الخاصّة أثناء الكتابة؟
ليست لدىّ طقوس محدّدة، ولكن أهم شيء الهدوء بالتأكيد، ولا استطيع أن أكتب في مكان غير المنزل. الاستثناء الوحيد بشأن الهدوء كان أثناء كتابة

رواية "عِطر الغرام"، فكنت استمع أثناء كتابتها لأم كلثوم، ونجاة الصغيرة، وذلك لارتباطهما بأجواء الرواية بشكل خاص.

صرّحت لي بأن فوز روايتك "مولانا" بجائزة الدولة التشجيعية 2013 كان مفاجأة كبرى لك .. لماذا؟
الحكاية وما فيها أنّى قدّمت الرواية للجنة الجائزة عام 2011، وفوجئت مع إعلان اسم العمل الفائز بأن الأعمال الست التي ذُكرت في المرحلة النهائية لم تشمل اسم روايتي، فصرفت النظر عن التفكير في الأمر، وفوجئت بعد عامين كاملين بأحد أصدقائي يتصل بي ليخبرني بفوز روايتي بـ"التشجيعية"، ظنّنته يمازحني في البداية وقلت له إن تلك الأمور لا تحتمل "الهزار"، ولكنه لم يكن يمازحني، وكانت مفاجأة كبيرة بلا شك، فلم أكن أعلم حينئذ أن النتيجة تُعلن بعد سنتين كاملتين.

ما هو مشروع الأدبي الجديد؟
مشروعي الأدبي الأخير هو رواية "سراديب الدهب"، وهو عمل مستوحى من أحداث تاريخية خاصّة بالعصر الفرعوني الذي شغفت به كثيرا، وبالتحديد عن حادثة العثور على الأثاث الجنائزي، والأثاث الشخصي، للملكة حتُب حرس أم الملك خوفو، في بئر بجانب الهرم، دون العثور على المومياء، أو الجثمان الخاص بها، دون معرفة الملك خوفو. فهي رواية تاريخية بُنيت على أحداث في فترة الدولة القديمة.