تقرير: إيمان النجار - رانيا سالم
قرار حكومة المهندس شريف إسماعيل، بإحالة مشروع قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل، إلى مجلس الدولة لمراجعته، وإعادته مرة أخرى إليها، تمهيدا لإحالته إلى مجلس النواب، لمناقشة مواده وإقراره،جاء فى وقته وقابلته موجة تفائل كبيرة، بين العاملين فى القطاع الصحى، أو المتصلين به، الذين يعتبرونه «ضرورة» فى ظل مستوى خدمة صحية لا يرضى الغالبية وغلاء مبالغ فيه فى أسعار الخدمة الصحية بالقطاع الخاص، بداية من فيزيتا الأطباء الحارقة، مرورا بتكلفة المراكز والمستشفيات الخاصة المشروع الجديد الذى يحظى بدعم رئاسى من أجل الارتقاء بمستوى الخدمة الصحية للفقراء وبسطاء المصريين أصبح قريبا من النور ولم يتبق له سوى خطوات بسيطة.
د. على حجازى، مساعد وزير الصحة والسكان لشئون التأمين الصحى، رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى أكد أن قانون التأمين الصحى الشامل يحتاج دعم جميع أجهزة الدولة، والنقابات والمؤسسات والهيئات والجمعيات الخيرية والمجتمعية، لأنه سيعمل على وضع نظام صحى جديد يضمن للمواطن المصرى ألا يتسول الخدمة الصحية، كما أنه يلقى دعما واضحا من القيادة السياسية ونسير فيه بخطى معروفة وسريعة لإنجازه والقانون حاليا فى مجلس الدولة للمراجعة وينتظر الدراسة المالية أو الاكتوارية التى انتهت الشركة الإنجليزية من إعدادها ووصلت بداية الأسبوع الجارى لوزارة المالية، ليتم عرضها على مجلس الوزراء بحضور كافة الأطراف وهم وزير الصحة ووزير المالية ونائب وزير المالية الدكتور محمد معيط والشركة المنفذة للدراسة لمناقشتها ومعرفة نتائج المعادلات التى تم إرسالها، وطرق الاشتراك وكل جوانب الدراسة، والشركة التزمت بوعدها وسلمت الدراسة قبل بداية يوليو الجارى.
«المساهمات».. واحدة من النقاط التى كانت محل جدل خلال الفترة الماضية، وفى تعقيبه عليها، قال رئيس هيئة التأمين الصحى: غير القادرين ليس لهم مساهمات، لن يدفعوا مليما واحدا فالدولة ستتحمل عنهم الاشتراكات والمساهمات بمن يعولونهم، والأمر ذاته سينطبق على أصحاب المعاشات والأمراض المزمنة، فالمساهمات للقادرين فيما عدا الأمراض المزمنة، لأنه تم إعفاؤها، وأريد أن أشير هنا إلى أن الحصول على مساهمات من القادرين، يأتى لضبط النظام والسيطرة على سوء الاستخدام الذى يحدث حاليا، فعلى سبيل المثال فى التأمين الصحى الحالى توجد مساهمات لكنها لا تمثل نسبة فى الإيراد.
وحول ما أشيع بأن النسبة التى سيلتزم بتسديدها طلاب المدارس، من الممكن أن تؤدى لارتفاع معدلات التسرب من التعليم، أعلن «د. حجازى» رفضه هذا الأمر، وقال: من يتسرب هم غير القادرين وهؤلاء سوف تتحملهم الدولة، فالتأمين الصحى هو تكافل بين من يملك ومن يقدر ومن لا يملك ومن لا يقدر، كما أنه سيكون إلزاميا بمعنى أنه غير مسموح لشخص أن يخرج من النظام وهذا معناه أن الشخص سيكون معه كارت تأمين صحى، حاليا المريض من الممكن أن يدخل مستشفى عاما تابعا لوزارة الصحة أو مديرية صحية يطلب منه شاش وقطن وسرنجات وغيرها، لكن لو دخل مستشفى تأمين صحى هذا لا يحدث فى أى مستشفى تأمين صحى، وبالتالى وجود كارت التأمين الصحى مع الشخص معناه الضمان الصحى له فى ألا يتسول الخدمة فى أى مكان .
فى ذات السياق، قال د. عبد الحميد أباظة، مساعد وزير vالصحة الأسبق، رئيس لجنة إعداد مسودة قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل: التأمين الصحى الاجتماعى الشامل بوابة اصلاح المنظومة الصحية بنسبة ١٠٠٪، فهو ليس مجرد قانون لادخال كل المواطنين فقط، لكنه يهدف للارتقاء بالمنظومة الصحية والغاء القصور الموجود فى القانون الحالى من حيث ضعف الاستدامة المالية، وعدم مقدرته على تغطية جميع فئات المجتمع خاصة العمالة الموسمية وغير الموسمية، وغيرها من أوجه القصور، فالقانون الجديد يهدف لتغطية أكثر من ٩٠٪ من السكان بنهاية تطبيقه، على عكس النظام الحالى الذى يغطى فقط نحو ٥٨٪ من الشعب.
كما أن فلسفة القانون - والحديث لا يزال لـ»د.عبد الحميد»- تقوم على فصل التمويل عن تقديم الخدمة وإنشاء ثلاث هيئات، الهيئة العامة للتأمين الصحى تتولى ادارة تمويل النظام، وهيئة الرعاية الصحية للتعاقد مع مقدمى الخدمة وهيئة الجودة، وسيعتمد فى تطبيقه على التدرج.
«القانون كما يقول أباظة جهد مجموعة من الخبراء ونتاج ٣٨ حوارا مجتمعيا وكثير من النقاط الخلافية تمت مراعاتها، والفرصة متاحة لتعديلات أخرى داخل مجلس النواب، لكن المهم أن يرى القانون النور، فلا داعى للتأخير ولابد من بداية حقيقية ودفعة للقانون».
د. خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء لا يرى بديلا عن التأمين الصحى الشامل فهو فرض واجب واستحقاق دستورى، لأنه مهم لضم كل المواطنين، فإذا كان القانون الحالى يغطى أقل من ٦٠٪ نظريا فهو يغطى فعليا نسبة أقل بكثير نظرا لسوء الخدمة وقوائم الانتظار، لكن لا بد فى البداية من تحديد مستوى الخدمة المطلوب وتحديد التكلفة الحقيقية وبحث مصادر التمويل لتحقيق الاستمرارية له، وتبقى عدة نقاط مهمة تمثل تحديات أما تطبيق القانون وهى توفير العامل البشرى المدرب وبمقابل مادى عادل، وتوفير المستلزمات الطبية والأجهزة الطبية وأخيرا الجودة فى كل مراحل تقديم الخدمة.
التحركات التى اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية، فيما يتعلق بمشروع قانون «الـتأمين الشامل» وجدت صدى لها داخل أروقة مجلس النواب، وتحديدا فى اجتماعات لجنة الصحة، التى أكد أعضاؤها أنهم فى انتظار إحالة مشروع القانون إليهم، وذلك حسبما أعلن عنه د. محمد خليل العمارى، رئيس اللجنة، الذى كشف أيضا أنه سيتقدم بمذكرة لرئيس المجلس، د.على عبد العال، يطالبه فيها بالسماح للجنة بعقد جلسات استماع طوال الإجازة البرلمانية للانتهاء من مناقشة مشروع القانون وإعداد تقرير شامل عنه.
مشيرا إلى أن اللجنة ستسعى إلى إقرار أن تتحمل الدولة جميع تكاليف علاج المواطنين من الفقراء والبسطاء، وأن تكون هناك نصوص واضحة وصريحة وحاسمة فى القانون الحالى تؤكد حصولهم على العلاج بالمجان.
وكشف رئيس «صحة النواب»، عن أن اللجنة ستوجه دعوات لكل من د. أحمد عماد وزير الصحة، ود. عبد الحميد أباظة رئيس لجنة إعداد مشروع قانون التأمين الصحى وأعضاء اللجنة، ود. على حجازى رئيس هيئة التأمين الصحى وعدد من مسئولى النقابات المهنية والعمالية ووزراء الصحة السابقين وأساتذة الجامعة.
من جانبه قال النائب د. محمد خيرالله، أمين سر لجنة الصحة بمجلس النواب: المنظومة الصحية المصرية فى حاجة لتطبيق قانون التأمين الصحى الشامل، بأسرع ما يمكن قدر الإمكان، على أن يتم تطبيقه بشكل تدريجى على كافة المحافظات المصرية، بما يضمن الحق فى العلاج والدواء وفقا لما نص عليه الدستور المصرى، وأدعو الحكومة للإسراع فى إرسال القانون، الذى سيعكف على دراسته أعضاء لجنة الصحة بشكل مفصل للانتهاء منه.
وفى سياق مختلف قال النائب د. مجدى مرشد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب أن مشروع قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل صورته النهائية بها كثير من النقاط الإيجابية، أبرزها أنه فصل بين عناصر ثلاثة مقدم الخدمة والممول والمراقب، والفصل أمر بديهى فى كافة الأنظمة العالمية، فهيئة التأمين الصحى هى هيئة مستقلة غير هادفة للربح، تدير وتستثمر أموال المشاركين، على أن تتعاقد مع مستشفيات خاصة وحكومية، على أن تكون هناك هيئة للمراقبة والجودة تتابع الخدمة.
النائبة د. شادية ثابت تجزم أن التأمين الصحى الآن غير مجد لا يؤدى الخدمة المطلوبة منه كما هو مطلوب، بسبب عدم توفير التمويل، ويرجع ذلك إلى أن هيئة التأمين الصحى هى مصدر التمويل ومقدم الخدمة فى الوقت ذاته، فى ظل عدم توفير التمويل وبالتالى فالخدمة المقدمة غير كافية.
وترى «د. شادية» أن فكرة التأمين الصحى المطلوب تطبيقه، التى رعاها مشروع القانون الحالى هى أن يكون هناك فصل بين التمويل ومقدم الخدمة، والرقابة والجودة، على أن يتيح القانون أن تقدم الخدمة العلاجية والدوائية لكل الناس، مقابل اشتراكات سنوية، وأن تتحمل الدولة اشتراكات غير القادرين، وهو نظام التكافل المطلوب ولا يمكننا الاعتراض عليه.
وشددت على سرعة الانتهاء من اعتماد المستشفيات الحكومية للجودة، ومكافحة العدوى، وأن يتم تدريب الأطباء خاصة برامج الصحة والسلامة، حتى ترتقى هذه المستشفيات للمنافسة مع المستشفيات الاستثمارية، موضحة أن المشروع وفقا للنسخ التى تم تسريبها فى مجمله جيد بل متميز، لكن يجب أن يتوازى معه إصلاح صحى شامل كتمهيد لتطبيق نظام التأمين الصحى.
لكن المشكلة أنه إذا تم تطبيق المساهمات من المرضى فلن يكون تأمينا صحيا، فالفكرة قائمة على أن يدفع المواطن اشتراكا محددا مقابل حصوله على الخدمة العلاجية والدوائية.