الأربعاء 26 يونيو 2024

دقات المسرح المسرح والدراما التليفزيونية

8-7-2017 | 17:11

بقلم: د.عمرو دوارة

سعادتي لا توصف بعودتي إلى مجلتي المحببة "الكواكب" بعد غياب ما يقرب من عشر سنوات، عدت إليها بكل الشوق والاشتياق لاستكمال مسيرة عزيزة وإنجاز غال في مسيرتي النقدية والفنية، واسترجع أجمل الذكريات لفترة تزيد علي عشر سنوات تحملت خلالها مسئولية النقد المسرحي بالمجلة أثناء فترة رئاسة تحرير الناقد الكبير رجاء النقاش ومن بعده الإعلامي المتميز محمود سعد، وفي هذا الصدد يشرفني بالفعل أن استكمل المسيرة مع رئيس التحرير وصديق العمر الإعلامي النزيه محمد المكاوي، والذي أثق أنه بموهبته وخبراته الكبيرة ودماثة خلقه سيحلق بمعشوقته "الكواكب" إلى آفاق جديدة فنية وثقافية لصالح القراء والفنانين ينحاز فيها إلى قيم الخير والحق والجمال.

كعادة أغلب المسئولين بمسارح الدولة يتفاجأون كل عام بقدوم شهر "رمضان الكريم" فيسارعوا في إعداد بعض العروض والأمسيات الدينية والشعرية على عجالة، ليتم تقديمها بعد منتصف الشهر مما أعده إهدارا للمال العام!! ومع ذلك تقتضي الحقيقة أن أعترف بوجود بعض العروض المتميزة التي أرى ضرورة استمرارها أو إعادة تقديمها، فما المانع من تقديم عروض دينية طوال العام، وكما نقول دائما إن رب "رمضان" هو رب جميع شهور السنة.

النجمة المتألقة دوما سوسن بدر والمتمكن الرصين خالد الذهبي والمسرحي الموهوب ناصر سيف، ثلاثة ممثلين كبار شاركوا بمواهبهم ومهاراتهم وخبراتهم الكبيرة وحضورهم المحبب في إسعادنا بالأمسية الدينية "قمر العشاق"، وذلك بمصاحبة فرقة "الفراديس الصوفية للإنشاد الدينى" بقيادة المنشد صلاح عبدالحميد، والحقيقة أن اجتهادهم وإخلاصهم الشديد ووعيهم وعشقهم للمعاني والكلمات بالإضافة إلى التناغم والانسجام الذي تحقق بينهم كانت من أهم أسباب تألقهم بتلك الأمسية التي قامت بإنتاجها فرقة "المسرح القومي" من تأليف عبد الرحيم كمال وإخراج محمد الخولي.

أحمد الله أن جمهور المسرح قد أصبح الظاهرة الإيجابية خلال الشهور الماضية حتى بعروض الهواة، فقد عاد بقوة وكثافة لمتابعة جميع العروض، وأعتقد أن إعداده سوف تتزايد خلال الشهور القادمة، وبالتحديد بعد تلك الهجمة الشرسة من المسلسلات الرمضانية، ويكفي أن نذكر في إعلاناتنا المسرحية عبارة: "لا يتخللها ولا يقطع تسلل أحداثها الدرامية إعلانات تجارية"، فلم تستطع والحمد لله رءوس الأموال - حتى الآن - أن تفرض سيطرتها الكاملة على العروض المسرحية، واكتفت بالاعتماد على انتاجها الهزلي والهزيل من المسرحيات والاسكتشات التي تعرض بالقنوات الفضائية.

النجم الشاب محمد رمضان - بذكائه المعهود - نجح في تحويل الإعلان الخاص بإحدى شركات الاتصالات إلى إعلان وتوثيق لعدد كبير من أعماله والشخصيات الدرامية التي سبق له تقديمها، وهي تلك الشخصيات التي أجاد في تجسيدها ليثبت أنه ابن عصره، وأنه قد نجح في استكمال سلسلة أفلام نجوم "الترسو" أنور وجدي وفريد شوقي، وفي النهاية لا يسعني سوى التقرير: بأنه لا عزاء لزمن ولا نجوم ولا عشاق الرومانسية بعدما افتقدنا أفلام الزمن الجميل بنجومها الكبار ومن بينهم: عمر الشريف، أحمد مظهر، رشدي أباظة، صلاح ذو الفقار، عبد الحليم حافظ وأحمد رمزي.

الفنان النجم ياسر جلال قدم هذا العام دورا من أجمل أدواره الفنية بالمسلسل التليفزيوني "ظل الرئيس"، واستطاع أن يؤكد بهذا الدور مدى نضجه الفني ومدى تمكنه وسيطرته على جميع مفرداته الفنية. وأنه إذا كان قد سبق له القيام بعدة بطولات سينمائية وتلفزيونية متميزة فإنه يدخل بهذا المسلسل مرحلة جديدة من حياته الفنية، تحتم عليه جودة الاختيار والمزيد من الحرص للمحافظة على هذا المستوى. والجدير بالذكر أنه ابن أصيل للمسرح، فدراسته مسرحية (حاصل على بكالوريوس قسم التمثيل والإخراج من المعهد العالي للفنون المسرحية) وينتمي إلى عائلة مسرحية (فوالده المخرج القدير الراحل جلال توفيق)، وهو أحد أبناء البيت الفني للمسرح، ولذا كم أتمنى أن تستغل فرق البيت الفني للمسرح نجاحه هذا فتستقطبه للقيام ببطولة أحد عروضها، وأن يحرص هو أيضا على توظيف نجاحه الجماهيري بالاختيار الجيد لجميع عناصر العرض، ليضيف بذلك الكثير إلى رصيده المسرحي بصفة خاصة والفني بصفة عامة.

كان موسم الأعياد مناسبة مهمة لمشاركة وتنافس فرق القطاع الخاص المسرحية، ولكن هذا العام للأسف تستمر ظاهرة غياب وتقلص عدد فرق القطاع الخاص، بعدما افتقدنا وجود المنتج المسرحي المغامر، فلم يتبق بالساحة الفنية سوى بعض المحاولات الدءوبة للفنان الكبير جلال الشرقاوي والمؤلف أحمد الإبياري، وافتقدنا للأسف إسهامات كبار نجوم الكوميديا عادل إمام، محمد صبحي، سمير غانم، حسن حسني، سهير البابلي، ميمي جمال، هالة فاخر ومن الأجيال التالية: أحمد بدير، أحمد آدم، لطفي لبيب، صلاح عبد الله، هاني رمزي، شريف منير، محمد سعد ومحمد هنيدي.

يحفل أرشيف التليفزيون المصري بعدد كبير من المسرحيات الكوميدية المتميزة (ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر: سيدتي الجميلة، موسيقى في الحي الشرقي، إنت حر، زهرة الصبار، معروف الإسكافي، سكة السلامة، علي جناح التبريزي وتابعه قفة)، ولكننا وبمناسبة عيد الفطر المبارك خمس مسرحيات مكررة ومقررة علينا بكل الأعياد وهي: ريا وسكينة، المتزوجون، عش المجانين، سك على بناتك، انتهى الدرس يا غبي!! وفي هذا الصدد أقترح رصد مكافأة لمن يثبت حفظه لتلك المسرحيات عن ظهر قلب بإضافة تقديم مسرحية أخرى بخلاف تلك المسرحيات الخمس.

انتظام دورات "المهرجان القومي للمسرح المصري" مكسب كبير للحركة المسرحية، خاصة وأنه يتيح فرصة المنافسة أمام جميع العروض التي قدمت على مدار العام سواء بفرق مسارح الدولة أو فرق الهواة بمسمياتها المختلفة، وهذا العام يتم تنظيم الدورة العاشرة خلال الفترة من 13 إلى 27 يوليو باسم الناقدة الكبيرة الراحلة د.نهاد صليحة، والملاحظة التي يجب التوقف عندها هي غياب مشاركة فرق القطاع الخاص بصفة عامة، وكذلك غياب مشاركة كبار النجوم!!

    الاكثر قراءة