الجمعة 17 مايو 2024

مقاهي تاريخية.. «إيليت» (11-30)

صورة أرشيفية

ثقافة12-4-2022 | 19:18

بيمن خليل

لا يعلم الكثير أن المقاهي المصرية تعدّ جزء يمثِّل تاريخ مهم من تاريخ جمهورية مصر العربية، وأنها ليست مجرد أماكن للتجمعات وقضاء أوقات الفراغ كما يظن البعض، فداخل مصر العديد من المقاهي ذات التاريخ والأثر، الذي يفوح منه عبق التاريخ، وقد شهدت المقاهي المصرية إنطلاقًا فكريًّا وثقافيًا كبيرًا، على مر حقبات زمنية مؤثرة استطاعت تغيير التاريخ، حيث جمعت المقاهي كافة الطبقات الاجتماعية أسفل سقفها، واكتسبت شهرتها من قامات مرتاديها، على كافة المستويات الفكرية والثقافية وفي مختلف المجالات، السياسية والفنية والأدبية وغيرها.

يقع مقهى إيليت في شارع صفية زغلول بالإسكندرية، بالقرب من ميدان محطة الرمل، وهو أشهر مقاهي التقاء الجالية اليونانية في مصر، وتحديدًا في خمسينيات القرن الماضي، وكان أيضًا ملتقى لأغلب الفنانين والمشاهير والكتاب في ذلك الوقت.


قامت شابة يونانية تُدعى "كرستينا كوستانتينو" بشرائه من ملاكه الأصليين، وكان ذلك في عام 1953م، حيث كان اليونانين قبل ذلك الوقت يعيشون في مصر كأنهم من أهلها وتحديدًا بالاسكندرية، عشقهم الأول، وكان لهم الحق في امتلاك المحلات والمقاهي ومحلات البقالة والحلويات والكازينوهات والبنسيونات.


وكانت ترغب مالكته الجديدة اليونانية بأن تمتلك مقهى يشبه الطراز الأوروبي أو اليوناني، وجعلت منه أكثر من مجرد مقهى بل جعلته تحفة طرازية معمارية، تكاد تكون متحفًا ثقافيًّا، لولع المالكة بالأدب وخاصةً الشعر، ويقال أنها كانت إحدى ملهمات الشاعر المعروف كفافيس في سنواته الأخيرة.


يتميز المقهى بمظهره البسيط والجميل، بلونه الأزرق الممزوج باللون الأبيض الغالب عليه من الخارج، الذي يشبه مدينة خيالية من الألوان تقع في وسط مدينة ساحلية كالاسكندرية عروس البحر المتوسط، فتصنع حالة عبقرية شديدة التوهج والجمال الخاطف للعين.


كما يتميز المقهى أيضًا بلوحاته الفنية التي تزين جدرانه، حيث يجمع لوحات لأشهر الفنانين منها لوحة للفنان اليوناني فافياديس والفرنسي براك وبورتريه لكفافيس شاعر الإسكندرية المعروف، والعديد من اللوحات الثمينة التي لا تقدر بثمن، فقد كان المقهى بالنسبة للسيدة كرستينا أشبه بابنها، كما أن المقهى شهير بتقديمه المشروبات والمأكولات اليونانية والشرقية ذات المذاق الخاص والتي يقدمها بأسعار مناسبة على أنغام الموسيقى الشرقية والأوروبية الكلاسيكية.