ظهر في التاريخ الكثير من العلماء المسلمين البارزين الذين قاموا بإسهامات عديدة في العلم ومختلف المجالات، منها: العلوم العلمية والتطبيقية والدينية واللغوية والعقائدية والفلسفية والطبية والاجتماعية وغيرها.. بل وقاموا بتأسيس مناهج وقواعد علمية متكاملة لأشهر العلوم وأهمها التي أفادت البشرية كلها حتى وقتنا هذا، وسنقدم كل يوم عالم مسلم خلال أيام شهر رمضان المبارك، لنتعرف على إسهاماتهم على مر التاريخ، وما يتميز به، وسنذكر في أول سلسلة، أشهر وأبرز العلماء في اللغة والأدب، وما قدموه لهذا العلم.
يعد أبو العباس القَلْقَشَنْدِيّ من أشهر المؤرخين، كما أنه أديب، ومؤلف كتاب "صبح الأعشى"، وبارع في الأدب والفقه الشافعي وفي البلاغة والإنشاء.
ولد أبو العباس في قرية قلقشندة بمحافظة القليوبية مصر سنة (756هـ/ 1355م)، ودرس في القاهرة والإسكندرية، وذاع صيته في مواهبه العلمية مما لفت إليه أنظار رجال البلاط المملوكي، فالتحق بديوان الإنشاء في عهد السلطان الظاهر برقوق سنة (791هـ)، واستمر فيه حتى نهاية عهد برقوق، أي حوالي عام (801هـ)، كما تشير بعض المصادر إلى أنه تولى منصب نائب الحاكم لمدة سنتين.
في بداية القرن التاسع الهجري خطرت للقلقشندي فكرة وضع موسوعته الضخمة صبح الأعشى في صناعة الإنشا، الذي بدأ في تأليفه سنة (805هـ)، وفرغ منه في شوال سنة (814هـ).
وكتاب صبح الأعشى في صناعة الإنشا هو كتاب يتكون من 14 جزء، ويعتبر الكتاب موسوعة شاملة لجميع العلوم الشرعية والأدبية والجغرافية والتاريخية.
ومن مؤلفاته الأخرى: "مآثر الإنافة في معرفة الخلافة"، و"نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب"، و"قلائد الجمان في معرفة عرب الزمان، وهذان الكتابان في الأنسابط، وله مختصر لصبح الأعشى عنوانه (ضوء الصبح المسفر، وجنى الدوح المثمر) وله في الفقه الشافعي: "الغيوث الهوامع في شرح جامع المختصرات ومختصرات الجوامع".
وقضى القلقشندي أيامه الأخيرة في عزلة عن المناصب العامة، بيد أنه ظل محتفظاً بمكانة رفيعة في البلاط المملوكي. حتى توفي في في مصر سنة (821هـ، 1418م) وله من العمر خمس وستين سنة.