الخميس 25 ابريل 2024

هدهد سيناء

مقالات24-4-2022 | 15:18

هذا هو الاسم الذي أطلقه المدعي العام الإسرائيلي عوزي ايزاك على شلاش خالد عرابي وهو أحد أبطال منظمة سيناء العربية والتي أسسها اللواء محمد اليماني وهو أيضا أحد أبناء سيناء حيث انخرط فيها كل الوطنيين من مدن القناة وسيناء لتعمل بتخطيط وتنسيق مع أجهزة المخابرات الحربية لتزرع الرجال خلف خطوط العدو إما لنقل المعلومات عن القوات الإسرائيلية وإبلاغها للقيادة العامة أو لإجراء عمليات نوعية كتدمير الرادارات أو محطات الإنذار أو مولدات الكهرباء لإتاحة الفرصة لجنود الكوماندوز للتسلل والقيام بعمليات نوعية.

 

ولم تأت تسمية الهدهد من فراغ فالرجل كان سريع الحركة حاد البصر ويتمتع ببديهة حاضرة، وقد قام بـ 62 عملية خلف خطوط العدو مختلفة الأغراض ولكنها محددة الأهداف وقد أصيب في آخر عملية برصاصة في الفك أدت إلى قطع في اللسان ولكن القوة التي قبضت عليه كانت حريصة على علاجه حتى يستطيع أن يتكلم ويوافيها بمعلومات عن الخلايا النائمة والتي كانت تؤرق مضجع العدو الإسرائيلي وفعلا تم نقله إلى مستشفى بئر سبع وبعد الشفاء تم نقله إلى سجن اشكلون ليتم استكمال استجوابه وقد ساموه سوء العذاب من نزع أظافر إلى كي بالنار إلى إطفاء السجائر في جسده.. حتى أنهم احضروا والده المسن ليرهبوه فقال حتى لو قتلتموه لن أتكلم وسيموت شهيدا.

وظل في الأسر منذ 1968 حتى تم طلبه في تبادل الأسرى 1974 وقد أصيب في أسره بأمراض عدة وكان دائم النزف من قرحة المعدة حيث يكابد ظلمة السجن وقهر السجان وعندما سمحوا له بإرسال رسائل عبر الصليب الأحمر الدولي وتلقي رسائل من أسرته وبرغم علمه أن الرسائل يتم مراجعتها ولا يسمح بغير الأمور العائلية إلا أنه كان يكتب عن الحزن الشديد الذي كان يخيم على السجن إثر وفاة زعيم الأمة الرئيس عبد الناصر.

 

وسطر فرحة النصر في أكتوبر وأرسلها وكيف خيم الحزن والوجوم والخيبة وكسرة النفس على السجن وأعادوا الرسائل إليه مع المزيد من العقاب، أما رسالته إلى "نادية"، ابنته الصغيرة وقد طلب صورتها بملابس المدرسة فقد وصفها بخيال الشاعر وقلم المبدع وبخط واضح منسق، إذ خاطبها قائلا إن أجمل شيء في حياتي أن أراك على باب المدرسة وما أجمل العقد الذي يزين جيدك ونظرتك الحائرة المكسورة لغياب والدك، ويخاطبها بأن نجاحها وتفوقها فقط هم من يهونون عليه قسوة السجن وبطش السجن.

 

وبرغم أنه لم ينل قسطا وافرا من التعليم ألا أنه كان يتمتع بقدرات خاصة جعلته يقرأ الكتب ليس بالعربية فقط ولكن بالإنجليزية أيضا وقد كان حريصا على تعليم أبنائه تعليما عاليا.

 

وقد نشرت قصته في كتاب "المخابرات السرية العربية "التي أصدرته إحدى دور النشر الإسرائيلية ولكن القصة الحقيقية وردت في كتاب لأحد قادة المخابرات الحربية وهو اللواء فؤاد حسين الذي أرخ لبعض البطولات خلف خطوط العدو وقد عاد شلاش إلى وطنه في تبادل الأسرى 1974 وقد قابله الرئيس السادات ومنحه نوط الامتياز من الدرجة الأولى كما كرمته الخدمة الخاصة بالقوات المسلحة ومهما كان التكريم فهو معنويا.

 

لكن ما نحته شلاش على جدار الوطن سيبقى شاهدا على العصر يشير بالفخر إلى أبناء سيناء الأبطال الوطنيين الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل حرية الوطن.

Dr.Randa
Dr.Radwa