الثلاثاء 4 يونيو 2024

ذكرى رحيل جرجي زيدان مؤسس «دار الهلال»

21-7-2017 | 04:05

تحل اليوم ذكرى رحيل الروائي والأديب اللبناني جرجي زيدان مؤسس «دار الهلال» التي أصبحت منارة الثقافة والتنوير في العالم العربي، بما أصدرته من مطبوعات شملت كل مناحي الحياة سواءً ثقافية أو أدبية وفنية وسياسية وعسكرية ورياضية، وكان للنساء والأطفال نصيب أيضًا في إصدارات الدار.

 

في السطور التالية نلقي الضوء على حياة وأعمال مؤسس أكبر وأعرق دار صحفية في الشرق الأوسط .

 

في أسرة مسيحية فقيرة بقرية عين عنب في جبل لبنان ولد جرجي حبيب زيدان، وكان والده أميًا يمتلك مطعمًا في ساحة البرج ببيروت يتردد عليه الأدباء وطلاب العلم في الكلية الأمريكية، وعند بلوغ جرجي السادسة من عمره ألحقه والده بمدرسة لتعلم القراءة والكتابة والحساب؛ لكي يساعده في إدارة المطعم فيما بعد وضبط حساباته، ثم ألحقه بمدرستين لتعلم اللغتين الفرنسية والإنجليزية، بعدها استقر جرجي في مطعم والده، ولم يرض ذلك والدته التي طالبت الأب بأن يعلم الابن أي صنعة أخرى، فاتجه الصبي لتعلم صناعة الأحذية وهو في الثانية عشرة من عمره ولمدة عامين، لكنه تركها لعدم ميله لتعلمها، وظهرت ميوله إلى المعرفة والاطلاع فبدأ يتقرب من رجال الصحافة والفكر أمثال يعقوب صروف وإبراهيم اليازحي  وسليم البستاني وغيرهم والتحق بالجامعة الأمريكية لدراسة الطب لمدة عام ثم تركها ليتجه لدراسة الصيدلة، إلا أنه استقر على الهجرة إلى مصر لدارسة الطب.

 

التحق جرجي بكلية الطب في مصر، غير أن ظروف الحياة اضطرته أن يبحث عن عمل يعينه على الحياة والدراسة ، فعمل محررًا في جريدة الزمان وهي الجريدة الوحية التي كانت تصدر في مصر بسبب مصادرة الاستعمار الإنجليزي لكل الصحف، واتجه جرجي للعمل مترجمًا بمكتب المخابرات البريطانية في القاهرة، ثم سافر في رحلة إلى السودان مع حملة إنجليزية دامت عشرة أشهر، عاد بعدها إلى بيروت عام 1885، ثم سافر إلى إنجلترا ليعود بعدها إلى مصر ليستقر بها ويتفرغ للتأليف والصحافة، فأدار مجلة المقتطف وبعد عام ونصف استقال منها ليعمل بتدريس اللغة العربية، ثم تركها ليبدأ شراكة مع نجيب متري في إنشاء مطبعة، وبعد عام افصل عنه نجيب لتصبح المطبعة من نصيب جرجي وقد أسماها مطبعة الهلال بينما أنشأ نجيب مطبعة أخرى وهي مطبعة المعارف .

 

مع امتلاك جرجي لمطبعة الهلال الضخمة وإرضاءً لميوله الأدبية أصدر مجلة الهلال عام 1892، واستكتب بها كبار الكتاب والأدباء وعمالقة الفكر آنذاك لتصبح بعد خمس سنوات أوسع المجلات الثقافية انتشارًا في الوطن العربي.

 

ولم يتفرغ جرجي زيدان مجلة الهلال فقط بل بدأ في الكتب التاريخية التي تتناول تاريخ مصر وتاريخ التمدن الإسلامي وتاريخ العرب، وأيضًا تاريخ اللغة العربية وآدابها وفلسفتها، مع اهتمامه بتأليف سلسلة روايات عن تاريخ الإسلام، منها فتاة غسان وفتاة القيروان وشجرة الدر وغادة كربلاء وأبو مسلم الخرساني والأمين والمأمون وفتح الأندلس وغيرها من الروايات.

 

رحل جرجي زيدان في 21 يوليو 1914 وتولى ولداه إميل وشكري إدارة دار الهلال وقد اتجها لتوسيع إصدارات الدار فأصدرا مجلة المصور في شهر أكتوبر 1924 وتوليا رئاسة تحريرها بمساعدة فكرى باشا أباظة، واهتمت المجلة بتغطية كل الأحداث في مصر والوطن العربي وسجلتها بالكلمة والصورة مما جعلها أوسع المجلات انتشارًا في الوطن العربي، وبعد ذلك ظهرت مجلة الكواكب كوليد جديد لدار الهلال عام 1932، واهتمت بأخبار نجوم الفن وتغطية الأحداث الفنية ونشر ملخصات الأفلام مع مقالات لكتاب السينما، وتتوالى بعد ذلك الإصدارات التي تهتم بشئون المرأة والطفل والطب لتصبح دار الهلال أول وأعرق الدور الصحفية التي تسعى للثقافة والتنوير في الوطن العربي.