تقرير: أشرف التعلبي
أكثر من ٣٥ ألبوما لصور نادرة تسجل يوميات حفر السد العالي، يوما بيوم، حاضرة منذ ٥٧ عاما، بأرفف مكتبة وزارة الموارد المائية والرى التى تعد شاهدا على أعظم حدث فى نهضة مصر، منذ أن كانت الوزارة تحمل اسم «وزارة الأشغال» كانت تضم الكهرباء والنقل والأوبرا وحديقة الحيوان وغيرها.
السد العالى أعظم وأكبر مشروع هندسى فى القرن العشرين من الناحية المعمارية والهندسية، حسب ما قاله « اوتو كيرشمار» أستاذ الهندسة الهيدروليكية فى الجامعة التقنية فى دارمشتات الألمانية:» والذي وصف السد بأنه واحد من أكبر ثلاثة سدود فى العالم، وهذا ما أكدته التقارير الهندسية الدولية التى أجمعت كلها على أن السد العالى تفوق على ١٢٢ مشروعًا عملاقًا فى العالم، بما حققه من فوائد».
بدأت فكرة السد عندما تقدم المهندس المصرى اليونانى الأصل أدريان دانينوس إلى قيادة ثورة ١٩٥٢ بمشروع لبناء سد ضخم عند أسوان لحجز فيضان النيل وتخزين مياهه وتوليد طاقة كهربائية منه.
وكانت النواة الأولى للدراسات فى ١٨ أكتوبر ١٩٥٢ بناء على قرار مجلس قيادة ثورة ١٩٥٢ حيث استقر الرأى على أن المشروع قادر على توفير احتياجات مصر المائية. وفى مايو ١٩٥٩ قام الخبراء السوفييت بمراجعة تصميمات السد واقترحوا بعض التغييرات الطفيفة التى كان أهمها تغيير موقع محطة القوى واستخدام تقنية خاصة فى غسيل وضم الرمال عند استخدامها فى بناء جسم السد، وفى ديسمبر ١٩٥٩ تم توقيع اتفاقية توزيع مياه خزان السد بين مصر والسودان.
بدأ العمل فى تنفيذ المرحلة الأولى من السد فى ٩ يناير ١٩٦٠ وشملت حفر قناة التحويل والأنفاق وتبطينها بالخرسانة المسلحة وصب أساسات محطة الكهرباء وبناء السد حتى منسوب ١٣٠ مترا .
٢٧ أغسطس ١٩٦٠ تم التوقيع على الاتفاقية الثانية مع روسيا (الاتحاد السوفيتى سابقا) لإقراض مصر ٥٠٠ مليون روبل إضافية لتمويل المرحلة الثانية من السد، فى منتصف مايو ١٩٦٤ تم تحويل مياه النهر إلى قناة التحويل والأنفاق وإقفال مجرى النيل والبدء فى تخزين المياه بالبحيرة.
فى المرحلة الثانية تم الاستمرار فى بناء جسم السد حتى نهايته وإتمام بناء محطة الكهرباء وتركيب التوربينات وتشغيلها مع إقامة محطات المحولات وخطوط نقل الكهرباء.
انطلقت الشرارة الأولى من محطة كهرباء السد العالى فى أكتوبر ١٩٦٧، وبدأ تخزين المياه بالكامل أمام السد العالى منذ عام ١٩٦٨، وفى منتصف يوليو ١٩٧٠ اكتمل صرح المشروع، وتم الاحتفال بافتتاح السد العالى فى ١٥ يناير ١٩٧١، ومن الآثار الإيجابية للسد العالى أنه عمل على حماية مصر من الفيضان والجفاف أيضاً؛ حيث إن بحيرة ناصر تقلل من اندفاع مياه الفيضان وتقوم بتخزينها للاستفادة منها فى سنوات الجفاف، بالإضافة إلى التوسع فى المساحة الزراعية نتيجة توفر المياه والتوسع فى استصلاح الأراضى وزيادة مساحة الرقعة الزراعية من ٥.٥ إلى ٧.٩ مليون فدان، وعمل أيضاً على زراعة محاصيل أكثر على الأرض نتيجة توفر المياه، مما أتاح ثلاث زراعات كل سنة والتوسع فى زراعة المحاصيل التى تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه لريها مثل الأرز وقصب السكر، كما أنه أدى إلى تحويل المساحات التى كانت تزرع بنظام الرى الحوضى إلى نظام الرى الدائم.