الأحد 9 يونيو 2024

ظاهرة المقاتلون الأجانب.. متى بدأت وكيف تطورت وإلى أين تذهب؟

غلاف الكتاب

ثقافة12-7-2022 | 15:15

محمد الحمامصي

ما هو مفهوم المقاتل الأجنبي؟ وما هي طبيعته ودوافعه؟ وكيف استطاعت المنظمات الإرهابية، خصوصا داعش، تجنيد عدد كبير من النساء والرجال وإقناعهم بالالتحاق بداعش؟ هل كانت هناك قابلية للتجنيد؟ أم أن طرق التجنيد كانت غاية الإتقان والجذب؟ ما هي أعداد وأسماء المقاتلين الأجانب؟ كيف تمكن المقاتلون الأجانب الوصول إلى ساحات الصراع؟ ما هي العقبات التي اعترضت عودة المقاتلين الأجانب إلى أوطانهم؟ وغيرها من الأسئلة المهمة.

هذا الكتاب "الوجه الأوروبي والأميركي للمقاتل الأجنبي.. تحديات الدمج والتيه" الذي صدر عن المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية يتتبع الظاهرة ويتناول تباينات المناهج والمقاربات في معالجتها، ويتطرق إلى اهتمام الدولي للتصدي لانتقال المقاتلين الأجانب إلى بؤر التوتر واعتماد وسائل قانونية ردعية، وخطط لإعادة تأهيل العائدين.


بداية لفت الباحث الدكتور عبد السلام سنو محرر الكتاب ورئيس تحرير المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية، إلى أنه تم استخدام مصطلح "المقاتل الإرهابي الأجنبي" في الأبحاث الحديثة لوصف المقاتلين الإرهابيين العابرين للحدود، الذين ينضمون إلى المنظمات الإسلاموية التي تقاتل ضد حكوماتها، أو لتحقيق أهداف أيديولوجية، أو بشكل عام الأفراد الذين يقاتلون مع جماعات المقاومة ضد الدولة. وهو مصطلح مشتق من الصراع الأفغاني السوفييتي في ثمانينيات القرن العشرين، حيث شجعت الحكومات الغربية في بدايات الصراع الجهاد في أفغانستان ضد السوفييت، بل ودعمته، وأصبح مسلمو الغرب جيشا غربيا بالوكالة. 
وعزز الكونجرس الأميركي المصطلح في تقريره الصادر في سبتمبر عام 2015 المعني بمكافحة الإرهاب وسفر الجهاديين إلى أماكن الصراع، ووصفهم بأنهم "أفراد غادروا الوطن إلى ملاذات حاضنة للإرهابيين، وانضموا إلى الجماعات المتطرفة العنيفة وساعدوها".

وبالمثل، يستخدم الجيش الأميركي مصطلح "المقاتلون الأجانب" في البيانات الصحفية لوصف الأجانب الذين انضموا إلى تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية المتحالفة معها من خارج أماكن الصراع.

وقال "يفترض مصطلح "المقاتل الأجنبي" دوافع الفرد ودوره في المنظمة المعنية. ويفترض أن المسافر غادر إلى ساحات الصراع وخدم في أدوار قتالية عند وصوله، ولكن الحقيقة أن بعض الأفراد لم يفعل ذلك. فقد أدى صعود تنظيم داعش على سبيل المثال إلى خلق بيئة يتمنى العيش فيها كل متعاطف مع هذا الفكر، من حيث التمتع بأجواء "الخلافة" التي يتمناها مع تجنب القتال. 


من المهم أيضا الإشارة إلى دور المرأة في هذه التنظيمات الجهادية، التي تمنع من القتال، فيشغلن مناصب نشطة وأساسية في العمليات والإدارة اليومية.

كما يتخذ الأكاديميون وجهة نظر أكثر فاعلية في تصنيف المقاتلين الأجانب، فيقوم كل من "سيروين مور" و"بول توميلتي" في دراسة لهما عن الشيشان بتعريف المقاتلين الأجانب على أنهم "مقاتلون غير محليين وغير مقيمين على أراضيهم، تم إغراؤهم للانضمام إلى الصراعات المسلحة للدفاع عن دينهم وأيديولوجيتهم". 

ويعرف "ديفيد ماليت" المقاتلين الأجانب بأنهم "غير المواطنين في دول النزاع الذين انضموا إلى الجماعات المتمردة أثناء النزاعات الأهلية".

ويميز الباحث ماليت بين المقاتلين الأجانب والمرتزقة، من خلال معيار الأجر، أي تلقي مبلغا ماليا مقابل خدمة المشاركة في الحرب؛ إذ يؤكد أن المقاتل الإرهابي الأجنبي لا يحصل على مقابل لقاء الالتحاق بالحرب في سوريا والعراق.

كما أكد أنه بالرغم من ارتباط مفهوم المقاتلين الإرهابيين الأجانب بالجماعات الإسلاموية، فإن الظاهرة ليست جديدة، كما أنها ليست مرتبطة بالإسلام حتما.

وكشف سنو عن النسب المئوية للمقاتلين في أوروبا، وهي كالتالي: فرنسا: 1550 مقاتل أي 32% ـ بريطانيا: 700 مقاتل أي 15% ـ ألمانيا: 700 مقاتل أي 15% ـ بلجيكا: 380 مقاتل أي 08% ـ النمسا: 229 مقاتل أي 05% ـ الولايات المتحدة: 200 مقاتل أي 04% ـ هولندا: 190 مقاتل أي حوالي 04% ـ النرويج: 150 مقاتل أي 03% ـ السويد: 150 مقاتل أي 03% ـ الدنمارك: 115 مقاتل أي 02 % ـ إسبانيا: 80 مقاتل أي حوالي 02% ـ أستراليا: 70 مقاتل أي 01% ـ إيطاليا: 65 مقاتل أي 01% ـ فنلندا: 60 مقاتل أي 01%.

وأشار إلى أن هناك عوامل عديدة ساعدت التنظيمات، ذات المرجعية السلفية الجهادية، وفي مقدمتها تنظيمي جبهة النصرة التي بزغ نجمها عام 2012 كفرعٍ لتنظيم القاعدة في سوريا، وتنظيم داعش في العراق والشام عام 2014، في جذب واستقطاب المقاتلين الأجانب من كل حدب وصوب.

بعض تلك العوامل ذاتية وهي تختلف في شدتها ارتباطاً بقوة التنظيم في نشر أفكاره ومدى قدرته على استثمار الدعاية المرافقة التي تلعب الدور الأبرز لانضمام عناصر جديدة، سواء من خلال استقدامها عبر شبكات تنقل معدة ومخطط لها مسبقاً، أو عبر تقديم الولاء لهذه التنظيمات، الذي سيغدو يسيراً للغاية في ظاهرة داعش كما سنأتي إليه في بحثنا. 

وهناك عوامل أخرى موضوعية تجد مفاعيلها بدورها على مستويين اثنين: أولا مستوى دولي، يقدم بيئة مساعدة لهذه التنظيمات من خلال أدوات العولمة نفسها مثل تكنولوجيا المعلومات التي جعلت التواصل ممكناً ويسيراً جداً بين هذه التنظيمات والشباب المستهدف من كل أنحاء المعمورة، إضافة إلى سهولة تنقل العناصر المرشحة للانضمام بصفة مقاتل أجنبي إلى معسكرات القتال في مناطق عدة مشتعلة.

وثانيا مستوى محلي- إقليمي، يعاني من حروب أهلية وانقسامات مجتمعية تلعب فيها الهويات الفرعية، الدينية المذهبية والطائفية على وجه الخصوص، دوراً حاسماً في الانتماء إلى هذا المعسكر أو ذاك، هذا بالضبط ما عانت ولم تزل تعاني منه كل من سوريا والعراق. 

وتابع سنو فيما يتعلق بأعداد المقاتلين الأجانب والدول التي قدِموا منها، فقد تباينت التقارير الصادرة عن مؤسسات ومراكز البحث إزاءها.

حيث تتغير التقديرات باضطراد تبعاً لاستمرار عمليات التطويع والاستقطاب، وبحلول عام 2018، بلغت أعدادهم حسب التقارير البحثية والاستخبارية الأكثر موثوقيّة قرابة 40 ألف مقاتل أجنبي من 110 دولة.

وهي أرقام تتطابق مع التقديرات الأميركية الصادرة في يوليو 2017. فبحسب نيكولاس راسموسن، مدير المركز الوطني الأميركي لمكافحة الإرهاب، فإن أجهزة المخابرات الأميركية قدَّرت أن نحو 40 ألف أجنبي انضموا لتنظيم داعش.

وما يمنح هذه التقديرات صدقية أكثر هي مطابقتها للأرقام الأممية، التي أفصح عنها فلاديمير فورونكوف، وكيل الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، في جلسة لمجلس الأمن تحت عنوان الأخطار التي تهدد السلام والأمن من جرّاء الأعمال الإرهابية التي يقوم بها الإرهابيون الأجانب بتاريخ 28 نوفمبر 2017.

وبحسب فورونكوف، فإن أكثر من 40 ألف مقاتل من أكثر من 110 دول انضموا إلى الجماعات الإرهابية التي تقاتل في سوريا والعراق

وحول قضية العبور إلى أماكن الصراع كشف سنو أن البداية كانت من الصراع المسلح السوري عام 2011 بمثابة بداية تدفق غير مسبوق للمقاتلين الأجانب عبر دول البلقان إلى الشرق الأوسط. ودول البلقان.

وباعتبار بلغاريا من دول العبور، فقد قامت بدورها بتعديل القانون الجنائي البلغاري في أبريل 2015 لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2178، الذي يجرم السفر عبر بلغاريا بغرض المشاركة في نشاط إرهابي أو التدريب عليه.

ويجرم التعديل كذلك قيام أجنبي بالتحضير داخل بلغاريا لارتكاب جرائم في الخارج، والتي لم يكن القانون البلغاري ينص عليها حتى ذلك الحين. كذلك لا يمكن أن نعتبر كرواتيا بلد منشأ رئيسي للمقاتلين الإرهابيين الأجانب بقدر كونها في الأغلب بلد عبور.

وقد لاحظت السلطات الرومانية أن رومانيا أصبحت بلد عبور رئيسي للمقاتلين الأجانب الأوروبيين، إضافة إلى ليتوانيا وسلوفينيا. وقد أفادت المجر أنه حتى عام 2017، استخدم المقاتلون الأجانب بلدهم بشكل أساسي للعبور من أجل الوصول إلى مناطق الصراع أو للعودة باستخدام طريق البلقان إلى جهات الاتصال الموجودة في أوروبا الغربية.

وذكروا أيضًا أنه بناءً على بيانات عام 2017، كان من الواضح أن العديد من هؤلاء الأفراد أو الجماعات قضوا فترات طويلة في المجر.

ومن وقت لآخر، تم استخدام رومانيا كمنطقة عبور أو طريق ثانوي للمقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين يسافرون من وإلى العراق وسوريا.

وتابع "بين يناير 2013 ونوفمبر 2017، أكدت البرتغال أن أراضيها قد تم استخدامها كمنصة عبور من قبل مجموعة مكونة من 12 شخص (غير برتغالي) من المقاتلين الأجانب في طريقهم إلى مناطق النزاع (بما في ذلك مواطني فرنسا والمغرب وبولندا وروسيا والمملكة المتحدة). في بعض الحالات، قام مقاتلو داعش الأجانب برشوة قوات سوريا الديمقراطية للسماح لهم بالمرور عبر الأراضي التي يسيطرون عليها.

وبحلول أكتوبر عام 2018، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال "جو دانفورد" أن تدفق مقاتلي داعش الأجانب قد تبدد، ومع ذلك، أقر أن "مقاتلين جدد يصلون، معظمهم عبر الحدود التركية، بمعدل حوالي 100 في الشهر"، وقد أكدت وزارة الخزانة الأميركية في تقريرها عن شهر يناير 2021 أن تنظيم داعش يواصل الاعتماد على "محاور لوجستية" داخل تركيا من أجل تمويله بعد أن فقد معظم الأراضي التي كان يسيطر عليها.

وكشفت الخزانة الأميركية، أن تنظيم داعش غالبا ما يجمع الأموال، ويرسلها إلى وسطاء في تركيا يهربون الأموال إلى سوريا.

وأن الوضع المالي لداعش لم يتغير، حيث استمر التنظيم في جمع الأموال من خلال ابتزاز شبكات تهريب النفط بشرق سوريا، والاختطاف مقابل فدية، والنهب، واستمر في استخدام شبكات لتهريب الأموال النقدية بين العراق وسوريا، واعتمد داعش على شركات الخدمات المالية، بما في ذلك تحويل الأموال بين العراق وسوريا وكذلك دوليا، وغالبا بالاعتماد على المراكز اللوجستية في تركيا.

وقد غرد أحد الإرهابيين الأميركيين بعد أن نجح في السفر إلى سوريا وقاتل في الخطوط الأمامية مع الجماعات المسلحة قائلا: "لقد ذهبت للتو إلى سوريا عبر الإنترنت بعد أن اشتريت تذكرة"، وأوضح "كان الأمر سهلا.

وكان أشبه بحجز رحلة طيران إلى ميامي بيتش". وفي فبراير 2015، نشر تنظيم داعش دليلا إلكترونيا أطلق عليه اسم "الهجرة إلى الدولة الإسلامية"، وهو دليل إرشادي للتعامل الآمن مع الحدود، وتخطيط طرق السفر، وتحديد ما يجب حزمه.

ودليل آخر باسم "كيفية البقاء على قيد الحياة في الغرب"، ينصح المتابعين بطرق آمنة للاتصال بالمتطرفين بمجرد وصولهم إلى أماكن الصراع.

وكشف سنو أن ثمة إحصائيات عن أعداد المنتسبين لتنظيم داعش الذين عادوا إلى البلاد التي جاءوا منها، وهي: إجمالي العائدين من العراق وسوريا: 7145 – 7366، العائدات من العراق وسوريا: 256، عائدون قاصرون من العراق وسوريا: 411 – 1180، وقال أن أوروبا تواجه تحديا متمثلا في إدارة عودة مواطنيها الذين قاتلوا في الصراعات المسلحة، خاصة بعد أن انهارت معاقل داعش خلال عام 2016.

على سبيل المثال يمكننا حساب نسب العائدين إلى أوروبا كالتالي: عاد 19.2% (24 فردا من أصل 125) مقاتلا إلى إيطاليا، و6.3% (54 فردا من أصل 850) مقاتلا إلى المملكة المتحدة، إضافة إلى مئات المقاتلين البريطانيين تشتتوا في دول أوروبية دون إحصاء رسمي.

كما عاد 11% (116 فردا من أصل 1050) مقاتلا إلى ألمانيا، وعاد إلى فرنسا 11.7% (225 مقاتلا من أصل 1910)، أما النمسا فقد عاد إليها 23.3% (70 من أصل 300) مقاتل يحملون الجنسية النمساوية.

كذلك عاد إلى السويد 39.7% (106 من أصل 267) مقاتلا كانوا في أماكن الصراع المسلح في سوريا والعراق، وعاد إلى فنلندا 57.2% (63 مقاتلا من أصل 110). فضلا عن عودة 23.2% (120 مقاتلا من أصل 516) إلى بلجيكا.

وأشارت البيانات إلى عودة 17.3% (16 مقاتلا من أصل 92) إلى سويسرا، و21.3% (50 مقاتلا من أصل 234) إلى إسبانيا، وحوالي 54.4% (68 مقاتلا من أصل 125) عادوا إلى الدنمارك. وعاد حوالي 30.3% (100 مقاتل من أصل 330) إلى البوسنة والهرسك، و38.6% (117 مقاتل من أصل 303) عادوا إلى كوسوفو، ونحو 59.3% (86 مقاتلا من أصل 154) إلى مقدونيا. 

ولاحظ سنو تتنوع دوافع عودة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم، فقد يعاني بعضهم من خيبة الأمل بسبب أيديولوجيات التطرف العنيفة أو الحياة في الأراضي التي تسيطر عليها المنظمات الإرهابية، وربما يعود آخرون سعيا وراء لم شملهم مع أسرهم، أو تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية. وهناك أقلية تعتزم شن هجوم على أرض الوطن، ويدل على ذلك الاعتداءات التي قام بها من سبقهم من الإرهابيين الذين عادوا من القتال في سوريا ونفذوا عمليات في أوروبا مثل:
ـ الفرنسي المنحدر من أصول جزائرية إسماعيل عمر مصطفاوي (29 عاماً) كان أحد الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم في مسرح باتاكلان، وتم التعرف على هويته من بصمات إصبع مبتور عُثر عليه في المكان. وكان اسمه مدرجاً على قائمة الأشخاص الموضوعين تحت المراقبة.

ويسعى المحققون لإثبات أنه أقام فعلا في سوريا بين عامي 2013- 2014.

ـ سامي عميمور (28 عاماً) انتحاري آخر فجر نفسه في باتاكلان، ولد في باريس وينحدر من درانسي بالمنطقة الباريسية.

وكان متهماً بالانتماء إلى مجموعة مرتبطة بمخطط إرهابي "بعد مشروع رحلة فاشلة إلى اليمن".

وصل إلى سوريا في 2013 وصدرت بحقه مذكرة توقيف دولية. وفي ربيع 2014 تمكن والده من لقائه في سوريا.
ـ بلال حدفي (20 عاماً) أحد الانتحاريين الذين حاولوا اقتحام استاد دو فرانس.

ولد في فرنسا ويقيم في بلجيكا، ذهب إلى سوريا للجهاد. وقد نشر على حسابه على موقع فيسبوك صور كلاشينكوف وترسانة.

وعلى أخرى يظهر عاري الصدر يحمل بندقية على كتفه ويصوب على هدف.
ـ عبد الحميد أبا عود، أو أبو عمر البلجيكي كما يلقب نفسه، يبلغ من العمر 27 عاماً، ولد في المغرب، وهو العقل المدبر للاعتداءات الدموية في باريس وأحد أبرز وجوه تنظيم داعش، وأعلنت فرنسا مقتله في عملية أمنية شنتها الشرطة في سان دوني. وهناك غموض بشأن المكان الذي كان موجودا فيه قبل مقتله، إذ زعم تنظيم داعش أنه كان في سوريا.

وربما يكون التنظيم قد كذب فيما يتعلق بمكان أبا عود لصرف الأنظار عنه عقب الهجوم على مقر مجلة "شارلي أبدو" وفي فيفييه في بلجيكا.

ووأوضح أنه غالبا ما ضلل جهاديون وكالات الاستخبارات بشأن أماكن وجود مسلحيهم، من منطلق استراتيجية "الحرب خدعة". وليس من الواضح متى أصبح أبو عود متشددا.

وتفيد وكالة أنباء أسوشيتدبرس أنه درس في أفضل مدارس بلجيكا الثانوية، وهي مدرسة سان بيير دوكل.

ويمكن تصنيف المقاتلين الأجانب العائدين في خمس فئات، وتنطوي كل فئة على مستوى مختلف من المخاطر: 
ـ العائدون الذين رحلوا مبكرا، أو بعد البقاء لفترة وجيزة دون أن يندمجوا (بشكل خاص في داعش).
ـ العائدون الذين بقوا لفترة أطول، لكنهم لم يوافقوا على كافة أعمال داعش.
ـ العائدون الذين لم تكن لديهم أي هواجس أو شكوك حول الدور الذي يقومون به، أو الأساليب التكتيكية أو الاستراتيجيات التي يتبعها داعش، لكنهم قرروا المضي قدما.
ـ العائدون الذين أظهروا انصياعهم الكامل لداعش، ولكنهم أجبروا على الخروج بسبب ظرف ما، مثل فقدان الأراضي، أو أسرهم وترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.
ـ العائدون الذين أرسلتهم داعش إلى الخارج للقتال من أجل "الخلافة" في أماكن أخرى.

وهذه الفئة الأخيرة تشكلت عام 2014، حيث قامت داعش بتطوير خلية من المقاتلين الأجانب والإبقاء عليها بهدف تخطيط هجمات في الخارج وتنفيذها. وبالمعنى الدقيق للكلمة، ليس بين هؤلاء الإرهابيين سوى القليل من العائدين، لكن ينبغي التعامل معهم باعتبارهم مقاتلين تم إرسالهم للعمل خارج "الخلافة".

ورأى أن إحدى عقبات دمج المقاتلين الأجانب العائدين إلى ديارهم أن الإسلام السياسي بمختلف تياراته يهدف إلى إدخال نظام اجتماعي وسياسي مصدره إطار الفهم الأيديولوجي للقرآن. من شأن مثل هذا الأمر أن يؤدي، كما ذهب رئيس المكتب الاتحادي لحماية الدستور في ألمانيا على سبيل المثال، إلى إلغاء النظام الأساسي الديمقراطي الحر لألمانيا إضافة إلى العديد من القيم الأساسية الراسخة في القانون الأساسي.

وتزداد المخاوف إذا علمنا أن أعداداً من العائدين أو المرشحين للعودة تضم ليس فقط الرجال والنساء، وإنما أطفالاً وشباباً يافعين عاشوا ضمن بيئة غير طبيعية، تعرضوا من خلالها في سنٍّ مبكرة لخطر الانزلاق بسهولة ويسر إلى التطرف.

إذ أن كثيرين منهم شهدوا عمليات إعدام تمثلت في جز الرؤوس في الساحات العامة.

كما أظهرت أشرطة دعائية لتنظيم داعش أطفالاً يقومون بأنفسهم بعمليات الإعدام نحراً.

أضف إلى ذلك التعليم المدرسي الذي تلقاه هؤلاء الأطفال، القائم على مفاهيم وأدبيات التطرف والدعوة إلى الجهاد.

وإذا كان الاتحاد الأوروبي قد وضع استراتيجية شاملة ومتكاملة، وقائية وعلاجية، من الناحية النظرية لمكافحة ودرء أي خطر محتمل من المجموعات المتطرفة التي تستهدف أمن دول الاتحاد واستقرارها، وكذلك معالجة ما قد ينجم عن هكذا أعمال، فإنه (أي الاتحاد) لم يزل يفتقد إلى آليات تطبيق أكثر عملية تمكنها من مواجهة ما يمكن أن يتمخّض عن عودة الآلاف من المقاتلين الأجانب المنحدرين من دوله، التي تئنّ العديد منها تحت وطأة غياب برامج فعالة في هذا الصدد.