الأربعاء 26 يونيو 2024

احترمت «وجع» الفنان خالد زكي

مقالات25-7-2022 | 13:00

كان حوارا أجراه الفنان خالد زكي منذ يومين في قناة Ten مع الصديقة بوسي شلبي لتنفي من خلاله تلك الشائعة السخيفة التي خرجت من أحد المواقع أشاع وفاة الفنان خالد زكي وهو في كامل صحته ولياقته، ورغم أن الحوار ركز في أغلبه على نفي الشائعة وطمأنة جمهور خالد زكي ومحبيه وأصدقائه إلا أنه في الدقائق الأخيرة للحوار انفجر بعدة تصريحات اقتحمت المسكوت عنه وضغطت على وجع أكبر إيلاما من شائعة سينتهي أثرها بعد يوم أو يومين، وجع يمتد أثره إلي مصير جيل كامل يمثله خالد زكي، وجع عام ضغط على مشاعر هذا الفنان الرقيق فتحدث عنه وكأنه وجع خاص حتى لا يجرح مشاعر أبناء جيله الذين لا يلقون الاهتمام الكافي، حيث قلة الاستعانة بهم وضعف الأجور التي تدفع لهم وهم أهل قامات وقدرات وخبرات لا يستهان بها ولا تستغني عنها أية دراما جيدة وجادة، ما دفع خالد زكي أن يخرج عن تلك المنطقة الهادئة والدافئة في شخصيته ويأبى أن ينهي حواره قبل أن يؤكد على أن ذلك يعد " قهرا" يعيشه هو وأبناء جيله من الكبار.

 

كانت بوسي شلبي تسأله عن السيناريوهات التي تعرض عليه حاليا وعن مستواها وعددها مقارنة بالسيناريوهات التي كانت تأتيه في الماضي، فانعطف فجأة إلى تصريحات مؤلمة وصادمة، كاشفا عن غصة في قلبه من تعامل المنتجين مع جيله بمنطق سوق الخضار وراح يقول: (مهم جدا جدا الاستعانة بجيلي من الممثلين، السينما والدراما في العالم تستعين بالفنانين الكبار كثقل وإضافة للعمل، ماينفعش تقول أجيب "س" مكان "ص" عشان دا أجره أرخص من دا، الكلام دا بيزعلني جدا وبيزعل جيلي كله، ماينفعش أبقي عامل خمسين أو ستين سنة شغل ونجاحات وتيجي تقلل من أجري، ماينفعش يبقى أجري من عشرين سنة عشر قروش وتقوللي هتاخد تلاته وإلا توقف التعامل معايا وتروح تجيب حد تاني!! دا كلام ماينفعش ولازم المسؤولين ينتبهوا إلى هذا، لازم يحصل تدخل من باب صيانة كرامة الفنان اللي في جيلنا، عشان مانجيش نموت واحنا مامعاناش ولا مليم)

 

وظل خالد زكي في مرارته يكرر هذه العبارات الموجعة متحدثا عن نفسه وعن جيله وموجها كلامه للمسؤولين عن الدراما وظل يؤكد في حواره بأنه لا يجوز أن يعامل فنانوا هذا الجيل بهذا المنطق المهين حيث قلة في العمل وقلة في الأجر وخوف من نهاية لن يجدوا فيها ما يصرفونه على علاجهم، بل ربما يأتي الأجل وهم لا يملكون مصاريف الجنازة، ووصلت المرارة ذروتها في صوته وهو يقول في نهاية حواره- أتمنى أن يصل ندائي للمسؤولين وأن يتم الاهتمام بجيلي من الفنانين الكبار وأن يكرموا أدبيا وماديا في أجورهم (عشان ماينتهيش عمرهم ومافيش في جيبهم ولا مليم) قالها أكثر من مرة، قبل أن يخوض في واقعه هو، وقبل أن يصدمنا بتصاريح أخرى عن حياته أعلن فيها أنه لا يملك رصيدا في أي من البنوك، وأنه باع سيارته منذ عام 2011 على أمل أن يشتري غيرها إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن، كل هذه التصاريح خرجت من نجم لا زال موجوداً على الشاشات فما بال الآخرين.

 

من المؤكد أن الرجل كان مشحونا بأوجاع زملائه الذين يتواصلون معه كما بدا من كلامه، ومن المؤكد أنه قرر أن يتحدث نيابة عنهم غير مبال بتأثير ذلك على صورته وغير منشغل بتبعاته، ولما لا وهو القلب العامر بالحب لزملائه ولمهنته ولوطنه، وكل من عرف خالد زكي عن قرب- وأنا منهم- لمس فيه هذا القلب المحب وذاك الدفء الذي يجعلك من اللقاء الأول تشعر وكأنه صديق عمر، وأنا أمام ذلك أحييه وأحترم وجعه وأشاركه خوفه على أن يأخذنا منطق "سوق الخضار" هذا إلى دمار حال الدراما مثلما فعل في صناعة السينما ومن قبلها صناعة الأغنية وما وصل إليه حالنا فيها، ولا بد أن يدرك الجميع أنه في الفن تحديداً تكون للخبرات المتراكمة قيمتها في قدرة الفنان على التأثير وعلى النفاذ إلى وجدان جمهوره، وأن نجاحات السنين تمنحه مفاتيح الوصول للجمهور وتكشف له ما لم يكشف لأحد من أسرار توصيل الرسائل للقاعدة العريضة، فالموهبة تحتاج لسنوات تثقلها وتاريخ من النجاحات تمنح صاحبها خبرة تضاهي خبرة أساتذة الطب النفسي في قراءة الجمهور وتحليل "سيكولوجيته" بما يجعل ذلك الفنان أسرع وصولا وأقوى تأثيرا ونفاذا، وإذا كانت كل الصناعات في العالم تقوم بأهل الخبرة وأهل الكفاءات، فصناعة الفن تأتي في صدارة هذه الصناعات.

الاكثر قراءة