عقدت مؤسسة الفكر العربي مؤخرا ندوة افتراضية لمناقشة "الحرب السيبرانية" المصنفة بحسب الخبراء ضمن حروب الجيل الخامس، بمشاركة أكاديميين وباحثين ومختصين ناقشوا فيها التحولات الجيوسياسية وتوزيع القوة في النظام العالمي الجديد، فضلا عن التقدم التكنولوجي والمتغيرات في خصائص الحروب.
وحاولوا من خلال مداخلاتهم ومقارباتهم المختلفة الإجابة عن مجموعة من الأسئلة أبرزها: ما هي خصائص الحرب السيبرانية وكيف تخاض؟ هل دخلت هذه الحرب ضمن المنظومة التقليدية للدول القادرة على ذلك؟ ما هي خطورة هذه الحرب؟ كيف يمكننا الحد من تهديداتها ومخاطرها وأضرارها؟ وأخيرا ما هي الضوابط القانونية الدولية للحروب السيبرانية؟
تحدث في افتتاح الندوة المدير العام لمؤسسة الفكر العربي البروفسور هنري العويط، مؤكدا حرص المؤسسة على طرح القضايا التي تهم العرب في حاضرهم ومستقبلهم.
وأشار العويط إلى أن المجموعات المنخرطة في الحروب الجديدة لا تتمتع بالضرورة بصفة رسمية، ويستعاض فيها عن الجيوش النظامية بجيوش من الخبراء والعملاء السريين الذين قلما يتم الكشف عن هوياتهم، محذرا من خطرِ فقدانِ القدرة على التحكم بمسارات هذه الحروب وضبط تفاعلاتها ومآلاتها، ومن إمكانية تسببها في نشوء أزمات ونشوب حروب عسكرية.
أدار الندوة الخبير الاستراتيجي الياس حنا الذي تحدث عن أن ارتباط التكنولوجيا بالحرب، والعملية التفاعلية بينهما، يؤديان إلى تغير خصائص الحرب وإدخال التعديلات في التنظيم والاستراتيجيات والتكتيك، معتبراً أنه مع الثورة التكنولوجية، ظهر وسيط جديد للحرب، ألا وهو " الفضاء السيبراني".
من جهته رأى الأستاذ المشارك في قسم نظم المعلومات في كلية الحاسبات وتقنية المعلومات في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور عدنان مصطفى البار أن شبكة الإنترنت قدمت خدمات كبيرة للإنسانية، ولكنها حملت مخاطر وسلبيات أدت إلى نشوء حروب رقمية، إذ إن الحرب السيبرانية تهدف إلى غزو الفضاء الرقمي وإتلاف المعلومات وتعطيل مسار التقدم، وأوضح أن العالم اليوم يعيش حربا كبيرة في السيطرة على البيانات والمعلومات من أجل الاستباق لاتخاذ القرارات العلمية المدروسة.
ولفت إلى أن الدول الخليجية تخوض تجربة ناجحة في مأسسة الأمن السيبراني وإدارة القضايا الخاصة به، حيث أصدرت القوانين واللوائح التشريعية لتنظيمه، داعيا إلى تبادل الخبرات العربية في هذا المجال.
فيما توقفت المستشارة القانونية الدولية الدكتورة جنان الخوري عند القوانين والأنظمة ذات العلاقة بالأمن السيبراني، مؤكدة أن القانون الدولي اليوم يعيش حالة فراغ بشأن الحرب السيبرانية، ولا يوجد أي قانون يقوم بحماية الشبكات المعلوماتية من حوادث الأمن السيبراني.
وأوضحت أن الحرب السيبرانية قلبت مفهوم القانون الدولي رأسا على عقب وجعلت الأمم المتحدة تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه العشوائية، فالجيش في الحرب السيبرانية عبارة عن جيش معلوماتي إلكتروني يقوم بشن هجمات سيبرانية تستهدف البلدان والمجموعات والمنظمات لزعزعة الأمن وإشعال الصراعات.