الجهاز الإدارى للدولة.. كان أحد المعوقات التى تواجه الإصلاح الحقيقى.. والبناء والتنمية وإنهاء عقود الأزمات المزمنة.. عانى على مدار «5 عقود» من التكدس والترهل والبيروقراطية والروتين والضعف.. فى المهارات والقدرات التى جاءت نتاج تعليم عفى عليه الزمن.. لم يعد مواكباً فى مخرجاته لاحتياجات ومتطلبات العصر.. لذلك فإن تجربة.. مصر ــ السيسى فى البناء والتنمية والاصلاح.. اصطدمت بهذا التحدى وهو ما استوجب اصلاح الجهاز الإدارى نفسه.. بإجراءات وقوانين ورؤى خلاقة وبحيث يرتكز على تعليم عالى الجودة.. لذلك مسيرة الـ«8 سنوات» جاءت غزيرة الاصلاح فى ظل مؤسسات كانت خارج الخدمة.
إنها معركة المصير.. تحسمها الإرادة والوعى والفهم والقبول
الجهاز الإدارى للدولة.. شكل أحد التحديات التى واجهت مسيرة البناء والتنمية
المصريون يجنون ثمار الإصلاح الحقيقى.. ولولاه ما صمدت الدولة أمام أعنف الأزمات العالمية
شتان الفارق بين من يدرك حجم وطبيعة التحديات.. وبين المنظرين عن بعد
واجهت الدولة المصرية عقبات وصعوبات على مدار الخمسين عاماً الماضية لتنفيذ الإجراءات الحاسمة والرؤى الإصلاحية والحلول الجذرية لإنهاء الأزمة العميقة التى عانت منها الدولة على مدار خمسة عقود.
لم تكن الظروف والحسابات مواتية لتنفيذ مسارات الإصلاح.. والتى اصطدمت بأمور كثيرة معقدة.. بسبب غياب وافتقاد القدرة على تطبيق الإجراءات الحاسمة والحلول الجذرية.. خاصة أن البيئة المجتمعية لم تكن مهيأة لتقبل هذه الإجراءات.. ولم تجد هذه الإجراءات مساندة من النخب السياسية والفكرية والثقافية والإعلامية والدينية.. لم تشعر ولم تدرك آنذاك بدقة اللحظة.. وخطورة تجاهل هذه الحلول الجذرية.. ربما لأسباب تتعلق بعدم الوعى والإدراك بماهية وطبيعة الإجراءات أو خشية على النفس من المخاطرة بالمساندة والدعم واقناع الرأى العام.. وهناك من انشغل بأمور أخرى.. ولم يول الفكرة والمبدأ الإصلاحى الاهتمام الكافى.
قلت فى مقالات سابقة أيضا.. إن الإجراءات الإصلاحية والحلول الجذرية اصطدمت أيضا بمحاذير استقرار الدولة «الهشة» والتى شكلت مخاوف داهمة على صانع القرار.. ولعل ما حدث فى 1977 جسد عائقاً وتجربة مريرة وعقبة أمام كل محاولة إصلاح حقيقية تفضى لنتائج تحقق التنمية المستدامة وإنهاء ملفات وأزمات معقدة.
أيضا حالة الفقر والعوز التى عانى منها قطاع كبير من المصريين خلال العقود الماضية.. شكلت واحدة من العقبات أمام خطط الإصلاح حيث كانت تتطلب دعماً شعبياً.. لم يكن الرأى العام متقبلاً فى ظل حالة العوز التى يعيش فيها لأى إجراءات حاسمة أو حلول جذرية.. وتم الاستسلام لإجراءات المسكنات الوقتية التى أدت فى النهاية إلى تفاقم الأمور وتعقيدها وزيادة المعاناة.
الأمر المهم الآخر الذى شكل عائقاً كبيراً.. إن حجم الثقة فى قدرة الدولة على إيجاد مسار ناجع للحل وسط الخيارات الصعبة التى تحدثنا عنها كان يستدعى عملاً شاقاً ومستمراً.. والذى واجه عقبة تحد من نوع آخر وهى ممارسات جماعات الإسلام السياسى من تشكيك وتشويه وتزييف للوعى حول كل عمل وبناء أو خطوات نحو الإصلاح رغم أن هذه الجماعات كانت ومازالت تعانى من حالة تقزم وضآلة وتصحر فى فكر إدارة وبناء الدولة.. ولم يكن نظام الإخوان يمتلك أى نوع من القدرة على إدارة شئون دولة فى حجم مصر تعج بالأزمات والمشاكل والتحديات التى جاءت من العقود الخمسة أو نتاج ومحصلة الانهيار الذى حدث فى يناير 2011.. فلم يكن هناك مشروع حقيقى لإعادة بناء الدولة وأيضا غياب الرؤية والكوادر المطلوبة لإنجاز فكر خلاق يؤدى إلى مواجهة التحديات.. وتعامل الإخوان مع مصر بفكر الجماعة وليس بفكر الدولة.. وبدت فى حالة انكشاف تاريخية أجهزت على كل شعاراتها وادعاءاتها وقدراتها المزعومة وأثبت للمصريين بما لا يدع مجالاً للشك أنهم فشلوا فى مجابهة الأزمات.. وتخفيف المعاناة عن المواطنين لأسباب تتعلق بعدم القدرة والعجز على إدارة دولة أو تفرغهم لدغدغة المشاعر وتجارة الشعارات وكانت فرصة تاريخية رغم تداعياتها إلا أنها عرت هذه الجماعة أمام الشعب المصرى.
السؤال المهم.. التجربة المصرية الملهمة التى انطلقت منذ عام 2014.. واجهت نفس التحديات التى عانت منها الدولة المصرية على مدار الـ 50 عاماً التى سبقت هذا التاريخ وورثت تركة ثقيلة من المعوقات والظواهر السلبية وآثار الماضى البعيد والقريب وأزمات معقدة يطول شرحها.. لكن أهم ما يميز تجربة مصر فى البناء والتنمية فى عهد الرئيس السيسى.. أنها لم تستسلم لهذه التحديات وبحثت عن أفكار خلاقة لتحريك مياه البحيرة الراكدة على مدار عقود كانت القيادة تدرك أن هناك صعوبات تتعلق بمدى تقبل الشعب فى ظل المعاناة والأزمات وقتها لإجراءات الإصلاح والحلول الجذرية.. من المحتمل أن تكون هناك مقاومة وهو ما تجلى بوضوح عند اجتماع الرئيس عبدالفتاح السيسى مع أجهزة الدولة فى 2016 لتمرير وتنفيذ مسار الإصلاح الاقتصادى الشامل.. كان الجميع رافضين لهذا الإجراء أيضا على استقرار الدولة «الهش» وهذا توصيف الرئيس السيسى وخلال الأزمات والمشاكل والتحديات التى شكلت خطورة على بقاء الدولة نفسها.. ولعل امتلاك الرئيس السيسى جرأة وشجاعة القرار وفضيلة القرار.. جعله يقدم على هذه الخطوة المصيرية فى هذا التوقيت والفارقة فى مسيرة الدولة المصرية.. ووصف هذا القرار ودوافعه فى هذا التوقيت بقوله لو اتخذنا القرار نقدر نعبر ونعدى (قناية).. أما لو لم نتخذ قرار الإصلاح الآن.. سيكون مستحيلاً عبور البحر فى المستقبل.. ووجدها الرئيس السيسى أيضا فرصة لتمرير مسار الإصلاح من خلال نوع فريد ونبيل وشريف من الاستثمار.. حيث استثمر ووظف الرصيد الوافر من حب الناس والرهان على قبولهم لمسار الإصلاح وتحملهم لتبعاته وتداعياته.. رغم أن الرئيس السيسى وجه مجموعة غير مسبوقة من إجراءات الحماية الاجتماعية آنذاك لحماية الفئات الأكثر احتياجاً.. وهنا تحقق للرئيس السيسى ما أراد وما خطط إليه ليس لمصلحة شخصية أو ذاتية.. ولكن إعلاء المصلحة الوطنية وإدراك دقة اللحظة فى مسيرة الدولة المصرية.
الرئيس السيسى يطلب من الجميع التركيز على الفكرة وإيلاءها الاهتمام والرعاية.. وتبنيها سواء سياسياً وفكرياً وثقافياً ومجتمعياً وإعلامياً ودينياً.. لتشكيل رأى عام ومساند للفكر الإصلاحى والإجراءات المهمة والحلول الجذرية لتغيير الواقع.. لكن البعض من هذه النخب لديهم حسابات تجنح فى أحيان كثيرة بعيداً عن مصلحة الوطن سواء الخوف على النفس أو خشية مساندة الحق.. فالباطل باطل ولو اتبعه الجميع.. والحق أحق ان يتبع ولو رفضه الجميع.. فالبعض يخشون من تحمل المسئولة خوفاً على مكاسب شخصية ومالية.. والآخرون يخشون غضب العامة للاستمرار فى مغازلة الشباك والبعض أيضا يخشون الاتهام بمحاباة السلطة وكل ذلك على حساب الحق ومصلحة الوطن ولا يتنافى تماما مع القيم والقواعد الأخلاقية والدينية لكن فى كل الأحوال مطلوب تجرد وإنكار للذات لدى النخب من أجل مصلحة وطنية حقيقية تحقق صالح البلاد والعباد.
الحقيقة أن التجربة المصرية للبناء والتنمية والإصلاح التى يقودها الرئيس السيسى اصطدمت أيضا ببعض التحديات.. حيث ورثت الدولة المصرية جهازاً إدارياً يعانى من التكدس والتضخم والاهتراء وغياب الكفاءة وعدم عدالة وموضوعية الاختيار الذى جاء بسبب التعيين العشوائى حيث كان القانون يتيح الحق لرؤساء الهيئات والقطاعات إصدار قرارات التعيين.. وتحول هذا الجهاز الإدارى للدولة والمفترض أن يقوم بخطط الإصلاح وتوكل إليه عمليات التطوير والبناء والتقدم إلى ما يشبه (شئون اجتماعية).. ناهيك عن الفساد والروتين والبيروقراطية وتعطيل مصالح المواطنين والمستثمرين وافتقاد التدريب والتأهيل وعدم مواكبة متطلبات هذه الصفات والمواصفات التى تتعلق بالموظف فى العواصم والمدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية والجيزة.. فما بالنا بالموظفين أو طبيعة الجهاز الإدارى فى المحافظات الأخرى النائية والحدودية والصعيد وبحرى.. أعتقد أنها كانت تعبر بشكل واضح وصريح عن حال البلاد والعباد خلال العقود الماضية من فقر وتصحر فى القدرات والمواهب والقدرة على الإدارة العلمية التى تواكب العصر.. وتتسق مع متطلبات تنفيذ الرؤى الإصلاحية.
الجهاز الإدارى للدولة الذى كان يعانى من أمراض مزمنة وآفات خطيرة سواء الإهمال والفساد والترهل (والأمية الإدارية).. لم يكن مناسباً أو مواكباً أو متسقاً مع بناء دولة حديثة خاصة أن هناك متغيرات أخرى مضافة طرأت على الجهاز الإدارى للدولة وزادت الطين بلة والأمر تعقيداً.. حيث شهدت أحداث يناير فى ظل المظاهرات الفئوية وعدم القدرة على اتخاذ القرار فى ظل «لى ذراع الدولة» انضمام ما يقرب من مليون ونصف المليون موظف جديد أستطيع القول إنهم ليسوا على مستوى المسئولية والكفاءة ولم يكن حتى مناسباً فى ظل ظروف وأوضاع الدولة الاقتصادية تعيين هذا الرقم الذى شكل ضغوطاً إضافية لحالة الجهاز الإدارى المترهلة فى الأصل.
الرئيس السيسى فى البند الخامس فى كلمته فى افتتاح المؤتمر الاقتصادى قال: إن الجهاز الإدارى للدولة لم يكن مستعداً بالكفاءة لتنفيذ خطط الإصلاح المطلوبة.. بل بدا واضحاً أن الإصلاح يجب أن يشمل هذا الجهاز الإدارى.. لذلك من أهم التحديات التى واجهت تجربة (مصر ــ السيسى) فى الإصلاح والبناء والتنمية المستدامة.. بالمواصفات والمعايير العصرية.. هو وجود جهاز إدارى يعانى من تأخر وأمراض مزمنة.. وترهل وتكدس وغياب للمهارات والقدرات «والأمية الوظيفية والإدارية».. بآفاتها مثل «الفهلوة» والروتين والبيروقراطية ولا يناسب وتيرة عمل الدولة التى تسابق الزمن من أجل بلوغ الأهداف بأعلى جودة وأسرع وقت.
الحقيقة أن الرئيس السيسى واجه هذا التحدى برؤية وإرادة.. من خلال إجراءات واضحة وقوانين تستند على العلم.. بدأت بإلغاء قانون 47 لسنة 1978 الذى كان يُخول لكل رئيس سلطة مختصة ومن ينوب عنه تعيين من يشاء.. وهو الأمر الذى أدى إلى التكدس والترهل وتحمل الجهاز الإدارى للدولة فوق طاقته.. سواء فى ظل تراجع المستوى الإدارى والوظيفى وعدم كفاءة الكثير منهم.. أو عدم الاحتياج لهذا الرقم الكبير الذى شكل عبئا على ميزانية الدولة فى بنود المرتبات والأجور التى ارتفعت فى يناير 2011 من 80 مليار جنيه إلى 230 مليار جنيه.
الرئيس السيسى سعى إلى الارتقاء وتطوير الجهاز الإدارى للدولة بتطبيق أعلى معايير العدالة والنزاهة والشفافية والموضوعية وأن الكفاءة والجدارة هى المعيار الوحيد للاختيار.. وأيضا وجه إلى إصدار قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 والذى وجد قبولاً كبيراً فى المجتمع وتبنى هذا القانون قواعد الإصلاح الإدارى للموظفين وحقوقهم الإدارية والمالية.. وهو ما قضى على حالة الترهل والتكدس وأعاد هيكلة الجهاز الإدارى للدولة وإنشاء الملف الوظيفى الإلكترونى والتحول الرقمى.. وتبنى فكرة إدارات للموارد البشرية بدلاً من شئون العاملين والموظفين بالإضافة إلى الاستثمار فى العنصر البشرى من خلال تدريب وتأهيل الموظفين بشكل دورى لمواكبة العصر ومتطلبات الإدارة العصرية.
الرئيس السيسى طرح العديد من القضايا فى هذا البند المتعلق بالجهاز الإدارى.. سواء عن مدى قدرته على تلبية التحديات الضخمة فى مصر.. وهل المؤسسات فى هذا الوقت كانت قادرة على مواكبة الفكر والرؤى الإصلاحية.. والتى تستهدف البناء طبقاً للمعايير والمواصفات العالمية.. وأيضا هل كان التعليم على مدار 35 عاما يحقق الكفاءة والجودة فى بناء مؤسسات الدولة.. والجهاز الإدارى للدولة خاصة أن العاملين والموظفين فى الدولة هم نتاج نظام التعليم.
الحقيقة أن تجربة «الإصلاح والبناء» التى أطلقها الرئيس السيسى واجهت تحديات عميقة تتعلق أيضا بأهمية تقبل الشعب.. للإجراءات والرؤى الإصلاحية.. ومدى كفاءة الجهاز الإدارى للدولة.. والنظام التعليمى المفترض أن يفضى إلى كوادر قادرة على تنفيذ الإصلاح بالشكل العصرى الذى يخاطب الحاضر والمستقبل.. بالإضافة إلى تحديات أخرى كانت تستلزم بناء قاعدة تشكيل الرأى العام على أسس الوعى الحقيقى والفهم الصحيح.. ومساندة الرؤى الإصلاحية التى تؤدى إلى إنهاء المعاناة والأزمات وترسخ التنمية المستدامة.
غياب جودة التعليم كان من أهم أسباب تدهور الجهاز الإدارى بالدولة.. فالخريج كان يحصل على مجرد شهادة لا تجسد الكفاءة وجودة التعليم أو مواكبة متطلبات العصر.. وساق الرئيس السيسى مثلاً لذلك عندما سأل وزير الاتصالات.. الناس اللى بتشتغل وتكسب كويس فى دولة تعداد سكانها 6 ملايين نسمة منهم 500 ألف يحصلون على راتب شهرى يتراوح من 10 إلى 15 إلى 20 ألف دولار.. وسأل الرئيس كم شخصا لدينا من 100 مليون مواطن مصرى لديه هذه القدرة والكفاءة والجاهزية لذلك؟
الإجابة تكشف عمق أزمة مخرجات التعليم فى مصر وحاجة التعليم إلى إصلاح وتطوير ومواكبة فى العالم.. إذن نحن أمام حقيقة.. إن كل شىء وكل مجال وقطاع فى مصر كان فى حاجة إلى إصلاح وتطوير حقيقى.. وهو ما يجسد روعة التجربة المصرية فى الإصلاح والبناء والتنمية خلال 8 سنوات وكيف حققت كل هذه النتائج والنجاحات والإنجازات رغم تلال التحديات والأزمات وبما يؤكد أن الحالة التى كانت عليها مؤسسات الدولة عند تولى الرئيس السيسى لم تكن متسقة مع الطموح والرؤى الإصلاحية وخطط البناء والتنمية.. لذلك حرص الرئيس على إصلاح كافة المؤسسات.. فهذا هو الرصيد الذى يستند عليه فى تنفيذ الخطط والرؤى للبناء.. ولا نستطيع أن نستورد من الخارج.. ولا نستطيع أن نغير هؤلاء.. الحل الوحيد هو إصلاح التعليم.. بالتالى الجهاز الإدارى كمخرج طبيعى لجودة التعليم.. وتقديم كوادر وخريجين على درجة كبيرة من القدرات والمهارات ومواكبة العصر لسوق العمل المحلى والإقليمى والدولى.. وفى هذه الحالة سيكون موردا إضافياً للدولة المصرية.. بالإضافة إلى الحصول على فرص عمل حقيقية من خلال قدرات ومهارات وأفكار خارج الصندوق.
السؤال المهم الذى طرحه الرئيس على المهندس أحمد سمير وزير التجارة والصناعة وكان قبل توليه الوزارة نائباً فى البرلمان هل هناك فارق بين رؤيتك لأمور الدولة وأنت نائب فى البرلمان.. ثم وأنت وزير فى الحكومة.. وفى دولاب العمل التنفيذى بالدولة؟ أجاب الوزير فارق مختلف تماماً.. فشتان الفارق بين معلوماتى التى كنت أستقيها من الشارع وأدائى البرلمانى.. وبين وجودى الآن وزيراً فى الحكومة ودولاب العمل التنفيذى؟ لذلك فإن الأمور لا تحتاج إلى التنظير والفلسفة والانتقاد دون اطلاع وإلمام بالحقائق والتحديات وهنا أقول طبقاً للمثل الشعبى: «اللى على البحر عوام» و«اللى ايده فى الميه مش زى اللى ايده فى النار».
لكن السؤال المهم أيضا كم يحتاج إصلاح التعليم.. وتحقيق هدف جودته بما يواكب العالم.. الرئيس قال لدينا 25 مليون تلميذ فى مصر وحتى نضمن تعليماً ذا جودة عالية نحتاج ان ننفق 10 آلاف دولار سنوياً على كل تلميذ بما يعنى أننا فى احتياج سنوياً إلى 250 مليار دولار.. والسؤال من أين؟
والسؤال لهؤلاء الذين لا يتوقفون عن الهجوم والانتقاد لارتفاع كثافة التلاميذ فى الفصول »الرئيس يقول إن الحكومة تبنى 21 ألف فصل دراسى سنوياً طبقاً للقدرات المتاحة لكن الاحتياج الحقيقى 60 ألف فصل دراسى سنوياً حتى تكون كثافة الفصول ما بين 30 إلى 40 تلميذا لكن ما هى تكلفة الـ 60 ألف فصل دراسى سنوياً.. 60 مليار جنيه سنوياً هذا فقط بند الفصول.. والمنشآت المدرسية فماذا عن ميزانيات مرتبات وأجور المعلمين.. وماذا عن مرتبات وأجور الأطقم الإدارية المعاونة.. وماذا عن تجهيزات المدارس.. والسؤال هل الدولة الآن قادرة على تلبية هذه المطالب والاحتياجات أم أننا فى حاجة إلى المضى قدماً فى الإصلاح والبناء والتنمية والصبر والتحمل من أجل بلوغ أهدافنا فى تعليم عالى الجودة يخدم عملية التقدم وسوق العمل المحلى والإقليمى والدولى وبالتالى زيادة قدرات الدولة.
الحقيقة أن مجابهة التحديات التى تواجه الدولة وتمرير مسارات الإصلاح الحقيقى.. وتنفيذ وتطبيق الإجراءات الحاسمة والحلول الجذرية.. يحتاج إلى تضافر وتكاتف قوى الدولة.. ومكوناتها ونخبها السياسية والفكرية والثقافية والإعلامية والدينية.. عليها أن تتحلى بالإدراك والوعى بحتمية الإصلاح والحلول الجذرية لتحقيق الأمان للوطن.. والازدهار للشعب وإنهاء الأزمات التى تواجه تحقيق الحياة الكريمة له.. لذلك اعتبر أن التجربة المصرية الملهمة على مدار 8 سنوات هى استثناء وخروج على المألوف.. وتجاوز حقيقى لكل العقبات والتحديات والأفكار الجامدة والمترسخة.. والمفاهيم المغلوطة والمتصلبة هى بالفعل.. (تحدى التحدى).. تحدى واقع مرير.. وميراث من الماضى ترسخ على مدار عقود يشبه الورم (الخبيث) الذى كان يهدد حياة المريض.. فتعذر استئصال الورم.. والعمل على تعافى المريض وهذا يشكل نتائج مهمة تجسد أهمية الاتجاه نحو تطبيق الرؤى الإصلاحية والإجراءات والحلول الجذرية لأنها تشكل (حياة) الأوطان.. وسر تقدمها واستقرارها.. ورضا شعوبها.
حزم الحماية الاجتماعية من مارس إلى يوليو إلى أكتوبر، تشير إلى قدرة على الصمود، ومرونة فى الاقتصاد فى مجابهة تداعيات قاسية للأزمة العالمية، ونتائج إصلاح حقيقى، حمى المصريين من الآثار المؤلمة للحرب الروسية ــ الأوكرانية.
ما بين شهادة النجاح.. وشهادة الثقة الدولية
إجراءات للحماية.. وقرارات للمستقبل
فى الوقت الذى تتألم فيه دول العالم وشعوبها من فرط وقسوة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التى جاءت بسبب الحرب «الروسية ــ الأوكرانية» وهناك دول كبرى، تعانى شعوبها من أزمات طاحنة وقاسية، سواء فى نقص الطاقة والغاز أو السلع الأساسية، فما تشهده فى أوروبا مع قدوم الشتاء وإجراءات التقشف والترشيد والمعاناة وارتفاع فواتير الكهربا والطاقة وتعطل الإنتاج، وأيضا عدم استعدادات الحكومات فى الدول الأوروبية لمساعدة شعوبها، نجد ان الدولة المصرية تقف ثابتة أمام تداعيات هذه الأزمة، وتلبى احتياجات مواطنيها من السلع الأساسية المتوافرة بأى كميات فى الأسواق، ووجود اكتفاء ذاتى وتصدير فى الغاز والكهرباء، بالاضافة إلى تقديم الدعم للمصريين، واطلاق حزم غير مسبوقة للحماية الاجتماعية تخفف من وطأة الأزمة الاقتصادية العالمية وتحمى الفئات الأكثر احتياجاً فى شهر مارس الماضى وجه الرئيس السيسى إلى إصدار حزمة قرارات للحماية الاجتماعية وتحسين الأجور مع رواتب أبريل وتخصيص 130 مليار جنيه للتعامل مع تداعيات وتحديات الأزمة الاقتصادية العالمية.. وجاءت قرارات مارس الماضى، لتشمل تخصيص 190 مليار جنيه لصرف زيادة المعاشات بنسبة 13٪ بحد أدنى 120 جنيها و7.2 مليار جنيه لضم 450 ألف أسرة جديدة للمستفيدين من تكافل وكرامة، وزيادة العلاوة الدورية للمخاطبين بالخدمة المدنية بـ 8٪ بحد أدنى 100 جنيه شهرياً ومنح غير المخاطبين بالخدمة المدنية علاوة 15٪ من الأجر الأساسى بحد أدنى 100 جنيه شهريا وزيادة الحافز الاضافى الشهرى للمخاطبين وغير المخاطبين بالخدمة المدنية.
ثم جاءت حزمة قرارات أخرى للحماية الاجتماعية فى يوليو الماضى.. وفى أوج تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية بزيادة مليون أسرة إضافية لبرنامج تكافل وكرامة ليصبح عدد المستفيدين 22 مليون مواطن وبتمويل سنوى 25 مليار جنيه وصرف مساعدات استثنائية لـ 9 ملايين أسرة لمدة 6 أشهر بتكلفة اجمالية نحو مليار جنيه شهرياً للأسر الأكثر احتياجاً ومن أصحاب المعاشات الذين يحصلون على معاش شهرى أقل من 2500 جنيه والعاملين بالجهاز الإدارى للدولة الذين يحصلون على راتب أقل من 2700 جنيه شهرياً، وتعزيز الأمن الغذائى للأسر الفقيرة والأمهات والأطفال من خلال التوسع فى طرح كراتين السلع الغذائية المدعمة بنصف التكلفة بواقع 2 مليون كرتونة شهرياً وتوزع من منافذ القوات المسلحة بالاضافة إلى توزيع لحوم الأضاحى على مدار العام.
الأربعاء الماضى، وجه الرئيس السيسى الحكومة إلى إصدار مجموعة من القرارات تصب فى مصلحة المواطن من خلال 300 جنيه علاوة استثنائية للعاملين بالدولة ورفع الحد الأدنى للأجور من 2700 إلى 3 آلاف جنيه.. واستمرار العمل بأسعار الكهرباء دون زيادة حتى يونيو القادم.. واستمرار الدعم التموينى لـ 300 جنيه لكل بطاقة تموين حتى شهر يونيو القادم بدلاً من نهاية العام الحالى، ورفع حد الإعفاء الضريبى حتى 30 ألف جنيه.
السؤال المهم، المرتبط بأهمية الإصلاح واتخاذ الإجراءات والحلول الجذرية.. ماذا لو لم تطبق الدولة الإصلاح الاقتصادى الشامل فى 2016.. هل كنا نستطيع الصمود أمام تحديات وتداعيات الأزمة العالمية.. وهل كانت الدولة تستطيع أن تقدم هذا الدعم والمساندة سواء فى تحمل الجزء الأكبر من تكلفة السلع الأساسية، أو إصدار قرارات الحماية الاجتماعية فى مارس، ويوليو، وأكتوبر الجارى..وهل كانت الدولة تحقق الاستقرار والأمن الغذائى لولا المشروعات القومية العملاقة فى الزراعة والصناعة، واللجوء إلى الأفكار الخلاقة لمجابهة التحديات ومعالجة الأزمات مثل المشروع القومى للصوامع الإستراتيجية ومستودعات المواد البترولية والبوتاجاز والزيوت فى الموانئ.
إننا وبحق نجنى ثمار الإصلاح الحقيقى، الذى جسدته تجربة (مصر ــ السيسى) فى البناء والتنمية على أسس صحيحة، وباجراءات وحلول جذرية التف حولها المصريون.
إن هذا الاستقرار والصمود فى وجه الأزمة العالمية.. لم يأت من فراغ ولكن جاء بسبب نتائج الرؤية والإرادة والوعى بأهمية تطبيق الإجراءات والحلول الجذرية.
هذه القرارات والحزم للحماية الاجتماعية ودعم المواطنين والفئات الأكثر احتياجاً بهذه الميزانيات الضخمة تجسد وتعمق قدرة الاقتصاد المصرى ومرونته فى مواجهة الصدمات والأزمات العالمية، بفضل الاصلاح الشجاع والنبيل ولعل ما حدث من تداعيات للأزمة الاقتصادية العالمية وقدرة الاقتصاد المصرى على الصمود يمنحنا درساً مهماً.. فى أهمية الاصلاح والتعجيل بالإجراءات والحلول الجذرية لأنها فى النهاية تؤدى إلى استقرار وأمن فى صلابة وقدرة الدولة على مجابهة التحديات.. وحماية مواطنيها، ولعل اهتمام الدولة المصرية، لتخفيف المعاناة وتقديم الدعم لمواطنيها هو مشهد نادر فى دول العالم خلال التداعيات القاسية للحرب الروسية ــ الأوكرانية.
الحقيقة أن هذه الإجراءات والقرارات التى تستهدف صالح المواطن، يجب أن يتم الربط بينها وبين ما قامت به الدولة من إصلاح حقيقى، وما قدمته من أفكار خلاقة، وما أنجزته من آلاف المشروعات القومية العملاقة، وما شهده الاقتصاد المصرى من إضافة شرايين جديدة لموارد إضافية للدولة المصرية.
المواطن يجب أن يعى رسائل القرارات وإلى أى اعتبارات استندت، وقدرات الدولة التى اكتسبتها على مدار 8 سنوات من نجاحات وإنجازات ورؤى إصلاحية خلاقة.
الحقيقة أن المواطن يجب أن يفهم ويعى أيضا أن الإجراءات الحاسمة والحلول الجذرية والرؤى الاصلاحية، تستهدف تغيير حياته إلى الأفضل، وبناء حاضر ومستقبل أفضل، وإنهاء عقود الأزمات المزمنة التى لاحقته على مدار عقود خمسة، وأن هذه الأوضاع القديمة ما كان لها أن تتغير لولا الرؤى الاصلاحية والحلول الجذرية التى تحتاج دوماً إلى مساندة ودعم شعبى واصلاح حقيقى لمؤسسات الدولة.
الحقيقة أيضا أن حالة الحوار المصرية يقيناً ستؤدى إلى نتائج تفوق التوقعات لتحقيق صالح الوطن والمواطن سواء المؤتمر الاقتصادى التى دخلت توصياته حيز الخدمة والتنفيذ سريعاً من خلال التعجيل بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى وما يحققه من فوائد وأهداف سواء أن توقيع الاتفاق شهادة دولية بقوة الاقتصاد المصرى وتنمية الاستثمارات فى مصر ويعزز الاقتصاد الكلى فى مواجهة الصدمات الخارجية ويعزز كفاءة عمل السياسة النقدية ويرفع كفاءة عمل سوق الصرف لتعزيز صلابة الاقتصاد ومضاعفة قيمة الاحتياطى الأجنبى والإلغاء التدريجى لاستخدام الاعتمادات المستندية فى تمويل الاستيراد وتطوير سوق المشتقات المالية لتعميق سوق الصرف الأجنبى والسماح للبنوك بعمليات الصرف الآجلة للعملاء من الشركات وزيادة شحنات البضائع المستثناة من الاعتمادات المستندية لـ 500 ألف دولار.
الحقيقة أن هذا الحراك الاقتصادى الخلاق هو نتاج طبيعى لتحاورنا واقتراحنا بما يحقق مصلحة الوطن ويلبى احتياجات البناء والتنمية والاستقرار.. وأيضا احتياجات وتطلعات المواطنين فى ظل مواجهة أزمة عالمية قاسية، لكن توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولى هو شهادة ثقة فى قوة ومرونة الاقتصاد المصرى بما تحقق خلال 8 سنوات، فلو استسلمنا للخوف من الاصلاح.. لكنا فى موقف غاية فى القسوة والصعوبة ولو لم تعمل الدولة الصرية بمعدلات عمل غير مسبوقة لتنجز هذه المشروعات العملاقة فى كافة المجالات لكنا نصرخ ونتألم الآن دون أن يسمعنا أحد.
الحقيقة لا أملك إلا توجيه التحية والإجلال والتقدير للرئيس السيسى صاحب الرؤية والإرادة والشجاعة.. وفضيلة القرار والسبب الرئيسى الذى قاد شعبه نحو الاصلاح فحقق الاستقرار فى أتون أزمات عالمية فى منتهى القسوة.. ليعلن الرئيس ان الشعب هو البطل مدركاً ومؤمناً بأهمية وعى وإدراك الشعب.. وقدرته على الصلابة والتحمل لخطط ورؤى وإجراءات الاصلاح لذلك جاءت النتائج على قدر عبقرية الرؤى والوعى.