الإثنين 25 نوفمبر 2024

مقالات

أسلحة النصب رمادية

  • 20-11-2022 | 14:27
طباعة

حين تساءلت الأديبة "سكينة حبيب الله" عن أسباب ارتداء اللصوص لملابس مخططة؟

 أجابها ابنها ياسر: "لأن لديهم مخططًا".

وإن صح أن اللص يرتدي القميص المخطط بالأبيض والأسود كما في الأفلام، فلما لا يرتدي النصّاب في الواقع سوى العباءة الرمادية؟

- لطالما أعانت الرمادية النصّاب في الظهور بمظهر أخفت ضراورة وأقل ضررًا من اللص، فالأخير عدو واضح، إن حاولوا ضبطه فّرّ، وإن أوقفوه اعترف، خشع وبخع.

أما «النصّاب» فلا يهرب، بل ينتصب أمام ضحاياه بعيون وقحة، مفتوحة، وعلامة نصبها شدة البجاحة ليستمر في خداعك برماديته لآخر رمق.

فيُسِرّك: "لقد سرقت مالك للحفاظ عليه".

وتصف "صافي ناز كاظم" الرمادية" بأنها لون مصنع وفقًا للمطلوب، متباينًا في درجاته بين الفاتح الذي يعكره السواد وبين الرصاصي الذي شابه البياض ليخرجه من عزة السواد وسؤدده.. فضلا عن كونه لون مراكز البوليس والزنازين".

- الضبابية، الرمادية تجعلك عالقًا بدخان الإغراءات الغير مباشرة، لذا، فهي أحد أسلحة مندوب شركات الأدوية للتعتيم على ضمير الطبيب، ما ييسر له التواطؤ مع المندوب لعقد شراكة –مسمطة- لاستغلال الثقة المولاة للطبيب عند استشارته لترشيح أدوية الشركة مقابل التعشير في المكسب وحضور مؤتمرات بالخارج، بدعوى أن الطبيب لن يكتب دواء يضر بصحة المرضى، وإن ضر جيوبهم.

فالمندوب لا يُطالب الطبيب بسَرِقة كلية المريض، بل يوحي له بأسلوب غير مباشر بالسطو على ماله. لذا، فالنصب كلما كان مركبًا، ملتويا، رماديًا وقائمًا على التسهيل ويسمح ب "إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ"، فبالتبعية يُضمر ضميرا النصّاب والمندوب، فيقترفا النصب بأريحية.

- بالمثل، يعد التلاعب بالمُسميات سلاحًا ييسر إستغلال جهل المنصوب عليه، لذا، ينتشر النصب بإسم طب الأعشاب، عن طريق إشاعة اللبس وإستغلال جهل المريض الذين يتوهم أن عنونة الأعشاب بالطبيعية كفيل بإعتبارها ماءً زُلاَلاً، لا ضرر ولا ضرار منه.

- كثير من جرائم النصب ترتكب بالأسلحة الرمادية "كالإيهام" والإستغلال علمًا بأن "الإيحاء" ليس من أسلحة النصب الفعالة لقوة شخصية النصّاب، بل لهشاشة المنصوب عليه، كونه غير مُدرع ببصيرة حادة أو بإستعداد لإستخدام العقل، إذ يُعلي العاطفة على العقل ما يفسر سهولة الغنيمة من الغنم لطواعيتهم في السير مع القطيع.

ولليوم نجد من جموع الزبائن إقبالًا على شراء أكياس سمك مستوردة مكتوب عليها ."ذبحت وفقاً للشريعة الإسلامية"، أو التداوي ببول الإبل يإعتباره علاجًا بالمقدس.

- كنت أقضي الصيف في الساحل الشمالي لدى قراباتي، وإذ بعقيد متقاعد يزورهم بسيارته "المرسيدس" التي امتلكها  عقب تقاعده وشروعه في "بيزينس الشعوذة"، وقد استدعاه أصحاب الدار لعلاج ابنهما المقيم "بميتشجن" بعد أن "لافت عليه" إحدى بنات الأصفر.

قصّت الأم أن إبنها رأي في المنام صديقته "جينيفر"، فبشّرها المتقاعد أن تأويل "جينيفر" يعني أن "الجن قد فّر" من جسد الإبن بعد شربه للمياه المقدسة!

هكذا نصب ينطال على حملة الدكتوراه لإيهامهم أن التجربة وطرق مختلف الأبواب للتعافي سلاح غير دامي، وإن لم يُجد، فلن يُضر.

- المنجمون وكل من له سهم في مجالات التأثير الإيحائي يستبيحون التربح من البسطاء عن طريق أسلحة

الجذب الرمادي لا الإلحاف الفوسفوري،

الإستدراج الباهت لا الإنقضاض الفاقع،

كسهام التهويل لضبابيتها أوغيوم التزوير لغموضها، كما تبدو من ثناياها فقاقيع القصص المختلقة العائمة على خط الرجعة، بسهول السراب، عند حافة شواطئ التنصل وملاعب المراوغة.

- الأساليب الملتوية من الأسلحة الرمادية الفتاكة للإعلامي النصّاب الذي يستدرج ضيوفه لسرد خبايا حياتهم، فلا يجد غضاضة في إختلاق أخبار كاذبة بدعوى أنه سيتيح حق الرد –لاحقًا- لمن طالته الفضيحة، فهو ساقي السُم والترياق في الكأس ذاته.

- مندوب المبيعات "الزنّان" يُلِح على العملاء لشراء بضاعته المُزجاه، ينفخ في الرماد للتهويل من محاسنها، ويهمس أثناء ذكر ثمنها، فلا يشعر بإثم حال تلاعبه بالعملاء، لإنتفاء الإجبار على الشراء تحت تهديد الطبنجة، إذ لم يستخدم سوى سلاح الإحراج لإشعار المشتري أنه سيكون أقل من علية القوم حال عدم إقتناءه للمنتج، ما يبث في نفس الفريسة تهديدًا رماديًا، خفيًا بالدونية حال الإمتناع عن الشراء. كما تكتب الشركات -بخط لا يرى- التحذيرات من أضرار السجائر!

دمة في المنتج، ما يجعلها تبدو أمينة في ذكر مواصفات بضائعها عدا انها بذلك تستطيع التنصل من أي مسؤولية.

- يتسلح النادل النصّاب باللطف كشرك وبالإبتسامة بالغة لتهذيب ككمين لإستمالة الزبون لينصاع لنصيحته بإختيار طبق الجمبري البايت، فينال إستحسان مديره، كما يفوز ببقشيش من المُغفل.

وهب ثار الزبون عقب إدراكه للفخ، فسيمثل النصّاب دور الوديع الصابر على عصبية الزبائن كدرع يستجير به، لإغراق ضحاياه في محيط هادر من مشاعر الذنب.

- يطعلك الموظف المماطل على "الروشيتة" الباهظة التي تخص زوجته ليناشد فيك المروءة، كما يتلاعب بالمسميات بعنونة الرشوة بالإكرامية.

الأسلوب المبهم، المربك، ذو الخطوات الحذرة الموقع في براثن الحيرة هو السائد في سوق أسلحة النصب الرمادية سيما لو استند النصاب لنصوص ظاهرها تُشايع شرع الله وباطنها تُزيف الوعي.

-يقال إحذر عدوك مرة، أما صديقك فألف مرة، فالقرابة بالصداقة أو بالنسب قد تمهد لإستغلالك، ما يفسر قيام ثُلة من الأرحام بطلب وكالة عامة من فريستهم للسيطرة على ممتلكاتهم بدعوى حماية مصالحهم.

فالزوج مقتنع أنه يرعى حلال زوجته، بل يدّعي إهماله لأشغاله إعلاء لمصالحها، فقد وجد ذريعة مقدسة لأطماعه وسند شرعي للإستغلال.

وبعض الأمهات يستحللن ميراث بناتهن بحرمانهن إياه بمقاصة بدعوى:"أنت ومالك لأبيك" أو بسرد قصص تضحياتهن وعطائهن لذويهن، ما يوحي للأبناء أن السلوك الأمثل لبر الأهل هو التنازل عن المُستحقات.

فكيف يقنن الله النِصَاب في آيات محكمات للمواريث ثم يَسمح بالتلاعب بالحقوق في أحاديث إلا لو موضوعة؟!

قلما يعي الأبناء بوقوعهم فريسة للتلاعب نتيجة لسرد أحاديث ملفقة تجيز للأباء ظلم أبنائهم مثل

:"من أصبح مطيعا لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من الجنة، قال رجل :وإن ظلماه ؟ قال (ص) وإن ظلماه، وإن ظلماه، وإن ظلماه".

 رواه البيهقي وقال الألباني:"هذا إسناده واهٍ".

فكيف أقنعوا الناس أن العادل حرّم الظلم على نفسه ليجيزه للأباء؟!

- حين تأتي طعنة النصب من الأقربين، تتواطئ الضحية ضد نفسها، لصعوبة إعترافها أن الرحم من زُمرة المحتالين ما يستتبعه من ضرورة اتخاذ قرار الهجر، فتعيش البلبلة تحت ضغوط محيطها.

ولإستعادة التوازن تُشرع الضحية في اختلاق مبررات لترقية قرار الإذعان المُختار لصعوبة قبول عواقب الهجر أو الإعتراف بخطأ عدم الإقصاء الذي يعتبر بمثابة تشكيك المرء في قدراته على التمييز، ما يفسر أسباب استمرار البعض في زيجة مدمرة.

-تَكمن خطورة النصب العاطفي في خفائها، إذ لا ترى سوى ببصيرة «مكروسكوبية». فالصداقات المشروطة بدفع إتاوات إعتسافية لإستنزاف وقتك، مالك وأعصابك لإعتمادك كصديق تُحيلك أسيرًا لعلاقة يتم استغباؤك فيها.

-كان لأحد معارفي صديق مستغل، فقد يطلب سبحة من الكهرمان كهدية -الجرام يصل لألف ريال- كما لا يستحي من كشف عورته المادية طلبًا للستر بالمِنح، وكان إذا أعطي، استزاد.

فإختار قريبي الإستمرار في صداقته مع عدم دفع الإتاوات، فما كان من الجشع إلا أن طلب ربط الحساب البنكي بينه وبين قريبي بدعوى حرمان الصِرافات من نسب التحويلات!

إذن، فإستمرار التعاطي السلبي كمهادنة المتبجحين مع الإكتفاء بغلق صنبور الدعم المادي يقوي شوكتهم، فيستغلون الهُدنة لمعاودة الإنقضاض في وقت لاحق.

الأمر ذاته يتكرر حين يُتَخَذ قرار التستر على المتحرش، فقد ينصب الأهل على إبنهم الذي تم التحرش به، بإيهامه أنهم سيسترونه –ما يعني أنهم أوهموه أنه إقترف ذنبًا- بينما الحقيقة أنهم يتسترون على المُتحرش، إما للتكسب من مكانته أو لحماية سمعة أسرتهم من القيل والقال.

ولأن الضحايا قد يكونوا صغارًا، فيتشتتون بين دموع الأهل التي مع الحسين وسيوفهم التي مع اليزيد.

وتكون من نتائج النصب، وصول رسالة مؤكدة للمتحرش أنه آمن من العقوبة ما يشجعه على معاودة إقتراف جرائمه بآمان مع ضحايا آخرين.

نموذج آخر للنصب الرمادي حين إختار رئيس دولة عدم الإعتراف بإبنته من علاقته بعشيقته سوى بعد إنتهاء فترة حكمه، فتدفع "مازارين" فاتورة شهوة المنصب لوالدها، لذا، رفضت تغيير اسمها من مازارين بينجوت" ل"مازارين ميتيران" إلا بعد عشرين عامًأ من وفاة ميتيران.

- حين سُئل ممرض أمريكي عن دوافعه في قتل أربعمائة مريض بحقن الأنسولين في محاليل الأملاح المعلقة، أجاب

:لقد عملت في تسع مستشفيات، وحين كان يريبهم أمري، كانوا يكتفون بفصلي لأسباب إدارية، ولم يتم يومًا مواجهتي بجرائمي لخوف المستشفيات على سمعتهم أكثر من خوفهم على حياة المرضى. فكانوا يسكنون ضمائرهم بفصلي عوضًا عن محاكمتي التي قد تودي بالثقة في مشافيهم ما يعرضهم لخسائر مادية يرفضون تحملها.

ما يعني أن هلع تكبد الخسائر يحول المستشفيات المنصوب عليها إلي نصّاب صامت على جرائم الآخرين.

فالحياد هو موقف إنحيازي بالسلب مع المجرم بالسكوت على شناعاته ما يرخص لمزيد من جرائم النصب، فضلا عن كونه درع غير كافي لتأمينك من النصّاب، لأن وجود ثقوب في دروع "الهدنة" ستسمح بتسلل الطلقات الرمادية منها، ومن ثم، ينصح بقطع العلاقة كليًا مع النصّاب مع فضحه، لا الإبتعاد عنه فحسب.

إذن فالصمت، السلبية والحياد من أسلحة الإجرام. فالمحايد أخس من المُجرم، يداه مغموستان في روح أخيه دون سفك لدماء، كونه يؤسس ويؤبلس للظالم ويقوي موقف المفتري بالتغاضي عن جنايته، ثم يتكسب من الضحية التي تَعشى عن رؤية موقف النصّاب لرماديته، والأدهى أنه لن يخسر الظالم لسكوته على جرائمه.

 

- الإيهام بتعظيم المكاسب أو الإيحاء بتجنيب الضحية خسائر مختلقة من أسلحة النصب الرمادية.

فالتجار يضعون يافطات لتنزيلات "مختلقة" في الأسعار من ألف إلي 99.9 جنيه لإثارة شهوة الربح للمشتري.

-وقد يختلق مديرك في العمل موقفًا يدعي فيه تجنيبك خطرًا فادحًا ليكون ربّحك بالناقص، فلا تطالب بعلاوة، فالإحساس بالأمان يعلو المال.

-عملت كمراسلة للقسم السياسي لموقع عربي أثناء الغزو الأمريكي للعراق، وطُلِب مني تغطية الأحداث من البلد العربي المبتعثة إليه.

المفارقة أن مكتب التحرير في مصر قد أرسل لي خطاب شكر عن التقرير الصحفي الذي ارسلته، ثم فوجئت بقرار فصلي بعد إستدعاء رئيس التحرير من مصر، وعوضًا عن تقديمه إعتذارًا لي، ادعى قيامه بالمستحيل لمنع إعتقالي.

اذن، فإختلاق موقف يرعب المرء على حياته، سمعته أو أسرته، يُشعره أن عدم تعرضه للأفدح بمثابة مكسب، وهو أحد أخطر وسائل النصب بيضاء كانت أم رمادية.

- تعد الملابس، الألقاب والصور "عدة النصب" الرئيسية للمحتال، فمثلًا، يُلاحظ قيام بعض الأطباء بالظهور في البرامج المتلفزة مرتدين للمعطف الأبيض رغم عدم ممارستهم للطب في الأستوديو، لكن الأبيض يعَطف مصداقية للرسالة الموجهة للجمهور.

-بالمثل تُعد الدموع ونبرات الصوت "الكريشياندو والديمياندو" والنظرات المنكسرة أحد اليّات النصب الرمادية.

-فقابيل قتل هابيل، ولأن رؤية الدماء مسفوكة يستحيل معها التنصل من الإقرار بالذنب، لذا ندم قابيل واستغفر. بالمقابل، لأن الأسباط لم يسفكوا دماء يوسف واكتفوا بسفك روحه بإلقائه في في غياهب الجب، فقد استساغوا النصب، وَجَآءُوٓ أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ!

-قام أحد معارفي بالزج بقرينته بمشفى "بهمن" للأمراض العصبية"، لرفضها الاستمرار في عصمته بعد زواجه من أخرى وتهديدها بالإنتحار لإجباره على الطلاق، فأودعها "بهمن" لوصمها مجتمعيًا، ثم راح يبكيها أمام أبنائه بدمع سخيّ سخين لترسيخ فكرة أنه كان مجبرًأ على خيار "بهمن".

-إدعاء النبوة ظهر في -أيامنا هذه- كون النصّاب لا يرى بأسًا من تكسبه لمكانة شرفية بإتباعك له، مقابل اعمار قلبك بمبادئ سامية، وفي الوقت نفسه لا يشعر بضرر لفرضه شرائع من عندياته تبيح وتحرم، مدعيًا أنها من عند السماء!

- أكثر الجرائم تصدر عن لصوص يرتدون دثر الكهّان ومعاطف الأطباء للتمويه عن فداحة خطتهم ومخطاطتهم وخطواتهم التي تتم في تؤدة بهَدَف الإستِدراج للفخ بعد دراسة نقاط ضعف الضحية وجس حرارة غفلتها، فالطبيب المتحرش لن يصارح فريسته

: "نويت اغتصابك" بل يشرع في الكَشف بشكل طبيعي، ثم يدفع بالممرضة خارج غرفة الكشف بإدعاء حاجته لملف.

تمرير هذا الأمر من قبل المريضة سيشجع الدكتور لوضع يده في مناطق حساسة لا يتطلبها الكشف.

- التغفيل جريمة تتمم بإستخدام ظلال الصحو وغيوم االغفوة، ثم أنها تتم بخبطة خفيفة لا تفضي للقتل بل لأضرار بعيدة المدى. عدا أن النصّاب ماهر في التنصل والتملص  من جريمته كونه طرف غير مباشر، ما يحيله لاستخدام الإستهبال أو إستغلال جهل الضحية لما يحاك لها.

-قد يستخدم الإحراج للضغط على البعض بإدعاء أن الأخت الصغرى تتبرع للعائلة بمبلغ شهري، ما يضطر الأخ الأكبر لإرسال قيمة أكبر وإن اقترض، منعًا للتوبيخ.

-بينما الراسخ أن الفراسة تعد أقوى أسلحة النصب الرمادية، لكن الأصوب أن النصّاب يعتمد على ضعف أسلحة انتباه الضحية وعدم إدراكها لما يحاك لها، فتركن للوثوق في أهل الثقة عوضاً عن الركون لأهلية العقل.

 بقول آخر، النصّاب ليس شخصية قوية، لكن الضحية شخصية ضعيفة ومناط ضعفها ليس هشاشة عقلها، لكن عدم استخدامها له أساسًا

أو إعلاء العاطفة على العقل

كما والإعتماد على النقل "بابا قال، الشيخ قال، الكبار قالوا".

 

-تأثير المتشددين فعّال على الجموع سيما مع من تلقى تعليمًا تلقينيًا لسهولة غسيل الدماغ بتوسيع دائرة المحرم وتضييق نطاق المباح بدعوى درء الشبهات وإثقال الفرد بمشاعر التقصير حتى يصبح الندم على سفاسف الأمور فضيلة يَتقرب بها الإنسان زلفى لخالقه عوضًا عن الإصلاح، عدا المبالغة في أهمية إتباع طقوس تعول على الكم لا الكيف.

 بالمقابل التساهل مع الذنوب التي تضر الناس بدعوى أن التلفظ مائة مرة "بسبحان الله وبحمده " كفيلة بمحو الذنوب، فيصل للإنسان البسيط أنه مثلًا لو دعم سيارة مواطن، فسيُغفر له بالتسبيح رغم عشرات الآيات التي تجمع بين الإنابة وإصلاح السيارة.

"إلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا".

فيجد الإنسان نفسه مضطرًا للتواصل مع ممثل الدين في كل صغيرة من حياته لإيجاد تخريجات لذنوبه، مايُسهل السيطرة عليه.

- المتشددون لديهم قناعة أنهم الفئة الناجية، أخطأوا أم أثابوا في فتواهم المتشددة منها أو المتساهلة، ولاعليهم لو زايدوا من مكافآت مثوبة الإنقياض أو ضخموا من عقوبات رفض الاذعان.

كما يُتعمد تغييب الآيات والأحاديت الحاثة على استخدام العقل مثل"لا إيمان لمن لا عقل له" فهؤلاء يريدون شرطة بشرية، تحرق وتقتل بإسم الرب.

تلك الجرائم تتم لجهل الضحية التي تريد تلبية التوقعات منها دون مسائلة صوابية أو معقولية تلك الأوامر سيما لإرتكازها على بيع صكوك الغفران وألقاب الشهادة لمن يوافق أن يحول نفسه لقنبلة.

انتبهوا:

النصّاب اُلين له الخِداع كما اُلين لداوود الحديد.

النصّاب يلعب بالرمادي "البين بين" كما يلعب المشعوذ بالبيضة والحجر.

النصّاب لاعب سرك مكين في تحوير ورمي كرات "محتمل، ممكن، يجوز".

أخبار الساعة

الاكثر قراءة