السبت 4 مايو 2024

تل العمارنة.. عاصمة التوحيد

تل العمارنة

ثقافة13-1-2023 | 13:56

أحمد أبو المجد

تل العمارنة أو "أخت آتون" آى "أفق آتون" هى المدينة التى أنشأها الملك إخناتون "أمنحتب الرابع" فى مصر الوسطى لتكون العاصمة الجديدة للبلاد فى عهده، ولقد ازدهرت تل العمارنة فى عهده ازدهارا كبيراً وكانت مركزاً إشعاعى للحضارة والفنون والعمارة، ولكن للأسف هجرت المدينة بعد وفاة إخناتون وتهدم الكثير من المظاهر المعمارية الهامة هناك.

ضمت المدينة التى أمر إخناتون بتحديد حدودها بأربع عشرة لوحة تعرف بلوحات الحدود، القصور الملكية، الأحياء السكنية، المقبرة الملكية ومقابر رجال البلاط الملكى.

تقع تل العمارنة على الضفة الشرقية للنيل على بعد حوالي 280كم جنوب القاهرة، 35كم جنوب مدينة المنيا وتقوم على إطلالة ثلاث قرى هى تل العمارنة، الحاج قنديل مركز دير مواس بمحافظة المنيا، والحوطة مركز ديروط بمحافظة أسيوط.

وكانت معظم المباني فى تل العمارنة من الطوب اللبن والتى كسيت جدرانه بطبقة من الدهان تحمل أجمل المناظر الملونة، واقتصر استعمال الحجر الجيري فى بناء أعتاب الأبواب وقواعد الأعمدة وأطر النوافذ وكانت معظم الأبواب والعواميد مصنوعة من الخشب، وكان بناء معظم المبانى من الطوب اللبن هو السبب الرئيسي فى عدم بقاء المبانى فى حالة جيدة حتى الآن.

 

ومن أهم الأسباب التى جعلت من منطقة تل العمارنة منطقة مهمة:

اختيار إخناتون للمنطقة لتكون عاصمة لمصر ومقر لديانته الجديدة جعل لتل العمارنة أهمية خاصة فى التاريخ المصرى القديم يقترب من أهمية طيبة ومنف وغيرها من العواصم القديمة.
مثلت تل العمارنة ثورة فى كل نواحى الحياة سياسياً ودينياً وفنياً وحضارياً حيث كانت مقراً لعبادة الإله آتون ومنبع "للفن الآتونى" أو ما عرف "بفن العمارنة " والذى جسد الواقعية فى الفن وهى مدرسة جديدة نشأت وترعرعت فى العمارنة، ويعتبر أكبر الأمثلة الحية على هذا الفن التمثال النصفى للملكة نفرتيتى والموجود حالياً في متحف برلين بألمانيا بالإضافة إلى تماثيل إخناتون وبناته والمعروضة حالياً فى المتحف المصرى بالقاهرة.
تعتبر تل العمارنة من أقدم المدن الحضارية والعمرانية فى مصر القديمة حيث بقى لنا منها الكثير من المنازل والقصور وقصور الحريم وبيوت العمال والشوراع والإسطبلات مما أعطى لنا فكرة عن التخطيط العمرانى للمدينة فى مصر القديمة. 

 

أهم آثار منطقة تل العمارنة:

1- القصر الجنوبى

وهو يخص إخناتون ويقع بالقرب من معبد آتون الكبير وهو مشيد بالطوب اللبن باستثناء بعض العناصر المعمارية كالمداخل والأعمدة والحمامات وكانت جدران وأرضيات هذا القصر مغطاة بالجص المزين بمناظر جميلة تمثل الطبيعة من طيور وأشجار وأنهار وأحراش ، ويحتفظ المتحف المصرى بأجزاء من أرضية القصور ولقد أكتشف القصر عام 1891-92 على يد فلندز بترى ولقد وجدت ما يسمى "برسائل العمارنة" فى هذا القصر وهى عبارة عن رسائل دبلوماسية وسياسية دارت بين أمنحتب الثالث وإخناتون والملكة تى من جهة وبعض الحكام الآسيويين من جهة أخرى ويرجع أهمية هذه الرسائل أنها أعطت لنا صورة واضحة عن الوضع السياسى القوى الذى تمتعت به مصر فى ذلك الوقت وكانت هذه الرسائل مسجلة على ألواح من الطين ومكتوبة بالخط المسمارى.

2- القصر الشمالى

اختلفت الآراء فيما يخص هذا القصر فبعض الآراء رأت أن ها القصر كان يخص الملكة نفرتيتى بينما رأى بعض الباحثين أنه كان يخص إحدى بنات إخناتون ربما الأميرة "ميريت آمون" والقصر مشيد أيضاً بالطوب اللبن ويضم قاعة للاستقبال وحمام سباحة وأسطبل خيول.

3- معابد آتون

كان هناك أكثر من معبد للإله آتون لعل أهمها ذلك المعروف بمعبد آتون الكبير ، كان المعبد مشيداً بالطوب اللبن باستثناء بوابة المعبد والأعمدة وبعض العناصر الأخرى ويماثل المعبد فى تخطيطه معابد الدولة الحديثة، ولكن روعي تمشياً  مع عقيدة آتون أن تأتى كل عناصر المعبد مكشوفة تعبيراً عن الاتصال المباشر بإله الشمس آتون وكان المعبد محاطاً بسور من الطوب اللبن.

 

 

4- الأحياء السكنية

          تضم تل العمارنة أكثر من حى سكنى اختلطت فيها مساكن النبلاء بمساكن العمال والحرفيين وإن اختلف فى حجم ونوعية وأسلوب بناء السكن، فمساكن النبلاء كانت كبيرة الحجم تتضمن صالات وغرف وحمامات أما منازل العمال فكانت تتكون من صالة أمامية وحجرة جلوس وحجرة نوم وكانت جميع المنازل تبنى من الطوب اللبن وتغطى أحياناً بالجص.        

5- المقبرة الملكية

وتقع فى طريق وعر يفصل بين السلسلة الشمالية والجنوبية لمقابر الأفراد وتماثل المقبرة فى تخطيطها مقابر الملوك فى وادى الملوك فى طيبة وتتضمن جدرانها مناظر لإخناتون وأسرته، ومن المنطقى أن تكون هذه المقبرة قد خصصت لإخناتون وأفراد أسرته ولكن ليس هناك من دليل على إنه أو أى من أفراد أسرته قد دفن فيها.

6 – مقابر الأفراد

وهى مقابر منحوتة فى الصخر وعدد 25مقبرة منها 6 مقابر فى المجموعة الشمالية و19مقبرة فى المجموعة الجنوبية.

أولاً: المقابر الشمالية:

تضم ستة مقابر صخرية وتقع فى مواجهة قرية تل العمارنة لكبار الموظفين وهم: حويا، "المشرف علي ممتلكات الملكة تي" (المقبرة 1) ؛ ميرى رع الثانى، الذي كان المشرف علي ممتلكات الملكة نفرتيتي (المقبرة 2)، أحمس "حامل المروحة الملكية" (المقبرة 3)، مري رع الأول رئيس الكهنة (المقبرة 4)، بنتو  "الطبيب الملكي" (المقبرة 5) ، وبانحسي  "كبير خدم آتون" (المقبرة 6).

وتشبه المقابر فى تصميمها المعمارى مقابر الأفراد في طيبة والتي ترجع أيضاً للأسرة الثامنة عشر، وتتكون هذه المقابر من فناء مكشوف ويكون عادة محاطا بحائط من الطوب اللبن، ثم المقصورة الرئيسية والتي يعتمد سقفها على أعمدة، ثم ممر يؤدى بنا إلى حجرة ضيقة ومقصورة بها تمثال المتوفى ومعظم هذه المقابر ترك قبل أن يكتمل بناؤه ولكنها تميزت بالمناظر الجميلة والتي تحمل ملامح الفن الآتونى الواقعي والذى يتمثل فى الحرية فى تصوير الأسرة الملكية.

 

ثانياً: المجموعة الجنوبية:

تقع هذه المجموعة إلى الجنوب من المجموعة الأولى منطقة تعرف بـ “ الوادي الملكي" وإلى الجنوب الشرقي من قريتي الحاج قنديل والحوطة الحديثتين. تضم المجموعة مقبرة آي الملك المستقبلي (المقبرة 25) ومايا "حامل المروحة على يمين الملك" (المقبرة 14)، وتوتو الذي كان مسؤولا عن البروتوكول (المقبرة 8).

تعتبر المقابر الجنوبية أكثر تفصيلا من الناحية المعمارية من تلك الموجودة في المجموعة الشمالية حيث تتضمن مخططاتهم واجهة خارجية صغيرة، ودهليزا قصيرا، وعادة ما تحتوى على غرفة داخلية كبيرة، والتي كان من المفترض أن تحتوى على عشرات الأعمدة أو أكثر.

وعلي الرغم من قصر الفترة التي ازدهرت خلالها العمارنة كعاصمة سياسية لمصر والتي استمرت ما يقارب من سبعة عشرة عاماً وحالة التدمير والعبث التي أصابت غالبية قصور ومعابد ومقابر العمارنة والدعاية المضادة التي روج لها كهنة آمون باعتبارها مدينة ملعونة ومحرمة الا ان العمارنة لازالت تحتفظ بطابعها المميز من حيث التخطيط والخصوصية الدينية والفنية.

Dr.Randa
Dr.Radwa