أكد المشاركون في ندوة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب الدولي بدورته 54، أن البحث في تكلفة الإرهاب أول دراسة كمية عن التطرف عالميا، ومحاربته تستدعي تضافر جميع الجهود من مختلف الأطراف.
جاء ذلك خلال ندوة " تكلفة التطرف والإرهاب في مصر في ثلاثة عقود" بحضور وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة نيفين القباج والمدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الدكتور خالد عكاشة .
كما حضر الندوة مدير برنامج السياسات العامة بالمركز ومدير المشروع الدكتور جمال عبد الجواد والمفكر السياسي عضو مجلس أمناء الحوار الوطني ومحرر ورئيس فريق البحث السياسي للمشروع سمير مرقص ورئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمدينة الإنتاج الإعلامي ورئيس فريق البحث الاقتصادي عبد الفتاح الجبالي ومدير مكتبة الإسكندرية، وأستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة عضو لجنة تقييم ومراجعة المشروع الدكتور أحمد زايد ورئيس الهيئة الاستشارية بالمركز المصري، وعضو مجلس الشيوخ وأمين سر لجنة تقييم ومراجعة المشروع الدكتور عبد المنعم سعيد.
وقال جمال عبد الجواد: "إننا نتحدث عن الارهاب والتطرف في مشروع ترعاه وزارة التضامن، وهو أمر غير معتاد في التقاليد العلمية في بلادنا، إذ أن عادة تكون المؤسسات ذات الطبيعة الأمنية أو الدينية هي المعنية بدراسات الإرهاب".
وأضاف أن اهتمام وزارة التضامن بالبحث -الذي استغرق إعداده ١٨ شهرا - في تكلفة الإرهاب يعكس رؤية جديدة كونها قضية تمس جوانب حياتنا، وتقع في قلب المجتمع، خاصة أن تكلفة الإرهاب باهظة على الأصعدة كافة، كما أن اهتمام الوزارة بالبحث أيضا يعكس تحولا في فكر الدولة، باعتبارها ظاهرة متعددة الجوانب تتجاوز الأشكال التقنية إلى مدى أوسع .
وأوضح أننا انطلقنا في البحث من الفهم الشائع عن الإرهاب لدى البحوث الغربية، وهي رؤية خطية غير دقيقة، الأمر الذي شكل عدم ارتياح لدى القائمين على البحث.
وأشار إلى أن القضية أعمق من ذلك، فوجود المشكلات لا يؤدي للإرهاب، لذا يتعين إعادة تعريف المشكلة وتحليلها.
ولفت إلى أن وجود بنية فكرية محددة هو ما يصنع الإرهاب والجماعات المتطرفة، موضحا أن هناك عوامل تجذب للتطرف تتعلق بالبنية الثقافية والقيمية، لذا كان من الضروري رصد تلك العوامل.
من جانبه، قال سمير مرقص إننا حاولنا وضع مقاربة سياسية بشكل غير نمطي بعيدا عن التحليل المادي وركزنا على أن العنف المادي يبدأ فكرا، موضحا أننا تتبعنا دورة حياة الإرهاب عبر عقود منذ عشرينيات القرن الماضي لتتبع المسار الفكري للإرهاب، الذي تُرجم خلال أوقات معينة إلى إرهاب مادي، وساعدنا ذلك على رصد الأفكار الداعمة للإرهاب ،وكيف تتمدد في المجتمع بكافة جوانبه.
وأضاف أن الأفكار الإرهابية مثلت انحرافا في الفكر القويم لمصر وإعاقة مسيرة الدولة المصرية الحديثة، مشيرا إلى أن الفكر الإرهابي يقدم تصورا دينيا لا يوافق المجتمع المصري، مشيرا إلى أثر الإرهاب الفكري على الجمعيات الأهلية والتعليم وانتشار الأفكار الإرهابية في مجال التعليم .
وأوضح أن الإرهاب أثر في العلاقة بين مصر والعالم بأشكال مختلفة من خلال جوانب عديدة، كما سعينا لرصد خطورة الإرهاب الفكري على المجال العام وكيف يمكن أن تقدم مراكز الفكر لصناع القرار ما يساعد على التعامل مع مشكلات الإرهاب وتبعاته المختلفة وتكلفته الباهظة.
بدوره، قال عبد الفتاح الجبالي إنه قد يبدو من السهل قياس التكلفة الاقتصادية للإرهاب، ولكن واجهنا تحديات وصعوبات تتمثل في استخلاص تكلفة الإرهاب بشكل مباشر على الاقتصاد المصري بعيدا عن التأثيرات الأخرى، خاصة أنها أول دراسة كمية عن تكلفة الإرهاب ، وقد حاولنا البحث عن نموذج لقياس هذا الأثر.
وأضاف أن الدراسات الأوروبية خلصت إلى أن تكلفة الإرهاب تجاوزت 9 مليارات دولار عالميا، وسعينا لفحص تلك النتائج، ولكن بشكل آخر بدراسة عدة قطاعات مثل السياحة وتأثير الإرهاب على الإنفاق العام والموازنة العامة للدولة.
وأشار إلى أن الدراسة تناولت الفترة منذ 1996 حتى 2018، حيث وقعت حوادث إرهابية مثل حادث فندق اوروبا بشارع الهرم وحادث الاقصر الارهابي 1997.
وتابع: قدرنا أن خسارة قطاع السياحة بلغت 64 مليار دولار وتكلفة غير مباشرة 36 مليار دولار وغير ذلك من التكاليف غير المباشرة 25 مليار دولار، كما بلغت خسارة الخزانة العامة 45 مليار دولار ، وبلغ إجمالي التكاليف 207 مليارات دولار .
وأوضح أننا فقدنا النقد الأجنبي نتيجة فقدان إيرادات السياحة إضافة إلى ذلك هناك زيادة في الإنفاق العام نتيجة لجهود مكافحة الإرهاب في دعم قطاع الأمن والصحة ما مثل ضغطا على الموازنة العامة.
ولفت إلى أن الأثر على الاستثمار في القطاع الخاص نتيجة لعزوف المستثمرين في البيئات التي تواجه خطر الإرهاب ما أثر على معدلات النمو الاقتصادي سلبيا.
و أكد الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية وأستاذ علم الاجتماع؛ إن دراسة تكلفة الإرهاب الاقتصادية تحمل أهمية كبيرة في مواجهة الدولة لتلك الظاهرة السلبية ؛ فضلا عن كونها خطوة هامة نحو نشر الوعي بين صفوف المواطنين ؛ حيث أن الجميع ينظر لجهود الدولة في مواجهة الإرهاب أمنيا ؛ دون النظر إلى التكلفة الاقتصادية الضخمة التي تتكبدها الدولة بسبب الإرهاب.
وأشار الدكتور احمد زايد - خلال ندوة " تكلفة التطرف والإرهاب في مصر في ثلاثة عقود" بحضور وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة نيفين القباج والمدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الدكتور خالد عكاشة - إلى أن الارهاب يعمل على تفكيك النسيج الاجتماعي؛ ويدمر تماسك المجتمع؛ مشيرا إلى حجم الضغط القائم على الدولة في موضوع تكلفة الإرهاب.
وشدد زايد على أن النخبة السياسية عليها ضغوط ضخمة بسبب ظاهرة الارهاب ؛ كما نها تتحمل تلك الضغوط نيابة عن المجتمع أجمع.
وأوضح الدكتور أحمد زايد ان ظاهرة الارهاب تحمل آثارا سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية كبيرة على المجتمع ؛ مشددا على أهمية نشر الوعي بتلك الخسائر التي تكبدتها الدولة بسبب ظاهرة الارهاب؛ مشيرا إلىأهمية دور الإعلام في هذا الأمر .
كما أكد الدكتور عبدالمنعم سعيد المفكر السياسي، وعضو مجلس الشيوخ؛ وأمين سر اللجنة العلمية لدراسة تكلفة التطرف والإرهاب في مصر خلال ثلاثة عقود؛ أنه عند دراسة التكلفة الاقتصادية؛ للإرهاب يجب أن نطرح سؤالين الاول كيف وصلنا إلى هنا وإلى أين سنذهب؛ مشددا على أن العلم من أهم الأمور المركزية في تعامل الدولة الحديثة مع قضاياها المختلفة.
واوضح أن القضية الدولة هي تحقيق التقدم ؛ وان هذا التقدم لا يحدث في ظل الارهاب ؛ فالعلم هو السلاح الأساسي لمواجهة ظاهرة الارهاب.
وأشار إلى أن الجماعة العلمية بذلت جهود كبيرة في دراسة اثار الإرهاب للمساعدة في جهود مكافحته؛ مشيرا إلى أن تلك الأبحاث لم تكن وليدة اللحظة لكن تعود إلى فترة الثمانينات والتسعينيات.
وشدد على أن التعامل مع ظاهرة بهذا الاتساع لن يتم إلا عن طريق الرصد لكل ما هو فيها بشكل مستمر.
وأشار إلى أنه من خلال بحث المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية؛ فأننا أمام بحث يرقى إلى كل البحوث الموجودة بالمستويات العالمية المناظرة له.
وشدد على أننا نحتاج إلى مزيد من المعرفة عن الإرهابيين؛ فما الذي يجعل انسانا سويا ينتقل من حالة الطبيعية إلى حالة القتل؛ وهو ما يحتاج إلى اجراء استبيانات و فحص مباشر لاولئك الاشخاص.
وأشار إلى أننا بحاجة إلى بناء جهازا الانذار المبكر عن المناطق التي ينشأ بها الإرهابيين ؛ والتحذير بمخططات الارهاب المستقبلية لأخذ الاحتياطيات الاستباقية لمواجهة ذلك.