الأحد 7 يوليو 2024

الثورة حكمت بالحب

دعاء حلمى

أخبار9-2-2023 | 17:38

دعاء حلمى

الثورة لا زالت تحكم بالحب وحده.. فقد كان الحب هو قلب الثورة ومحركها، وهو سر بقائها خالدة في وجدان الشعب المصرى الى الآن

لم تكن ثورة يوليو 1952  ثورة بالمعنى الحرفى للكلمة فالثورة لها محدداتها وشروطها المعروفة في كل الدساتير والتشريعات السياسية ، أما تعريفها في المعجم الجامع هي كلمة مصدرها ثار وتعني الثَّوْرَة : تغيير أساسى فى الأوضاع السياسية والاجتماعية يقوم به الشعب في دولةٍ مَّا 

ولكنها تحولت الى ثورة بكل ما تعني الكلمة من تعريفات مختلفة محققة الشروط التي تجعلنا نطلق عليها مصطلح ثورة في حال تعريفها وفقا للتعريف التقليدى القديم الذى وضع مع انطلاق الثورة الفرنسية وتم استخدامه لأول مره منذ ذلك الحين 

وهو قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع وقيادات العمال المعروفة بالبروليتاريا لتغيير الحكم بالقوة. 

وهو ما حدث بالفعل ولكن بصورة معكوسة حيث قام الضباط الأحرار بالتحرك ثم التف حولهم الشعب ولكن هذا أيضا لم يحدث بهذه الصورة !!

بل قام الضباط الاحرار بالتحرك ثم التف حولهم النخب والطلائع وقيادات العمال والقوة الناعمة ثم التف حولهم الشعب وهنا بزغ مصطلح القوة الناعمة التي هي بالفعل قوة لا يستهان بها ولا تقل قوة وشراسة عن أعتى وسائل الدفاع العسكرية والأمنية عن أي بلد. 

ولذلك بدأت حركة سينمائية وثقافية بقيادة الدولة وبرغبة قوية في أعقاب الثورة مباشرة تمثلت في عدد من الخطوات الواعية  لأهمية هذا القطاع بدأت بعد قيادة جمال عبد الناصر الحكم في عام‏ 1954 وما تلاه ذلك من تنفيذ سياسته وسياسة الدولة المصرية بالتبعية بمعنى اشتراكية الثقافة أى أن يتوجه المنتج الثقافى إلى الشعب، لا إلى النخبة، ‏وأن يكون جمهوره المستهدف هو الجماهير وهو ما حدث بالفعل من التفاف الشعب خلف قائد ثورته إن جاز التعبير.

بدأت تلك السياسيات بعدد من القرارات منها ‏تقوية الإذاعة المصرية، ‏ومد فترة إرسالها‏، وتنويع المستهدفين برسالتها الإعلامية‏، ‏وبناء مؤسسات صحفية قوية تملكها الدولة‏،  ومجلات أسبوعية‏، ‏كان من بينها مجلة للسينما هي أهل الفن وإنشاء شركة النيل للسينما، وإنشاء المعاهد المتخصصة في الفنون لتصل هذه الخطوات المتدرجة إلى ذروتها، ‏بشراء الاستوديوهات ودور السينما وشركات الإنتاج عام‏ 1963، ‏ليبدأ ما عرف بعد ذلك بـ «القطاع العام السينمائى»‏.‏

‏ ودارت عجلة السينما لإنتاج الأفلام العربية‏،‏ والتي انقسمت إلى نوعين من التيمة السينمائية الرئيسية وهى الكوميدية والرومانسية كتيمات رئيسية إلا أن كليهما تناولت أهداف الثورة وتسليط الضوء على مساوئ الملكية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، إلا أن الأعمال الرومانسية التي أخذت على عاتقها تمرير مفاهيم الثورة كانت هي السبب الرئيسي في توحد الشعب خلف قائده لأنها جعلت من الحب وعاء لها، وسهما نافذا خرج من قلوب صناعه إلى قلب الجمهور مباشرة مثل أفلام سيدة القصر ودعاء الكروان وفى بيتنا رجل والباب المفتوح وغروب وشروق والقاهرة 30 ولا تطفئ الشمس إلا أن فيلم بين الاطلال كان وسيظل الأهم على الإطلاق ودرة تاج الأفلام الرومانسية في السينما المصرية على مدار تاريخها الطويل 

فمن ينسى الأديب محمود (عماد حمدى) ومحبوبته منى (فاتن حمامة) في الوقت نفسه يرددان الكلمات نفسها، وهما ينظران إلى قرص الشمس الغارب الدامى: وأنت .. أنت يا توأم الروح .. يا منية النفس الدائمة الخالدة .. يا أنشودة القلب في كل زمان ومكان .. مهما هجرت .. ومهما نأيت .. عندما يوشك القرص الأحمر الدامى على الاختفاء راقبيه جيدا .. فإذا ما رأيت مغيبه وراء الأفق .. فاذكرينى .. اذكرينى 

ويحكي الفيلم قصة الكاتب محمود الذي يحب منى بالرغم من أنه متزوج ويكبرها بكثير، وتتوالى التحديات لهذا الحب الذي ليس له مكان في الأرض إلى أن تتزوج منى من شخص آخر، ويصاب محمود بشلل نتيجة حادث سير ويتوفى إثر ذلك وتعيش منى في بيت محمود لأنها ساعدت زوجته في ولادتها لتعيش بين الأطلال .. 

هذا الفيلم المأخوذ عن رواية يوسف السباعي الصادرة في عام الثورة 1952 والذى تم عرض الفيلم بتاريخ 1959 

تلك الأيقونة الرومانسية التي سطرها الأديب والرجل العسكرى ذو الطراز الرفيع وفارس الرومانسية يوسف السباعى التي نفذت أعماله إلى القلب ولازالت تسكنه مثل "أعمال أنى راحلة و العمر لحظهة والليلة الأخيرة" 

جبرتى العصر وهو اللقب الذي أطلقه عليه الأديب الكبير نجيب محفوظ لأنه كان خير ممثل لحرب أكتوبر بأعماله رد قلبى، جفت الدموع، ليل له آخر، أقوى من الزمن، والعمر لحظة،  وتضمنت قائمة أهم 100 فيلم فى السينما المصرية، 6 أعمال له ذلك الرجل الذي اغتالته قوى الشر التي كفرت بالحب والسلام في أعقاب اتفاقية كامب ديفيد وتم قتله بدم بارد على أيدى أعداء الحب 

كان الحب هو قلب الثورة ومحركها وهو سر بقائها خالدة في وجدان الشعب المصري إلى الآن ... الثورة لازالت تحكم بالحب وحده.

الاكثر قراءة