الإثنين 3 فبراير 2025

د. حسين منصور.. رئيس هيئة سلامة الغذاء: سنطارد فساد الطعام من عربات الفول حتى المطاعم الشهيرة

  • 24-8-2017 | 22:10

طباعة

حوار أجرته: بسمة أبو العزم

عدسة: مصطفى سمك

غذاء آمن للمصريين، هدف لن يتنازل عنه الدكتور حسين منصور أول رئيس للهيئة القومية لسلامة الغذاء، الذي يري أن سوق الغذاء فى مصر تسيطر عليه العشوائية ويحتاج إلي ضبط بقرارات حاسمة.

منصور يؤكد أن الهيئة الجديدة لن تتردد فى مراجعة كل شئ من اللحوم و حتي عربات الفول والطعمية وعربات الكشري ومن محلات الكبار إلى عربات الشارع ، لا فارق بين اسم وآخر، فالهيئة لن تكون أبدا مجرد كيان وهمي وإنما ستمارس سلطاتها وتفرض إرادتها لحماية المواطن المصري من كوارث الغذاء التي عاني منها لسنوات طويلة.

حسين منصور يعول علي المستهلك فى أن يساعد الهيئة لتؤدي دورها، لكنه فى الوقت ذاته يعتبر نفسه المسئول الأول عن غذاء المصريين، ومن أجل ذلك يعد المواطنين بتغيير سيلاحظونه فى الأسواق قريبا.

لدينا فوضى فى الأسواق جعلت الغذاء مصدراً للأمراض الخطيرة فى مصر؟

لا أنكر أنه فى الوقت الذى يُمثل فيه الغذاء إحدى الضروريات اللازمة لاستمرار الحياة، قد يكون سبباً للإصابة بالمرض، الذي يبدأ ببعض المظاهر المرضية البسيطة مثل «القيء والإسهال» والتى تستمر لساعات أو أيام قليلة، ثم يحدث الشفاء بعد ذلك دون حدوث أى مضاعفات، وقد تصل أحياناً إلي مرض شديد الخطورة يؤدى إلى الوفاة، ولا يُمكن إنكار وجود إنتاج عشوائى غير مُراقب من الغذاء، قدرته بعض الجهات بنحو٧٠٪ وأحياناً٨٠٪ من حجم الغذاء المتداول فى الأسواق، وعلى الرغم من عدم معرفتنا الكاملة بمدى صحة هذه التقديرات، لأننا لا نعرف الطرق الإحصائية والبيانات التى استخدمت فى حسابها، إلا أنها تعكس وجود مشكلة حقيقية دعت المُشرع إلى اسناد اختصاص فى غاية الأهمية للهيئة القومية لسلامة الغذاء وهو «وضع الخطط اللازمة لحصر وحدات الإنتاج الغذائى غير المُرخص بها واقتراح الحلول الملائمة لمُعالجة هذه الظاهرة والعمل على توفيق أوضاعها».. والهيئة تؤكد الاهتمام البالغ بالتعامل مع هذا القطاع وما يرتبط به من تأثيرات صحية، واقتصادية، واجتماعية على المواطن المصرى من خلال دراسة مستفيضة، ومحاولة اقتراح حلول عملية قابلة للتنفيذ، مع التأكيد أن المقترح الخاص بتغليظ العقوبات والذى ينادى به البعض كحل لهذه المشكلة لم يكن أبداً وحده علاجاً ناجحاً لهذه المشكلة. لماذا؟ - الدليل أن قانون الباعة الجائلين رقم ٣٣ الصادر عام ١٩٥٧ والذي تم تحديثه بالقانون ١٠٥ لعام ٢٠١٢ وتم فيه تغليظ العقوبات، دون وضع أى إجراءات من شأنها مُعالجة أسباب الظاهرة.. و النتيجة هي استمرار الباعة الجائلين فى الشوارع وما يرتبط بهم من مشاكل بعضها فى مجال تداول الغذاء.

نحن أصلاً لا نعرف ما هي معايير سلامة الغذاء..؟

توجد العديد من التعريفات التى تتضمنها عبارة سلامة الغذاء؛ لكن يُمكن ببساطة أن نقول إن «الغذاء الآمن هو الغذاء الذى لا يُسبب الضرر للمستهلك عند تناوله، وحتى يتحقق ذلك توجد العديد من اللوائح الفنية الخاصة بتداول الغذاء خلال السلسلة الغذائية بأكملها بسلامة الغذاء، بداية من مرحلة الزراعة أو التربية للحيوان ووصولاً إلى المستهلك، طبعا توجد معايير عامة تنطبق على كافة أنواع الغذاء مثل عدم تلوثه بالميكروبات على سبيل المثال، وهناك معايير أخرى نوعية ترتبط بقطاع محدد من الأغذية مثل اللحوم، والألبان، والخضراوات، والفاكهة وغيرها، وطبقاً لقانون الهيئة القومية لسلامة الغذاء وما أريد أن أطمئنكم عليه أن هيئة سلامة الغذاء سوف تضع القواعد الملزمة لسلامة الغذاء، وفقاً للمعايير الدولية المعمول بها، وبما لا يتعارض مع المتطلبات الوطنية.

هل يمكن أن تضمن الهيئة تقديم غذاء آمن للمصريين بعيداً عن التلوث؟

نتمني ذلك، لكن توفير الغذاء الآمن لكل المصريين مسئولية تضامنية لثلاث جهات رئيسية أولها المنتج والمصنع للغذاء الذى تقع عليه المسئولية الرئيسية لإنتاج الغذاء الآمن والذى يتحمل المسئولية القانونية عند مخالفة ذلك، ثم يأتى دور الهيئة القومية لسلامة الغذاء وهى «الجهة الثانية» التى تتولى مسئولية الرقابة على التزام المنتج والمصنع بتحقيق متطلبات سلامة الغذاء، ولا تكتمل منظومة سلامة الغذاء دون قيام الجهة الثالثة وهو «المستهلك» بالدور المطلوب منه، من خلال مراعاة القواعد البسيطة للنظافة الشخصية مثل، غسيل الأيدى قبل الأكل، والالتزام بتعليمات حفظ بعض أنواع الغذاء فى «الثلاجة» على سبيل المثال، وشراء الأغذية من المنشآت الخاضعة للرقابة.. ومهمة الهيئة ان تحاول العمل على تضافر جهود هذه الجهات الثلاث من أجل ضمان الغذاء الآمن للمصريين، مع تأكيد سعى الهيئة إلى تبنى وتنفيذ استراتيجيات وخطط عمل جديدة مبنية على أسس علمية، لتناول كل محور من هذه المحاور.. وعلى سبيل المثال ما يتعلق بدور المستهلك نحو تحقيق سلامة الغذاء، الهيئة ستعمل علي إنشاء إدارة متخصصة للتوعية والإرشاد باستخدام أساليب ووسائل مختلفة تتناسب مع كافة فئات المجتمع، سواء المتعلم أو غير المتعلم، فضلاً عن الأطفال والشباب وكبار السن، وغير ذلك من الفئات المختلفة.

هل يُمكن أن يأتى يوم نؤكد أن كل ما يأكله المصريون آمن وسليم صحياً.. ومتى يحدث ذلك؟

الهدف الرئيسى من إنشاء الهيئة صحة المواطن المصرى من أي خطر يمثله الغذاء لا فارق عندنا بين شركة وأخرى أو منتج وأخر أو اسماء فنحن مسئولون عن حماية المواطن المصري وصحته من خلال العمل على توفير الغذاء الآمن الذى يرتقى للمستويات العالمية فى الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة والدول الأوربية، وبالطبع يحتاج هذا إلى جهود مُضنية ووضع وتطبيق استراتيجيات وخطط عمل وجداول زمنية؛ لكن استطيع التأكيد علي أن المواطن سيشعر بتغيير ملموس خلال فترة زمنية وجيزة من بداية ممارسة الهيئة لاختصاصاتها الرقابية، وسيكون ذلك طبقاً للمادة الثالثة من مواد إصدار قانون الهيئة القومية لسلامة الغذاء، خلال مدة لا تجاوز عاما من تاريخ العمل بهذا القانون، ويجوز تمديد تلك المدة لمدة أخرى مماثلة، ويتحدد ذلك الموعد بقرار من رئيس مجلس الوزراء.. والسبب فى تحديد هذه الفترة الزمنية هو الرغبة فى إجراء تغيير جذرى فى كافة محاور منظومة سلامة الغذاء وليس فقط إحداث إصلاح أو تطوير جزئى فى بعض عناصر المنظومة.

لكن كيف تتمكن الهيئة من القيام بدورها وعدم تحولها إلى مسمى ويظل التلوث مُستشريا؟

جهود إنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء بدأت على المستوى الرسمى فى عام ٢٠٠٧ عندما تم وضع مقترح قانون إنشاء الهيئة، وتبنت وزارة التجارة والصناعة المشروع، حيث تم إنشاء وحدة وتشكيل فريق عمل برئاستى لاتخاذ الخطوات التنفيذية لإنشاء وعمل الهيئة فى منتصف عام ٢٠٠٨.. وبغض النظر عن بعض الظروف السياسية التى مرت بها مصر، والتى كانت من أسباب تأخر إنشاء الهيئة؛ إلا أن أحد الأسباب الرئيسية التى أدت إلى تأخر صدور قانون إنشاء الهيئة، كان المقاومة الشديدة لبعض المنتفعين من الوضع السابق ومحاولة تهميش دور الهيئة المنشود بعدم إسناد سلطات رقابية لها والاكتفاء بأن تقوم الهيئة بالتنسيق بين الجهات الرقابية القائمة بالفعل، وهو ما رفضته تماماً خلال هذه السنوات الطويلة، لأن أحد أهداف إنشاء الهيئة هو إحداث تغيير جذرى فى المنظومة يؤدى إلى نتائج حقيقية، وليس إضافة جهة رقابية جديدة غير فاعلة، وشهادة حق أن المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء كان متحمساً فى هذا الشأن، ورفض تماماً محاولات تهميش دور الهيئة، وأصر على أن تكون الجهة المسئولة دون غيرها، للرقابة على تداول الغذاء فى مصر، وهو ما يعنى على الجانب الآخر تكريس مبدأ المُحاسبة عند الخطأ، وتحمل الهيئة الجديدة للمسئولية، عكس الوضع الذى كانت فيه الجهات الرقابية المختلفة التي كانت تتنصل من مسئوليتها، من منطلق تشتت المسئولية، نظراً لتعدد الجهات الرقابية، وبأسلوب بلدى كانت «الشماعة» التى تعلق عليها الجهات فشلها أحيانا متوفرة دائماً تحت مبرر أنها ليست الجهة المسئولة، وأنه توجد جهات أخرى هى التى أخطأت.

هل للهيئة موازنة؟

الهيئة أعدت موازنة تقديرية تتم مناقشتها حاليا مع المسئولين فى وزارة المالية، بما يحقق أهداف الهيئة التى تحظى بالدعم السياسى على أعلى المستويات، حيث تم إنشاء الهيئة لتكون تابعة لرئاسة الجمهورية وتشكيل مجلس الأمناء كأعلى سلطة إدارية للهيئة برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية ستة من الوزراء المختصين واثنين من الخبراء فى مجال سلامة الغذاء، وكل هذه دلائل واضحة على مدى اهتمام الدولة بتوفير الغذاء الآمن للمواطنين، وأؤكد هنا على أن العنصر البشرى أحد أهم عناصر إدراك الهيئة للنجاح فى تحقيق أهدافها، ولذلك تقوم الهيئة حالياً بوضع معايير قبول الراغبين فى العمل بالهيئة والبرامج التدريبية الواجب الحصول عليها قبل البدء فى العمل، بما يضمن الحيادية والاحترافية فى الأداء.. فلدينا تخصصات متعددة مثل الأطباء البيطريين للرقابة على الأغذية من الأصل الحيواني، و»الزراعيين» للرقابة على الأغذية من أصل نباتي، و»المهندسين» لمراجعة المعايير الإنشائية لمنشآت الأغذية، وأيضا خريجو العلوم والصيدلة والطب البشري، بالإضافة إلى المحامين لاتخاذ الإجراءات القانونية وغير ذلك من التخصصات ذات العلاقة، وستتم الاستفادة من كافة التخصصات من خلال إسناد المهام المناسبة لكل تخصص، وتزويد العاملين بالتأهيل والدورات التدريبية اللازمة، وكذلك المعدات والتقنيات المناسبة التى تضمن كفاءة وحسن الأداء وتحقيق أهداف الهيئة، هذا بالإضافة أن تطبيق نظم الرقابة الحديثة مثل نظام تحليل المخاطر، والتى توصى بها الهيئات العالمية المتخصصة، ستؤدى إلى الاستخدام الأمثل للموارد البشرية والمالية المتاحة، بما يحقق أهداف الهيئة دون الحاجة إلى جيش جرار من المفتشين كما يتصور البعض.

كم سيكون عدد العاملين بالهيئة؟

سيتم تحديد الأعداد المطلوبة بعد الانتهاء من قاعدة البيانات التى نجهزها حالياً لعدد المنشآت التجارية التي تتعامل فى كل ما يتناوله الإنسان وبالفعل انتهينا من حصر ٩ محافظات وجاري استكمال باقي المحافظات.

وما أول الملفات التى ستبدأ الهيئة العمل بها؟

أهم ما يشغلنا الآن الانتهاء من اللائحة التنفيذية لقانون الهيئة، حتى يمكن إيقاف العمل بالقوانين والأحكام السارية القديمة وتطبيق مواد القانون الجديد بما يمثل نقلة نوعية فى منظومة سلامة الغذاء بمصر.

هل هناك قائمة بأطعمة وفواكه فى الأسواق يُمكن أن نُحذر من احتوائها على السرطان أو أنها مشكوك فى إصابتها؟

هناك بعض الملوثات الكيماوية التى قد يتسبب تناولها بمستويات أكثر من المسموح به عالمياً إلى زيادة احتمالية الإصابة بالسرطان، ويوجد العديد من الدراسات العالمية والمحلية عن تلوث أنواع مختلفة من الأغذية بتلك الملوثات، وسوف يكون من أولويات العمل فى الهيئة القومية لسلامة الغذاء وضع خطط لإجراء دراسات وبرامج تقييم تلوث الأغذية المطروحة للاستهلاك فى السوق المحلى بتلك الملوثات، وسوف تقوم الهيئة بنشر نتائج تلك الدراسات وتقديم النصح المناسب للمستهلك على موقع الهيئة على الإنترنت وفى وسائل الإعلام المختلفة.

حماية أبنائنا وتنشئة جيل سليم أهم أولويات الدولة؛ لكن للأسف يستهلكون كميات كبيرة من الحلوى المملوءة التي تحتوى علي ألوان الصناعية ومواد ضارة.. ما رأيك فى تلك المنتجات وكيف تتصدون لمخاطرها ..؟

توجد قواعد ومعايير صارمة لاستخدام الألوان ومكسبات الطعم والمواد الحافظة فى أنواع الأغذية المختلفة، ويتم إجراء دراسات طويلة وشاقة حتى يُمكن تحديد الكميات المُمكن إضافتها للأغذية دون الوصول إلى المستوى الذي يُمثل خطورة على صحة الإنسان سواء فى مصر أو فى غيرها من دول العالم.. ومن الممكن أن يكون هذا الموضوع لم ينل القدر الكافى من الاهتمام فى الفترات الماضية بسبب أن فحص عينات الغذاء للتأكد من مستوى هذه المواد بها عالى التكلفة، وكانت هذه العينات تمثل عبئا على المعامل الحكومية، نظراً لأنه كان يتم فحصها بدون مقابل، مما أدى لعدم تحليل العدد الكافى من العينات للتعرف على حجم المشكلة.

لكن الهيئة ستضع برامج فحص خاصة بتلك الملوثات، لأنه ببساطة تكلفة علاج الأمراض التي قد تنشأ عن تلك المواد الكيماوية تتخطى بكثير أى تكاليف لبرامج المتابعة والمراقبة.

الفول «مسمار البطن» كما يسميه عامة الشعب ونسبة كبيرة من الموظفين والطلبة يتناولون افطارهم على عربات الفول.. كيف تصنف هذا الأمر من الناحية الصحية ..؟

لا يُمكن إنكار مدى انتشار ظاهرة شراء قطاع كبير من الشعب المصرى الفول من عربات الفول فى أماكن عديدة، وهو الأمر الذى يحتاج كما ذكرت سابقاً إلى وضع حلول علمية وعملية للإقلال من المخاطر الصحية لهذه الظاهرة التى تعود عليها المصريون، ومن الحلول مثلا ان هناك مقترحا سيتم دراسته بالتوصية باستخدام أطباق مصممة للاستخدام مرة واحدة يتم التخلص منها بعد ذلك، وبالتالى يتم حل المشكلة الخاصة بغسيل الأطباق فى «جرادل المياه» بجوار عربات الفول.

هل يمكن أن يحدث هذا قريباً؟

هذا مجرد اقتراح ولا يعنى هذا الاقتراح تبنى الهيئة له؛ لكن الخلاصة أنه يجب إجراء مزيد من الدراسات للوصول إلى حلول علمية، بحيث يكون القرار بتجريم أو منع أحد الأنشطة هو الحل الأخير الذى لا يتم اللجوء إليه إلا بعد فشل كافة الحلول.

هل سيكون للهيئة رقابة على عربات الفول؟

بالطبع، الهيئة تختص بكافة منشآت تداول الغذاء الثابتة والمتحركة بما فى ذلك عربات الفول، وستقوم الهيئة بوضع نظام لترخيص المنشآت المتحركة بما يتناسب مع حجم التشغيل والمنتجات التى تعرضها وما يرتبط بها من مخاطر وغير ذلك من العوامل.

الطعمية حذر كثير من الأطباء من كثرة استخدام الزيوت فى قليها وتسببها فى السرطان.. فكيف تواجهون تلك الكارثة الغذائية؟

بالطبع توجد وسائل لمراقبة استخدام الزيوت فى القلى من حيث نوعيتها وجودتها ومدى ملاءمتها لأغراض القلى وغير ذلك من المعايير التى ترتبط بسلامة المنتج الغذائي؛ لكن ما اريد التأكيد عليه هنا ان الهيئة فى المقام الاول تتبني أسلوب الإرشاد والتوعية للعاملين فى قطاعات تصنيع وإنتاج وبيع الغذاء، بمعنى أنه يجب تعليم متداول فى الغذاء بالقواعد الصحية لتداول الغذاء قبل محاسبتهم على عدم التزامهم بها، لأن كثيرا من الأخطاء تحدث نتيجة للنقص فى المعرفة، ثم يأتى بعد ذلك الدور الرقابى والمحاسبة الذى ستقوم به الهيئة لمن يصرون على التسبب فى الضرر الصحى للمواطنين نتيجة للطمع أو الجشع.

ما مدى رضاك عن محال الكشرى وسلامة تقديم هذا الطبق الشعبى؟

ما يُطبق علي عربات الفول، سوف يُطبق على محال الكشرى وايضاً عربات بيع الكشري، وكافة هذه المنشآت ستخضع لرقابة الهيئة طبقاً لخطة علمية مدروسة.

وهل أنت راضٍ عن إجراءات تطبيق مجازر اللحوم والدواجن للاشتراطات السليمة الصحية؟

هناك مشكلة جوهرية فيما يتعلق بالمجازر، فالمتوافر حالياً ليس مجازر بالمفهوم العالمي؛ بل هى صالات للذبح لا يمارس فيها ممارسات المزارع السليمة، وصاحب الحيوان هو من يذبح أو من ينوب عنه، وبالتالى يفرض ثقافته ورؤيته، بالإضافة إلى أنه يرتبط بعضها بتبعيتها الإدارية للمحليات، بينما يتولى الإشراف الفنى عليها أطباء بيطريون تابعون للهيئة العامة للخدمات البيطرية، وبعض المشاكل ترتبط بالتجهيزات داخل هذه المجازر وعدم كفايتها، والبعض الآخر يتعلق بنظام العمل داخل المجازر وثقافة الذبح.. لكن أطمئن المستهلك بأن الهيئة قامت بإجراء دراسة شاملة لجميع المجازر الموجودة فى مصر، اشتركت فيها كليات الطب البيطرى كل فى نطاقه الجغرافي، للتعرف على كافة المشكلات التى تواجه تطوير المجازر، ونتمني فى الهيئة تحقيق التطوير المنشود فى أقرب وقت ممكن.

ما تعليقك على عرض اللحوم للبيع بالمحال وتعليقها على باب المحل طوال اليوم.. هل يؤثر ذلك على جودتها الغذائية.. وهل لكم أى موقف تجاه هذا الأسلوب؟

اللحوم من الأغذية عالية المحتوى من البروتين والتى تصنف ضمن ما يعرف بالأغذية عالية الخطورة والتى تحتاج إلى الحفظ فى التبريد أى فى درجة حرارة أقل من ٤ درجات مئوية، وحتى يمكن للمستهلك تصور مدى الضرر الذى قد يحدث نتيجة تعليق اللحوم على باب المحل وليس داخل ثلاجة، فالميكروبات يتزايد عددها إذا لم يتم حفظ اللحوم فى درجة التبريد الملائمة، فالميكروب الواحد يصبح اثنين بعد ٢٠ دقيقة تقريباً، ويصبح العدد ٤ بعد ٢٠ دقيقة أخرى، ويستمر التكاثر ليصبح الميكروب الواحد مليار ميكروب بعد مرور نحو ١٠ ساعات من وجود اللحم خارج الثلاجة، وبالتالى فإن عادة تعليق اللحوم على باب الجزارة هو أمر غير مقبول ولن نسمح به لكن الأمر يحتاج إلى تغيير ثقافة المجتمع وتوعيته.

اللحوم المستوردة هى بالأساس «لحوم الغلابة» ما مدى سلامتها الغذائية خاصة بعد ما سمعناه عن احتوائها على هرمونات ؟

جميع الأغذية المستوردة بما فيها اللحوم تخضع حاليا لرقابة الهيئة العامة للصادرات والواردات، والتى تشترك معها لجان متخصصة من وزارة الصحة ووزارة الزراعة وغيرها من الجهات المتخصصة، وفيما يتعلق باحتواء اللحوم على هرمونات، فقد سبق أن أثير هذا الموضوع منذ عدة سنوات، وتم بحثه من قبل لجان علمية متخصصة واتخذت كافة الإجراءات والتوصيات التى تضمن تطبيق مصر لذات المعايير الدولية، التى تطبقها الدول الحديثة والتى تحرص على صحة مواطنيها فى هذا المجال.

وهل تُحذر من لحوم قادمة من دول بعينها؟

تتم مراجعة القائمة التى تعدها منظمة صحة الحيوان العالمية لمراجعة الوضع الوبائى للدول المختلفة بصورة دائمة، للتعرف على الدول التي يمكن استيراد اللحوم منها واتخاذ ما يلزم فور حدوث إصابات وبائية فى أى من دول العالم.

وكيف ستتعاملون مع ملف اللحوم المستوردة؟

هدف الهيئة تطوير منظومة الرقابة على سلامة الغذاء لترتقى إلى المعايير العالمية واستخدام النظم الحديثة فى الرقابة على كافة أنواع الأغذية المستوردة بما فى ذلك اللحوم.

فى ظل الارتفاع المستمر لأسعار ألبان الشركات يتزايد الإقبال على الألبان «السائبة» كيف ترى خطورتها الصحية؟

تداول الألبان «السائبة» يمثل خطراً حقيقياً على صحة المواطن المصري؛ لأن الألبان تندرج ضمن مجموعة الأغذية عالية الخطورة والتى بطبيعتها توفر بيئة خصبة لنمو وتكاثر البكتيريا، مع الأخذ فى الاعتبار الطقس فى مصر ودرجات الحرارة العالية فى شهور عديدة، وبالتالى يقوم بعض باعة الألبان الجائلين بإضافة مواد حافظة مثل الفورمالين أو ماء الأكسجين أو غيرها من المواد الكيماوية بغرض منع تكاثر البكتيريا داخل اللبن خلال الفترة من الحلب، وهذا المواد الكيماوية التى يتم استخدامها دون ضوابط، تمثل خطورة حقيقية على صحة المستهلك.

وكيف يمكن للجهاز التعامل مع ملف الألبان «السائبة» ومنتجاتها؟

بالطبع الموضوع يحتاج إلى تعاون مثمر بين الهيئة القومية لسلامة الغذاء وبين المستهلك على الجانب الآخر، حيث ستعمل الهيئة على دعم كافة جهود التوعية للمستهلك بأخطار شراء وتناول اللبن «السائب»، مع محاولة خلق منظومة جديدة تقوم بموجبها مصانع الألبان بما تمتلكه من تجهيزات التبريد بشراء الألبان من التجار الصغار فى أماكن الإنتاج دون أن يحتاج التاجر الصغير للانتقال للمدينة لبيع منتجه.

الأغنياء يفضلون الأغذية الأورجانيك والتى يتضاعف سعرها ٤ مرات.. فهل بالفعل كل ما يقدم تحت هذا المسمى «أورجانيك ١٠٠٪» أم أنها دعاية ونصب؟

المنتجات العضوية لها زبائنها على مستوى العالم وليس فى مصر فقط، وبالطبع يحتاج هذا القطاع إلى وضع منظومة رقابية فعالة لا سيما مع النمو المستمر فى حجم الإنتاج والمبيعات، وسوف تقوم الهيئة بالتحقق من معايير سلامة الغذاء لهذه المنتجات شأنها فى ذلك شأن أى منتجات غذائية أخرى، كما ستحرص الهيئة أيضاً على التأكد من البيانات الموجودة على المنتجات الغذائية وانها لا تنطوى على غش وتضليل للمستهلك، بمعنى التحقق من أن الأغذية الموضوع عليها بطاقة بيان غذاء عضوى بأنها بالفعل تحقق معايير هذا المسمى.

هل سيكون للهيئة دور داخل سوقى العبور وأكتوبر؟

بالطبع الهيئة مسئولة عن مراقبة تداول الغذاء فى كافة أنحاء مصر، خلال كافة مراحل السلسلة الغذائية بعد الحصاد.

وما حجم الأموال التى تتوقع أن توفرها الهيئة نتيجة الخسائر الاقتصادية الناجمة عن التلوث الغذائى؟

من الصعب حساب التكلفة المباشرة وغير المباشرة التى يتحملها الاقتصاد القومى بسبب حالات التسمم الغذائي، وتأثير ذلك على الاستثمارات المحلية الضخمة فى مجال الغذاء، هذا بالإضافة إلى التكلفة غير الملموسة والتى تتضمن المعاناة التى يتعرض لها المصابون والأهل لاسيما فى الحالات التى تصاحبها إصابات مزمنة وهى تكلفة يصعب جداً تقديرها مادياً.. وبعض الأمثلة للتكلفة المادية الناتجة عن الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق الغذاء، تتضمن تكاليف تشخيص وعلاج الحالات المصابة، والتى تزيد أحياناً على ١٥٠ ألف جنيه مصرى لعلاج الحالة الواحدة المصابة بالتسمم المنبارى (Botulism).. أما تكاليف التسمم بالملوثات الكيماوية والتى قد تؤدى للإصابة بالسرطان فيصعب تقديرها؛ فتكاليف الوفاة عند حدوثها وتكاليف التعويضات للمصابين والمتوفين؛ خسائر للمنتج والموزع، فضلاً عن تكاليف إيقاف العمل وغلق المنشأة؛ وتكاليف إعادة تدريب العمال وتوعيتهم، واذا رجعنا إلي تقديرات منظمة «الفاو» فستجد أن وباء حمى الوادى المتصدع الذى أصاب مصر عام ١٩٧٧ أدى إلى حدوث ٢٠٠,٠٠٠ حالة إصابة بشرية نتج عنها ٦٠٠ حالة وفاة، بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من الإصابة والإجهاض والوفاة فى الماشية والأغنام للدلالة على أن تكلفة بعض الأمراض التى يمكن أن تنتقل عن طريق الغذاء قد تكون باهظة جداً، كل هذا كان فقط فيما يتعلق بالتكلفة الاقتصادية من الجانب الصحى والإصابة بالمرض؛ ولكن الأمر يتعدى ذلك بكثير إذا ما أخذنا فى الاعتبار المردود الاقتصادى على الجانب التجاري، فعلي سبيل المثال تمثل الصادرات المصرية من الحاصلات الزراعية والصناعات الغذائية أحد أهم مصادر الدخل القومى من العملة الصعبة، ويمكن أن تتأثر الصادرات كثيراً فى حال التلوث، وقد يصل هذا التأثير إلى حد وقف بعض أنواع الصادرات مثلما حدث منذ سنوات قليلة من حظر لبعض أنواع الحاصلات الزراعية، نتيجة الادعاء بتلوث صادرات مصر من الحلبة بميكروب «الأى كولاي»، ولا تقتصر التكلفة الاقتصادية أيضاً على التأثير على الصادرات الغذائية؛ بل تمتد لتشمل التكلفة الناجمة عن اتخاذ إجراءات وقائية لمنع حدوث المزيد من حالات الإصابة بالمنتج الملوث والتى تتضمن سحب المنتج من الأسواق، وأحياناً التخلص منه حينما لا يكون هناك إجراء أو معالجة يمكن القيام بها للتخلص من الضرر الذى يمكن أن يسببه لصحة المستهلك.

وأحد الأمثلة على ذلك قيام الولايات المتحدة الأمريكية فى أغسطس ٢٠١٠ بسحب نصف بليون بيضة من الأسواق لتلوثها بميكروب السالمونيلا المعوية Salmonella Enteritidis، والتي أدت إلى إصابة المئات من الشعب الأمريكى بالسالمونيلا، فيما يزيد على ٢٢ ولاية أمريكية، ولم تقتصر آثار الوباء على التكلفة الناجمة عن سحب المنتج من المتاجر والأسواق؛ بل امتدت لتؤدى إلى زيادة سعر البيض بما يقرب من ٤٠٪ حسب بعض التقديرات.. والحديث عن المردود الإيجابى لعمل الهيئة على الاقتصاد المصرى طويل؛ لكن من الممكن أن نستخدم حجم تكلفة تلوث الغذاء فى أمريكا لمحاولة تقديرها تقريبا فى مصر، لأنه لم يسبق تقديرها من قبل، ففى الولايات المتحدة الأمريكية سنويا تتكلف ما بين ٥٠- ٧٨ بليون دولار وفقا لتقديرات جامعة أوهايو وتقديرات الحكومة الرسمية لعدد سبعة ملوثات ميكروبية فقط ٧ بلايين دولار، ممكن أن تقسم على ٣ لتعديل عدد السكان تكون النتيجة بين ١٧- ٢٣ بليون دولار، ولو اعتبرنا الدولار يساوى جنيها واحدا فى مصر، فستكون تقديرات تلوث الغذاء فى مصر ما بين ١٧- ٢٣ بليون جنيه سنويا!.

وهذا رقم كبير، وسيكون للهيئة دور كبير فى مواجهة هذه الخسائر لانها ستضع ضوابط وستراقب تنفيذها بحسم.

 

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة