المسافة بين استثمار الأموال وإهدارها، تكمن في الاقتناع، المسافة بين الاقتناع والطمأنينة تكمن في الطمع، المسافة بين الطمع والاستيلاء، تكمن في الاحتيال، هكذا استطاع المحتالون أن يجوبوا هذه المسافة ذهابًا وإيابًا لكسب ثقة الناس ثم إقناعهم حتى الاستيلاء عليهم.
بدأ الاحتيال منذ زمن لا يمكن الوقوف عنده، وتطور إلى حد لا يمكن السيطرة عليه بشكل كامل، وزاد إلى حيث لا مستريح.. وفي آخر السنوات برز هذا المصطلح "مستريح"، ومستريح تعني "حد مستريح" أي غني ولديه ثروة حسب تعريف الخبير الاقتصادي محمد نجم.
أول مستريح
"أحمد مصطفى المستريح": كان أحمد أحد أبطال شركات توظيف المال في مصر أو هكذا أوهمنا حتى صدر ضده حكم قضائي بالسجن 15 عاما ورد 266 مليون جنيه للمدعين بالحق المدني وتغريمه 150 مليون جنيه.
الحاصل على معهد حاسب آلي، استطاع جمع 200 مليون جنيه، بحجة استثمارها في إنشاء مصنع للأسمدة بقنا، وأعلن قبل سنوات، عبر إحدى الفضائيات، أنه سينشئ مصنعًا جديدًا لتشغيل 4 آلاف فرصة عمل، وبكل ثقة، وأضاف سيكون الأكبر في الشرق الأوسط.
وبعد أن استمعت النيابة إلى أقوال أكثر من 40 مواطنا أكدوا أن المتهم نصب على أكثر من 200 مواطن، وأنه أوهمهم بتشغيل أموالهم فى مشروعات استثمارية ضخمة مقابل حصولهم على فوائد 12%، ثم اختفى ولم يرد على اتصالاتهم.
حتى تمكنت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة من ضبطه في القضية رقم 951 لسنة 2015 حصر، لإيهامه المواطنين بإنشاء مشروعات وهمية وتلقى أموالا نقدية مقابل أرباح شهرية.
البيتكوين
هي عملة رقمية لامركزية، أي من دون وجود بنك مركزي، يمكن إرسالها من شخص إلى آخر عبر شبكة البيتكوين، والبيتكوين شبكة مدفوعات تعمل على بروتوكول تشفيري ببث رسائل موقعة رقميًا، ولا تحتاج وسيط (مثل البنوك).
يستغل أعضاء هذه الشبكة عدم وجود مؤسسة أو ضامن، ثم يقومون بإقناع الناس بإرسال الأموال، على أن تعود بفوائد أكبر من العوائد البنكية، ثم يتم الاستيلاء على المبالغ.
غريب حسنين..أحد الضحايا يكشف تعرضه للنصب
"غريب حسنين"، مواطن من محافظة المنوفية، كان ضحية لواقعة نصب، فقال: "فيه شخص نصب عليا وعلى ناس كتير في مبالغ ضخمة، وخد مني أنا باقتين، الباقة/عملة البتكوين 12.600 جنيه، وخد من ابن عمي نفس المبلغ"
وأضاف لبوابة "دار الهلال": "قال لي بعد 6 أشهر هيرجع نص المبلغ ، وهيرجع لي الأرباح والفوايد"، ولو معاك دولارات هغيرهالك"، مضيفا: "كان بيعمل اجتماعات في فنادق وأماكن معروفة، ولم 3 مليون جنيه من الناس ودلوقتي هربان".
وعن سؤاله لماذا لم يتقدم ببلاغ "أنا مستنيه يرجع الفلوس، لو مرجعهاش هتقدم ببلاغ، أنا أعرفه شخصيًا وهو موجود في مصر ولم يهرب"، مضيفا: "احنا مش عايزين نؤذي حد..عايزين نرجع الحقوق لأصحابها".
الهوج بول
هي منصة أجنبية تقوم بالنصب على المواطنين والاستيلاء على أموالهم بزعم استثمارها لهم من خلال تطبيق إلكتروني يحمل نفس الاسم (Hogg Pool) عبر شبكة الإنترنت.
تتكون من 29 عضوًا بجنسيات مختلفة تمتلك قرابة 10 آلاف محفظة، تقوم بالنصب على الناس، عن طريق جمع المبالغ وإيهامهم أنها سترد خلال مدة زمنية محددة بفوائد كبيرة، ثم تقوم بتوزيع هذه المبالغ على هذه المحافظ لتجنب الرصد الأمني، ويقال أن ما استولت عليه يصل إلى المليار جنيه.
تم القبض عليهم وبحوزتهم 95 هاتفًا محمولا - 3367 خط هاتف محمول - 9 أجهزة مودم رسائل جماعية - 7جهاز حاسب آلي - 39 شاشة كمبيوتر ومشتملاتها - 3 سيارات - مبالغ مالية عملات محلية وأجنبية "بلغت حوالى 600 ألف جنيه" - عدد 41 كارت إئتمانى لبنوك بالخارج.
RIOT
هي منصة كانت تحت الإنشاء، أفرادها هم نفسهم المتهمين في منصة الهوج بول.
اعترفت هذه العصابة أنها كانت تخطط للنصب على المواطنين مجددًا، بنفس الطريقة عبر إنشاء تطبيق جديد اسمهRIOT .
لم يكتفوا بما حققوه قبل غلق التطبيق الأول، بعدما نجحوا في جمع ملايين الأموال من المواطنين، حتى نجحت أجهزة وزارة الداخلية بإشراف اللواء محمود توفيق، وزيرالداخلية فى ضبطهم.
كيف نحمي أنفسنا؟ استشاري الطب النفسي يجيب
رأى الدكتور إبراهيم مجدي، استشاري الطب النفسي، أن كل ما يحدث في عمليات النصب والاحتيال سواء في منصات مثل "الهوج بول" أو من خلال عملات "البيتكوين" يندرج تحت نظرية الطماع والنصاب".
وقال في تصريحات لبوابة دار الهلال: "إن نظرية الطماع أو النصاب تعتمد على شخص دعائي يستطيع قراءة المجتمع الخاص به والبيئة الملائمة، ويستغل ذكاءه، وتطور التكنولوجيا، ويستتر تحت مظهر اجتماعي أو ديني يكسبه ثقة الناس".
وأضاف: "بدأ النصب "بكروت الشحن، وتطور بتطور التكنولوجيا..حتى وصل للتطبيقات والمنصات"
وبسؤاله كيف نحمي أنفسنا؟ قال: "لا تستطيع الناس أن تحمي أنفسها طالما لجأت للمكسب السريع، المكسب السريع غير آمن، لأنه مثل المخدرات.
أستاذة علم الاجتماع: غياب الوعي يفتح الباب أمام المحتال
وحذرت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع من الإفراط في الثقة تجاه المنصات ومواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الأجنبية، مضيفة "هذه الوسائل ليست محل ثقة، لا تلجئوا إليها لكي تحموا أنفسكم".
وقالت في تصريحات لبوابة دار الهلال إن الإعلام الداخلي كان على مستوى ثقافي أعلى في السابق، وكان يركز على هذه القضايا، الآن غابت عنه مسؤولية الوعي، واهتم بأمور أقل أهمية، وهذا يفتح الباب للمحتال.
وأضافت "نحن في بلد عظيم 65% منه شباب، لكن نسبة الأمية عالية، وهذا يجعلهم يلجأون إلى هذه المنصات ذات المصادر المجهولة.