كشفت مدرس الوراثة الجزيئية الطبية بالمركز القومي للبحوث الدكتورة وسام السعيد شرف الدين عن وجود حوالي 10 آلاف مرض وراثي حتى الآن تعزى نشأتها إلى حدوث خلل في جين محدد، ومن المتوقع اكتشاف المزيد من هذه الأمراض مع تقدم التقنيات الجزيئية وزيادة تطبيقها.
وأوضحت الدكتورة وسام السعيد، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم - أن الجينوم البشري يحتوي على حوالي 25 ألف جين تمثل مجتمعة قرابة 1% فقط من المادة الوراثية، لافتة إلى أن "الجين" هو الجزء من المادة الوراثية الذي يعطي التعليمات لإنتاج بروتين معين.
وأضافت أن خلايا الجسم تحتوي على نسختين من كل جين (إحداهما من الأب والأخرى من الأم).
وأشارت إلى أن الأمراض الوراثية تبعا لنمط تورثيها تنقسم إلى سائدة ومتنحية، وينشأ المرض الوراثي السائد بسبب طفرة في نسخة واحدة من الجين بحيث قد يورث الشخص المصاب الطفرة المسببة للمرض من أحد أبويه.
وتابعت "وبالنسبة لحدوث الأمراض الوراثية المتنحية يستلزم وجود الطفرة على نسختي الجين، وبناء عليه فإن الطفرة المسببة للمرض تنتقل إلى الشخص المصاب من كلا أبويه".
وأكدت أنه عادة ما يقترن حدوث المرض المتنحي بنشأة الطفرة في أحد أسلاف الشخص المصاب مثل جده أو جدته، حيث تنتقل الطفرة من الشخص الذي نشأت فيه إلى اثنين أو أكثر من أبنائه حتى تجتمع نسختان معيبتان من الجين في واحد أو أكثر من ذريته مؤدية إلى ظهور المرض.
وحذرت من أن زواج الأقارب يزيد من خطر الإصابة بالأمراض الوراثية المتنحية، ولا يقتصر التأثير السلبي لزواج الأقارب على زيادة انتشار تلك الأمراض، حيث أوضحت عدة دراسات أن النسل الناتح عن زواج الأقارب يسجل معدلات أقل في النمو والقدرات الذهنية، وكذلك معدلات أعلى لحدوث المشاكل البصرية.
وعن تقنية التصويب الجيني.. أوضحت الدكتورة وسام السعيد أنها التقنية التي تستطيع أن تعدل أو تغير تتابع جزء من الحامض النووي (DNA) باستخدام ما يعرف بأنزيمات "القطع المبرمجة"، وتتميز هذه الأنزيمات بإمكانية تصميمها، بحيث تحدث قطع في مكان محدد من شريط الـ (DNA) وأثناء المعالجة الخلوية لهذا القطع يحدث التصويب الجيني.
وكشفت عن استخدام تلك التقنية بصورة رئيسية في علاج الأمراض الوراثية، من خلال تصحيح الطفرات المسببة للمرض، ومنع "تعبير الجينات" التي تتوسط وظائف غير مرغوب فيها مثل الجينات السرطانية.
وأوضحت أنه من أخطر العوامل المتعلقة بتقنية التصويب الجيني حدوث قطع في أماكن أخرى من الجينوم غير المكان المحدد، حيث إن هذا قد يؤدي إلى العديد من المخاطر.
وقالت إن أنظمة (CRISPR/Cas) أشهر الإنزيمات المستخدمة في تقنية التصويب الجيني، تتميز بجانب سهولة إنتاجها، كفاءتها العالية وتأثيرها الآمان على الخلايا، ولكن تتعلق المشكلة الأساسية بهذه الأنظمة بإمكانية حدوث القطع في الأماكن التي تختلف اختلافات بسيطة في تتابع النيوكليوتيدات عن المكان المحدد.
وأضافت أن العديد من الأبحاث الحالية تعمل على زيادة تخصصية هذه الأنظمة من أجل زيادة فاعليتها، وبصورة مباشرة فإن نطاق تطبيقات تقنية التصويب الجيني سوف يعتمد بصورة أساسية على مدى نجاح هذه الدراسات.
وأشارت إلى وجود عدد من التجارب الأكلينيكية التي بدأت بالفعل على مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) وبعض الأورام الخبيثة، وكذلك بعض الأمراض الوراثية، ومن المتوقع في المستقبل القريب أن يزيد عدد التجارب الأكلينيكية المعتمدة على التصويب الجيني، أملا في تطبيق هذه التقنية لعلاج العديد من الأمراض خلال السنوات المقبلة.