الجمعة 21 يونيو 2024

أربعة من الأدباء يناقشون الظاهرة.. لماذا اختفت مظاهر العيد من الأدب المصري؟

31-8-2017 | 14:52

خالد ثابت: انفصل البعد الثقافي عن الضفيرة الدينية كنتيجة طبيعية للاحتكاك بثقافات أوروبا

نبهان رمضان: الأدب المتعمق لا يميل للمظاهر بل ينظر للعمق

محمد عبد الله: مظاهر الاحتفال بالعيد تغيرت مع تغير الزمن

محمد خليل: مظاهر العيد لم تختفِ.. ولكنها تطورت تبعًا لتطور كل شيء

أجرت "الهلال اليوم " استطلاع رأي بين عددٍ من المثقفين المصريين حول احتفاء مظاهر العيد من الأعمال الأدبية  في الفترة الحالية، وكانت هذه أبرز الآراء:

يقول الروائي خالد ثابت "للهلال اليوم "الأعياد لها أبعاد عديدة، يعنينا منها في هذا المقام البعد الديني والبعد الثقافي والبعد المجتمعي، ظل المصريون لفترات طويلة يحتفلون بكل الأعياد المسجلة داخل حافظتهم التراثية، سواء كانت مسيحية أو إسلامية أو فرعونية قديمة على اعتبار أنها مناسبات اجتماعية في الأساس قد ترتبط أحيانا بمظاهرها

الاحتفالية فقط، وأحيانا أخرى ترتبط بالفصول، وغالبًا ما كانت مناسبات للتجمع والترابط وتجاوز العقبات والمشاكل المجتمعية والسياسية والاقتصادية ولو مؤقتا، كأنها نوع من العطلات أو الإجازات، في ذلك الوقت كان البعد المجتمعي بتنويعاته هو صاحب الغلبة في المعادلة.

وأشار ثابت في العقود الأخيرة بعد الحرب العالمية الأولى ومع سقوط الخلافة العثمانية من جهة وظهور التقسيمات السياسية الاستعمارية للمنطقة من جهة أخرى، بدأ البعد الديني ينمو تدريجيًا حتى أصبح طاغيًا مع تنامي الحراك السلفي في صوره المتعددة.

ويشير ثابت إلى أنه في نفس الوقت انفصل البعد الثقافي عن الضفيرة الدينية كنتيجة طبيعية للاحتكاك بثقافات أوروبا المتعددة والتي رفضت الدين كمرجعية أساسية كما كان الوضع في السابق وبما أن الإبداع الأدبي والفني هو عمل ثقافي في الأساس ويعد أحد منتجات التفاعل المجتمعي وصورة من صور التعبير عنه، فقد انفصل هو الآخر بمكوناته الأولية وجمله وتركيباته وصوره عن الضفيرة القديمة خاصة أن البعد الديني السلفي سواء أكان إسلاميا أو مسيحيًا أصبح محتكرا للأعياد بصفة نهائية وكاملة، وهو لا يرحب بالفن والإبداع من حيث المبدأ، والثقافة لم تعد رهينة القياس الديني الشعائري أو التشريعي كما كان الوضع في الماضي.

واعتبر ثابت أن لهذا السبب يمارس المبدعون نوعًا من التمرد على الاحتكار الديني للأعياد أو ربما يكون نوعًا من النضج المضطرد بسبب التراكم المعرفي، وربما يعيد الجميع النظر إلى الموضوع في مرحلة قادمة مع المزيد من النضج في الأبعاد الثلاثة الدينية والمجتمعية والثقافية بما يغير شكل التناول مرات عديدة.

وقال القاص نبهان رمضان: أعتقد أن مظاهر العيد تكون احتفالية والأدب المتعمق لا يميل للمظاهر، بل ينظر للعمق، مثلًا رواية قنديل أم هاشم ليحيى حقي جسَدت مظاهر الدجل والشعوذة والاستعانة بزيت قنديل أم هاشم لعلاج مرض في العين، وكانت هذه العادة مدخلًا رئيسًا لمناقشة جدوى العلم الحديث والبعد عن العادات والتقاليد.

ويضيف نبهان عندما يتناول عمل أدبي مظاهر العيد، يعطي جوًا احتفائيًا في المقام الأول، أما تناول مناسبة مثل العيد والغوص في نفوس البشر تجد ذلك في كثير من الأعمال الأدبية خصوصًا في أدب نجيب محفوظ وخيري شلبي وغيرهم، أما الآن فقد انغمس الأدب في المشاكل الفلسفية بعيدًا عن مظاهر الفرح والبهجة.

ويؤكد الكاتب محمد عبد الله الهادي "للهلال اليوم"، أن مظاهر الاحتفال بالعيد تغيرت مع تغير الزمن، لكنها لم تختفِ، فما زالت الأسر حريصة على التجمع واللقاء في العيد وإن تباعدت المسافات.

ويضيف الهادي أنه لم تعد مظاهر الاحتفال القديمة باقية، لكنها تطورت لأشكال أخرى ومظاهر أخرى في الحدائق والملاهي وغيرها.. والأدب كنشاط إنساني ما زال يعبر عن المناسبة خاصة في مجال الشعر.

ويقول الكاتب الكبير محمد خليل " للهلال اليوم "زمان فى الأربعينيات والخمسينيات والستينيات كانت للعيد مظاهر تبدأ قبله بعدة أيام.. خصوصًا في القرية، حيث كان مختلفًا عن العيد فى المدينة.. فالمدينة كانت تهتم بتبادل الزيارات والخروج إلى الشوارع والحدائق.. وتوجد بعض الألعاب التي تناسب المدن الكبيرة، وتوجد غالبًا في هذه الحدائق.. وفي الحقيقة مظاهر العيد لم تختف.. ولكنها تطورت تبعا لتطور كل شيء في الحياة.. ففي القرية كانت السواقي القلابة التي كانت مجرد صناديق خشبية صغيرة تُدار بالأيدي بشكل رأسي، أصبحت الآن كبيرة جدًا، وملونة ومضاءة بالكهرباء، وتوجد في القرية والمدينة على سبيل المثال.. وأُضيفت ألعاب أخرى اختلفت أشكالها عن طريق ضخ الهواء فيها وبأشكال وأحجام مختلفة.

ويضيف خليل في القرية كان الأولاد يسهرون حتى الفجر في محلات الخياطة القليلة، حتى يأخذوا ملابسهم الجديدة ليلبسوها صباح يوم العيد وكذلك البنات والسيدات، وكانت هذه الملابس الجديدة في الغالب تأتي مرة واحدة فى العام بسبب ضعف الحالة الاقتصادية.. وكان أصحاب الألعاب من المراجيح الخشبية والسواقي القلابة وسلك الهواء ودوارة الأحصنة تملأ ساحة العيد والأولاد يتزاحمون عليها بملاليمهم أو قروشهم  أو يتحلقون حول باعة ما يسمى بـ "البالوظة" وهي مهلبية ملونة، وتجار المخللات وغير ذلك من الأطعمة وألعاب الخيوط المربوط في نهايتها بعض القروش أو العملة الورقية من فئة (الشلن الوري والعشرة قروش الورقية).. وألعاب من هذا القبيل.. ثم إن الظروف المجتمعية فرضت على الناس تغيير عاداتهم، فالأثرياء أصبحوا يذهبون إلى المدن الترفيهية قبل العيد بيوم أو يومين وبالتالي فإن حالة التزاور بين العائلات باتت قليلة وضعيفة.. أما الفقراء ومحدودو الدخل فباتوا يهربون من هذه العلاقات بسبب  تكلفة العيديات، مما أثر على عملية التواصل بين الأسر وخاصة فى القرى.