الخميس 25 ابريل 2024

الابتكار من أجل البقاء!

مقالات17-3-2023 | 22:17

لقد شهد التاريخ بأن إن اي وطن لا يكون فيه الابداع والابتكار شيء اساسي، هو وطن محكوم عليه بالفناء، فإبتكار واحد ممكن يؤتي بثمار يمتد أثرها إلى أجيال وأجيال، فالابتكار قد يحي أمم وقد يسموا بالفرد والمجتمع إلى أعالي القمم، فهو يساعد على مواجهة المشاكل، ويدعم النصر في المعارك، ويعين على تطوير التعليم والصحة والاقتصاد والأمن، وهو أداه أساسية لزرع الافكار الايجابية ونشر تعاليم الدين الصحيحة.

أي أن دعم الابتكار والابداع في أي أمه، هو شيئ أساسي وليس رفاهية، لضمان ليس فقط تقدم ونجاح تلك الأمة، بل لبقائها، فإهمال دعم الابتكارات والإبداعات قد يساهم في انقراض وهلاك الأمم، والتاريخ خير شاهد علي ذلك.

وعلي مدار التاريخ كان معيار التقدم الحقيقي لأية حضارة من الحضارات، قائم في المقام الأول على التقدم العلميّ، والتكنولوجيّ لأصحاب هذه الحضارة، لذا آن الأوان لمصر خاصة وللدول العربية عامة أن يكون فيها دعم الابتكارات وتطوير الاختراعات شيئ أساسي وحتمي، لضمان الأمن والأمان، والسلامة والاستقرار في الناحية العلمية والاقتصادية وجميع النواحي.

وأول وأهم بداية في دعم الابتكارات، أن تهتم الدولة اهتماماً كبيراً بالقوى البشرية لديها، بكل الأفراد دون تمييز، ففي عالم الابتكار الكل مهم، فكل فرد يمكن أن يكون مبدعا ومبتكرا، إذا اتيحت له الظروف المناسبة، لأنه حسب كل البحوث العالمية إن ابتكار الأفكار ليس حكراً على الخبراء أو الأذكياء أو العلماء أو الباحثين، بل أن ابتكار الافكار يتوقف اساسا على البحث الدائم عن التطوير، وهو ايضا فن وعلم يمكن تعلمه، والتدرب عليه، ومن ثم ممارسته بشكل تلقائي.

فالإبداع والابتكار لا ينحصر على  مجال أو علم أو زمن معين، ففي حياتنا اليومية أي لمسة جمال نراها أو نشعر بها تعد عملا إبداعيا، ولا يرتبط الابتكار بالمستوى التعليمي الرفيع، وإنما يعني في المقام الأول أن هذا الفرد قد ارتفع في معرفته عن مستوى التعليم الاساسي إلى مرتبة الفهم والتطبيق والتحليل والرغبة في التغيير.

لذلك كان على الحكومات و المجتمع معا أن يشجعوا ويدعموا ويرعوا وينموا القدرات البشرية في الإبداع،  والابتكار :عن طريق إتباع مجموعة من السياسات، لاستنهاض روح الابتكار والتحفيز على تنشيط فاعليته من أجل تطويره وإنتاجه، مثل:  إيجاد الآليات والحوافز اللازمة لاستكشاف ودعم المبدعين والمبتكرين، وإيجاد الوسائل اللازمة لتفعيل دور المؤسسات التعليمية والأسرة والمجتمع في دعم ورعاية الموهوبين والمبتكرين، كذلك تشجيع مبادرات الأفراد والجماعات ومؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الخيرية لتنمية الابتكارات الوطنية، العناية والاهتمام بالموهوبين والمبدعين وإيجاد الظروف المشجعة والمُحفّزة لهم في المجالات العلمية وخاصة في المدارس الفنية، وتشجيع تبني القطاع الخاص والمستثمرين للابتكارات الوطنية، وتشجيع إقامة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال تبنيها من قبل الحاضنات الاقتصادية التقنية،  ودعم وتقوية الجمعيات العلمية في المجتمع وتفعيل دورها في تنمية القدرات الوطنية للإبداع والابتكار، كذلك علي الحكومة أن تقدم أو تدعم تمويل دراسات السوق الخاصة بعمليات الابتكار ومخرجاتها، وأن تستخدم الفضاء الدولي وشبكات التواصل والعلاقات الدولية  لدعم عمليات الابتكار وترويج المبتكرات، وأن تدعم اجتذاب المزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال في مجالات التكنولوجيا الجديدة وإقناع المستثمرين بمردودها الاقتصادي العالي.

والأهم أن تقوم الدولة بعمل منافذ بيع لما يتم إنتاجه من المبتكرات، وأيضا تحفيز القطاع الحكومي والخاص على شراء المنتجات القائمة على الابتكارات الوطنية بل وجعل الامر أمر أجباري في القطاعات الحكومية.

أيضا العمل على تغير فكر المجتمع عن التعلم، حيث إن الشائع أن الناس حين يقبلون على التعلم والتدريب ينحصر تفكيرهم فقط في العثور على وظائف بعد التخرج لا من أجل ايجاد حلول لمشاكل، او تحسين مستوي المعيشة، أو لعمل تغير، أو لخلق وظيفة نوعية عن طريق أفكارهم وابتكاراتهم.

كما أنه لا بد من تجاوز نموذج القاعة الدراسية التقليدية وتقديم طرق تفاعلية جديدة لتعليم الأجيال الجديدة كيف تفكر بطريقة إبداعية ونقدية وبناءة خاصة مع ظهور تقنيات مثل الميتافيرس والذكاء الاصطناعي، لذلك كانت أهمية التعلم التجريبي (التعلم بالعمل) لتنمية قدرات الفرد الابتكاراية أمر مهم، لانه يغذي روح التعلم والاكتشاف ويثبت الفكر الصحيح في العقول، فكما تقول الحكمة الصينية: "لو قلتَ لي شيئاً، سأنساه.. لو أريتني إياه قد أتذكره.. لكن لو أشركتني فيه سأفهمه".

ا.د. غادة عامر عميد كلية الهندسة والتكنولوجيا – جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا زميل ومحاضر كلية الدفاع الوطني - أكاديمية ناصر العسكرية

Dr.Randa
Dr.Radwa