قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن أهداف ومقاصد الأمم المتحدة لا تزال صالحة لتأسيس عالم يتيح لكل أبنائه فرصة الاستفادة من إنجازات التقدم العلمي وثورة المعلومات، التي ربطت بين مجتمعات العالم بشكل غير مسبوق.
وأضاف الرئيس السيسي خلال كلمته بالدورة الـ72 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك،: "كلما نجتمع في هذا المحفل الهام تتجدد آمال شعوبنا في الحصول على حقها العادل في السلام والتنمية.. العالم يمر بتغيرات سواء المناخ والكوارث الطبيعية وأخرى من صنع البشر كالحروب والإرهاب".
وأشار الرئيس إلى إنه في مصر لدينا إيمان عميق بقيم منظمة الأمم المتحدة وأهداف ميثاقها ولدينا ثقة كبيرة في أن تحقيق هذه الأهداف أمر ممكن بل وواجب حتمي.
وأضاف السيسي أن تجربة مصر مع الأمم المتحدة تشهد لها كإحدى الدول المؤسسة لهذا المنظمة والتي تم انتخابها عضو بمجلس الأمن لـ 6 مرات وتعد سابع أكبر مساهم في عمليات حفظ السلام الأممية حاليًا على مستوى العالم.
وأكد أن المخرج الوحيد الممكن من الأزمات التي تمر بها المنطقة هو التمسك بإصرار بمشروع الدولة الوطنية الحديثة، التي تعلي القانون والدستور.
ونوه الرئيس إلى أن هذا المبدأ هو جوهر سياسة مصر الخارجية والأساس الذي تبني عليه مواقفها.
وأضاف الرئيس أن إفريقيا تقع موقع القلب في السياسة الخارجية لمصر، فهي القارة الأم التي تضرب فيها الجذور المصرية بعمق التاريخ ونستمد منها اعتزازنا بهويتنا وانتمائنا الأصيل لها، موضحًا أن إفريقيا باتت عرضة لنفس الأخطار الأمنية التي تتعرض لها المنطقة العربية وتظل بدورها شاهدا رئيسيا على أزمة الاقتصاد العالمي الذي يكرس الفقر، ويتحمل المسئولية الأساسية عن إنتاج الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تهدد الاستقرار والسلم الدوليين.
مؤكدًا أن مصر تقع على حافة أخطر بؤر الأزمات في العالم وقدرها أن تشق طريقها بثقة في ظل مخاطر غير مسبوقة متبنية استراتيجية تنموية طموحة تقوم على إصلاحات اقتصادية جذرية وشجاعة تهدف لتمكين جيل الشباب الذين يمثلون غالبية السكان ليس في مصر وحدها وإنما في أغلب المجتمعات الفتية في الدول العربية والعالم النامي.
وقال السيسى، إنه لا خلاص في سوريا الشقيقة إلا من خلال حل سياسي يتوافق عليه جميع السوريين، ويكون جوهره الحفاظ على وحدة الدولة السورية وصيانة مؤسساتها وتوسيع قاعدتها الاجتماعية والسياسية لتشمل كل أطياف المجتمع السوري ومواجهة الإرهاب بحسم حتى القضاء عليه.
مضيفا أن الطريق لتحقيق الحل بسوريا هو المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة، وتدعمها مصر بنفس القوة التي ترفض بها أي محاولة لاستغلال المحنة التي تعيشها سوريا لبناء مواطئ نفوذ سياسية إقليمية أو دولية أو تنفيذ سياسات تخريبية لأطراف إقليمية طالما عانت منطقتنا في السنوات الأخيرة من ممارساتها، وقد آن الأوان لمواجهة حاسمة ونهائية معها.
وأشار السيسي، إلى أنه لا حل في ليبيا إلا بالتسوية السياسية لمواجهة المحاولات التي توجه تفتيت الدولة وتحويلها مرتعاً للصراعات القبلية ومسرح عمليات للتنظيمات الإرهابية وتجار السلاح والبشر، وتابع:"أؤكد هنا بمنتهى الوضوح أن مصر لن تسمح باستمرار محاولات العبث بوحدة وسلامة الدولة الليبية أو المناورة بمقدرات الشعب الليبي الشقيق".
منوها، أن مصر مستمرة في العمل المكثف مع الأمم المتحدة لتحقيق التسوية السياسية المبنية على اتفاق الصخيرات، والتي تستلهم المقترحات التي توصل لها الليبيون خلال اجتماعاتهم المتتالية في الأشهر الأخيرة بالقاهرة للخروج من حالة الانسداد السياسي وإحياء مسار في ليبيا، وتابع:" وينطبق هذا المنطق على المقاربة المصرية للأزمات فى العراق واليمن.. فالدولة الوطنية الحديثة الموحدة والقادرة والعادلة هى الطريق لتجاوز الأزمات وتحقيق التطلعات للشعوب العربية".
وأكد السيسي، أن الوقت قد حان لمعالجة شاملة ونهائية لأقدم الجروح الغائرة في منطقتنا العربية وهى القضية الفلسطينية التي باتت الشاهد الأكبر على قصور النظم العالمية عن تطبيق سلسلة طويلة من قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وأوضح الرئيس، أن إغلاق هذا الملف من خلال تسوية عادلة تقوم على الأسس والمرجعيات الدولية وتنشئ الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية هو الشرط الضروري للانتقال بالمنطقة كلها إلى مرحلة الاستقرار والتنمية، والمحك الأساسي لاستعادة مصداقية الأمم المتحدة والنظام العالمي، ولا شك أن تحقيق السلام من شأنه أن ينزع عن الإرهاب إحدى الذرائع الرئيسية التي طالما استغلها كي يبرر تفشيه في المنطقة وبما يضمن لكافة شعوب المنطقة العيش في أمان وسلام.
وأضاف: "آن الأوان لكسر ما تبقى من جدار الكراهية والحقد للأبد ويهمنا هنا أن نؤكد أن يد العرب ما زالت ممدودة بالسلام وأن تجربة مصر تثبت أن هذا السلام ممكن وأنه يعد هدفا واقعيا يجب علينا جميعا مواصلة السعي بجدية لتحقيقه".