قالت المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية الدكتورة فاديا كيوان، إن الشراكة والمسئولية المشتركة بين الجنسين هي المفتاح السري لكي تكون العلاقة بينهما متينة وودية ومتماسكة ومبنية على المساواة.
جاء ذلك - وفقا لبيان اليوم - في كلمتها خلال افتتاحها فعاليات ورشة العمل الإقليمية "دور الشباب بالمنطقة العربية في تعزيز مشاركة الرجال والفتيان في الأعمال المنزلية والرعائية"؛ التي تعقدها المنظمة بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة – المكتب الإقليمي للدول العربية وتستمر على مدار يومين بسلطنة عمان.
وأضافت كيوان: أنه رغم ما شهده العالم خلال القرن الأخير من تقدم في أوضاع النساء، ومن ذلك التحاق البنات في المدارس وانخراطهن في التعليم الجامعى، ومشاركتهن في الاقتصاد والمناصب القيادية وفي السياسة وصناعة القرار، ظلت فكرة أن المهام الأسرية هي مسئولية المرأة وحدها فكرة نمطية ثابتة، وكأن الفتاة منذ ولادتها خلقت لهذه المهام، الأمر الذي ينطوي على ظلم وقهر للمرأة.
وتابعت أن هناك تجارب وطنية ودولية كثيرة على مسار تعزيز الشراكة ومنها مسارات فيها حكمة وفيها استناد إلى العلم، فعلى سبيل المثال، باتت محظورا الآن تزويج الفتيات القاصرات لأسباب صحية علمية نظرا لضرر ذلك على صحة الفتاة.
وأردفت كيوان أن موضوع الورشة (تعزيز مشاركة الرجال والفتيات في الأعمال المنزلية والرعائية) هو موضوع دقيق وينطوي اختياره على شجاعة نظرًا لحساسيته في بعض الأوساط الاجتماعية، قائلة "إن الهدف هو المحافظة على الوئام والمودة داخل الأسرة العربية كونها هي الخلية الاجتماعية الأساسية التي لابد من حمايتها والحفاظ عليها من أجل السلم والاستقرار الاجتماعي".
وأكدت أن الحديث عن توزيع المهام داخل الأسرة وتعزيز الشراكة بين الفتى والفتاة، والزوج والزوجة هو حديث ضروري ويرتبط بموضوع أساس هو ما يتعلق بـ(الصور النمطية) عن أدوار الجنسين في المجتمع.
وأشارت كيوان إلى أهمية إعداد الأجيال الجديدة لمستقبل أفضل مبني على الوئام وعلى استدامة الأسر وعلى القيم الإنسانية التي قوامها الاحترام المتبادل بين الجنسين في إطار المساواة التامة والشراكة داخل الأسرة.
وقالت في ختام كلمتها "هلموا إلى وضع أسس جديدة لمستقبل مجتمعاتكم فلا تكونوا إلا تحت نور المساواة والشراكة بين الجنسين على كل المستويات بدءا من الحياة الأسرية".
من جانبها، أكدت نائب المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة يانيك كوكلر، أن المساواة بين الجنسين تأتي من توفير الحرية وتكافؤ الفرص لكل من الرجال والنساء، وعدم تصنيف المسئوليات المنزلية ورعاية الأطفال على أنها واجبات نسائية فقط، وجعل المسئوليات والفرص الاقتصادية واجبات للذكور.
وأوضحت كوكلر، أنه على الصعيد العالمي لا تزال النساء يقضين حوالي ثلاثة أضعاف عدد الساعات التي يقضيها الرجال في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، وفي منطقة الدول العربية توجد أعلى فجوة إقليمية بين الجنسين في العالم، حيث تقضي النساء ساعات أكثر بكثير من الرجال في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي، وهي في المتوسط 4.7 ساعة يومية، وبين 17 و34 ساعة في الأسبوع، مقارنة بساعة واحدة فقط في اليوم، ومن 1 إلى 5 ساعات فقط في الأسبوع للرجال، وذلك حسب كل دولة.
وطالبت ببذل جهود كبيرة للحد من عدم المساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فيما يتعلق بالرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي، لأن هذا التفاوت الكبير بين الرجل والمرأة يُعيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، ولا سيما وصول المرأة إلى الوظائف المدفوعة الأجر، حيث إن المتوسط الإقليمي لمشاركة المرأة في سوق العمل الرسمي يحوم حول 21 % على مدى ثلاثة عقود.
وذكرت كوكلر أن إشراك الشباب لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة يعتبر أمراً بالغ الأهمية أيضاً، حيث إن المنطقة العربية واحدة من أكثر المناطق من حيث نسبة عدد الشباب في العالم، وقد شهدت المنطقة زيادة كبيرة في عدد الأطفال والشباب (المعرّفين بمن هم دون 24 عاماً) من حوالي 139 مليوناً في عام 1980 إلى حوالي 216 مليوناً اليوم، أي ما يعادل حوالي 50٪ من إجمالي سكان المنطقة في الوقت الحاضر، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى أكثر من 245 مليون بحلول عام 2030.
وبيَّنت كوكلر، أن هيئة الأمم المتحدة للمرأة تعمل منذ عام 2015 مع الشركاء المعنيين على إجراء أبحاث مهمة وتدخلات سياسية وبرامجية تُعزز الذكورة الإيجابية، وتُغير الأعراف الاجتماعية لصالح المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في المنطقة العربية، وذلك في إطار البرنامج الإقليمي "الرجال والنساء من أجل المساواة بين الجنسين".
وقالت إنه خلال فعاليات هذه الورشة سيتم التطرق إلى الممارسات الجيدة المتعلقة بالذكورة الإيجابية ومشاركة الرجال والفتيان في الرعاية غير المدفوعة الأجر والعمل المنزلي، وستتم مناقشة أيضاً الدور المهم الذي يُمكن أن يقوم به الفاعلون والقادة الدينيون في المنطقة لدعم المساواة بين الرجل والمرأة.
وأعربت نائب المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة عن تطلعها لمواصلة التعاون مع منظمة المرأة العربية لوضع أساس متين والوصول إلى نتائج ملحوظة وملموسة لتحقيق المزيد من المساواة بين الجنسين وتقليل الفوارق بين الرجال والنساء في الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي في المنطقة.
بدرها، أشارت معاني بنت عبدالله البوسعيدية، المديرة العامة للتنمية الأسرية بوزارة التنمية الاجتماعية بسلطنة عمان، وعضوة المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة العربية إلى أن التقديرات الإحصائية تبين أن الشباب هم ثلث سكان العالم العربي، وهم بذلك يمثلون قوة دافعة وطاقة ثرية وقوية يمكن أن تدفع الدول إلى الأمام وإلى الرخاء الاجتماعي والاقتصادي والرفاه والإنتاجية العالية والابتكار في المجالات الحيوية.
وأكدت أن النساء في المجتمعات العربية يمثلن القوة الدافعة الأخرى، أو القوة الكامنة التي تسند هذه المجتمعات وتقوم بالرعاية والأعمال وتسهر على إعداد أجيال واعد من الشباب.
ويشارك في الورشة (60) شابا وفتاة من الدول العربية يضمون أعضاء اللجنة الاستشارية الدائمة للشباب العربي التي تعتبر جزءا من هياكل منظمة المرأة العربية، وممثلين عن الآليات الوطنية المعنية بالمرأة ، ومسئولين عن ملف النوع الاجتماعي في وزارات الشباب في الدول المشاركة.