الثلاثاء 18 يونيو 2024

مبادرة «حواء » لدعم الاقتصاد .. هنشترى المصرى

25-9-2017 | 13:28

يطرحها: محمد الشريف

خلال ما يربو عن الستين عاما لم تكتف مجلة «حواء » بدورها فى الدفاع عن قضايا المرأة المصرية وهمومها، بل كانت - وما زالت- حريصة على دعم ومساندة الوطن فى مختلف أوقاته، ثوراته وحروبه وأزماته، واستكمالا لمسيرتها فى دعم وطنها ورسم ملامح مستقبله تطلق مبادرة «هنشترى المصرى » لتشجيع المنتج المحلى ودعم الاقتصاد الوطنى والحفاظ على الهوية المصرية.

فى السطور التالية نطرح مبادرتنا على المواطنين والتجار، ونستطلع آراء المختصين وخبراء الاقتصاد عن أبرز المشكلات التى يعانى منها المنتج المحلى، وما يحتاجه لمنافسة المستورد واستعادة سيطرته على السوقين المحلى والعالمى.

تعد تجارة الأقمشة من أبرز المهن التى تشتهر بها العديد من المناطق المصرية ومنها الغورية وحى الأزهر والحسين، والتى تعج بالمئات من أنواع المنتجات المحلية والمستوردة، فكيف يرى أصحاب هذه المحال المبادرة، ومدى إسهامها فى إنعاش حركة بيع المنتج المصرى؟

فى البداية أعرب محمود طاهر، صاحب أحد محلات الأقمشة بالأزهر عن تأيده للمبادرة، مؤكدا أنها تسهم فى إعادة الروح للمنتج المصرى الذى لا يقل جودة عن المستورد، لافتا إلى أن المواطن لديه «عقدة الخواجة » حيث يفضل شراء الأقمشة المستوردة، مشيرا إلى أنه لجأ خلال الفترة الأخيرة إلى استيراد الأقمشة من الخارج لتلبية متطلبات السوق ما كلفه مبالغ طائلة من العملة الأجنبية قائلا: «احنا بنستهلك عملة صعبة كبيرة لاستيراد الأقمشة من الخارج، وبعد ما كنا بنصدر لجميع الدول منتجات المصانع المصرية ذات الجودة العالية أصبحنا نستوردها بكميات كبيرة »، مؤكدا أن إعادة تشغيل مصانع الغزل والنسيج وغيرها، وهو ما تعمل الدولة على دعمه بصورة مستمرة، سوف يوفر الأقمشة المصرية فى الأسواق حتى يتم الاستغناء عن المستوردة.

أما محمد شعبان، صاحب أحد محلات المفروشات بالحسين فأوضح أن المنتج المصرى فى مجال المفروشات يعانى عدة مشكلات، وأنه على استعداد تام أن يتخلى عن التجارة فى المستورد إذا تم تحسين جودة المحلى قائلا: أعمل بمجال تجارة المفروشات منذ 22 سنة، وعلى مدار أعوام عديدة كان للمنتج المصرى قيمته إلى أن ظهر المستورد الصينى على سبيل المثال وبدأ العزوف عن المصرى بسبب جودة المستورد الذى تفوق على المصرى، ما دفعنى وغيرى من التجار لاستيراده، مطالبا بالاهتمام بجودة المنتج المحلى وطريقة العرض والتسويق واستخدام أساليب عرض جديدة وجذابة فضلا عن تطوير الموديلات وتنويعها، مشددا على ضرورة العناية ب «الفينش » - التشطيب النهائي -، داعيا المصريين إلى التخلص من «عقدة الخواجة » والإقبال على شراء المصرى.

مصرى وبس

واستعرض أحمد سعيد بائع بأحد محال الملابس الجاهزة بالغورية، المنتجات المصرية الموجودة بالمحل قائلا: لم أكن أعمل بالمنتجات المصرية، لكن بعد القرارات التى اتخذها الرئيس بعد الفتاح السيسى لدعم الاقتصاد وتحسن جودة المنتجات المحلية أصبحت لا أعمل فى غيرها خاصة أنها لاقت استحسان الزبائن بعد تجربتها.

ويرى عادل أحمد، صاحب ورشة لتصنيع الأحذية اليدوية أن تشجيع المنتجات المصرية السبيل الوحيد لدعم الاقتصاد ودفع عجلة العمل والقضاء على البطالة بين الشباب، مشيرا إلى أنه يعمل بمجال تصنيع الأحذية اليدوية منذ ٥٠ عاما، ورغم ضعف الإقبال على شرائها بجانب غلاء الأسعار إلا أنه لم يلجأ للعمل بالمستورد بل يفضل العمل بالمصرى مهما واجهته من صعوبات.

أوقفوا الصينى

باستطلاع آراء عدد من المواطنين حول المبادرة أيد الجميع الفكرة، مؤكدين أن هناك الكثير من المنتجات المصرية التى تفوقت على المستورد لكنها لا تأخذ حقها فى التسويق، كما طالبوا بالتحذير من رداءة بعض المنتجات الأخرى لدفع الشركات إلى تحسين مستوى الصناعة، ومن أمام أحد محال الجملة تقول منى إبراهيم: لا شك أن هناك العديد من السلع الغذائية المصرية التى تفوقت بجودتها على المستورد مثل البسكويت والمخبوزات والمربى وغيرها التى تستحق أن ندعمها بل ونروج لها فى محيطنا الاجتماعى وعلى مواقع التواصل، لكن فى المقابل هناك بعض المنتجات رديئة الجودة والتى ينبغى تسليط الضوء عليها ليس للإساءة لصناعها بل لتشجيعهم على تحسين جودتها.

أما محمود عبد المنعم، محاسب فقد دعا وسائل الإعلام إلى إطلاق مبادرة «أوقفوا الصينى » بجانب «اشترى المصرى »، مشيرا إلى أن المنتجات الصينية سيطرت على الأسواق المصرية برخص سعرها، فيما طالب أحمد عادل، موظف بالقطاع العام المصنعين بالاهتمام بالمنتج المطروح بالسوق المحلية ليكون قادرا على منافسة نظيره المستورد، بالإضافة إلى الإعلان عن معارض المنتجات محلية الصنع والأماكن المقامة بها والشركات المشاركة فيها، بينما دعا حسين مصطفى، موظف بقطاع السكك الحديد المؤسسات الحكومية إلى شراء متطلباتها من المنتجات المصرية حتى تكون قدوة للشعب.

تصحيح الصورة

بعد التعرف على آراء المواطنين والتجار فى المبادرة وسبل نجاحها، كيف يراها الخبراء والمختصون، وهل تسهم فى دعم الاقتصاد الوطنى ودفع عجلة الإنتاج؟ وصف د. رشاد عبده، الخبير الاقتصادي المبادرة بالانطلاقة الجيدة، داعيا الحكومة إلى فتح قنوات تواصل مع المصنعين ودعمهم بصورة أكبر وذلك لتحسين جودة  المنتج المحلي وطرحه بأسعار تنافس نظيره مما هو مطروح بالأسواق. مؤكدا أنه إذا تم ذلك سيتم خلق صورة ذهنية طيبة لدى المواطن تجاه الصناعة المصرية ما ينعكس على زيادة الإقبال على المنتج المحلى والعزوف عن المستورد.

وأشار د. عبده إلى تفوق المنتجات المصرية على المستوردة فى العديد من المجالات، داعيا المصنعين إلى ضرورة دراسة احتياجات السوق المصرية ومراعاة الطبقات الاجتماعية المختلفة عن طريق تصنيع منتجات تتناسب مع دخل كل مواطن، والاهتمام بجودتها لكسب ثقة المجتمعين المحلى والعالمى.

تسليط الضوء

وعلق د. مختار الشريف، الخبير الاقتصادي نجاج المبادرة على توفير السلع ذات المواصفات القياسية ورفع كفاءتها، بالإضافة إلى تكاتف كافة فئات الشعب على شراء السلع المحلية وتشجيعها، مؤكدا أن الشعب والمنتج كلاهما بحاجة للآخر للخروج من الظروف الاقتصادية الراهنة، وأنه فى ظل تشغيل المنطقة الصناعية وحل مشاكل المنتجين سيتواجد في مصر كتيبة إنتاج تساعد بدورها على نمو الاقتصاد ورفع قيمة الجنيه.

دور المرأة

من جانبها دعت د. يمن الحماقى، أستاذة الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس، المرأة المصرية إلى المشاركة فى المشروعات الصغيرة الداعمة للمنتج المحلى خاصة فى ظل ارتفاع سعر الدولار ما يسهم فى خفض تكلفة المنتج، بالإضافة إلى تبنى الأفكار البديلة للصناعات الغذائية واليدوية، ونشر المعلومات باستخدام الوسائل الإلكترونية التى تساعد على الترويج للسلع الجيدة والأسواق الرخيصة، لافتة إلى أن هناك الكثير من المؤسسات التى تنتج سلعا جيدة لكن ينقصها التسويق الجيد.

خدمة ما بعد البيع

من جانبه طالب اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك المنتجين بإرضاء العميل من خلال تقديم المنتج الجيد، مؤكدا أن هذا يعد دعاية للشركة المنتجة ما يسهم فى إقبال الناس على شراء المنتج، وقال: لدينا قاعدة تصنيع على أعلى مستوى من الجودة فى مجال صناعة الأجهزة الكهربائية على سبيل المثال، لكن يبقى توافر منظومة العرض وخدمة ما بعد البيع، لذا أدعو الصناع إلى الاهتمام بهذه الخدمة، وتدريب الفنيين والعاملين على التعامل مع سيكولوجية المستهلك، بالإضافة إلى ضرورة رفع قدرات السوق والتجارة الداخلية، وتفعيل التجارة الإلكترونية للمنتجات المصرية لأنها أكثر وسائل العصر الحديث فى البيع والشراء، إلى جانب أنها تصل للمستهلك بسعر أقل من المطروح فى السوق.

وختم يعقوب حديثه مؤكدا على تأييد جهاز حماية المستهلك للمبادرة قائلا: سبق للجهاز أن دعم العديد من المبادرات التى تشجع وتساند المنتج المحلى، فإلى جانب إسهامها فى دفع عجلة الإنتاج وتوفير العديد من فرص العمل للشباب فإن المنتج المحلى يسهل تتبعه، وقد يصل الأمر الى إغلاق خط الإنتاج حالة وجود عيوب فى تصنيعه.

كما ثمن إبراهيم العربى، رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة المبادرة واصفا إياها بالخطوة الجيدة من مجلة تؤمن بدورها فى دعم الاقتصاد ومساندة وطنها، وناشد ممثلى الغرفة البالغ عددهم ما يقرب من المليون تاجر وأسرهم بتأييد المبادرة لدعم الإنتاج المحلى من خلال رفع مستويات الجودة وعرض المنتجات الجيدة والمطابقة للمواصفات والجودة، واستيراد المنتجات الجيدة الصنع والبعد عن استيراد أى منتجات رديئة تضر بالإنتاج المحلى.

الإعلام والفن

دعت د. وهاد سمير، مصممة الحلى والمجوهرات وأستاذة فلسفة مكملات الزى، المرأة المصرية إلى شراء مكملات الأناقة «الإكسسوارات » محلية الصنع، إلى جانب منتجات الأعمال اليدوية لإضفاء اللمسة المصرية على من، متسائلة لماذا لا تتجمل المرأة وتزين منزلها بمنتجات من صنع أبناء وطنها؟ لافتة إلى أنها تتعمد الظهور فى المناسبات العامة بأزياء وإكسسوارات مصرية لتشجيع المصممين المصريين والمنتج المحلى، كما دعت وسائل الإعلام والفنانين وصناع الدراما والسينما إلى دعم المنتج المصرى من خلال الاستعانة به فى شتى المجالات بداية من ديكورات الاستديوهات وحتى الملابس، مشيرة إلى أن ارتداء الممثلين والمطربين الأزياء المصرية خلال أعمالهم الفنية المختلفة يسهم فى ترويجها محليا وعالميا، مستشهدة بالدراما الهندية والتركية التى وظفت أزياءها المستوحاه من تراثها الشعبى فى مختلف المشاهد الدرامية فكان النتيجة أنها غزت الأسواق المصرية عقب عرض تلك الأعمال بل صدرت إلينا ثقافة تلك المجتمعات.

ثقافة مجتمعية

وأرجعت د. سامية الساعاتى، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس «عقدة الخواجة » إلى الثقافة المتأصلة التى تزرعها الأم فى أبنائها بشرائها للمنتج الأجنبى وتفضيله على المصرى بل والافتخار به، داعية إلى تغيير تلك الثقافة وتشجيع المنتج المحلى ذو الجودة العالية والمطابق لقياسات الجودة، معولة استعادة ثقة المواطن فى منتج بلده على المنتجين من خلال طرح منتجات جيدة الصنع قادرة على منافسة المستورد.