أكد السفير الدكتور محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن التوافق الذي تم بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، وآبي أحمد رئيس وزراء أثيوبيا، حول إطلاق مفاوضات بين البلدان الثلاثة (مصر والسودان وأثيوبيا) للتوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة خلال الأشهر الأربعة القادمة، يمثل بادرة وبارقة أمل جديدة، في ظل أوضاع إقليمية ودولية شديدة الاضطراب تستلزم تضافر الجهود لتسوية القضايا العالقة واستعادة الثقة وبناء الوعي بأهمية الاستقرار والتفاهم حول المصالح المشتركة كأساس للتنمية.
وأعرب السفير حجازي، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الجمعة، عن التطلع عقب هذا التوافق لإطلاق طاقات النهر لخدمة أبناء شعوبه ورفع حالة الاحتقان الراهنة بسبب الموقف الأثيوبي الرافض للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم، مما هدد مصالح مصر والسودان وزاد من حدة التوتر في العلاقات.
واعتبر مساعد وزير الخارجية الأسبق أن ماتضمنة البيان الختامي لمباحثات الجانبين وكذلك تصريح السيد "آبي أحمد" حول الأخذ في الاعتبار تخوفات مصر والسودان المائية في المليء الرابع الذي سيتم هذا العام، حمل رسالة أثيوبية لتجاوز الجمود الحالي المتعلق بمفاوضات سد النهضة.
وذكر أن مصر أكدت عبر سنوات التفاوض الطويلة التزامها باحترام حق أثيوبيا في التنمية، مع التأكيد في الوقت ذاته على ضرورة احترام الحقوق التاريخية والمكتسبة لمصر والسودان، وعلى أن التنمية لايمكن أن تتحقق بشكل مستقر وثابت في أثيوبيا بينما تتعرض دولتي المصب لأضرار بسبب ذلك.
وتابع: في هذا الصدد أن التنمية حق للجميع ولكن الأضرار ستطال الكل بما فيها النهر ذاته والذي يجب أن تتم تنميته بشكل متكامل كوحدة جغرافية وبيئية لاتقبل أن تتفتت اوصالها بين خطط وسدود تخدم طرف على حساب الآخر.
ونبه بأن التسبب في أضرار لدولتي المصب لن ينجز أهداف التنمية لأثيوبيا بل ستزيد فقط عند قبول قواعد القانون الدولي الحاكمة لإدارة الأنهار الدولية مايحقق وحدة الأمن والاستقرار والإدارة المشتركة للمورد المائي وكافة السدود الواقعة عليه في إطار منظومة تشرف عليها إدارة إقليمية تبني أعمالها ومشاريعها المتكاملة على أساس نهر واحد وسدود مترابطة تعمل في منظومة هندسية متكاملة لصالح مجموعة الدول المتشاطئة على النهر.
وشدد على أن مصر تسعى دائمًا من أجل خير الجميع وخدمة شعوب بلدان حوض نهر النيل والحفاظ على مصالحهم، كما تلعب دورًا في انجاز أهداف التنمية والمساهمة في مشروعات تنموية كبرى كما هو الحال في سد "جوليوس نيريرى" بتنزانيا الذي اكملته الشركات المصرية على أكمل وجه بميزانية نحو ٣ مليار دولار.
ورأى السفير حجازي أن التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم سيكون عائده كبير على البلدان الثلاثة، حيث سيسهم كذلك في تحقيق التوافق المأمول حول الاتفاق الاطاري ومبادرة حوض النيل وإطلاق سلطة تدير العلاقات بين دول النهر بشكل يكفل ويؤمن التنمية للجميع.
وحذر من أن المرحلة القادمة شديدة الخطورة والحساسية، وأن إعطاء مهلة زمنية أربعة أشهر للتوصل إلى اتفاق هو أمر هام نظرًا لأن الدول الثلاث قد بحثوا هذا الملف على مدار نحو عشر سنوات من كل جوانبه ولم يعد هناك وقت للمماطلة أو فرض الارادات أو كسب الوقت .
واعتبر أنه إذا كانت أثيوبيا تسعى من خلال تلك المفاوضات للوصول لاتفاق، فعناصر هذا الاتفاق تم التوافق عليها سلفًا بمباحثات واشنطن في أكتوبر ٢٠٢١ عقب ستة أشهر من المباحثات الفنية برعاية أمريكية وحياد من أطراف ومؤسسات دولية شاركت في المفاوضات ، و تم صياغة أغلب بنود الاتفاق، قائلًا:" فأثيوبيا تعلم أن المطلوب ممكن وسيطلق عنان لشراكة وفرص هائلة للتنمية".
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق :"أننا أمام لحظة تاريخية لا يجوز فيها كسب الوقت أو محاولة فرض أمر واقع أو تمرير الملىء الرابع وتحقيق مصالح آنية وضيقة، مع ضرورة الاستفادة من هذا المناخ التفاوضي الودي.
واختتم السفير محمد حجازي أن العمل بيد واحدة وتجنب العمل الفردي والإجراءات أحادية الجانب وحدهم الكفيل بتحقيق الأمن والاستقرار والاستفادة من القدرات المائية لنهر النيل وتوحيد دول وتلبية مصالح شعوبها، وإطلاق أكبر مشروع للتنمية الإقليمية تكون الموارد المائية لنهر النيل أحد جوانبة، بينما يمتد لربط كهربائي وبري ونهري وسككي على طول رافدي النهر والتنسيق بين السدود المقامة، ما يحفظ أمن المنطقة واستقرارها ويفتح أبواب مغلقة بعد مساعي أحادية فرضت نفسها لتحقيق تنمية لطرف دون الاخر، منوهًا إلى أن التنمية لن تتحقق إلا بالتعاون الخلاق والرؤية الأشمل للمصالح وإدراك أن مياة النيل مرتبطة بجوهر الحياة و هي هبة من الله لشعوب النهر كافة ولرفاهية الجميع.