الثلاثاء 21 مايو 2024

وزير الدفاع الأوكراني ​إقالة أم استقالة؟! (2/2)

مقالات11-9-2023 | 21:29

وسط الصخب الذى ارتفع حول تغيير وزير الدفاع الأوكرانى اليكسى ريزنيكوف وتعيين وزير دفاع ينتمى لتتار القرم المقربين من تركيا هو روستيم عوميروف فى هكذا ظروف صعبة، جاءت زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لروسيا حيث التقى نظيره الروسى فلاديمير بوتين فى منتج سوتشى، فهل كان تعيين عوميروف رسالة للرئيس التركى ألا ينغمس فى تقديم تنازلات كبيرة لنظيره الروسى فيما يتعلق بممر الحبوب فى البحر الأسود، أو فيما يتعلق بالموقف التركى من القرم، حيث نادى عدد كبير من الساسة الغربيين بأن تتنازل أوكرانيا عن لروسيا فى الفترة الأخيرة، من أجل التوصل لحل سياسى.

تعيين السيد عوميروف وزيراً للدفاع، فى اعتقادى هدم أى نتائج إيجابية محتملة من الممكن أن يتمخض عنها لقاء الرئيسين الروسى والتركى، فتعيين شخص مثل عوميروف كوزير للدفاع أكد بدون أى شك تمسك أوكرانيا بالقرم حتى النهاية، مستنكرة وبشدة محاولات إجبار أوكرانيا على التنازل عنها رغم أنها الجزء الأحق لروسيا فهى لم تنضم لأوكرانيا سوى عام 1954. جاء تعيين التتارى المسلم الذى من الممكن أن تستفيد منه أوكرانيا فى مد الجسور مع العالمين  العربى والإسلامى فى عملية حصار روسيا أو إحكام الحصار على روسيا خاصة وأن هذه الأخيرة قطعت شوطاً كبيراً فى كسر الحصار خاصة فى الحلقة الأفريقية، ناهيك عن العلاقات المتنامية مع تركيا.

فيما يتعلق بالموضوعات الرئيسية التى كان من المفترض أن يناقشها الرئيسان نجد أن ممر الحبوب كان على رأسها، وهو أمر بالدرجة الأولى تستفيد منه تركيا بالإضافة لأوكرانيا أكثر من غيرهما فهى تطمح لأن تكون مركزاً للحبوب بعد أن اتفقت مع روسيا فى نفس اللقاء على أن تكون مركزاً للغاز الروسى عن طريق خط الأنابيب السيل الجنوبى، والذى سيرفع بلا شك الحرج عن الدول الأوروبية فيما يتعلق باستيراد الغاز الروسى.

وإذا عدنا لمسألة تصدير الحبوب وهى الموضوع الذى يعنينا نجد أن الرئيس بوتين ركز على عدم تنفيذ الغرب لتعهداته التى قطعها على نفسه فيما يتعلق بالسماح لروسيا بتصدير منتجاتها الزراعية والأسمدة وتوصيل البنك الزراعى الروسى "بالسويفت" وكما قال الرئيس بوتين لم ينفذ الغرب وعوده وظلت العقوبات على القطاع الزراعى الروسى كما هى ومن ثم فإن روسيا لن تسمح بالممر الآمن، فى الحقيقة تركيا استفادت من الممر فى رفع شعبية الرئيس التركى أثناء الانتخابات داخلياً، وخارجيا دشنت تركيا كحامى لدول نامية فى أفريقيا وغيرها من دول العالم.

من الأشياء التى تحدث عنها الرئيسان كانت السياحة والتبادل التجارى بين البلدين، وأشادا بنمو التجارة بين البلدين لتصل إلى ما يقرب 50 مليار دولار، هذا بخلاف حوالى خمسة ملايين سائح روسى زاروا المنتجعات السياحية التركية على مدار هذا العام. وتعتبر زيارة الرئيس التركى هى الأولى منذ عام تقريباً، وأثارت الجدل حيث كان من المفترض أن يزور الرئيس بوتين تركيا بعد الانتخابات التركية وفوز الرئيس إردوغان، إلا أن الرئيس الروسى انشغل فى تمرد فاجنر وغيرها من القضايا الداخلية والخارجية ليس أخرها العملية العسكرية فى أوكرانيا.

قبيل لقاء الرئيسين التقى وزير الخارجية التركى حقان فيضان قد التقى نظيره الروسى، وعقب اللقاء أعلن الوزير التركى أنه على قائمة جدول أعمال الرئيسين هو صفقة الحبوب أو ممر الحبوب الآمن والذى أوقفت روسيا المشاركة فيه منذ 17 يوليو الماضى، وكما قال الوزير إن المشاركة الروسية تعتبر على رأس أولويات تركيا، وأضاف الوزير التركى إلى أن تنفيذ الاتفاق لا يعتمد على تركيا وحدها فالأمر يحتاج إلى ضمانات من الدول الغربية، ولهذ فإن الخبراء لم ينتظروا نقلة نوعية فيما يتعلق بصفقة الحبوب، فالغرب لا يريد التنازل عن جزء من العقوبات حتى لو فى هامش واحد وهو الجانب الزراعى لروسيا خوفاً من أن تمارس ضغوطاً فى مجالات أخرى، وفى النهاية تتحرر موسكو من العقوبات وفق بعض الخبراء الغربيين.

كانت الأمم المتحدة قد تقدمت باقتراح مكون من عدة نقاط لتجنب الخلاف حول ممر الحبوب فى البداية التفاوض لإلغاء العقوبات المفروضة على المنتجين الزراعيين الروس وتقدير خسائر خط أنابيب النوشادر الواصل لأوديسا من مدينة تولياتى الروسية، والذى نتيجة عمل تخريبى فى الخامس من يوليو الماضى توقف وتم قطع السويفت عن البنك الزراعى الروسى، شملت المقترحات كذلك توصيل البنك الزراعى الروسى بالسويفت وفك تجميد أصول بعض الشركات الروسية، أى تنازلات مقابل صفقة الحبوب. لكن الغرب لا يريد التنازل خوفاً من أن تجبره الظروف على مزيد منها.

وبدلاً من تقديم التنازلات لاستمرار اتفاق الحبوب، قام الغرب باختراع طرق جديدة لتصدير الحبوب الأوكرانية عن طريق المياه الإقليمية لدول الناتو رومانيا وبلغاريا، وحراسة بعض طائرات حلف الناتو للسفن المحملة بالغلال الأوكرانى، وهناك الممر عبر كرواتيا والتى وافقت مؤخراً على استخدام الموانى النهرية لنقل الحبوب الأوكرانية من ثم تصديرها عبر البحر الأدرياتيكى.

زيارة الرئيس التركى حققت نجاحاً فى ملفات عديدة، لكنها فشلت فى الاتفاق على صفقة الغلال، لكن تبقى العلاقات التركية ـ الروسية فى قوتها رغم الإخفاق فى الملف الأهم الذى جاءت من أجله زيارة الرئيس التركى لروسيا، إلا أن الملفات الأخرى تزدهر، وتظل تركيا منفذ هام تلتف من خلاله روسيا على العقوبات الغربية.