الأحد 12 مايو 2024

في ذكرى وفاة عميد الأدب العربي.. تعرف على حياة طه حسين ومؤلفاته

طه حسين

ثقافة28-10-2023 | 12:46

آلاء طنطاوي

تحل اليوم ذكرى وفاة الأديب والناقد المصري طه حسين، أحد أبرز الشخصيات في الحركة العربية الحديثة، ولقب بعميد الأدب العربي، وشغل عدة مناصب مهمة، وارتقى بالأدب العربي لم يكن له منازع في العالم العربي جميعه.

الميلاد والنشأة

ولد طه حسين في 18 نوفمبر 1889 بمحافظة المنيا، في أسره متوسطة ذات عدد أبناء كبير، وأصيب بالرمد في الرابعة من عمره أدى إلى فقدان بصره، دخل الكُتاب ليتعلم العربية والحساب وتلاوة القرآن الكريم وقد حفظه في مدة قصير مما أذهل والده ولقب بالشيخ في سن صغير، وكان يصحبه أباه أحيانًا لحضور حلقات الذكر، والاستماع إلى قصص عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي.

الأزهر الشريف والجامعة 

والتحق بالأزهر الشريف عام 1902، وحصل فيه على ما تيسر من الثقافة، ونال شهاده التي تخوله التخصص في الجامعة، وقد وصف الأربعة أعوام التى قضاها في الجامعة كأنها أربعون عامًا بسبب رتابة الدراسة وعقم المنهج وعدم تطور الأساتذة والشيوخ وطرق وأساليب التدريس.

كما التحق بالجامعة الأهلية عام 1908، ، فدرس العلوم العصرية، والحضارة الإسلامية، والتاريخ والجغرافيا، وعدداً من اللغات الشرقية كالحبشية والعبرية والسريانية، وحصل على الدكتوراه عام 1914، سافر إلى فرنسا في بعثه ليكمل دراسة، فدرس في جامعتها الفرنسية وآدابها، وعلم النفس والتاريخ الحديث، وعاد إلى مصر وأثار معارك وخصومات متعددة، محورها الكبير بين تدريس الأزهر وتدريس الجامعات الغربية، وقام أحد المسؤولين باتخاذ قرار بحرمانه من المنحة إلى الخارج، ولكن تدخل السلطان حسين كامل لوقف تطبيق هذا القرار.

 

وعاد إلى فرنسا جديد لمتابعة التحصيل العلمي، ولكن في العاصمة باريس فدرس في جامعتها مختلف الاتجاهات العلمية في علم الاجتماع والتاريخ اليوناني والروماني والتاريخ الحديث وأعد خلالها أطروحة الدكتوراه الثانية وعنوانها: «الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون»، وكان ذلك عام 1918 إضافة إلى إنجازه دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني، والنجاح فيه بدرجة الامتياز.

وعاد «حسين» إلى مصر عام 1919 وعمل أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني في الجامعة المصرية الأهلية، وعندما أصبحت حكومية عام 1925، عينته وزارة المعارف أستاذاً فيها للأدب العربي، وعميدًا لكلية الآداب في الجامعة عام 1928، وتولى ذلك المنصب يوم واحد إذ قدم استقالته تحت تأثير الضغط المعنوي والأدبي الذي مارسه عليه الوفديون، خصوم الأحرار الدستوريين الذي كان منهم طه حسين.

وأعيد تعين طه حسين عميد كليه الآداب عام 1930، بسبب منح الجامعة الدكتوراه الفخرية لعدد من الشخصيات السياسية المرموقة، ورفض طه حسين ذلك المنصب فأصدر وزير المعارف قرارًا بنقله إلى الوزارة، ولكن رفض «حسين» هذا المنصب أيضًا، فقامت الحكومة إحالته إلى التقاعد عام 1932.

واتجه عميد الأدب إلى الصحافة، فأشرف على تحرير «كوكب الشرق»، وما لبث أن استقال منها بسبب خلاف بينه وبين صاحب الصحيفة، واشترى امتياز «جريدة الوادي» وأشرف على تحريرها، ولكن لم يعجبه  هذا العمل فترك الصحافة عام 1934.

عميد للآداب وزيرا للمعارف 

وعاد إلى الجامعة المصرية بصفة أستاذًا للأدب، ثم تولى عميد لكلية الآداب عام 1936، وبسبب خلافه مع حكومة محمد محمود استقال من منصبه لينصرف إلى التدريس في الكلية نفسها، وتولى بعدها منصب رئيس جامعة الإسكندرية عام 1942، إضافة إلى عمله كمستشار فني ومراقب للثقافة لوزارة المعارف، وترك الجامعة عام 1944 بعد أن أحيل إلى التقاعد.

وتم تعينه وزير للمعارف عام 1950، ووجه كل عنايته لجامعة الإسكندرية، وعمل رئيسًا لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، وعضوًا في العديد من المجامع الدولي، وعضوًا في المجلس العالي للفنون الآداب، ويقي في الوزارة حتى عام 1952، وعاد إلى الجامعة عام 1959 بصفته أستاذ غبر متفرغ، كما عاد إلى الصحافة مرة آخرى رئيس تحرير الجمهورية

وألف طه حسين كتاب أثار جدل واسع عام 1926«في الشعر الجاهلي»، وعمل فيه بمبدأ ديكارت وخلص في استنتاجاته وتحليلاته أن الشعر الجاهلي منحول، وأنه كتب بعد الإسلام ونسب للشعراء الجاهليين، وتصدى له العديد من علماء الفلسفة واللغة ومنهم "مصطفى صادق الرافعي والخضر حسين ومحمد لطفي جمعة والشيخ محمد الخضري ومحمود محمد شاكر وغيرهم"،  كما قاضى عدد من علماء الأزهر طه حسين إلا أن المحكمة برأته لعدم ثبوت أن رأيه قصد به الإساءة المتعمدة للدين أو للقرآن، فعدل اسم كتابه إلى «في الأدب الجاهلي» وحذف منه المقاطع الأربعة التي أُخذت عليه.

ودعا إلى نهضة أدبية، وعمل على الكتابة بأسلوب سهل واضح مع المحافظة على مفردات اللغة وقواعدها، ولقد أثارت آراؤه الكثيرين كما وجهت له العديد من الاتهامات، ولم يبالي طه بهذه الثورة ولا بهذه المعارضات القوية التي تعرض لها، ولكن استمر في دعوته للتجديد والتحديث، فقام بتقديم العديد من الآراء التي تميزت بالجرأة الشديدة والصراحة.

وأخذ على المحيطين به ومن الأسلاف من المفكرين والأدباء طرقهم التقليدية في تدريس الأدب العربي، وضعف مستوى التدريس في المدارس الحكومية، ومدرسة القضاء وغيرها، كما دعا إلى أهمية توضيح النصوص العربية الأدبية للطلاب، هذا بالإضافة لأهمية إعداد المعلمين الذين يقومون بتدريس اللغة العربية، والأدب ليكونوا على قدر كبير من التمكن والثقافة بالإضافة لاتباع المنهج التجديدي، وعدم التمسك بالشكل التقليدي في التدريس.

وكان يعلم ما سيواجه من انتقادات كثيرة فقال في بداية كتابه: «هذا نحو من البحث عن تاريخ الشعر العربي جديد لم يألفه الناس عندنا من قبل، وأكاد أثق بأن فريقا منهم سيلقونه ساخطين عليه، وبأن فريقا آخر سيزورون عنه ازورارا، ولكني على سخط أولئك وازورار هؤلاء أريد أن أذيع هذا البحث أو بعبارة أصح أريد أن أقيده فقد أذعته قبل اليوم حين تحدثت به إلى طلابي في الجامعة، وليس سرًا ما تتحدث به إلى أكثر من مائتين، ولقد اقتنعت بنتائج هذا البحث اقتناعًا ما أعرف أني شعرت بمثله في تلك المواقف المختلفة التي وقفتها من تاريخ الأدب العربي، وهذا الاقتناع القوي هو الذي يحملني على تقييد هذا البحث ونشره في هذه الفصول غير حافل بسخط الساخط ولا مكترث بازورار المزور.

وأنا مطمئن إلى أن هذا البحث، وإن أسخط  قومًا وشق على آخرين فسيرضي هذه الطائفة القليلة من المستنيرين الذين هم في حقيقة الأمر عدة المستقبل وقوام النهضة الحديثة، وزخر الأدب الجديد».

 

واضطلع طه حسين خلال تلك الحقبة، وفي السنوات التي أعقبتها بمسؤوليات مختلفة، وحاز مناصب وجوائز شتى، منها تمثيلة مصر في مؤتمر الحضارة المسيحية الإسلامية في مدينة فلورنسا بإيطاليا عام 1960، وانتخابه عضوًا في المجلس الهندي المصري الثقافي، والإشراف على معهد الدراسات العربية العليا، واختياره عضوًا محكمًا في الهيئة الأدبية الطليانية والسويسرية، وهي هيئة عالمية على غرار الهيئة السويدية التي تمنح جائزة بوزان.

جوائز وتكريمات 

ولقد رشحته الحكومة المصرية لنيل جائزة نوبل، وفي عام 1964 منحته جامعة الجزائر الدكتوراه الفخرية، ومثلها فعلت جامعة بالرمو بصقلية الإيطالية عام 1965، وفي السنة نفسها ظفر طه حسين بقلادة النيل، إضافة إلى رئاسة مجمع اللغة العربية، وفي عام 1968 منحته جامعة مدريد شهادة الدكتوراه الفخرية، وفي عام 1971 رأس مجلس اتحاد المجامع اللغوية في العالم العربي، ورشح من جديد لنيل جائزة نوبل، وأقامت منظمة اليونسكو الدولية في أورغواي حفلاً تكريمياً أدبياً قل نظيره.

 

وتوفي طه حسين يوم الأحد 28 أكتوبر 1973م عن عمر ناهز 84 عاما، قال عنه عبَّاس محمود العقاد إنه رجل جريء العقل مفطور على المناجزة والتحدي، فاستطاع بذلك نقل الحراك الثقافي بين القديم والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها إلى مستوى أوسع وأرحب بكثير.

قالوا عنه 

وقال عنه الدكتور إبراهيم مدكور :« اعتدّ تجربة الرأي وتحكيم العقل، استنكر التسليم المطلق ودعا إلى البحث والتحري والشك والمعارضة، وأدخل المنهج النقدي في ميادين لم يكن مسلَّمًا من قبل أن يطبق فيها، وأدخل في الكتابة والتعبير لونًا عذبًا من الأداء الفني حاكاه فيه كثير من الكُتَّاب، وأضحى عميد الأدب العربي بغير منازع في العالم العربي جميعه».

وحث على العلم والمعرفة والاستزادة في طلب العلم، فمن أشهر أقوال عميد الأدب العربي «ويل لطالب العلم إن رضي عن نفسه».

Dr.Radwa
Egypt Air