تحل اليوم ذكرى وفاة الشاعر علي محمود طه، الذي اعتنق مذهب الرومانسية في شعره بجانب جبران خليل جبران، البياتي، السياب وأمل دنقل وأحمد زكي أبو شادي، والذي يعتبر من أعلام الشعر العربي المعاصر، كان "علي طه" في شعره ينشد للإنسان ويسعى للسلم والحرية؛ رافعًا من قيمة الجمال كقيمة إنسانية عليا.
ولد علي محمود طه 3 أغسطس عام 1901 بمحافظة المنصورة، التحق بمدرسة الفنون التطبيقية في القاهرة ودرس فيها هندسة المباني وتخرج منها عام 1924م، تم تعيينه وكيلا لدار الكتب ليتفرغ للشعر والإبداع، و كان الأدب يستهويه على الرغم من ضعفه في اللغة العربية استطاع أن يتلافاه بالحفظ والمتابعة والدراسة المتأنية لقواعد اللغة العربية بمدة قياسية بسبب نباهته.
أتيح لعلي محمود طه بعد صدور ديوانه الأول «الملاح التائه» عام 1934م فرصة قضاء الصيف في السياحة في أوروبا يستمتع بمباهج الرحلة في البحر ويكون ذوقه الفني بما تقع عليه أشعاره، وكانت أشعاره مثار إعجاب الشعراء.
ويعتبر علي محمود طه من أعلام مدرسة "أبولو" التي أسست أسس الرومانسية في الشعر العربي ويقول عنه أحمد حسن الزيات: «كان شابًّا منضور الطلعة، مسجور العاطفة، مسحور المخيلة، لا يبصر غير الجمال، ولا ينشد غير الحب، ولا يحسب الوجود إلا قصيدة من الغزل السماوي ينشدها الدهر ويرقص عليها الفلك».
اعتمد "طه" على التغني بالجمال في شعره أكثر من تصوير العواطف، وكان الذوق فيه أغلب من الثقافة، وانسجام الأنغام الموسيقية أظهر من اهتمامه بالتعبير.
وكان المفتاح بشعر "علي طه" هو فكرة الفردية الرومانسية والحرية التي لا تتأتى بطبيعة الحال إلا بتوافر الموارد المادية التي تحرر الفرد من الحاجة ولا تشعره بضغوطها، بحيث لم يستطع أن يرى سوى الجمال وأن يخصص قراءاته في الآداب الأوروبية للمشكلات الشعرية التي شغلت الرومانسية عن الإنسان والوجود والفن، وما يرتبط بذلك كله من إعمال للخيال الذي هو سلاح الرومانسية الماضي.
و يعتبر علي محمود طه أول من ثار على وحدة القافية ووحدة البحر، مؤكداً على الوحدة النفسية للقصيدة، فقد كان يسعى أن تكون القصيدة بمثابة "فكرة أو صورة أو عاطفة يفيض بها القلب في صيغة متسقة من اللفظ تخاطب النفس وتصل إلى أعماقها من غير حاجة إلى كلفة ومشقة.
لحن وغنى له الموسيقار محمد عبد الوهاب عددا من قصائده مثل الجندول، وكليوباترا، فلسطين، تأثر طه بشعراء الرمزية أمثال بودلير، ألفريد دي فيني، شيللي، وجون مانسفيلد.
وقد ترك علي محمود طه أثرا كبيرًا على الشعراء الذين جاؤوا بعده فقد كتب في جميع الأغراض التي شكلت ميداناً لغيره من الشعراء، كالغزل والرثاء والمدح والفلسفة والحكمة والتأمل، وتنوعت قوافيه وفنونه، لكن أكثر ما يشد القارئ هي تلك اللغة والصور الحسية التي يرسمها الشاعر في قصائده، بالإضافة إلى تلك النزعة الرومانسية التي سيطرت على أعماله.
و من أشهر أعماله الملاح التائه، ميلاد الشاعر، الوحي الخالد، ليالي الملاح التائه، زهر وخمر، أغنية الرياح الأربع، طبع ديوانه كاملاً في بيروت، فلسطين.
رحل "علي طه" عن عالمنا في مثل هذا اليوم 17 نوفمبر عام 1949، متأثرا بمرض «شلل نصفي مفاجئ»، ودفن بمسقط رأسه بمدينة المنصورة مدينة العباقرة، ورغم افتتانه الشديد بالمرأَة وقصائده حولها إلا أنه لم يتزوج فرحل عن الدنيا وهو في الثامنة والأربعين.