الجمعة 3 مايو 2024

ليست لغزًا..!!

مقالات15-1-2024 | 21:13

حتى لحظة كتابة تلك السطور؛ لا زال الرجل ينظر للمرأة كونها لغزاً؛ يعلن صراحة عجزه عن فهم عقليتها ونفسيتها، بل ويجهر بعدم استطاعته  توقع ردة فعلها؛ مهما بلغت درجة ذكاءه.

وهنا اعترف مثل غالبية بنات جنسي- أننا نعاني من التقلب والمزاجية أحياناً - الغير مُتعمدة؛ وربما نستتر وراء هالة من الغموض أمام  الطرف الآخر أحياناً، ولا نستطيع نكران سعادة  بعض النساء بهذا الغموض وربطه في مخيلتها بزيادة جاذبيتها لدى المحيطين.

تساؤلات عديدة عن طبيعة وسيكولوجية المرأة التي احتار فيها الرجال؛ ولكي نوفر على الرجل مجهوده في رحلة الاستنتاجات والاستنباطات؛ أرى أنه لا يمكن فهم المرأة  نفسيًّا دون الإمعان في فهمها بيولوجيًّا.

فعلى الرغم من غموض المرأة نفسيًّا، فهي شديدة الوضوح بيولوجيًّا، مهما حاولَت إخفاءه؛ فهي أضعف عضليًّا من الرجل، وفي حالة بلوغها، تطرأ عليها  تغيرات نفسية وجسدية لا يمكن اخفاءها، والحمل والولادة والرضاعة ظواهر بيّنة  مُلتصقة بالأمومة؛ وكرد فعل لهذا الفضح البيولوجي تميل المرأة في بعض المجتمعات إلى إخفاء جزء كبير من جسدها و مشاعرها، وهذا عكس طبيعتها، وإحساسها بضعفها وأنوثتها يجعلها تُفضِّل موقف الكمون والانتظار والتحفز؛ فلا تقوم بالتعبير الصريح ولا تسمح لرغباتها بالظهور الفجْ كما يفعل الرجل؛ بل تظهر عكس ما تبطن؛ كسلاح للدفاع عن نفسها.
ولكن بلا شك فإن حال المرأة مجتمعيًا حالياً يختلف عن حالها مقارنة بجيل الأمهات والجدْات؛ على الرغم من حصولها على حقوق كبيرة إلا أن تلك الحقوق لا توازي تنامي  الضغوط العملية والمادية والشخصية؛ والتي  جعلت أغلب المتردِّدات على العيادات النفسية من النساء، دون التقيد بسْنٍ  أو مكانة اجتماعية أو ثقافية أو مادية؛ ربما ساهم في ذلك  التكوين البيولوجي للمرأة ذو الإيقاع المتغير، وربما بسبب ضغوط معاصرة؛ تنصب معظمها في حياة الشراكة الزوجية.
فلا شك أن أغلب البيوت والأسر تعاني من مشاكل بين الطرفين، كل طرف يرتبط بنصفه الثاني ثم  يصطدم  بواقعٍ  لا يبلغ فيه  سقف توقعاته؛ فتمتد الحياة بينهما جامدة روتينية داخل بوتقة تربية الأبناء والخوف من شبح الانفصال، وهذا الجمود يضع على المرأة عبء التربية، وتحمُّل المشاركة المادية بالمناصفة، كل هذا الكبْد؛ وسط تسليم كامل منها، وتنازل عن حقوقها المادية والمعنوية والجسدية؛ مستترة  بفطرة الزوجة والأمومة كواجبات مُسلَمة بلا حقوق.

وبتجردٍ تام؛ لكي يواصل الرجل فك الغاز شريكته لابد أن يعترف ويواجه مُعضلة الرجل الشرقي بأفكاره وموروثاته تجاه المرأة والزوجة بالأخص، فللأسف ؛ بعض الأساليب التي يستخدمها الآباء في تربية أطفالهم منذ الصغر، تخلق في نفوس الناشئين سوء التفاهم بين الجنسين، وتجعل كل جنس يقف من الآخر موقف الاحتقار والازدراء، أو موقف التحفز والحذر. ولا يخلو الأمر من المفاضلة المستمرة؛ أيهما أفضل وأرقى وأكمل من الآخر؛ الرجل أم المرأة؟ أيهما هو المثل الأعلى أو النموذج الذي يجب على الجنس الآخر أن يُحاكيه أو أن يُحققه في نفسه؟ إن هذه الأسئلة لا معنى لها مُطلَقًا، وإن دلَّت على شيء فإنها تدل على سذاجة في التفكير، ولا يمكن أن تَصدُر إلا عن شخصٍ يقف موقف الأطفال الذين لم يتمَّ بعد نُضْجهم الانفعالي؛ إذ إن المُفاضلة أو المُقارنة لا يمكن أن تقوم إلا بين شيئَين أو أمرَين خاضعين لنوعٍ واحد من القياس. وتلك المناطحة والمقارنة ولّدت نوعاً فجاً من التعالي الذكوري، تبعته الهجومية والازدراء لدى بعض الرجال وبالتبعية الحذر والمقاومة من الأنثى؛ فالتعبير عن المشاعر للزوجة تقليل من قيمة نفسه!، الإطراء أو محاولة  مدح فعلها، ولو من باب الثواب هو مفتاح لاستقوائها عليه فيما هو قادم!!؛ مشاركته لها في مهام أطفالهما؛ مهانة لشخصه وانتقاص من رجولته!!!. 
كل تلك المعتقدات والموروثات جعلت المرأة مُهددة، قلقة، فاقدة لعنصر الأمان وهو ما ساهم في زيادة معدل إصابتها بأمراض نفسية واجتماعية، وأجج لديها نوبات التقلب كرد فعل لضعفها وقلة حيلتها؛ وهذا يندرج  كتفسير آخر لتقلبها ومزاجيتها.
ولا نملك هنا سوى إسداء النصيحة؛ بإتباع تعاليم الأديان وبتكاتف الجميع من أجل تنشئة أجيال تسحق مبادئ موروثات العنصرية والتعالي ؛ والتي خربت علينا الحياة ، وساهمت في تلاشي المودة والرحمة والسكن، فلا مناطحة بين قائدي السفينة،ولا توجد الغاز بين الشريكين، ولا حياة تسير بدون تعاون ولين.

Dr.Randa
Dr.Radwa