الثلاثاء 30 ابريل 2024

الحياة النيابية في مصر بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو

برلمان مصر

برلمان16-1-2024 | 14:32

د. سارة عبدالخالق محرم
  • شهدت الحياة السياسية المصرية طفرة من الحراك الشعبي باندلاع ثورتي 25 يناير و30 يونيو أعقبها عدة انتخابات تشريعية تمخضت عن إنشاء البرلمان  الحالى بموجب دستور 2014
  • الحياة النيابية في مصر لا تزال تقدم الكثير من التطور بما يصب فى مصلحة الوطن والمواطنين، وتحظى بإشادة كبرى المؤسسات الدولية
  • يعد برلمان 2016 علامة فارقة في تاريخ الحياة النيابية فى مصر، عبر عن ملحمة وطنية متفردة يشهد فيها التاريخ على عمق وعراقة التجربة البرلمانية المصرية بين برلمانات العالم

 

 

تعد الحياة النيابية المصرية ملحمة وطنية مرت بمجموعة من الحقب التاريخية.. فمصر صاحبة أول مجلس نيابي منتخب يمتلك اختصاصات نيابية في منطقة الشرق الأوسط.
منذ 200 عاما، شهدت مصر بداية الحياة النيابية على يد محمد على باشا الكبير، صاحب نهضة مصر الحديثة، بعد تكوين «المجلس العالى» عام 1824، وكان يتكون مـن 24 عضوا من نظار الدواوين، ورؤساء المصالح، واثنين من الأعيان من كل مديرية يقوم أهالى المديرية بانتخابهما، ثم صار عددهم 48 عضواً بعد إضافة 24 شيخاً وعالماً إليه.

وفى الملف التالى، نستعرض الحياة النيابية فى مصر بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو. ظل العمل بدستور 1971 حتى ثورة 25 يناير 2011 وعقب الثورة أجريت تعديلات دستورية في مارس 2011 تم بموجبها إعادة رسم الخارطة البرلمانية المصرية وذلك في ظل احتفاظ البرلمان بغرفتين. وفي عام 2011 أجريت انتخابات برلمانية جديدة اتبعت نظام القائمة النسبية المغلقة بثلثي المجلسين على أن يكون الثلث الثالث بالنظام الفردي.

فلقد شهدت الحياة السياسية المصرية طفرة من الحراك الشعبي باندلاع ثورتي 25 يناير و30 يونيو أعقبها عدة انتخابات تشريعية تمخضت عن إنشاء البرلمان  الحالى بموجب دستور 2014 والذى استفتى عليه الشعب فى 18 يناير 2014 والذى أعاد نظام الغرفة الواحدة ليصبح البرلمان  المصري تحت مسمى مجلس النواب عام 2015.

"وتم حل البرلمان مراراً وتكراراً في أعقاب الإطاحة بالرئيس محمد حسني مبارك. الأولى من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة في عام 2011 ثم استعادتها بأمر من الرئيس المنتخب محمد مرسي في عام 2012 ثم تم حلها بأمر من الرئيس المؤقت عدلي منصور في عام 2013. لمدة ثلاث سنوات لم يكن لمصر برلمان  ولكن في أكتوبر وديسمبر 2015 أجريت انتخابات لمجلس النواب الجديد، ثم المجلس الحالي المنعقد منذ 2020".

الانتخابات البرلمانية2011

أدلى المصريون بأصواتهم في أول انتخابات برلمانية حرة تشهدها البلاد منذ عقود، وكانت أول تصويت منذ الإطاحة بالرئيس الراحل محمد حسني مبارك. أجريت الانتخابات على ثلاث مراحل لاختيار 498 عضوا في مجلس الشعب وانطلقت المرحلة الأولى في نهاية شهر نوفمبر في تسع محافظات منها القاهرة والإسكندرية. وتلتها المرحلة الثانية في ديسمبر في تسع محافظات، وشملت المرحلة الثالثة والأخيرة المحافظات التسعة المتبقية وجرت في يناير 2012.

كما أجريت انتخابات مجلس الشورى (الغرفة العليا في البرلمان) على ثلاث مراحل في الفترة من 29 يناير إلى الرابع من مارس. وبلغ تعداد السكان آنذاك أكثر من 80 مليون نسمة بينهم نحو 50 مليونا يحق لهم التصويت. وهيمنت تيارات الإسلام السياسي على الانتخابات إذ فاز حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين بأغلب المقاعد تلاه حزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية. وكانت المهمة الأساسية للبرلمان هي اختيار الجمعية التأسيسية المؤلفة من 100 عضو لصياغة دستور جديد للبلاد. وكان يحق فقط للأعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية. وتمتع البرلمان بسلطة تشريعية لكن المجلس العسكري احتفظ "بالسلطات الرئاسية" حتى انتخاب رئيس جديد. واختلف النظام الانتخابي عن المرات السابقة إذ كانت المنافسة تجري منذ التسعينيات على 444 من أصل 454 مقعدا بمجلس الشعب في جولتين بحيث يمثل كل دائرة مقعدان فقط ويُعين رئيس الجمهورية النواب العشرة الباقين. لكن في انتخابات 2011 تم توسيع الدوائر الانتخابية وتعديل النظام بطريقة تهدف لتمثيل أكثر عدلا للأحزاب والحركات والأيديولوجيات بالإضافة إلى الجماعات الجديدة التي تشكلت في أعقاب الثورة.

 

الانتخابات البرلمانية 2012

 وفي عام 2012 أصدرت المحكمة الدستورية حكمها ببطلان مجلسي النواب والشيوخ وحاول الرئيس الإخواني وقتها محمد مرسي تحصين البرلمان من الحل بتمرير القوانين إلا أن الطعون على ممارسات الرئيس منعته من ذلك.

ورغم نجاح جماعة الإخوان في تمرير دستور 2012 إلا أنهم فشلوا في إجراء انتخابات برلمانية بفضل ثورة 30 يونيو 2013.

 بعد ثورة 25 يناير أجريت انتخابات مجلس الشعب على ثلاث مراحل بدأت يوم 28 نوفمبر 2011 وحتى 11 يناير 2012. وعقد المجلس أولى جلساته فى 23 يناير 2012، وتكون المجلس من 508 أعضاء منهم 332 بنظام القوائم، و166 بالنظام الفردى و10 أعضاء بالتعيين.. وقضت المحكمة الدستورية العليا فى 14 يونيو 2012 بقبول الطعون المقدمة ضد مجلس الشعب، ليتم بذلك حل المجلس كاملاً.

وكانت الانتخابات قد أجريت استنادا إلى نص المادة 38 من الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011 المعدل بالإعلان الدستورى الصادر فى 25 سبتمبر سنة 2011، والتى تنص على أن "ينظم القانون حق الترشيح لمجلسى الشعب والشورى وفقاً لنظام انتخابى يجمع بين القوائم الحزبية المغلقة والنظام الفردى بنسبة الثلثين للأولى والثلث الباقى للثانى".

وقالت المحكمة الدستورية، فى أسباب حكمها: إن تقرير مزاحمة المنتمين للأحزاب السياسية للمستقلين غير المنتمين لأي منها فى الانتخاب بالنظام الفردى كان له أثره وانعكاسه الأكيد والمتبادل مع نسبة الثلثين المخصصة للقوائم الحزبية المغلقة، إذ لولا مزاحمة المنتمين للأحزاب للمستقلين فى الثلث الباقى لحدث إعادة ترتيب داخل القوائم الحزبية، بمراعاة الأولويات المقررة داخل كل حزب". وانتهت المحكمة الدستورية فى قضائها إلى أن "انتخابات مجلس الشعب قد أجريت بناء على نصوص ثبت عدم دستوريتها، ومؤدى ذلك ولازمه، -على ما جرى به قضاء هذه المحكمةـ أن تكوين المجلس بكامله يكون باطلاً منذ انتخابه، بما يترتب عليه زوال وجوده بقوة القانون اعتباراً من التاريخ المشار إليه".

 

برلمان 2015 والعودة لنظام المجلس الواحد

بعد إقرار الدستور الجديد فى 2014، والذى تضمن فى مادته (245) إلغاء مجلس الشورى.أصبحت السلطة التشريعية فى مصر تقتصر على نظام المجلس الواحد، وهو مجلس النواب، الذى يتكون من ممثلي الشعب المنتخبين، وتبلغ مدة عضوية المجلس خمس سنوات ميلادية، تبدأ من تاريخ أول اجتماع له.

ومن المعلوم أن اللجنة العليا للانتخابات كانت قد قررت فى 8 يناير 2015 إجراء انتخابات مجلس النواب على مرحلتين الأولى 22 و23 مارس 2015، والثانية 26 و27 أبريل 2015. بيد أن المحكمة الدستورية العليا قضت فى الأول من مارس 2015 بعدم دستورية المادة 3 من قانون تقسيم الدوائر بشأن الانتخاب بالنظام الفردي. وبناء على ذلك، قضت محكمة القضاء الإدارى فى 3 مارس 2015 بوقف إجراء الانتخابات البرلمانية، ووقف تنفيذ إجراءات اللجنة العليا للانتخابات. ومن ثم، أصدرت اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، فى 4 مارس 2015، قرارًا بوقف تنفيذ قرار دعوة الناخبين لانتخابات أعضاء مجلس النواب 2015، وما تلاه من قرارات مترتبة عليه فى هذا الشأن.

برلمان 2016

يعد مجلس 2016 طفرة غير مسبوقة فى تاريخ الحياة النيابية فى مصر سواء من حيث الاختصاصات التى أنيطت إليه بموجب دستور 2014 أو من حيث تشكيله الفريد والذى يضم لأول مرة (90) سيدة بنسبة (15%) من إجمالي أعضائه بالإضافة إلى تمثيل ذوى الإعاقة بـ (9) أعضاء والمصريين فى الخارج بـ (8) أعضاء فضلا عن نسبة الشباب تحت 25 عاما والتى تصل إلى ما يربو عن ربع أعضاء البرلمان ليصبح برلمان 2016 علامة فارقة في تاريخ الحياة النيابية فى مصر تسطر بحروف من نور فصلا جديدا فى سجل تاريخها النيابي العريق الذى يعد ملحمة وطنية متفردة يشهد فيها التاريخ على عمق وعراقة التجربة البرلمانية المصرية بين برلمانات العالم.

 

الانتخابات البرلمانية 2020 

بعد أن أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي بموجب التعديلات الدستورية قانونا جديدا لتشكيل مجلس الشيوخ في يوليو 2020، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات عن إجراء عملية التصويت لاختيار نواب المجلس في أغسطس 2020.

ونصت التعديلات التي أدخلت على الدستور في 2019 على إنشاء مجلس للشيوخ يتألف من 300 عضو، ليصبح الغرفة الثانية بالبرلمان إلى جانب مجلس النواب. ويتم انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ بينما يعين الرئيس بقية الأعضاء.. وفي سبتمبر 2020 أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات عن إجراء انتخابات مجلس النواب في أكتوبر 2020 والتي جرت بحسب قانون انتخابي جديد تم بموجبه تخصيص 50 في المئة من 568 مقعدا يجري التنافس عليها لمتنافسين بنظام القوائم المغلقة.

التمثيل المناسب والملائم لبعض المصريين

كفل دستور 2014 -لأول مرة فى تاريخ الحياة النيابية- تمييزًا إيجابيًا لفئات ست من مكونات المجتمع المصرى حيث نصت المادتان 243 و 244 على أن تعمل الدولة على تمثيل العمال والفلاحين والشباب، والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين فى الخارج، تمثيلًا ملائمًا فى أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقرار هذا الدستور . وتتضمن كل قائمة بالدوائر المخصص لها 15 مقعداً الأعداد والصفات الآتية  وهي:  ثلاثة مرشحين من المسيحيين، ومرشحان اثنان من العمال والفلاحين، ومرشحان اثنان من الشباب، ومرشح من الأشخاص ذوي الإعاقة، ومرشح من المصريين فى الخارج، على أن يكون من بين أصحاب هذه الصفات أو من غيرهم سبع نساء على الأقل.

وتتضمن كل قائمة مخصص لها 45 مقعداً  تسعة مرشحين من المسيحيين، وستة مرشحين من العمال والفلاحين، وستة مرشحين من الشباب، وثلاثة مرشحين من المصريين المقيمين فى الخارج، وثلاثة مرشحين من ذوي الإعاقة، على أن يكون من بين أصحاب هذه الصفات أو من غيرهم إحدى وعشرون من النساء على الأقل. وفى جميع الأحوال يتعين إظهار اسم الحزب أو كون المرشح مستقلا ضمن القائمة الواحدة فى أوراق الترشح، ولا تقبل القائمة غير المستوفاة لأي من الشروط والأحكام المشار إليها.

الكوتا في قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014 وتعديلاته

يشكل مجلس النواب من 568 عضوا، ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر، على أن يخصص للمرأة ما لا يقل عن 25% من إجمالي عدد المقاعد، ويجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء، في مجلس النواب لا يزيد عن 5% وذلك كله وفق الضوابط المنصوص عليها في هذا القانون.

اختصاصات مجلس النواب

وفقًا لدستور 2014 يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، فضلًا عن الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وقد منح الدستور لرئيس الجمهورية، ولمجلس الوزراء، ولكل عضو فى مجلس النواب الحق فى اقتراح القوانين. كما منح الدستور أيضًا رئيس الجمهورية الحق فى إصدار القوانين أو الاعتراض عليها. وإذا اعترض رئيس الجمهورية على مشروع قانون أقره مجلس النواب، رده إليه خلال ثلاثين يومًا من إبلاغ المجلس إياه، فإذا لم يرد مشروع القانون فى هذا الميعاد أُعتُبِرَ قانونًا وأُصْدِر.. وإذا رُد فى الميعاد المتقدم إلى المجلس، وأقره ثانية بأغلبية ثلثى أعضائه ، أُعتُبِرَ قانوناً وأُصْدِر 

الكوتا في قانون مجلس الشيوخ 141 لسنة 2020

يشكل مجلس الشيوخ من 300 عضو وينتخب ثلثا أعضائه بالإقتراع العام السري المباشر، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي، على أن يخصص للمرأة ما لا يقل عن 10% من إجمالي عدد المقاعد، وتوزع المقاعد بين النظامين الفردي والقائمة ويكون إنتخاب مجلس الشيوخ بواقع 100 مقعد بالنظام الفردي و 100 مقعد بنظام القوائم المغلقة المطلقة، يحق للأحزاب والمستقلين الترشح في كل منهما.

 وأخيرا فالحياة النيابية في مصر لا تزال تقدم الكثير يوميا من التطور بما يصب فى مصلحة الوطن والمواطنين، وتحظى بإشادة كبرى المؤسسات الدولية، ومن بينها البرلمانات الدولية التى تسعى لتكوين جمعيات للصداقة البرلمانية مع البرلمان المصرى لتبادل الخبرات.

Dr.Randa
Dr.Radwa