الجمعة 10 مايو 2024

كيف ارتبط حريق القاهرة بحادثة الإسماعيلية؟

حريق القاهرة

تحقيقات26-1-2024 | 14:16

محمود غانم

في مثل هذا اليوم من عام 1952، اندلع حريق القاهرة، والذي وقع غداة حادثة الإسماعيلية، تلك المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإنجليزي ضد أفراد البوليس المصري، حيث تحول رد الفعل على هذه المجزرة إلى حرائق تلتهم أزهى أحياء القاهرة.

 حريق القاهرة

يسرد المؤرخ عبد الرحمن الرافعي، في كتابه "مقدمات ثورة 23 يوليو 1952" وقائع حريق القاهرة، حيث يقول "في يوم السبت 26 يناير 1952، وقع حادث مشؤوم في تاريخ مصر، لم يسبق له مثيل في نوعه، وهو حريق القاهرة".

ويشير الرافعي، إلى أنه في مساء يوم الجمعة 25 يناير 1952، نشرت وزارة الداخلية عن طريق دار الإذاعة أنباء مجزرة الإسماعيلية، وما أسفرت عنه من قتل 50 من رجال البوليس، وإصابة 80 آخرين، قرعت هذه الأنباء أسماع أهل العاصمة والأقاليم، وازداد سخط المواطنين المواطنين على السياسة البريطانية، وباتوا يتوقعون رد الحكومة على هذا العدوان الأثيم.

ويعقب المؤرخ، أنه لم يكن لأحد أن يتوقع تحول رد الفعل على هذه الفظائع إلى حرائق تشتعل في شتى نواحي القاهرة.

وبحسب المؤرخ، فإن بداية شرارة الحريق، حين تمرد جنود بلوكات نظام الأقاليم في ثكناتهم بالعباسية، وامتنعوا عن القيام بما كلفوا به من الذهاب إلى الجهات المخصصة لهم لحفظ الأمن بالعاصمة، وخرجوا يحملون أسلحتهم في مظاهرة شبه عسكرية.

ويوضح، أن حجتهم التي تذرعوا بها للقيام بهذه المظاهرة سخطهم على ما أصاب زملاءهم بالإسماعيلية، ويرى أنه ثم سبب آخر لم يعلنوه دعاهم إلى هذا التمرد، وهو أنه كانت لهم شكوى سابقة من وقف صرف بدل الطوارئ إليهم.

ويستكمل المؤرخ سرد الوقائع، ويقول خرج إذن جنود بلوكات النظام من ثكناتهم حاملين أسلحتهم، يتصايحون بالسخط على أصاب زملاءهم بالإسماعيلية طالبين السلاح للقتال.

وتابع، اتجهوا إلى جامعة القاهرة، وهناك اختلطوا بالطلبة، وتبادلوا وإياهم شعور شعور السخط والهياج، وسار الجميع في موكب المظاهرة. تزامن ذلك، مع تدفق مظاهرات عدة على ميدان عابدين، ومنه إلى رئاسة مجلس الوزراء.

حوادث الحريق

ويذكر الرافعي، أن بداية الحريق كانت في ميدان الأوبرا، وقت الظهيرة، إذ هاجم فريق من المتظاهرين كازينو أوبرا، وأشعلوا فيه النار، ولما جاء رجال المطافئ لإطفاء الحريق منعهم المتظاهرون، وأتلفوا خراطيم المياه.

ويضيف، لم تكد النار تشتعل بالكازينو، حتى سرت عدوى الحريق بين المتظاهرين، فراحوا يشعلون النار بالأحياء والأماكن المجاورة، وكان المتظاهرون يستعملون البترول والبنزين والكحول، وما إلى ذلك من مواد حريق، وتخلل الحرائق نهب وسلب لمعظم المحلات المحترقة.

وتوالت حوادث إشعال النار والإتلاف والنهب فيما بين الظهر والغروب، فاجتحات شوراع وميادين بأكملها، إذ بلغ عدد المنشآت التي أصابها الحريق والدمار نحو 700، معظمها مملوك للأجانب، وبعضها مملوكها للمصريين، وكلها تقع في أزهى أحياء العاصمة، واستمرت النيران مشتعلة فيها بقية النهار، وظلت تتقد في بعض الأماكن لليوم التالي.

وأورد الرافعي في كتاب مقدمات الثورة إحصائية تتعلق بالأماكن التي احترقت، فذكر 300 متجر من كبرى المحلات التجارية بالعاصمة، 30 مكتب لشركات الكبرى، 117 مكتب أعمال وشقق سكان، 13 فندق من الفنادق الكبرى، 40 دار سينما، 8 معارض كبرى لسيارت، 10 متاجر لسلاح، 73 مطعم ومقهى وصالة، 92 حانة، 16 نادي.

ولعل أشهر تلك الحواث هو حريق نادي التورف حيث احترق فيه تسعة من رواده البريطانيين، كذلك بنك باركليز وهو البنك الوحيد الذي أحرق، وقد أحرق فيه 13 عشر شخصاً.

بلغ عدد قتلى حريق القاهرة 26 شخص، فيما بلغ عدد من أصيب بحروق أو جروح أوكسور 552 شخص، وقد أدى ذلك الحادث إلى تشرد نحو 1000 عامل وموظف يعولون حوالي 20 ألف نسمة.

من يتحمل المسؤولية؟ 

ثم بعد سرد وقائع الحريق.. يتساءل الرافعي عن من يتحمل مسؤولية هذا الحادث، ويتهم الاحتلال الإنجليزي، إذ أن مجرد وجوده يثير السخط في النفوس، ويشير إلى الفظائع التي ارتكبتها قوات الإنجليز بالقناة على وجه الخصوص مجزرة الإسماعيلية، حيث هاج الشعور العدائي ضد البريطانيين، ووصل إلى درجة الغليان، وفقدان الوعي والإتزان، فانصرف الحريق كمظهر للحنق والغضب اللا شعوري، وتفاقم الشعور فشمل الأجانب عامة، فاستهدفت محالهم للحريق والنهب والتدمير.

ويستكمل قائلاً: "والمسئول الثاني هو الحكومة بإهمالها القيام بأول واجباتها، وهو المحافظة على الأمن والنظام".

 

 

 

 

 

 

 

Dr.Radwa
Egypt Air