الإثنين 29 ابريل 2024

حق الطفل والنشء ورعايته بين الضروريات والحاجيات والتحسينيات".. عنوان خطبة الجمعة

خطبة الجمعة اليوم

تحقيقات16-2-2024 | 09:55

محمود غانم

تنشر بوابة -دار الهلال- نص خطبة صلاة الجمعة اليوم، والتي جاءت تحت عنوان "حق الطفل والنشء ورعايته بين الضروريات والحاجيات والتحسينيات" حيث تناولت الخطبة هذا العنوان من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.

نص الخطبة

حق الطفل والنشء ورعايته بين الضروريات والحاجيات والتحسينيات

 

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {يوصيكم الله في أولادكم}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده

ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن المتأمل في الشريعة الإسلامية يجد أنها أولت إعداد الإنسان عناية خاصة، بداية من تكوين الأسرة، مرورًا بمراحل الحمل، والولادة، والرضاعة، فكفلت للطفل حقه في الرضاعة الطبيعية حولين كاملين، دون أن يزاحمه طفل آخر خلال تلك المدة؛ حفاظا على حقه في التغذية الصحيحة التي من شأنها أن تساعد على بناء

جسده بناء قويًا، حيث يقول الحق سبحانه: {وحمله وفصاله ثلاثون شهراً}، ويقول سبحانه: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة}.

وتتنوع حقوق الطفل والنشء بين الضروريات والحاجيات والتحسينيات، فالضروريات: هي الأمور التي لا بد منها في قيام مصالح الدنيا والدين، كحقه في

الطعام والشراب وما لا تقوم الحياة إلا به، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (كلكم راع

ومسئول عن رعيته ... والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته).

وأما الحاجيات فهي الأمور التي يترتب على فقدها الوقوع في المشقة، كحقه في التعلم على الوجه الأكمل، فالجهل يضر بحياة الأفراد والأمم على حد سواء، يقول

سیدنا عمر (رضي الله عنه): "أدب ابنك؛ فإنك مسئول عن ولدك ما علمته".

ولا شك أن الأمم التي تحسن تعليم أبنائها، وإعدادهم وتأهيلهم أمم تتقدم وترتقي، فالعبرة ليست بالكثرة العددية، وإنما بالصلاح والنفع، فإن القلة التي يرجى

خيرها وبركتها خير من الكثرة التي لا خير فيها، وهذا ما أكده القرآن الكريم في قوله تعالى: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين}.

ولذلك فإن الأنبياء (عليهم السلام) عندما طلبوا الولد إنما طلبوا الولد الصالح لا مطلق الولد، فهذا نبي الله إبراهيم (عليه السلام) يقول: {رب هب لي من

الصالحين، وهذا سيدنا زكريا (عليه السلام) يقول : {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء}، فليست العبرة بالكثرة وإنما بالصلاح الذي يعبر عنه حديث

النبي (صلى الله عليه وسلم) :( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) والقوة هنا عامة، تعني المؤمن القوي بدنيا وصحيا وعلميا وثقافيا

واقتصاديا.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وأما التحسينيات فهي: ما يتم بها اكتمال وتجميل أحوال الناس وسلوكياتهم وتصرفاتهم، ومنها: حقهم في حسن بناء شخصياتهم وتعليمهم الرماية والسباحة وركوب الخيل، فهذا نبينا (صلى الله عليه وسلم) يمر على نفر من أسلم ينتضلون- يتسابقون في الرمي بالسهام والنبل- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا ارموا، وأنا مع بني فلان، قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لكم لا ترمون؟ فقالوا: يا رسول الله نرمي وأنت معهم؟ قال: ارموا وأنا معكم كلكم)، ويقول سيدنا عمر (رضي الله عنه):

"علموا أولادكم السباحة والرمي والفروسية".

ومنها: الحنو على الأطفال وملاطفتهم، فها هو نبينا (صلى الله عليه وسلم) يسجد يومًا ويطيل السجود حتى قال الناس: یا رسول الله، إنك سجدت سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك، فقال (صلى الله عليه وسلم): (كل ذلك لم يكن، ولكن ابني (الحسن) ارتحلني- ركب على ظهري- فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته)، وعندما كان (صلى الله عليه وسلم) يخطب على المنبر إذ جاء الحسن

والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: (...نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما)، وكان (صلى الله عليه وسلم)

يصلي وهو حامل حفيدته أمامة بنت زينب (رضي الله عنها)، فكان إذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.

فما أحوجنا إلى هذا الفهم الصحيح الذي به تستقيم حياتنا وحياة أبنائنا في ظل تعاليم ديننا الحنيف.

اللهم احفظ أولادنا بحفظك الجميل

وبارك في أوطاننا وارفع رايتها في العالمين.

Dr.Randa
Dr.Radwa