الثلاثاء 30 ابريل 2024

قضاء الصوم| كل ما تود معرفته.. وهل تجب الكفارة على من أفطر بالطعام والشراب؟

فتاوي الصائمين

تحقيقات10-4-2024 | 09:17

محمود غانم

مع انقضاء شهر رمضان المبارك، يشرع المسلم في قضاء الأيام التي أفطروها فيه، ليستدرك ما فاته.

واتفق أهل العلم على وجوب القضاء على كل مَنْ أفطر يوماً أو أكثر من رمضان، لعذر شرعي، كالسفر، والمرض المؤقت، والحيض، والنفاس، ودليل ذلك قوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} (البقرة:184)، وقول عائشة رضي الله عنها: (كان يُصيبنا ذلك -أي الحيض- فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة) رواه مسلم.

وكل من لزمه القضاء فإنه يقضي بعدد الأيام التي أفطرها، فإن أفطر جميع الشهر لزمه جميع أيامه، سواء أكانت ثلاثين أم تسعة وعشرين يوماً.

 

قضاء صوم رمضان

الإفطار في رمضان إما أن يكون بالجماع، وإما أن يكون بشئ آخر، من طعام أو شراب أو غيرها، فإن أفطر بغير الجماع فإنه يجب عليه أن يقضي يوما مكانه بعد رمضان.

وبهذا قال أبوحنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وجمهور العلماء، ونقل أن ذلك قول "الفقهاء كافة".

وقضاء رمضان لايجب على الفور، بل يجب وجوبا موسعا في أي وقت، وكذلك الكفارة، فقد صح عن عائشة أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان، ولم تكن تقضيه فورا عند قدرتها على القضاء.

  ويجزئ قضاء شهر رمضان متفرقا والمتتابع أحسن، وهذ قول جماعة من الفقهاء، لما ورد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن تقطيع قضاء رمضان‏؟‏ فقال:" لو كان على أحدكم دين، فقضاه من الدرهم والدرهمين حتى يقضي ما عليه من الدين هل كان ذلك قاضيا دينه‏؟‏ قالوا‏‏: نعم، يا رسول الله قال‏‏: فالله أحق بالعفو والتجاوز منكم‏".

- ما حكم من أكل أو شرب متعمدًا في نهار رمضان؟

والمعتمد عند الإفتاء المصرية في ذلك، القولُ بالاقتصار على قضاء الصوم بمثله من غير كفارةٍ مع التوبة إلى اللهِ تعالى والاستغفار هو ما ذهب إليه فقهاء الشافعية والحنابلة ونصُّوا عليه.

قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب":"ولا تجب عليه الكفارة؛ لأن الأصلَ عدم الكفارة إلا فيما ورد به الشرع، وقد ورد الشرع بإيجاب الكفارة في الجماع، وما سواه ليس في معناه؛ لأن الجماع أغلظ".

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني":"ومَن أكل، أو شرب، أو احتجم، أو استعط، أو أدخل إلى جوفه شيئًا من أيِّ موضعٍ كان، أو قَبَّلَ فَأَمْنَى، أو أمذَى، أو كَرَّرَ النظر فأنزل، أيُّ ذلك فَعَلَ عَامدًا وهو ذاكرٌ لصَومهِ؛ فعليه القضاء بلا كفارةٍ إذا كان صومًا واجبًا".

 

وأجمع الفقهاء على أن ما يوجب القضاء والكفارة هو الجماع لاغير، وجاء في كتب الفقه، أن من جامع في الفرج فأنزل أو لم ينزل، أو دون الفرج فأنزل عامدا أو ساهيا فعليه القضاء والكفارة إذا كان في شهر رمضان، ولم يعلم خلاف بين ذلك عند أهل العلم، وفي الآتي بيان ذلك تفاصيلا.

 وينفرد من ذلك أربع مسائل، أولها: أن من أفسد صوما واجبا بجماع فعليه القضاء، سواء كان في رمضان أو غيره وهذا قول أكثر الفقهاء.

وذهب الشافعي إلى أن من لزمته الكفارة لا قضاء عليه لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر الأعرابي بالقضاء وحكي عن الأوزاعي أنه قال‏‏: إن كفر بالصيام فلا قضاء عليه لأنه صام شهرين متتابعين ولنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للمجامع‏‏: (‏وصم يوما مكانه‏)‏ رواه أبو داود.

المسألة الثانية: أن الكفارة تلزم من جامع في الفرج في رمضان عامدا أنزل أو لم ينزل في قول عامة أهل العلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال { بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل . فقال : يا رسول الله ، هلكت . قال : ما أهلكك ؟ قال : وقعت على امرأتي ، وأنا صائم - وفي رواية : أصبت أهلي في رمضان - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا . قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا . قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا . قال : فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينما نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر - والعرق : المكتل - قال : أين السائل ؟ قال : أنا . قال : خذ هذا ، فتصدق به . فقال الرجل : على أفقر مني : يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه . ثم قال : أطعمه أهلك} متفق عليه.

المسألة الثالثة: أن الجماع دون الفرج، إذا اقترن به الإنزال، فعند مالك وفي رواية عن أحمد، واجب عليه الكفارة، أما الشافعي وأبي حنيفة لا كفارة فيه لأنه فطر بغير جماع تام، فأشبه القبلة ولأن الأصل عدم وجوب الكفارة.

المسألة الرابعة: إن جامع ناسيا، فذهب جماعة منهم الشافعي على إسقاط القضاء والكفارة في حال الإكراه والنسيان، كالأكل، بينما قال مالك والليث بالقضاء دون الكفارة لأن الكفارة لرفع الإثم وهو محطوط عن الناسي.

ماذا عن صوم المرأة في حال الجماع؟ 

ويفسد صوم المرأة بالجماع بغير خلاف في المذاهب لأنه نوع من المفطرات فاستوى فيه الرجل والمرأة.

وقد اختلف الفقهاء في هل يلزمها الكفارة أما لا، فذهب جماعة إلى أنها هتكت صوم رمضان بالجماع، فوجبت عليها الكفارة كالرجل، وممن قال بذلك أبوحنيفة ومالك.

أما الرأي الثاني أن المرأة ليس عليها كفارة‏، وممن قال بذلك الشافعي وأحمد، سئل أحمد عن من أتى أهله في رمضان أعليها كفارة‏؟‏ قال‏‏: "ما سمعنا أن على امرأة كفارة".

 كفارة الجماع

وكفارة الجماع هي كفارة على الترتيب، أول ما فيها عتق رقبة، وهو محال في زماننا هذا؛ حيث انتهى الرقى، فينتقل بعد ذلك إلى صوم شهرين متتابعين، فإن عجز عن ذلك فليطعم ستين مسكينا، وهذه الكفارة على هذا الترتيب لا ينتقل من خطوة منها إلى الخطوة التي تليها إلا عند العجز عن السابقة، وبهذا الترتيب قال جمهور أهل العلم.

 

Dr.Randa
Dr.Radwa