السبت 4 مايو 2024

مع اقتراب اليوم الـ200 من العدوان.. الفلسطينيون في معاناة مستمرة منذ 1917 وحتى 2024

الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

عرب وعالم20-4-2024 | 15:29

بسمة أبوبكر

يقترب اليوم الـ 200 من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، من خلال عملياته العسكرية المكثفة التي تودي بحياة المئات ويسقط جراءها الكثير من الجرحى بإصابات خطيرة وتلك هي مؤشرات الإبادة الجماعية العلنية أمام العالم الصامت أجمع.

ولم يكن ذلك العدوان هو الأول، فالشعب الفلسطيني يعاني منذ مئات السنوات من الاحتلال وجرائمه المتعددة بجميع أنحاء فلسطين واحتلاله فعليًا لبعض الأجزاء وحصاره للأجزاء الأخري، يقتلون ويعتقلون ويعذبون الرجال والشيوخ والنساء والأطفال، لم يفرقوا بين أحد منهم، ولم يتحلوا بالإنسانية يومًا ما، وفي السطور التالية نستعرض معاناة فلسطين المحتلة منذ عشرات السنين.

وعد "بلفور"

صدر وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917، مما منح بريطانيا حقًا لليهود في تأسيس وطن قومي في فلسطين، وهذا الوعد أثار صراعًا مستمرًا بين الجانبين، وتصاعدت التوترات والصراعات على مر الزمن، بما في ذلك عملية طوفان الأقصى.

بداية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، احتلت بريطانيا فلسطين، حيث كانت تشكل مجتمعًا يهوديًا أقلية وأكثرية عربية.

وتصاعدت التوترات بين الطرفين بعد منح المجتمع الدولي لبريطانيا مهمة إنشاء "وطن قومي" للشعب اليهودي في فلسطين.

وخلال فترة العشرينيات والأربعينيات، زاد عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين، مما أدى إلى تصاعد العنف بين اليهود والعرب وضد السلطة البريطانية.

وفي عام 1947، صوتت الأمم المتحدة لصالح تقسيم فلسطين إلى دولتين منفصلتين، إحداهما يهودية والأخرى عربية، مع إعلان القدس مدينة دولية، ووافق الزعماء اليهود على هذه الخطة بينما رفضها الجانب العربي.

في عام 1948، غادرت بريطانيا المنطقة دون حل للصراع، وأعلن القادة اليهود تأسيس دولة إسرائيل، مما أدى إلى اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، وانتهت بانتصار إسرائيل وتهجير 750 ألف فلسطيني، مع تقسيم المنطقة إلى ثلاثة أجزاء: إسرائيل، والضفة الغربية، وقطاع غزة.

كما تصاعدت التوترات في السنوات التالية، بين إسرائيل ومصر والأردن وسوريا ولبنان، بما في ذلك أزمة السويس عام 1956، ففي يونيو 1967، بدأت حرب الأيام الستة بعد هجوم استباقي من إسرائيل على القوات المصرية والسورية.

وبعد الحرب، حصلت إسرائيل على سيطرة عسكرية على مناطق متعددة، وفي عام 1979، وقعت مصر وإسرائيل اتفاقيات كامب ديفيد، مما أدي إلى إنهاء الصراع الذي دام ثلاثين عامًا بينهما.

الانتفاضة الأولى

على الرغم من أن اتفاقية كامب ديفيد قد أحسنت العلاقات بين إسرائيل وجيرانها، إلا أن مسألة تقرير المصير والحكم الذاتي للفلسطينيين لا زالت دون حل.

ففي عام 1987، اندلعت الانتفاضة الأولى حيث احتج مئات الآلاف من الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ضد حكومة الاحتلال الإسرائيلية.

كما استقرت اتفاقيات أوسلو الأولى في عام 1993 على إطار لتمكين الفلسطينيين من حكم أنفسهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومكنت من الاعتراف المتبادل بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلية.

وتم توسيع هذه الاتفاقيات في أوسلو الثانية عام 1995، بما في ذلك بنود تتعلق بانسحاب إسرائيل من مدن وبلدات في الضفة الغربية.

تجددت الاشتباكات العنيفة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي خلال فض مظاهرة على طول الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، في إطار المظاهرات التي بدأها الفلسطينيون.

الانتفاضة الثانية

اندلعت الانتفاضة الثانية التي استمرت من سبتمبر 2000 حتى عام 2005، وفي رد فعل على ذلك، وافقت حكومة الاحتلال الإسرائيلية على بناء جدار عازل حول الضفة الغربية في عام 2002، على الرغم من معارضة محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.

في يونيو 2006، قامت حماس بأسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شليط، مما أدى إلى تصعيد العنف من قبل إسرائيل وإطلاق ضربات جوية وتوغل داخل قطاع غزة، كما تم إطلاق سراح شليط بعد أكثر من خمس سنوات في عملية لتبادل الأسرى.

وفي ديسمبر 2008، شنت إسرائيل هجومًا على غزة استمر 22 يومًا، أسفر عن مقتل 1400 فلسطيني و13 إسرائيليًا قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

وفي عام 2013، حاولت الولايات المتحدة إحياء عملية السلام، لكن تعثرت محادثات السلام بعد تشكيل حكومة وحدة بين فتح وحماس في عام 2014.

وفي صيف عام 2014، تصاعدت الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي وحماس في غزة، وانتهت باتفاق وقف إطلاق النار وساطته مصر.

كما أنه في نوفمبر 2012، اغتالت إسرائيل القائد العسكري لحماس أحمد الجعبري، مما أدى إلى تصاعد التوترات بين الجانبين.

وبعد الموجة العنفية في عام 2015 واستشهاد العديد من الفلسطينيين، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن الفلسطينيين لن يكونوا ملزمين باتفاقيات أوسلو التي تقسم الأراضي.

الذكري السبعين للنكبة

في شهري مارس ومايو 2018، نظم الفلسطينيون في قطاع غزة مظاهرات أسبوعية على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، بمناسبة الذكرى السبعين للنكبة، وهي الهجرة الجماعية الفلسطينية التي تزامنت مع استقلال إسرائيل.

فعلى الرغم من سلمية معظم المتظاهرين، إلا أن قوات الاحتلال قتلت 183 متظاهرًا وأصابت أكثر من 6000 بالذخيرة الحية.

كما اندلع القتال بين حماس وجيش الاحتلال الإسرائيلي في مايو 2018، في أسوأ فترة عنف منذ عام 2014، حيث أطلق المسلحون في غزة أكثر من مائة صاروخ على إسرائيل، وردت إسرائيل بشن ضربات على أكثر من خمسين هدفًا في غزة خلال التصعيد الذي استمر لمدة 24 ساعة قبل التوصل إلى وقف إطلاق النار.

ترسيخ دولة إسرائيل

في عام 2018، جعلت إدارة دونالد ترامب تحقيق صفقة إسرائيلية فلسطينية أحد أولويات سياستها الخارجية، كما قامت بإلغاء تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، التي تقدم المساعدة للاجئين الفلسطينيين، وقامت بنقل السِّفَارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وهو تحول جديد في السياسة الأمريكية.

وتم استقبال قرار نقل السِّفَارة الأمريكية إلى القدس بتصفيق من القيادة الإسرائيلية، ولكنه تم استنكاره من قبل القادة الفلسطينيين وآخرين في الشرق الأوسط وأوروبا.

وتعتبر إسرائيل القدس الآن عاصمتها الكاملة والموحدة، ففي يناير 2020، أصدرت إدارة ترامب خطتها "السلام من أجل الازدهار" التي انتظرت طويلاً، ورفضها الفلسطينيون بسبب دعمها لضم إسرائيل المستقبلي للمستوطنات في الضفة الغربية والسيطرة على القدس "غير المقسمة".

قضية حي الشيخ جراح 

في أكتوبر 2020، أصدرت محكمة إسرائيلية قرارًا بتهجير العديد من العائلات الفلسطينية في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية بحلول مايو 2021، مع تسليم أراضيها لعائلات يهودية.

ومع ذلك، قدمت عدة عائلات فلسطينية استئنافات على هذا الحكم في فبراير 2021، مما أثار احتجاجات حول جلسات الاستئناف والمعركة القانونية المستمرة حول ملكية العقارات والتهجير القسري للفلسطينيين من منازلهم في القدس.

وبدأ الفلسطينيون في تنظيم احتجاجات في شوارع القدس اعتراضًا على عمليات الإخلاء المقررة. في أواخر أبريل 2021، بدأ سكان حي الشيخ جراح، بالإضافة إلى نشطاء آخرين، في تنظيم اعتصامات ليلية.

ففي أعقاب قرار المحكمة لصالح الإخلاء، زادت الاحتجاجات في أوائل مايو، واستخدمت الشرطة الإسرائيلية القوة ضد المتظاهرين، مما أدى إلى تصاعد التوترات.

وفي هذه الأثناء، اندلعت أعمال عنف في مجمع المسجد الأقصى في القدس، وتبع ذلك استخدام الشرطة الإسرائيلية للقنابل الصوتية والرصاص المطاطي وخراطيم المياه خلال المواجهات مع المتظاهرين، مما أسفر عن إصابة ووفاة مئات الفلسطينيين.

وتفاقمت التوترات في جميع أنحاء القدس الشرقية، خاصة مع الاحتفال بيوم القدس، وفي 10 مايو، بعد عدة أيام من العنف، أطلقت حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية مئات الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية، مما دفع إسرائيل للرد بقصف مدفعي وغارات جوية.

وفي 21 مايو 2021، اتفقت إسرائيل وحماس على وقف إطلاق النار بوساطة مصرية، إنهاء لحظة توتر متصاعدة أسفرت عن أضرار بالغة وفقدان للأرواح من الجانبين.

اشتباكات الفلسطينيين مع المستوطنين

في عام 2022، شهدت المنطقة أكبر عدد من الوفيات المرتبطة بالصراع لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين منذ عام 2015، واستمر العنف في التصاعد في عام 2023، حيث تجه الضفة الغربية نحو العام الأكثر دموية منذ عام 2005 وسط تزايد التوترات والانتهاكات الإسرائيلية اليومية تقريبًا.

كما تصاعدت المواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين في عدة مناسبات، وتفاقمت التوترات بعد موافقة إسرائيل على بناء خمسة آلاف منزل جديد للمستوطنين في يونيو 2023، إلى جانب تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك مداهمة المسجد الأقصى مرتين في يوم واحد، مما أسفر عن إصابة ثلاثين شخصًا، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ من طائرة مروحية في مخيم جنين للاجئين.

وفي مايو 2023، اشتبكت إسرائيل مع مسلحين في غزة لمدة خمسة أيام، حيث أطلقت حماس والقوات الإسرائيلية ما يقرب من ألفي صاروخ.

 وفي يوليو 2023، نشرت إسرائيل ما يقرب من ألفي جندي وشنت هجمات بطائرات بدون طيار في غارة واسعة النطاق على مخيم جنين للاجئين، مما أسفر عن استشهاد 12 فلسطينيًا وإصابة خمسين، فيما فقدت إسرائيل جنديًا واحدًا.

طوفان الأقصى 

بمرور نصف قرن على حرب أكتوبر 1973، بدأت حماس في السابع من أكتوبر الماضي عملية "طوفان الأقصى" المفاجئة التي لم يكن الجيش الإسرائيلي يتوقعها.

وعلى ذلك، ردت إسرائيل بقصف قطاع غزة بعد يوم من تعرضها لهجوم وُصف بالأكثر دموية منذ عقود بسبب تسلل مقاتلين من حركة حماس إلى مدن إسرائيلية، مما أسفر عن مقتل وإصابة المئات وأسر عدد غير معروف من الجنود الإسرائيليين.

كما تنفذ القوات الإسرائيلية مطاردات لتعقب مئات المقاتلين الفلسطينيين الذين تسللوا إلى أراضيها وتواصل قصف قطاع غزة.

وحتى الآن، لم تتوقف إسرائيل عن استهداف المدنيين والبحث قادة وأعضاء حركة "حماس" والقضاء عليهم، والوصول للآسري الإسرائيليين لديهم، بل زادت وحشيتها في ارتكاب المجازر والجرائم المختلفة ضد الشعب الفلسطيني المحتل، مما يثير تساؤلات عن مدى استمرار إهدار حقوق هذا الشعب واحتلال أرضه منذ زمن بعيد.

Dr.Randa
Dr.Radwa